المنجّد الوحيد في راشيا وحاصبيا

 الظاظا في ورشته
الظاظا في ورشته


راشيا الوادي ــ

لم يبق من مهنة التنجيد في منطقتي راشيا الوادي وحاصبيا سوى سعيد الظاظا. اندثرت المهنة وبقي هو مفاخراً بأنّه «أقدم منجّد» في المنطقة. أمضى الظاظا أكثر من 5 عقود في «كاره»، ومع ذلك تراه يعمل بنشاط، ويسابق الوقت داخل مشغله المتواضع في بلدة الرفيد، المحاذية لطريق عام راشيا الوادي ـــــ المصنع. وعندما تسأله عن مهنته، يكتفي بكلمة واحدة «أحبّها». فبالرغم من جهله بتاريخ هذه المهنة التي انتقلت إليه بالوراثة عن والده، فإنّه عشقها وتعلّق بها لأنّها «تعتمد على الحرفة والفن والذوق». ويقول الظاظا: «ظروف المهنة اليوم غير ما كانت في الماضي. كان المنجّد يحمل عدّته المتواضعة وهي عبارة عن قوس ومدقة ولوازم خياطة، متنقّلاً بها من منزل إلى آخر بناءً على الطلب». أمّا اليوم، وبعد انحسار هذه المهنة وتراجعها، «فقد اقتصر العمل بها داخل الدكان، وهيهات يجي زبون، فيما الطلبات الخارجيّة باتت قليلة، وتقتصر على بعض الزبائن الذين يفضلّون التنجيد داخل المنازل لتأتي المقاسات مطابقة للمواصفات المطلوبة». لكن إرضاء هؤلاء «مشكلة، وخصوصاً في فصل الشتاء، عندما تصبح عملية الانتقال من مكانٍ إلى آخر عبئاً ثقيلاً ومكلفاً».

هذا التراجع في مهنة المنجّد لم يؤثّر كثيراً في أحوال الظاظا، إذ يستطيع تأمين لقمة عيشه بطريقة جيّدة، «فالعائلات هنا تتمتع بذوق رفيع، وتحرص على تنجيد لوازمها عندي، ولو كانت تستطيع فعلها بنفسها». لكن، ثمّة ما يخيف الظاظا: التطوّر التكنولوجي. فقد انتشرت الماكينات الأوتوماتيكيّة للتنجيد، وقد يكون من نتائج ذلك «الغزو»: «انقراض المهنة، بعدما أصبحت الماكينات قادرة على تصميم الفراش والملاحف والوسائد»، كما يقول. يضيف: «العروس التي تتزوج باتت تفضّل شراء لوازم المنزل الجاهزة أو تقسيطها بسبب عدم قدرتها على الدفع الفوري للمنجّد».

هكذا، تصبح مهنة التنجيد في لبنان مثل الحرف اليدوية القديمة الأخرى المهدّدة بالانقراض. لكن، مع ذلك، يؤمن المعلّم سعيد بعودة هذه المهنة إلى أيام عزها.. بدليل أنّ «الناس سيعرفون مع الوقت أنّ فرشة الصوف أفضل من غيرها وصحية ولا تستطيع الماكينات الحديثة أن تصمّم مثلها».

تعليقات: