مركبـا تلملـم جراحهـا وتستنهـض الحيـاة: هل من اسم لإهمال الدولة المتعمد؟

لشك الدخان أيديهن الصور لـ: مصطفى جمال الدين
لشك الدخان أيديهن الصور لـ: مصطفى جمال الدين


مركبا :

لقاصد مركبا مع تسلل الخيوط الأولى للفجر، مشهد يبوح ببعض أسرار أهالي القرى الجنوبية ويومياتهم. للندى الذي يغطي ورق الدخان وظيفة في القطاف تنتهي ما ان تلامس أشعة الشمس سطحها منذرة بضرورة مغادرة الحقل.

تنتفي أهمية الندى نفسه في «قش» الصعتر. يفضل المزارعون وريقات الصعتر البري جافة وإن قصدوها لـ«لحواش» قبل حماوة الشمس. يحول الندى دون التصاق ورقة التبغ بأصابع اليد، فيما تضر قطراته بتكديس الصعتر وتجفيفه.

من الحقول العامرة بجيوش الفلاحين، يلفت عدد النساء. هنا، كما في كل القرى الجنوبية، التبغ زراعة عائلية. لا عمال مياومين ولا أجراء. تتحول «الصبحية» إلى جلسة حول مشاكك الدخان.

للآتي إلى مركبا، التي تتربع على كتف الجليل لناحية هونين المحتلة، مشهد آخر لا يرتبط بالصبح أو المساء، ولا يكشف ستراً: ليس إهمال الدولة للمناطق النائية بسر .. تستقبلك مركبا بشوادرها التي ما زالت منصوبة بعد عام على العدوان، تنبئ بحال بعض أهلها ومنازلهم المدمرة.

من سكان «الخيم»، الحاجة زينب رضا التي كانت توافي الندى على شتلات التبغ عند الثالثة فجراً.

الحاج محمود ينتظر «اسمه»

في الكد البادي على وجوه العائدين من الحقول، تقرأ معنى ألا يسأل أحد عن مواسم أكلها عدوان تموز الماضي وشربها المزارعون علقماً. لعل في الإحساس بالعجز الذي ينتاب الحاج محمود مبارك، زوج الحاجة زينب رضا، ما يعبر عن حال كل الذين خرجوا من تحت الركام أو عادوا من غربة النزوح، ليجدوا تعب العمر وقد أحيل رماداً.

لم يترك الحاج محمود بلدته مركبا. بقي فيها هو ورفيقة عمره. أقفل الزوجان على سبعينيات العمر و«البهدلة لا تلبق بالختايرة».

«بهدلة النزوح» ليست وحدها ما دفع الحاج محمود إلى الصمود، بل أخجله أيضا مشهد شباب المقاومة وهم في ريعان الشباب، يدافعون عن القرية: «معقول أهرب بسبعين سنة وابن العشرين عم يواجه الدبابة بصدره؟».

من الحارة القديمة إلى أطراف مركبا كانت الحاجة زينب تمشي قاصدة سحرتها وحقلها: «رأس البندورة الصغير كنا نشتهيه بالحرب». كانت الحاجة تلملم بعض الزرع الذي يبس وتعود مسرعة، يرافقها أزيز طائرة ألـ«إم.كا»: «الله لا يوفقها ما فارقتني ولا لحظة».

ومن قلب الحارة القديمة في مركبا، كان الحاج محمود والحاجة زينب يتناوبان تحت القصف على تفقد البيت والمزروعات ورؤوس «الطرش».

في الليلة التي قصف فيها منزل الجيران غادر الحاج والحاجة بيتهما: «عدنا صباحاً لنجد البيت تلة من ركام».

تحت البيت ماتت بقرتا الحاج محمود. يبلغ سعر كل واحدة منهما أربعة ملايين ليرة لبنانية، «وكانوا معشرين، يعني مات ببطن كل واحدة راس بقر تاني».

بعد البقرات، وجد الحاج محمود شتلات تبغه محروقة على صنادلها. وفي الحقل البعيد «أربعون مد قمح إنطرشت بالأرض»، و«المد» بالمكيال الزراعي يصل إلى 12 كيلوغراماً.

ليست الخسائر الزراعية التي طالت خضار العائلة هي وحدها ما «كسر ظهر» الحاج محمود وزوجته.

فالحاج والحاجة ما زالا حتى اليوم يعيشان في خيمة ثبتت أسفل الطريق، عند حافة الحقل. لا مرحاض هنا، وغرفة النوم هي نفسها غرفة الجلوس، أما الاستحمام ففي البرية.

«هونيك منتحمم أنا والحاجة» يقول الحاج محمود وهو يشير إلى الحقل القريب ممازحاً زوجته. تضحك المرأة السبعينية على طريقة «شر البلية ما يضحك».

سنة مرت على هذه الحال واسم الحاج «لم يأت»، كما قال، حتى يتقاضى تعويضاته ويبدأ بإعادة إعمار منزله المهدم، مثله مثل كثيرين في مركبا المتأخرة عن ركب إعادة الأعمار.

العلة في الدولة

يقول نائب ريس بلدية مركبا أحمد حسين شحيمي إن المملكة العربية السعودية تبنت إعادة إعمار مركبا في المبدأ. إلا أن المملكة لم تدفع للناس مباشرة، بل عبر كل من الهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب.

قدمت منظمة «جهاد البناء» لكل أسرة مبلغ عشرة آلاف دولار بدل إيواء وأثاث، صرفتها العائلات على معيشتها اليومية بعدما عاد النازحون وخرج الصامدون ليجدوا أن الغزاة قد أحرقوا جني العمر وتعبه.

لم يعوض «مخلوق» بليرة لبنانية واحدة عن الزراعة التالفة.

بدأت الدولة بالترميم وأرجأت المهدم، وفق شحيمي الذي يرى أنه «كان الأجدى البدء بالذين لا منازل لديهم، لأن ذلك زاد من تشرد الناس».

قبل ثلاثة أشهر، جاء مندوبو شركة «خطيب وعلمي» للتأكد من الكشوفات، وقبل شهر ونصف الشهر فقط، حصل عدد من الأهالي على الدفعة الأولى للشروع بإعادة الإعمار، وما زال البعض الآخر ينتظر.

يقول شحيمي: «يعني صار تأخير، وانعكس ذلك خصوصاً على الأهالي الذين وجدوا أنفسهم من بلا سقف يؤويهم».

يضيف أنه بالإضافة إلى الحالات المعلقة، هناك ملحق يضم 75 اسماً «سقطت سهواً» لا يعرف أهالي مركبا وبلديتها شيئاً عما سيحصل لها، ولم يعطهم أحد تبريراً أو شرحاً للأسباب، «حتى انهم لم يكشفوا على منازل من ضمها الملحق من أساسه».

ويسأل شحيمي عن السبب الذي يدفع الدولة إلى معاملة شعبها بهذه الطريقة.

في مركبا شعور طاغ بأنها تحاسب سياسياً على صمودها: «يعني الناس عم تسأل إذا كان المطلوب إذلالها في مقابل إعادة إعمار منازلها»، يقول شحيمي مشيراً إلى أن الدول المانحة دفعت ما تعهدت به من كلفة إعمار للبلدات التي تبنتها، «ولكن العلة في الدولة ودوائرها».

الوحدات السكنية الجاهزة: بأي حال ....

يقول شحيمي إن البلدية سعت لتأمين شوادر لائقة للأسر الإحدى عشرة التي فقدت منازلها بعدما تعذر تأمين منازل بديلة في البلدة: «يعني مش كل الناس قادرة تترك أرزاقها وتستأجر في بيروت والضيعة بالكاد تكفي أهلها، لا أحد يبني للإيجار هنا».

نصبت الخيم في انتظار وصول البيوت الجاهزة.

عند طرف مركبا لناحية مدخلها الرئيسي، خصصت البلدية قطعة أرض وجهزتها لتثبيت ثلاثين وحدة سكنية.

قبل أيام، انتهت الشركة المتعهدة من تركيب البيوت على أمل أن تنتقل اليها «عائلات الشوادر» وأصحاب المنازل المدمرة الذين يسكنون بالإيجار أو عند الأقارب.

تكفي نظرة سريعة إلى الوحدات السكنية الجاهزة للتأكد من مبرر الانزعاج الذي يبديه شحيمي من كيفية تركيبها.

ينفر معدن البيوت عند الحواف والمفاصل. تتخوف البلدية، وبعد كل التأخير الذي حصل قبل تسليمها، من أن «تنش» البيوت على ساكنيها شتاء وأن تؤدي المياه المتسربة من أكثر من مكان إلى تلفها: «يعني بدنا الناس ومن بعد طول انتظار تسكن مرتاحة»، يقول شحيمي.

تعول البلدية أيضاً على الوحدات الجاهزة لاستعمالها في مشاريع تنموية في مركبا. يقول شحيمي ان: «المملكة دفعت مبالغ كبيرة لكل وحدة، ولكن نتمنى أن يكون التنفيذ جيداً برغم كل شوائب التركيب والتشطيب».

تمتد كل وحدة سكنية فوق نحو 60 متراً مربعاً، وهي مقسمة إلى غرفتي نوم، وثالثة للجلوس مع مطبخ وحمام.

وتبدو الوحدات لائقة، وبديلاً محترماً للخيم، ولكن العلة دفعت في سوء التنفيذ الواضح.

يقول شحيمي إنه سيتم تسليم الوحدات للعائلات في خلال أيام إذ «يكفي الناس بهدلة هالقد».

عائلة علي زراقط

خلال فصل الشتاء الماضي، تقلص عدد العائلات الإحدى عشرة القاطنة في الخيم إلى ثلاث، إذ شرعت البلدية والأهالي حينها في تأهيل ساحة القرية، وإعادة بناء بعض المنازل المدمرة، ووزعت العائلات، وفقاً للإمكانيات، على غرف لدى الأقارب بانتظار التعويضات.

أما الذين بقوا في الخيم، فقد نقلوها إلى أراضيهم، بالقرب من منازلهم المدمرة.

من بين هؤلاء، عائلة علي محمد زراقط.

في قلب ساحة مركبا، عند مدخل حارتها القديمة، تجد خيمة علي زراقط.

داخل الخيمة، تعيش العائلة المكونة من 11 فرداً وجدة عاجزة.

قسمت زوجة زراقط الخيمة إلى ثلاث حجرات: هنا خزانة خشبية تفصل غرفة الجلوس التي تنام فيها مع زوجها وبناتها عن غرفة الشباب والجدة، ووراء الستارة وضعت الأواني المطبخية.

سنة بالتمام والكمال قضتها عائلة زراقط في خيمتها المنصوبة على أنقاض منزلها المدمر الذي يعلم الله وحده متى سيعاد بناؤه.

تقاضت العائلة الدفعة الأولى من التعويضات عن وحدة سكنية واحدة: «بالرغم من أن بيتي مؤلف من وحدتين سكنيتين» بحسب زراقط.

أتى العدوان على كل رزق محمد زراقط.

قبل ذلك، كان القصف يطاردهم من غرفة إلى أخرى، وعندما ضربتهم إسرائيل بـ«الفوسفوري»، بحسب قول زراقط، تناثرت من حولهم «النيران على مسافة ستة أمتار».

لم تغادر العائلة، التي لم تتجاوز صغيرتها العامين من العمر، إلا قبل الهدنة بيومين: «الرزق عزيز»، تقول الزوجة التي لم ترد أن تنزح بأطفالها وبينهم طفلة معوقة وجدة عاجزة، وتترك الأب وحيداً: «لازم كنا نبقى حده ونساعده».

اشتد القصف وخاف الأطفال كثيراً فجهز زراقط شاحنته الصغيرة وقصد مرجعيون.

في عديسة، وجد أن الإسرائيليين أقفلوا الطريق، فهرب بهم في «البراري وبين كروم الزيتون»، بعدما وضع راية بيضاء على سطح سيارته.

من مرجعيون التي كانت آمنة نسبياً، عاد محمد زراقط وأحد شبابه إلى مركبا يهتمان بالمواشي وقفران النحل: «كان موتهم يعني موتنا وهذا ما حصل».

أعلنت الهدنة، ورفض زراقط ترك رزقه وبلدته، يعينه في وحدته ابنه علي. ولكن، لما أصيب الأخير بشظية صاروخ في يده، صارت المغادرة فرض واجب لمعالجة «الصبي».

عبر وادي السلوقي، ترك زراقط وولده مركبا، وبين الحقول وعلى العبّارات التي كانت تسقط الواحدة تلو الأخرى، دخل الرجلان في سباق مع صواريخ ألـ«إم كا»: «كانت يمكن رايحة معنا على بيروت».

في النبطية، أسعف «الشباب ابني وتابعت حتى وصلت إلى بيروت».

أمام مدخل المستشفى الذي أخذ علي إليه، جاءت سيارة مسرعة ودهست الشاب المصاب.

دخل علي في «الغيبوبة» لمدة عشرين يوماً، وخرج منها وهو بالكاد يقوى على المشي وعلى تحريك يديه وأطرافه.

مع وقف الأعمال الحربية، كان عدد المعوقين والعاجزين في المنزل قد ارتفع إلى ثلاثة.

عند الثامنة من صباح 14 آب، كان زراقط في رأس الموكب العائد إلى مركبا: «ويمكن يا ريتني ما رجعت».

أربعون رأس غنم وماعز شامي قتلتها إسرائيل في أمكنة متفرقة من الضيعة. ولا يقل سعر العنزة الشامية عن أربعمئة ألف ليرة لبنانية. ثلاثة عشر قفير نحل أحرقها القصف مع عسلها، وبالقرب منها احترقت صنادل الدخان، فيما يبس خمسة عشر دونماً من العدس والفول «على أمه». أما أغمار القمح، فاحترقت قبل تجميعها في البيادر.

لم يكن علي زراقط يبيع الكثير من الخضار الصيفية ولكنه لم يكن يشتري شيئاً من السوق: «رجعنا على أرض حفرا نفرا، يعني الواحد بيحس إنه بعد شوي بدو يطعمي أولاده تراب».

قرر زراقط البقاء في مركبا على الرغم من أنه خسر كل ما يملكه: «يعني بطلع بلا موسم السنة كمان؟».

ساعد الجيش اللبناني زراقط على استئناف زراعاته بعدما نظف حقله من القنابل العنقودية: «الله يحمي الجيش، لولاه لما تمكنت من زراعة أرضي».

إذاً، ما هو مصدر دخل عائلة علي زراقط اليوم في انتظار تصريف الحصاد؟

«كنا عم نقش زعتر ونبيع»، تقول الأم، شارحة أن صغيراتها أصبحن عبئاً عليها بعد الحرب: «كل الوقت ماسكين فيي عم يخافوا كتير»، مما يعيقها عن كثير من الأعمال.

قصة نور

صرف زراقط بدل الإيواء على تأمين مصروفات العائلة. فنور التي ولدت قبل ثماني سنوات بفتحة في الظهر تحتاج وحدها إلى «صيدلية» شهرية.

هي تحمل أنبوبا بلاستيكياً يصرّف المياه التي تتجمع في دماغها. وقد انعكست مشكلتها على قدرتها على السير وباتت تحتاج دوما إلى جهاز مساعد، يبلغ ثمنه خمسة آلاف دولار.

اشترت العائلة جهازاً «غير أصلي» بخمسمئة ألف ليرة، مما أدى الى تردي حال الفتاة.

تحتاج نور إلى أدوية خاصة والى مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة: «لم تقبلها أي مدرسة في المحيط، قال لازم تكون قادرة تروح على الحمام وتكون من دون حفاض».

سجلت العائلة نور في مدرسة الكفاءات في بيروت «بس ما قدرت تبقى داخلي». قالت الصغيرة لعائلتها «ما بدي أتعلم بس خليني حدكم».

تحمل نور بطاقة إعاقة من وزارة الشؤون الاجتماعية، «تفيد في الحصول على بعض الأدوية الرخيصة فقط وليس على الأدوية الغالية الثمن».

يقول الوالد: «حتى الجهاز الذي تحتاجه، اعتبر المسؤولون في إحدى مؤسسات الإعاقة أن هناك حالات أبدى من حالتها، فلم يساعدوننا على شراء الجهاز الأصلي».

ثمن النصر ...

في الحقل القريب من خيمة علي زراقط، نصبت عائلة الحاج عبد الكريم زراقط خيمتها.

تقول صباح، ابنة الحاج التي تسكن الخيمة مع والدتها العجوز ان الأهالي خرجوا من الحرب لدخلوا حرباً أخرى هي حرب الترميم وإعادة البناء، ومواصلة الحياة: «مش هيك الدولة بتكافئ ناسها».

أما كنة العائلة فاطمة مبارك، فتقول إن كل شيء يهون أمام شباب المقاومة: «لولاهم، لكنا اليوم مشردين أو نعيش تحت الاحتلال».

للنصر ثمن، برأي فاطمة، «ونحن دفعنا أقل من المقاومين، تكفينا العزة».

العزة لمركبا التي بقيت منيعة خلال العدوان. عجز الغزاة عن دخولها بعدما رابض المقاومون عند مداخلها الأساسية وألحقوا بهم الهزيمة تلو الأخرى.

انتقمت إسرائيل من صمود مركبا وشبابها، ولمقتل جنودها وتدمير دباباتها، ولمنعها من الالتفاف على فوهة وادي السلوقي على طريقها نحو وادي الحجير.

خص المعتدون كل منزل في مركبا بصاروخ أو بقذيفة، فيما تبعت ألـ«إم. كا» أبناءها الصامدين خطوة بخطوة تقصفهم كلما خرجوا لتفقد أرزاقهم أو حاولوا ألانتقال من بيت إلى آخر.

طالت نيران العدو كل منازل مركبا، حتى ان بعض النازحين لما عادوا، سألوا إن كانت هذه هي مركبا فعلا.

دمرت إسرائيل 150 بيتاً في مركبا تدميراً كلياً وجزئياً وطالت الأضرار كل بيوت الضيعة دون استثناء على طريقة «قذيفة أو صاروخ لكل عائلة». حولت الجرافات العسكرية الطريق الرئيسية للبلدة إلى جزء من حقولها بعدما حرثتها بالسكك.

عاد أهالي مركبا ليجدوا أن العدوان دمر شبكات الهاتف والكهرباء والمياه. قبل ثلاثة أشهر فقط، عادت المياه إلى جزء من مركبا وما يزال العديد من منازلها يعيش على شراء حاجته منها.

لم يكن هناك شريط يربط عمودا كهربائيا بآخر صباح الرابع عشر من آب. وكانت الشوارع كما المنازل تلالاً من الحجارة والحصى والركام.

قامت بلدية مركبا ولم تقعد وتمكنت بمساعدة هيئات إنسانية محلية ودولية من وضع سكة استئناف الحياة على الطريق: «يعني دولتنا ما سألت عنا»، يقول حشيمي مشيراً إلى أن البلدية لم تر مسؤولاً في أي وزارة قدم إلى مركبا ووقف على احتياجاتها.

سواعد تعيد بناء الحياة

لشهور طويلة، شعر سكان البلدة وكأن المنظمات الإنسانية هي أمهم وأبوهم. عملت هذه الجمعيات بالتعاون مع البلدية على تأمين المياه للبلدة وأهلها عبر صهاريج المياه. وعبرها أيضاً تم شراء مولدات كهرباء أنارت جزءاً كبيراً من مركبا.

اليوم ومع إصلاح شبكة الكهرباء، يترحم الناس على أيام المولدات «إذا شفناها فذلك لساعتين في خلال ألـ24 ساعة»، يقول شحيمي.

تؤكد بلدية مركبا على الخسائر التي طالت المواسم الزراعية «عن بكرة أبيها» وكذلك نفوق حيوانات قطاع المواشي الذي يعتبر أساسا في اقتصاد ومداخيل الأهالي... والأهم أن البلدية تصادق أيضاً على يتم الناس: «لم تعوض عليهم الدولة بالنسبة للخسائر الزراعية والمواشي.. يحاول الأهالي استئناف حياتهم من الصفر».

ولكن، لا صفر في مركبا.. حجر وراء حجر، يعيد الناس ترميم وإعمار منازلهم. سواعدهم السمراء لا تغادر حقولهم.

لقطف التبغ أياديهم ولـ«قش» الصعتر أصابعهم ولأغمار القمح أحضانهم وللفجر استفاقتهم في موعدهم الثابت لقهر كل ما يحيط بهم، ومواصلة الحياة.

ملك (4 سنوات) تشك الدخان في مركبا
ملك (4 سنوات) تشك الدخان في مركبا


تحميل «خيش» التبن
تحميل «خيش» التبن


تعليقات: