فتنة مراسيم الحكومة: الأستاذ أقل شأناً من الموظف

مراسيم الحكومة التي ستقر يوم الإثنين تعمق الهوة بين موظف الإدارة والأستاذ (علي علّوش)
مراسيم الحكومة التي ستقر يوم الإثنين تعمق الهوة بين موظف الإدارة والأستاذ (علي علّوش)


بدأ أساتذة التعليم الرسمي بإطلاق مواقف تصعيدية، قد تطيح مساعي الهيئات الإدارية لروابط المعلمين لفك الإضراب وربط نزاع مع الحكومة، لعودة الطلاب إلى مدارسهم في الأسبوع الثاني من شهر آذار المقبل، فيما رفضت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة مقترحات الحكومة الموضوعة على جدول أعمالها يوم الإثنين المقبل، حول بدل الإنتاجية وبدل النقل للموظفين


رفض رابطة الإدارة العامة المقترحات

وفق مشاريع المراسيم التي وزعت لإقرارها يوم الإثنين، سيتلقى موظفو القطاع العام بدل إنتاجية بالليرة اللبنانية عن كل يوم حضور بحسب الفئة الوظيفية، تبدأ بـ800 ألف ليرة للفئة الأولى وصولاً إلى 400 ألف ليرة للفئة الخامسة (استثناء الأساتذة لأنهم سيحصلون على بدل إنتاجية بنحو 125 دولاراً شهرياً من وزارة التربية). وسيتلقون بدل نقل يعادل خمسة ليترات بنزين عن كل يوم عمل، مثلهم مثل أساتذة التعليم الرسمي.

رفض الهيئة الإدارية لرابطة الموظفين لهذا العرض أتى بحسب مصادر لـ"المدن"، لأنه تضمن شرط الحضور الالزامي لمدة أربعة أيام في الأسبوع إلى وظائفهم. وهم يطالبون بالكواليس اقتصار الحضور على يومين أو ثلاثة أيام، واقتصار العمل في الإدارات الرسمية على أربعة أيام، مع وضع نظام مداورة بين الموظفين لتغطية الدوام، وتلقيهم جميعاً بدل إنتاجية عن أربعة أيام عمل. بمعنى أن المهم في الموضوع تأمين سير المرفق العام لمدة أربعة أيام في الأسبوع، وفق نظام المداورة في الدوام.

الموظف أرفع شأناً من الأستاذ

تصعيد موظفي الإدارات العامة ورفض مقترحات الحكومة، دفع الأساتذة إلى رفع الصوت. فبعد نحو شهرين على إضرابهم جل ما عرض عليهم هو بدل إنتاجية بالدولار بـ 125 دولاراً للأشهر الأربعة المقبلة (شرط الدوام الكامل) و300 دولار عن الأشهر الثلاثة المنصرمة. أما بدل الإنتاجية بالليرة اللبنانية فغير مضمون لأنه مرتبط بتوفر الأموال في صناديق المدارس، وفي حال توفرت الأموال لن يتلقى الأستاذ أكثر من 200-250 ألف ليرة عن كل يوم عمل.

ويؤكد الأساتذة لـ"المدن" أن أستاذ التعليم الثانوي يعتبر وظيفياً في الفئة الثالثة، ووفق مرسوم الحكومة سيتلقى موظف الفئة الثالثة 600 ألف ليرة بدل إنتاجية عن كل يوم عمل. هذا فيما الأستاذ سينال بدل إنتاجية بـ 200 ألف ليرة من صندوق المدرسة غير مضمونة. علماً أن أستاذ الثانوي حصل على امتياز عبر السنين، جعل راتبه ومكتسباته أكثر بنحو ستين بالمئة من موظفي القطاع العام في الفئة الثالثة. وهذا مرده أن مهنة التعليم تختلف عن وظيفة الإدارة. وبالتالي أتت المراسيم المطروحة على جلسة يوم الإثنين ليس لتعميق الهوة لصالح موظف الإدارة على حساب الأستاذ فحسب، بل ستجعل مكتسبات موظف الإدارة أفضل من جميع الأساتذة، رغم أن موظفي الإدارة يعملون أقل من أي أستاذ.


مكتسبات الأساتذة قليلة

وتشرح المصادر أن موظف الإدارة في الفئة الثالثة سيحصل على بدل إنتاجية بنحو تسعة ملايين ليرة شهرياً، يتقاضها على منصة صيرفة، بما يعادل مئتي دولار. ثم يصرفها في السوق السوداء بنحو 16 مليون ليرة على سعر 80 ألف ليرة للدولار. أما الأستاذ فسيحصل على نحو ثلاث ملايين ليرة فقط لا غير من صندوق المدرسة، ولا يمكنه صرفها على منصة صيرفة. لذ سيرفض الأساتذة دفع بدل الإنتاجية بالليرة اللبنانية من صناديق المدارس، أولاً لأنها ستكون أقل بمرتين عن بدل الإنتاجية التي سيحصل عليها موظفو القطاع العام، وثانياً لأن بدل الإنتاجية من صندوق المدرسة لا يمكن تحصيله على منصة صيرفة بالدولار. هذا فيما بدل الإنتاجية من الحكومة تصرف على منصة صيرفة.

وتؤكد المصادر أن مقترحات الحكومة لم تشمل الأساتذة ببدل الإنتاجية على اعتبار أنهم سيحصلون على بدل إنتاجية بالدولار من وزارة التربية، ولا يمكن جمع بدلين في الوقت عينه. وبالتالي تصاعدت صرخة الأساتذة وباتوا يرون أن روابط المعلمين وبعد كل الإضرابات لم تحقق لهم حتى المكاسب التي حققتها رابطة موظفي الإدارة العامة. ورغم أن مكتسبات موظفي الإدارة أعلى بكثير مما سيحصل عليه الأساتذة، بعد إضراب لشهرين، رفضت هيئة رابطة الموظفين مقترحات الحكومة، فيما روابط المعلمين تهرول لفك الإضراب.


مكتسبات في إطار الوعود

ويضيف الأساتذة أن بدل الإنتاجية بالدولار، المقترح من وزير التربية عباس الحلبي، غير مضمون في الأساس، مثله مثل بدل الإنتاجية بالليرة من صناديق المدارس. فقد سبق ووعد وزير التربية بمنح الأساتذة 130 دولاراً شهرياً وتبين لاحقاً أنها غير متوفرة، وتبين أن الوزارة غير قادرة على دفع مئة دولار حتى.

ويرى الأساتذة أنهم حتى لو صدقوا وعود الوزير بتلقيهم مئة دولار سيكون مجموع ما يحصل عليه الأستاذ بعد شهرين من الإضراب نحو 13 مليون ليرة (بدل إنتاجية بالدولار وبالليرة اللبنانية)، وبدل مالي بقيمة خمسة ليترات بنزين عن كل يوم عمل. أي أن موظف الإدارة في الفئة الثالثة، الذي سيحصل على تسعة ملايين ليرة شهرياً كبدل إنتاجية (تصبح نحو 16 مليوناً على منصة صيرفة)، سيحصل على ثلاثة ملايين ليرة أكثر من أستاذ في التعليم الثانوي، رغم أنهما في الفئة الوظيفية عينها. هذا فيما يمنن أستاذ التعليم الثانوي في أموال الدول المانحة التي ستدفع بالدولار.


العودة إلى التعليم غير مضمونة

صحيح أن الأساتذة يتلقون ثلاثة رواتب مساعدة من الدولة تصرف على منصة صيرفة (مثل سائر موظفي القطاع العام)، وسيصبح مجموع دخلهم نحو ثلاثين مليون ليرة شهرياً، إلا أنهم عازمون على الضغط على روابط المعلمين للمطالبة بمساواتهم بموظفي الإدارة. أي أنهم سيرفضون هرولة روابط المعلمين وراء المئة دولار من وزارة التربية.

مصادر مطلعة على مفاوضات روابط المعلمين مع الحكومة ووزارة التربية أكدت أن مساواة الأستاذ بالموظف أفضل تربوياً. فمقترحات الحكومة تلزم الموظف بأربعة أيام حضور، وهذا يؤدي إلى تكثيف الدوامات في المدارس فيما لو طبق على الأساتذة. وتتمكن وزارة التربية من انهاء المناهج.

في الخلاصة، مقترحات الحكومة لموظفي الإدارة ومساعي وزير التربية لحل معضلة الأساتذة أدت إلى فتنة بين الأساتذة والموظفين. ما يعني أن العودة إلى التعليم في الأسبوع الثاني من شهر آذار باتت في مهب الريح.

تعليقات: