الطائفة بأحلى ما عندها

رهف لدي تسلّمها تاج الجمال من اندراوس (ا ف ب)
رهف لدي تسلّمها تاج الجمال من اندراوس (ا ف ب)


سواء كانت اللجنة المنظمة لانتخابات ملكة جمال لبنان قد توصلت الى اختيارها الاخير مساء الجمعة الماضي بتتويج الفتاة الشيعية الآتية من بلدة الخيام، رهف العبد الله على عرش هذا العام، بالصدفة أو بالحكمة، فإن الطائفة تجلت في واحدة من أحلى صورها وأبهاها، وردت بالدليل القاطع على كل ما يوجه إليها من اتهامات بأنها أسيرة التشدد والتطرف، ورهينة التفجع والحداد والسواد الذي يغطيها من أعلى الرأس حتى أسفل القدمين.

لا يمكن الجزم في ما اذا كانت اللجنة قد راجعت، قبيل البدء بمداولاتها الصعبة لانتقاء الأجمل من بين أكثر من 16 فتاة لبنانية فائقة الحسن والجمال، ذلك التقرير الاسرائيلي المدوي الذي أذيع مساء الاربعاء الماضي عن خرق حزب الله قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، والذي تضمن صوراً جوية ثلاثية الأبعاد لمخازن صواريخ وأسلحة موجودة في عدد من منازل بلدة الخيام بالذات، في خطوة وصفت بأنها أخطر تهديد توجهه إسرائيل الى لبنان وأسوأ تصعيد ضد سكان جنوبه الذين لا يملكون الكثير من أدوات نفي تلك الاكاذيب والافتراءات الاسرائيلية المكشوفة التي تهدف الى تحضير الأجواء للحرب المقبلة وتوفير الذريعة لاستهداف المدنيين الجنوبيين تحديدا.

كانت فرصة لدحض تلك الادعاءات وتوفير مظلة على الاقل لبلدة الخيام الحدودية، التي دفعت ثمناً باهظاً خلال الحرب الإسرائيلية الاخيرة في العام 2006، والتي بات يمكن سفيرتها الجديدة في عالم الجمال أن تدافع عنها وتنتصر لها في جميع المحافل المحلية والدولية التي ستبلغها، وهي في معظمها تظن أن الخيام وجميع بلدات الجنوب وقراه وجميع أماكن انتشار الشيعة في لبنان والعالم ليست سوى مصانع لإنتاج الانتحاريين ذوي الصرخات والقبضات المرفوعة في السماء، والانتحاريات المتشحات بالسواد اللواتي يحملن البنادق وينتظرن الفتوى أو الإذن بالتوجه الى جبهات القتال.

كسرت الملكة رهف العبد الله تلك الصورة النمطية عن الشيعة، التي كادت تخدع الشيعة أنفسهم وتجعلهم يظنون أن أحزابهم وتياراتهم الإسلامية المتشددة، تختزلهم جميعا وتحتكر تمثيلهم، وتستوعب ما يقارب ثلاثة أرباع الطائفة في الوطن وفي المهجر .. مع أن هذه النسبة غير دقيقة أبدا، حتى في ايران نفسها أو في العراق، فكيف بلبنان الذي سبق أن أنتج على مدى العقود الماضية أجيالا شيعية واسعة أقل ما يقال فيها إنها لادينية، وهي أجيال لم تنته ولن تنتهي أبدا، بل هي تكتسب زخما إضافيا جراء ذلك التطرف الديني والسياسي الذي تعبر عنه القيادة الحالية للطائفة، التي لا بد أنها تشعر بالحرج لمشاركة فتاة شيعية وفوزها في مسابقة يعتبر رجال الدين أنها «امتهان لكرامة المرأة ومس بشخصيتها وإساءة لدورها الانساني الخلاق».. وهو شعور يفوق الإرباك الذي ساد ذلك الوسط الديني عندما فازت رسولة الجمال الشيعي ريما فقيه قبل أسابيع بعرش الشيطان الاكبر!

الطائفة تقدم أجمل ما عندها، وهي تتحدى بفتياتها الجميلات بقية الطوائف والمذاهب، وبقية الشعوب والأمم التي كانت ولا تزال تشعر بالخوف من الشيعة، أو ربما بالخوف عليهم.

تعليقات: