اعترافات «ثنائي الإعدام»: قتلا الضحايا العشر ليخفيا هويتهما.. ونفذا جريمتين «بالصدفة»!

إحدى ضحايا الإجرام في لبنان
إحدى ضحايا الإجرام في لبنان


جريمتان «بالصدفة»!إعترافات «ثنائي الإعدام»: الخميس والجمعة والسبت موعد العمليات ومسدس عياره 7,65 ملم

أكد الشقيقان جورج (مواليد 1973) وميشال (مواليد 1970) تاناليان، الموقوفان منذ أمس الأول عند «فرع المعلومات» بتهمة قتل 10 أشخاص ومحاولة قتل كل من الياس فريد عاصي وع. ن. (إيراني الجنسية) خلال سبعة أشهر، في ما مجموعه 12 جريمة، أنهما قتلا ضحاياهما «كي لا يتعرف أحد منهم (الضحايا) على ملامح وجهينا»، وأنهما نفذا جرائمهما «بغرض السرقة فقط»، بحسب ما أفاد مصدر أمني «السفير».

وفيما ما يزال التحقيق جارياً للتأكد من الدوافع الحقيقية لتنفيذ الجرائم الاثنتي عشرة، علمت «السفير» من مصادر أمنية وثيقة الصلة بالتحقيق مع «ثنائي الإعدام» (لقب أطلقه المحققون على الأخوين تاناليان)، أن جورج وميشال تبادلا الاتهامات بينهما حول مطلق النار الفعلي، إذ اتهم جورج شقيقه بتنفيذ القتل، بينما كان ميشال يؤكد أن جورج هو من كان يطلق النار على رؤوس الضحايا. علماً أن كل منهما موجود في غرفة، في مكان التحقيق، منفصلة عن الآخر.

وفي حين ارتكز الخلاف بين الشقيقين، في التحقيقات، على تبادل تهمة القتل مع تأكيدهما على تنفيذهما الجرائم الاثنتي عشرة المنسوبة إليهما، فإن المحققين يميلون إلى اتهامهما بقتل الضحايا مناوبةً.

ونفى مصدر أمني وثيق الصلة بالتحقيقات استخدام «ثنائي الإعدام» كاتماً للصوت في أثناء إطلاق النار على الضحايا، مؤكداً في الوقت ذاته أن الأخوين القاتلين لم «يعثر لهما على أي نقطة دم في سيارة الياس فريد عاصي، الذي نجا من الموت في التاسع والعشرين من آب الماضي، بعدما أطلقا عليه النار في باكورة جرائمها المتسلسلة في السيارات، بعد قتل السبعينية في منزلها. كما أن القاتلين لم ينزفا الدماء في أي جريمة».

وأفادت المصادر أن دورية من «فرع المعلومات» عثرت على سيجارتين مدخنتين في منزل السبعينية م. ت. ت. في النبعة، والتي قتلت علي يدي الأخوين في 18 نيسان الماضي بهدف سرقة مجوهراتها.

وتوصلت التحليلات المخبرية، أمس، إلى تطابق نتائج البصمات الوراثية التي استخرجت من السيجارتين، مع الحمض النووي (دي أن آي) لكل من جورج وميشال، كدليل قاطع، يُضاف إلى اعترافهما، بقتل السبعينية. علماً أن القاتلين أخفيا فناجين القهوة المستخدمة من قبلهما في المنزل، لإخفاء أي أثر لهما.

كما أشارت نتائج الأدلة الجنائية إلى أن تسعة عيارات نارية، تم استئصالها من رؤوس تسع ضحايا، قد أثبتت انطلاق الرصاص من المسدس الذي عثرت عليه القوى الأمنية في منزل الشقيقين أمس الأول، وكان موضباً في كيس نايلون داخل فرن الغاز.

وأوضحت مصادر أمنية وثيقة الصلة بالتحقيقات، أن ميشال لم يبع الهاتف الخلوي الذي سرقه من العريف في الجيش اللبناني زياد ديب، الذي كان الضحية الأخيرة للأخوين بعدما قتلاه فجر السبت الماضي، بل إنه توجه إلى محل لبيع الأجهزة الخلوية لتخمين ثمن الهاتف.

وبينما كان ميشال يتفاوض مع صاحب المحل على السعر، دخل شخص يُدعى حبيب همدر إلى المحل بالصدفة، وعرف أن جاره ميشال يودّ بيع هاتفه بسعر زهيد.

ونزولاً عند رغبة همدر، أعطاه ميشال الهاتف كي يجرّبه، فوضع شريحة ابنه هادي في الهاتف لتفحّصه، ثم تدخل صاحب المحل الذي امتعض من «البازار»، وطلب من ميشال وهمدر مغادرة المحل.

غادر الرجلان المحل من دون إتمام الصفقة، وقام ميشال بالتخلص من الهاتف فوراً لـ«أسباب لوجستية»، فيما كان «فرع المعلومات» قد حدّد تلقائياً الرقم المتسلسل للشريحة التي استخدمت في الهاتف المُراقب، وبالتالي حدد المكان الذي قادهم إلى همدر.

وبعدما روى همدر للقوى الأمنية قصّة الهاتف من الألف إلى الياء، أجهزت دورية من فرع المعلومات على المنزل، وألقت القبض على «ثنائي الإعدام» وأشقائهما الثلاثة، والذين لم يثبت ضلوعهم بالجرائم حتى الآن. علماً أن التحقيقات ما زالت تركز على معرفة إن كان الشقيقان قد قاما بعمليات سلب أو سرقة من دون قتل.

«خريطة» الإعدامات

ورسم المحققون خريطة تنفيذ «ثنائي الإعدام» لجرائمهما كالتالي:

فور خروجهما من سجن «رومية»، في التسعينيات، وكانا آنذاك قد قضيا بتهم سرقة وسلب واحتيال، غرق الشقيقان في تعاطي بعض الحبوب المخدّرة واحتساء الكحول بكميات كبيرة، ثم أذعنا إلى أنهما بحاجة لأموال «طائلة»، تسدي حاجاتهما «الكحولية». علماً أنهما كانا عاطلين عن العمل.

كانت باكورة جرائمهما، التي اعترفا بها، قتل السبعينية ملكة توفيق توفيق في منزلها في 18 نيسان الماضي، بعدما استضافتهما كصديقين. حينها، استولى الشقيقان على مجوهراتها، ثم قتلاها من مسدس عياره 7,65 ملم، وهو المسدس الذي نفذت فيه الجرائم الإحدى عشرة تباعاً، مع الإشارة إلى أن عيارات المسدس النارية نادرة في السوق.

وبعد مقتل السبعينية بثلاثة أشهر، وبالتحديد في التاسع والعشرين من شهر تموز، انتقل الأخوان إلى تنفيذ جرائمهما «السيارة» المتسلسلة، وكانت البداية مع الياس فريد عاصي، الذي يعمل سائق أجرة.

آنذاك، طلب الشقيقان من عاصي أن يوصلهما إلى نهر الكلب، وفجأة وجد عاصي المسدس في رأسه، فحاول مقاومتهما لكنها أصاباه بطلق ناري في فكّه، ثم غادرا ظناً منهما بأنه قُتل.

وكان عاصي «المفتاح» الأول للقوى الأمنية، إذ أدلى بمواصفتهما، فعُمّم رسم شمسي على كل الوحدات الأمنية.

تتالت الجرائم، في نسق بدا أن القاسم المشترك في التنفيذ هو أن القاتلين كانا يحددان أيام الخميس والجمعة والسبت كموعد للعمليات، وينطلقان كركاب في سيارات الأجرة من منطقة الدورة، فينفذان جرائمهما في مناطق سد البوشرية والضبية وبرج حمود والنبعة وانطلياس، بعد إجهازهما على قتل الضحايا برصاص في الرأس وسرقة بعضهم مع تعمد ترك بعض المبالغ من الضحايا، ثم يتخلصان من السيارة ويعودان إلى منزلهما سيراً على الأقدام.

ونفذت الجرائم في أوقات زمنية متفاوتة: الجريمة الأولى التي نجا منها عاصي كانت البداية في 29 تموز الماضي، ثم نفذت الجريمة الثانية بعد مرور ستة أيام وكان ضحيتها سائق الأجرة أ. ح.، ثم مقتل السوري ر. ك. بعد مرور 24 يوماً، ومحاولة قتل الإيراني ع. ن.، وهو سائق شاحنة، بعد مرور ثلاثة أيام على مقتل السوري ر.

وبعد مرور ثمانية أيام على محاولة قتل الإيراني، قتلا شخصاً ما يزال مجهول الهوية وعثر على مبلغ قيمته 28 ألف ليرة في جيبه. ثم مر يومان وقتلا ح. ح.

وبعد مرور ثلاثة أيام، أجهز «ثنائي الإعدام» على قتل ش. ع. بعدما استقلا سيارة الأجرة التي يملكها. وفي طريقهما للتخلص من السيارة، بعد دقائق من قتلهما ش.، صادفا أ. ن. على الطريق، ووافقا على أن يقلاه إلى سد البوشرية، ثم قتلاه، وتركا في جيبه مبلغاً من المال قيمته 166 ألف ليرة. وأفاد الأخوان ناتاليان، في التحقيقات، أن مقتل أ. «كان بالصدفة».

ثم، بعد مقتل أ. بثمانية أيام، قتل الشقيقان سائق الأجرة أ. ح. ع. وأحرقا سيارته في سد البوشرية. انتظر القاتلان مرور عشرين يوماً على جريمتهما الأخيرة، ثم استقلا سيارة أجرة كان يقودها أ. ك. في الدورة، وقتلاه بالأسلوب ذاته الذي استخدماه في جرائمهما السبع، أي إطلاق النار على الرأس.

وبعد مقتل السائق، ومرور حوالى ربع ساعة، أقل القاتلان العريف في الجيش اللبناني ديب بالسيارة التي سرقاها من المغدور أ.، وقتلاه ثم رموا جثته في منطقة سن الفيل. واعتبر القاتلان، في التحقيقات، أن مقتل العريف في الجيش اللبناني «كان أيضاً بالصدفة».

وأفاد الشقيقان، في التحقيقات، أنهما كانا يلجآن إلى حيل متعددة بغية الاختلاء بـ«الفريسة» في أماكن نائية، ومنها الطلب من السائقين أن يوصلهما إلى سوريا لقاء مبلغ كبير. وفجأة، يطلبان من السائق أن يتوجه إلى مكان ما، يكون في شارع مقفر، بذريعة أن أحد أقاربهما ينتظرهما ليغادر معهما.

وفي حالات أخرى، كان ميشال، أو جورج، يدّعي بأن ألماً مباغتاً أصاب معدته، وهو مضطر إلى «المراجعة» في أقرب مكان يكون نائياً، أو اللجوء إلى ذريعة قضاء الحاجة في مكان مقفر، أو إجراء مكالمة هاتفية ضرورية خارج السيارة في الوقت الذي يكون السائق قد عرّج على مكان ناءٍ من السيارات والمارة.

مفاجأة.. واتصال أخير

وعلمت «السفير» أن فرع المعلومات تفاجأ، عندما قرر توزيع ثماني سيارات أجرة يقودها مخبرون أمنيون في «المنطقة الأمنية» التي تم تحديدها، وذلك إثر «انكشاف أن المخبرين، بسياراتهم الثماني، يسيرون بين أكثر من ثلاثمئة سيارة أجرة! غير أننا كنا قاب قوسين أو أدنى من القبض على القاتلين في جريمتهما الأخيرة».

فقد انتبه كمين القوة الأمنية إلى مقتل العريف ديب بعد لحظات من مقتله، ووصل عناصر الدورية إلى المكان عندما كان ديب يلفظ أنفاسه الأخيرة. ثم اتصلوا على رقم هاتفه (القاتل) الخلوي، فأغلق الخط بوجههم، فأرسلوا إليه رسالة نصية، ثم أعادوا الاتصال فتبين أن القاتل تخلّص من شريحة الهاتف بسرعة.

إلى ذلك، يعمل المحققون على تحليل اعترافات الأخوين تاناليان، محاولين التوغل في نظريات أمنية مؤداها التأكد من دوافع الجرائم: قتل للسرقة، أم قتل للقتل، ولماذا؟ هل يعانيان من هوس مرضي بالقتل، أم أنهما مدفوعان لزعزعة الأمن، أو فعلاً كانا يقتلان ضحاياهما لطمس هويتهما؟

تعليقات: