شجرة شهداء بنت جبيل

ما تزال شجرة شهداء بنت جبيل تشهد الاف الزوار يوميا يقصدونها من اماكن مختلفة من لبنان ومن جميع الطوائف، فيما لكل منهم غاية ومقصد من هذه الزيارة التي يقطع لاجلها احيانا مئات الكيلومترات من اقصى الشمال اللبناني الى اقصى جنوبه. واذ تتنوع هذه الغايات بين قصد «التبرك من هذه المعجزة» او «مشاهدة هذه الظاهرة الاستثنائية» واحيانا «التأكد من عادية ما حصل». فان للبائعين الذين بدأوا بالتكاثر في محيط القاعة التي وضعت فيها الشجرة غاية واحدة، وقد وجدوا في هذه الالوف الزاحفة، زبائن محتملين ممكن ان يستفيدوا منهم بفنجان قهوة هنا او صحن بليلة او علبة دخان هناك.

ومنذ بداية الحديث عن الشجرة أصرّ القيمون عليها على الامتناع عن اي تدخل مادي في عملية العرض، حيث رفضوا كل ما عرض عليهم من تبرعات ونذورات حتى انهم رفضوا وضع «قجة» تبرعات لصالح هيئة دعم المقاومة منعا لاي استغلال رخيص يمكن ان يلجأ اليه البعض ممن يصطادون في الماء العكر، ويحاول الإيحاء بان هذه الشجرة وضعت لاجل جمع المال.

اما خارج الحدود الداخلية لهذه القاعة فان الساحات المجاورة تشهد حركة تجارية نشيطة محركوها تجار على «قد حالهم» من بنت جبيل والقرى المحيطة املوا من هذه «البركة التي حلت على البلدة» ان تشملهم ببعض بركاتها مما قد يساعدهم على زيادة بعض مداخيلهم اليومية.

لذلك فقد اتخذ الفتى محمد بزي من مدخل القاعة التي تعرض فيها الشجرة موقعا استراتيجيا لعرض بضاعته المتواضعة المؤلفة من عدة اكياس من الفوشار وبعض انواع العصائر، وهو بذلك يحاول تأمين بعض مصروفه الصيفي. ويقتنع محمد بما يدخل جيبه يوميا إذ تتراوح غلته بين 30 و 50 الف ليرة يوميا وذلك تبعا لموقع اليوم من الاسبوع، فغالبا ما تشهد عطلات نهايات الاسبوع زحمة الزائرين تمتد من الصباح وحتى المساء مقابل حركة خفيفة نسبيا باقي الايام تقتصر على فترة ما بعض الظهر.

وكذلك فضل عبد الحميد طالب الذي حول «بيك اب» يملكه الى «اكسبرس» لبيع المشروبات الساخنة والسجائر، الانتقال كل عصرونية من وسط سوق بنت جبيل الذي فقد زخمه بعد ان فقد زبائنه والعديد من تجاره الى ساحة قاعة الشهداء حيث وفرت له حركة الزوار مدخولا افضل مما كان يجنيه في سوق البلدة.

ولم تقتصر حركة البائعين على اهالي البلدة فقط، بل ان البعض منهم حمل بضاعته من القرى المجاورة و«فلش» بسطته اينما توفر له من مكان مناسب، ولعل اسم «شجرة شهداء بنت جبيل» و «مربع التحرير» هو ما اوحى لاحمد مهدي من اختيار بيع كاسيتات اناشيد المقاومة وبعض التحف والاغراض ذات الصلة. فيما ينتشر في اماكن مختلفة بائعو الفول المسلوق والترمس وحتى موزعو منشورات لمعرض كتاب او معرض سيارات.

وقد قدر المنظمون عدد الزائرين بحوالي 50 الفا طوال فترة 20 يوما، وقد اتوا هؤلاء من اماكن مختلفة من لبنان دون استثناء اي منطقة ومن طوائف مختلفة كما كان للزوار العرب حضورهم اليومي مع عائلاتهم حيث ان العديد منهم اشاروا الى ان زيارتهم للبنان هذه السنة جاءت بعد ان سمعوا بقصة الشجرة. كما يلفت النظر احيانا زيارات يقوم بها بعض عناصر وضباط القوات الدولية رغم وجود تحذيرات صارمة تمنعهم من التواجد في الاماكن العامة والمطاعم عملا بالتدبير الامني باللون الاصفر والذي يحد كثيرا من حركتهم ايضا.

بائع مكسرات خارج قاعة الشجرة