القضاة والمحامون مواقف وطرائف

نحنا أحق من التراب

يقول الاستاذ اوغست باخوس ان بعض الزجل والشعر العامي يضاهيان في معناهما شعر أكبر ‏الشعراء. وفي هذا المجال يقول أن أحدهم كتب له على ورقة بيتين من الشعر قالهما علي الحاج ‏عن فتاة «نرفزت» لأنه حاول ملاطفتها فقال لها:‏

وبتنرفزي؟، شو حاكلك

وبتعرفي الدنيا سراب

بكرا التراب بياكلك،

ونحنا أحق من التراب.‏

ويضيف نائب المتن المحامي أوغست باخوس ان من ينظم وقته يستطيع القيام بعدة أعمال ‏واتمامها من دون تعب. وأن الصحة هي أهم شيء في هذه الحياة التي خلقها الله وخلق معها ما ‏يسمى بمبدأ الـ ‏compensation‏ فهناك أغنياء وفقراء بعضهم فرحون وبعضهم تعساء، بعضهم ‏بصحة جيدة وبعضهم مرضى.‏

‏***‏

الغني والصحة

ويخبر النائب باخوس انه قديما كان يذهب مع مجموعة من اصدقائه ومنهم الخوري يوسف عون ‏والقاضي السابق المحامي جورج ساروفيم الى بلدة جب جنين لتمضية إجازة فيها. وأنه كان ‏يستفيق باكرا ليمارس رياضة الركض. وأنه التقى مرة بمعاز قال له: «أنا سلطان زماني، ‏لماذا؟ انام ساعة أشاء وآكل ساعة أشاء».‏

ويضيف الاستاذ باخوس انه يوم كان رئيسا لبلدية الجديدة - البوشرية - السد. كان يقوم ‏بجولات في شوارع البلدة عندما ناداه مرة احد اغنى اغنياء الشرق وكان يقف على البلكون. ‏وعندما صعد الاستاذ باخوس ووقف معه على البلكون أومأ الى مجموعة من الشبان الذين ‏يعملون في معمل العسيلي وهم يجلسون على الأرض ويأكلون البندورة والمجدرة... في حين ان هذا ‏الرجل الغني كان ممنوعا عليه الا أكل اللبن «والقرشلة» لأن صحته تعبانة.‏

ويضيف الاستاذ باخوس بأن هذا الرجل الثري قال له:‏

‏- ليت هناك من يأخذ كل ثروتي ويجعلني آكل لمدة اسبوعين مثلهم.‏

‏***‏

قضاة برلين

في مقابلة صحفية مع مجلة العالم والحكماء، يقول القاضي السابق المحامي منيف حمدان ما يأتي:‏

كلنا يعلم عندما تريد دولة من الدول ان تفتخر بقضائها، تقول عندنا قضاة أشجع من ‏قضاة برلين. ان هذه الحكمة عن شجاعة قضاة برلين لها دور في تاريخ القضاء الالماني، وهذا ‏الدور يعود الى قديم من الزمان، الى اكثر من 300 سنة، عندما كان ملك بروسيا (المانيا) ‏فرديريك الثاني، الكبير، والأوحد، مالكا سعيدا في بلاده، وقد أراد أن يشيّد قصرا على تلة ‏كاشفة، كلّف احد المهندسين في مدينة بوبسدا ان يهيّئ له الخرائط، التي تليق بهذا القصر الذي ‏اراده ان يكون فريداً، وأطلق عليه إسما فرنسيا لأن مربيته كانت فرنسية، أطلق عليه اسم ‏قصر «راحة البال» فاهتم المهندس بالأمر، ووجد أن مُزارعا فرنسيا عاديا، يملك مطحنة ضمن ‏حرم الجنائن العائدة لهذا القصر، المزمع تشييده، فأشار المهندس على الملك بوجوب إزالة ‏المطحنة.‏

إستدعى الملك صاحب المطحنة، وعرض عليه مبالغ كبيرة، اكثر من الثمن الذي تستحقه أرضه ‏والمطحنة، فرفض، لأنها إرث عن أهله، وعندما أُسقط في يد الملك، قال له «تذكّر أنني الملك، ‏وأنني أقوى منك!» فقال صاحب المطحنة «وتذكر يا جلالة الملك، أنني صاحب حق، والحق أقوى من ‏القوة!» سأله الملك حينها «وكيف ذلك؟» أجاب المزارع بحزم «أشكوك للقضاة في برلين! ألا ‏تعرف أنه ما زال في برلين قضاة؟» فغشي على الملك العظيم عند ذكر «قضاة برلين»!! وأشاع ‏الرهبة في نفسه، وأُسقط في يده، فتراجع للحال عن طلبه».‏

قاعدة تطور القوانين

يقول الأستاذ احمد سويد ان عمر بن الخطاب هو أول من وضع قاعدة «تطور القوانين» وفقا ‏للظروف يوم قال كلمته المشهورة «تتغير الأحكام بتغيّر الأزمان». وانه قال هذه العبارة ‏عندما جاؤوه باعرابي متهم بسرقة وأشار الصحابة بتطبيق الحد الشرعي اي قطع يد السارق. ‏وعندما سأله عمر عن سبب السرقة قال ان اولاده كانوا يتضورون جوعا وأحس بأن الجوع سوف ‏يقضي عليهم. وبما ان الصحابة كانوا متمسكين بتطبيق النص حرفيا، القى عمر بصره المديد ‏على خلفيات القضية وقال لخازن بيت المال: أجروا على هذا الاعرابي ما يكفيه ويكفي ‏عائلته. والتفت الى الصحابة وقال لهم: تتغير الأحكام بتغيّر الأزمان».‏

ويضيف الأستاذ سويد ان عمر كان عادلا في حكمه حتى درجة القسوة وان قصته مع إبن الأكرمين ‏هي ذروة في العدالة ومثلا اعلى في تطبيق مبدأ المساواة الذي تفرضه تلك العدالة.‏

‏***‏

المحامي الرئيس رشيد كرامي

في كتابه: رؤساء حكومات لبنان كما عرفتهم، يروي السيد حكمة ابو زيد عن الرئيس رشيد ‏كرامي ما يأتي:‏

كانت له طريقته الخاصة في الإجابة على أسئلة الصحافيين تتلخص بأن يقول ما يريد أن يقول ‏أأرضى الجواب السائل أم لا. وعندما كنت أنقل اليه عدم رضى بعضهم كان يقول:‏

‏«إنهم يسألون ما يشاؤون وأنا أجيب بما أشاء. وهيك منطلع صلح».‏

المماطلة

كان المحامي سامي ابو جودة يحضر جلسة أمام قاضي الامور المستعجلة في المتن الرئيس السيد محمد ‏وسام المرتضى بصفة وكيل عن المدعى عليه، عندما قال وكيل المدعي بأن الاستاذ ابو جودة ‏يماطل في الدعوى. فاستغرب المحامي ابو جودة هذا الكلام قائلا «انه لم يستمهل ولو مرة واحدة ‏او يطلب ارجاء الجلسة، في حين ان وكيل المدعي هو الذي يطلب التأجيل. وان هذا الامر يشبه ‏ما كان يحصل معه عندما كان لا يزال صغيرا، اذ كان يرسله والده لجلب غرض من الدكان الا ان ‏الاستاذ سامي كان يلتقي على الطريق احدى الفتيات الجميلات ويفتح معها حديثا مطولا، ‏ووالده كان يطل من على الشرفة ليسأله اين اصبح، فيركض محاولاً ايهامه بأنه لم يتوقف قط ‏على الطريق.

تعليقات: