إلى أمي


فجأة اصبح وجهك هادئاً، خاليا من الألم، وجالت نظراتك تحدق بالفراغ، ابت روحك المغادرة وبقيت تتكلمين معنا حتى آخر نفس، حتى انك سألت عن الساعة لانك علمت بانك راحلة ولكننا لم نعرف او رأينا ولكن أبينا ان نصدق ما نشاهده.

حتى لما ناديتني وقلت لي بانك ستموتين... ضحكت ورفضت وقلت لك لا لن تموتي، فامي لا تموت، هي تمرض وتشفى، تنام لأسابيع ،ثم تعود لتمشي.

وحتى قبل اسبوع مشيت الى غرفتي وقلت لي "جايي اعملك زيارة"...

فكيف أصدق بانك سترحلين فأنا لم أعدّ نفسي لرحيلك ابدا حتى عندما كلمتني عن الكفن لم اسمع ولم اعرف حتى الساعة.

في حياتي وذاكرتي أمي لا تموت فهي من قرأ لنا درس القراءة، قصة كي نفهمها، وهي من علمتنا بأن الفتاة علمها سلاحها والوظيفة حصانتها، أمرأة لكل عصر.

درايتك واسعة ومعرفتك شاملة وبصيرتك وحكمتك حاضرة.

قلة من عمرك تمتعوا بهذا العقل المنير فأنا فخورة بانك امي وانك لم تكوني تتكلمي كسائر النساء فعقلك الراجح جعل لك مكانة خاصة لكل من عرفك لم تستهوك الزيارات ولا الصبحيات حتى ان اليوم لم يكف لك لتمارسي امومتك على كل من حولك وليس لنا فقط لاولادنا ولاحفادنا ولكل عائلتنا ،فكنت حكيمتنا وذاكرتنا.

كيف بهذا كله ان يذهب وان هذا البيت الذي ندور بفلكه انت محوره وركيزته؟

حتى موتك لم يكن عاديا!

هل تصدقون أن أمي أصبحت أكثر جمالا وهدوءا واختفت التجاعيد القليلة وبدت على وجهها راحة غريبة لم اعتدها هل لان الله لا يريد لها وجعا وألما اكثر؟

وأمي لا تطيق الألم ام ان شيئا جميلا او حبيبا تراءى لها فأسلمت بهدوء .

امي الحبيبة الوردة التي اعتدت ان احضرها لك سأدعها اليوم على قبرك وستعرف روحك علك تكوني راضية عني وسأقرأ لك كما كنت تتمنين سور من القرآن الكريم.

فلترقد روحك بسلام .......





تعليقات: