
أرجو تلخيص المقالة التالية:
في الظروف الطبيعية، يُعدّ منح اللبنانيين في الاغتراب حقّ التصويت خطوة ديمقراطية متقدمة. لكن في عالمٍ تُشكّل فيه السياسة الدولية ميزانًا غير متكافئ بين اللبنانيين، يصبح السؤال مشروعًا: هل نحن أمام توسعة للحقوق أم توسعة لمساحات الرصد والتصنيف؟
ففي دول تُجرّم خيارًا سياسيًا أساسيًا من خيارات اللبنانيين وتضعه على لوائح "الإرهاب"، لا يعود الصوت فعلًا حرًّا، بل يتحوّل — بقصد أو بدونه — إلى بصمة أمنية يمكن استخدامها لاحقًا ضدّ ناخبٍ اختار سياسيًا وعبّر عن قناعاته.
المغترب المعارض للمقاومة يصوّت بلا خوف. أمّا المؤيد لخطّ المقاومة في كثير من بلدان العالم، فيُدخِل حسابات أخرى في "صندوق الاقتراع": إقامته، عمله، حسابه المصرفي، رحلاته، مستقبله، بل وربما مستقبل أولاده.
هذه ليست فرضيات. يكفي أن يضع أحدهم إشارة "إعجاب" على منشور يدعم المقاومة حتى يدخل دائرة الرصد الإلكتروني، وربما الأمني. فكيف بالصوت الانتخابي الذي يحمل هوية سياسية صريحة؟ كيف نطمئن إلى أن ذلك لن يتحول لاحقًا إلى ملف ملاحقة أو تضييق؟
أي ديمقراطية تلك التي تفرض على ناخب أن يفكّر بعواقب صوته قبل أن يفكر بخياراته؟
وأي مساواة حين يصوّت طرفٌ بثبات، بينما الطرف الآخر يصوّت تحت التهديد؟
الديمقراطية ليست صندوقًا فقط، بل بيئة آمنة للخيارات. وعندما يُصبح التصويت في الخارج أشبه باختبار سياسي أمني، يتحول الحق إلى فخّ، والمشاركة إلى اصطياد مجاني للهوية السياسية في الشتات.
الانتخاب حقّ، نعم. لكن الحق حين يمارس في بيئة غير آمنة لا يكون حقًا، بل امتيازًا للبعض وعقابًا للبعض الآخر. هكذا تُصنع النتائج، لا عبر الصندوق، بل عبر الخوف الذي يسبق الوصول إليه. وفي قلب هذه الحقيقة، تتكشف خطورة الطرح الحالي لتعديل قانون الانتخاب عبر آلية "المعجّل المكرّر".
المسألة ليست مجرّد نقاشٍ تقني أو بند تشريعي، بل محاولة تمرير قرار مصيري في توقيت محسوب وبطريقة تقفز فوق النقاش العام والرقابة الدستورية، وتفتح الباب أمام استهدافٍ سياسي مُقنّع بشعار الإصلاح.
إن اقتراح تعديل قانون الانتخاب بهذه الطريقة، وفي هذا الظرف تحديدًا، لا يمكن أن يُفهم بمعزل عن المناخ الدولي الذي يسعى لتجفيف بيئة المقاومة بكل الوسائل: مرّة بالعقوبات، مرّة بالتحريض، ومرّة عبر بوابة "الحقوق الدستورية"، ليتحول الصندوق الانتخابي إلى أداة تحديد مواقع جمهور المقاومة في الخارج بدل أن يكون وسيلة تعبير حرة.
هذا القانون لا يمكن رؤيته إلا بصورة استهدافٍ ناعم، لا إصلاحٍ انتخابي. وهو، بصيغته المستعجلة، لا يحمي الدستور بل يتجاوز روحه، ولا يوسّع الديمقراطية بل يوسّع رقعة الانكشاف السياسي والأمني على اللبنانيين الذين يؤمنون بخيار المقاومة.
هنا لا نتحدث عن اشتباه سياسي عابر، بل عن هدفٍ محظور ومكشوف: محاولة استخدام أدوات القانون اللبناني لخدمة مشروع خارجي واضح المعالم، يبدأ بـشعار "تنظيم المشاركة" وينتهي بـتصنيف جمهور المقاومة وتطويقه وإضعاف حضوره في التمثيل النيابي.
وعليه، يصبح السؤال أبعد من مجرد "من يصوّت؟"
السؤال الحقيقي:
لمن تعمل هذه الصيغة من القانون؟ ولأي مشروع تُفتح الأبواب في هذا التوقيت؟
الدولة التي تحترم نفسها لا تشرّع تحت الضغط، ولا تُعيد صياغة التمثيل عبر الخوف، ولا تفتح أبوابها لأجندات الآخرين بحجة "تطوير النظام".
من حق اللبناني أن يصوّت، لكن من حقّه أيضًا أن يصوّت حرًّا، آمنًا، بلا تصنيف ولا ملاحقة ولا خوف. وكل ما عدا ذلك ليس ديمقراطية — بل محاولة ناعمة لإعادة هندسة الإرادة الشعبية تحت سقف الخارج.
مي حسين عبدالله
الخيام | khiyam.com
تعليقات: