المرأة قبل الإسلام وبعده - الجزء الحادي عشر - الطلاق


باب عقد الزواج

عقد الزواج، عقد من جملة العقود والمواثيق القابلة للفسخ إذا أخل احد طرفيه بشرط من شروطه، ولكن عقد الزواج صيغته تختلف عن باقي العقود لأن هذا العقد فيه الإيجاب وهو الإرادة الأولى الصادرة من الطرف الأول ( الرجل ) بغية إحداث أثر شرعي هو الزواج، اما القبول فهو الرضى المعبر عنه من الطرف الثاني (المرأة).

وهنا لا بد من استشارة المرأة في زواجها وعدم اكراهها، ولها الحق في القبول او الرفض، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن).

في عقد الزواج يحق لكلا طرفيه (الرجل والمرأة) او وكيل ( المرأة ) اضافة شروط في عقد الزواج لا تتعارض مع الشرع كأن يقول الأب ولي الأمر زوجتك أبنتي هذه على أن لا تتزوج عليها .. او ان تشترط المرأة تطليق ضرتها، فأذا ما قبل الرجل في هذه الشروط اصبح لزاماً عليه تنفيذها ، واذا لم يف الزوج بالشروط كان للزوجة الحق في فسخ عقد الزواج لأرتباط الإيجاب بقبول على وجه شروط ، يثبت أثره في محله وبمقتضى طبيعته ولقوله تعالى : " يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ( المائدة 1 ) . كما آمر الله تعالى الوفاء بالعهد مع الله والناس مثل العقد : " وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً ( الإسراء 34 ) .

اذاً عقد الزواج كباقي العقود قابل للفسخ كما يوجب الوفاء بالشرط في عقد على بيع لا يساوي خمسة دراهم ، فكيف لا يوجب الوفاء بالشرط في عقد يكون العوض فيه الزوجة ، ودللنا على فسخ العقد ما جاء في الآيتين السابقتين ، وفي حديث للرسول صلى الله عليه وآله وسلم " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً او حرم حلالاً .

..

باب بيت الطاعة

هو مصطلح لغوي انتشر بين الناس عامة بإكراه الزوجة وإجبارها على سكن الزوجية اذا ما رفضت ذلك ، وللآسف إن هذا الشيوع بين الناس أن بيت الطاعة مستمد من الشريعة الإسلامية .

الشريعة الإسلامية كما أسلفنا بأنها شريعة حضارية وإنسانية ، وقوله تعالى " لا إكراه في الدين " ( البقرة 256 ) ، وهذا يعني بأن الدين الإسلامي مبني على الحرية والأختيار، وليس على الإجبار والإكراه ، وبالتالي فإن بيت الطاعة وهم من الأوهام ، وخرافة من الخرافات ، ولا وجود له إلا في مجتمع جاهل عابث .

الغريب من رجل تقول له زوجته وبكل صراحة ووضوح إنني لا أطيق العيش معك ويقيم عليها دعوى بيت الطاعة لإجبارها على العيش معه ، اي صنف من الرجال هؤلاء ، وكيف يرضى الرجل على نفسه البقاء مع زوجة لا تطيقه ولو لدقيقة واحدة ؟..

والأغرب من موقف الزوج موقف القاضي اذا ما نظرت القضية فيعتبر المرأة ناشزاً بالرغم من ثبوت بخل الزوج وعدم الأنفاق عليها ومخالفة لقوله تعالى : " فأمساك بمعروف او تسريح بأحسان " (البقرة229) وخلافاً أيضاً لما قضى به رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالتفرقة كما سيأتي لاحقاً .

..

باب الخلع

الخلع هو فراق الزوج وزوجته بعوض بألفاظ مخصوصة ، والخلع هو تخليص الزوجة من زوجها على وجه لا رجعة فيه إلا برضاها ، وبعقد جديد ، وقوله تعالى : " ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " ( البقرة 229 ) ، ومفهوم هذه الآية ان على الرجال ان لا يأخذوا شيئاً مما أعطوه اذا هم بادروا بالطلاق أما في حالة طلب الخلع من المرأة ان ترد بعضاً أو كلا ً من المهر - فيما افتدت به - في حالة الكره .

بالعودة الى حق المرأة بالخلع كما ورد في الجزء الثامن قصة امرأة ثابت بن قيس : حبيبة بنت سهل الأنصاري زوجة ثابت بن قيس كانت اول حالة خلع في الإسلام والآية الكريمة السابقة نزلت في هذا الشأن .

جأت الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالت : يا رسول الله ، زوجي ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن اكره الكفر بالإسلام ،- ومعنى هذا أنها تكره عدم الوفاء بحقه لبغضها له ،- فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " اوا تردين عليه حديقته " وهي المهر الذي أمهرها ، فقالت نعم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لثابت " اقبل الحديقة وطلقها " .

في هذه الواقعة نرى أن أسباب الخلع كان كراهية الزوجة لزوجها ، لا سوء خلق فيه ، ولا قلة إنفاق ، وهناك أسباب آخرى كثيرة نورد منها على سبيل المثال :

سوء الخلق كما تقدم ، والبخل ، وعدم الإنفاق ، وارتكاب الزوج بعض ما حرم الله من الكبائر ، والضرب ، والإهانة والأذى الجسدي والنفسي الى ما هنالك من أسباب ، ولكن الزوج يحاول التنصل من كل هذا ليحظى بأستردادبعض من المهر .

ومن هذا نرى أن الإسلام قد شرع حق التفريق بين الزوج والزوجة بالخلع مقابل بدل تدفعه الزوجة في حالة الكره فقط ودون المساس بحقوقها في حالة قيام الزوج بالخلع .

..

وبعد هذا التوضيح سوف نأتي في الجزء الثاني عشر على الخاتمة.

* الحاج صبحي القاعوري - الكويت

الجزء الأول من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الثاني من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الثالث من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الرابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الخامس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء السادس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء السابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء الثامن من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء التاسع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

الجزء العاشر من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري

تعليقات: