«الكلمنتين».. قصته طويلة تبدأ من اسمه


من قرية قرب وهران في الجزائر إلى العالم ..

قلة من الناس تعرف بأن هذا النوع من الفواكه مصدره الجزائر. ربما، لأنه لم يخطر ببال أحد، بأن الجزائر كانت من البلاد التي تنمو فيها أشجار الحمضيات البرية في شكلها الأصلي قبل أن تخضع لعمليات التهجين والنقل، والخضوع لعمليات علمية دقيقة لموائمة زراعتها في بلاد أخرى، بعيدا عن موطنها الأصلي. لكن القصة صحيحة، وتؤكدها مجموعة من المصادر العلمية مثل المعهد العلمي الزراعي في جزيرة كورسيكا الفرنسية ( INRA ) وكذلك الاجتماع الأكاديمي والعلمي الذي تم في الجزائر في 13 ديسمبر 1909 والذي تم فيه وضع اسم لهذه الشجرة المكتشفة قبل ذلك التاريخ بقليل. لكن لماذا أعطيت هذه الشجرة اسمها وما القصة التي تقف خلف التسمية ولماذا لم يعد الجزائر من البلدان المنتجة لهذه الفاكهة ؟!. ومع ذلك فإن للجزائر أن تفتخر بذلك.

تفيد القصة بأن الأب كليمنت Père Clément واسمه الأصلي فنسنت رودير 1829 – 1904 كان مسؤولاً عن دار الأيتام للثقافة في Misserghin بالقرب من مدينة وهران الجزائرية الشهيرة. وفي أثناء تجوله في الأراضي القريبة من الدار في أحد الأيام في صيف العام 1892 عثر على شجرة أوراقها خضراء داكنة تحمل ثماراً تشبه ثمار المندرين، فما كان منه إلا أن أخذ ثمرة ليأكلها ويتلذذ ويروي عطشه في ذلك الصيف، لكنه حين بدأ بالتهامها اكتشف أنها على عكس المندرين فهي خالية البذور، كما أن طعمها أكثر حلاوة وقشرتها أسمك بقليل وأقسى من قشر المندرين. تناول منها أكثر من ثمرة، ثم قطف بعض الثمار ليعطيها للأيتام كتحلية بعد وجبة العشاء. وبعد عدة أيام ذهب وقطع منها عدة أغصان وزرعها في الفناء الخلفي للدار.

لم تكن هذه الشجرة هي الوحيدة في تلك المنطقة، وها هو الأب كليمنت يخبر الجمعية الزراعية الجزائرية عن الشجرة التي تحمل ثماراً لم يشاهدها أحد من قبل ولا يعرف أحد بها في العالم. اتخذت الإجراءات القانونية على الفور بتعيين شخص يسمى (اليوسفي) حارسا على المنطقة التي تحتوي على هذه الأشجار. الأمر الذي سيربط بين اسم هذا الحارس واسم الثمرة لاحقاً، مثلما سترتبط أيضاً باسم الأب كليمنت بالمعنى الغربي. كان أول وصف علمي للكلمنتين la Clementine عام 1902 في نشرة محلية، حيث أخذت اسم كلمنتين نسبة الى مكتشفها وزارعها الأول بعد الاكتشاف الأب كليمنت، ليعاد عام 1926 نشرها في دورية متخصصة بأعمال البستنة كانت توزع في الجزائر والمغرب وتونس وفرنسا وطبعاً باللغة الفرنسية في ذلك الوقت. لكن تجدر الملاحظة أنهم حتى بعد تسمية المنتج بقي التعريف العلمي لها بأنها ( الماندرين الخالية من البذور ). إلى أن تم بعد ذلك اكتشاف عدة أشجار في مناطق أخرى من الجزائر، كما اكتشفت محاولات في إسبانيا لاستنساخ ثمرة حمضية تجمع بين البرتقال الحلو والماندرين. لكن السبق بالطبع كان للأب الذي اكتشف النبتة البرية الأولى بالقرب من وهران. وهي المدينة الأشهر في الجزائر بعد العاصمة، من خلال الكثير من الأحداث التي حصلت فيها وكذلك في وقتنا من خلال العديد من أغاني الراي التي تمجد المدينة في واقعها المختلط بين القوميات. إذ يسكن فيها العرب والبربر في انسجام تام، وقد اشتهر مغني الراب الجزائري شاب خالد بأغنيته عنها والتي تحمل اسم وهران. بعد هذه القصة ولأكثر من أربعين عاماً، قام عدد من الباحثين في معهد الموارد الطبيعية في أفريقيا الموجود في جزيرة كورسيكا الفرنسية، باختبارات مكثفة لإنتاج نوعية أفضل من ثمار الكلمنتين الخالية من الأمراض المعروفة التي تصاب بها الشجرة وتكييفها مع أجواء الجزيرة، وبالفعل فإن كورسيكا اليوم، إضافة الى إسبانيا تعتبر من أكبر المنتجين في العالم لهذه الثمرة السحرية التي يمكن أكلها من دون التفكير بماذا نفعل بالبذور. لكن، أيضاً، فإن أول من زرعها في كورسيكا كان فيليب دون على الساحل الشرقي للجزيرة. ما جعل معهد البحوث المذكور يهتم بأمرها ويقوم بإجراء أبحاث مكثقفة لإنتاج هذه الثمرة التي لاقت قبولا سريعاً وكثيراً على المستوى التجاري. جانب آخر من قصة هذه الشجرة لا نعرف عنه شيئاً. إذ من المعروف أن هذه النبتة معروفة جداً في لبنان وفلسطين وهما البلدان المعروفان في الشرق الأوسط بزراعة الحمضيات بكثرة. ولا تزال بساتين مدينة صيدا لغاية اليوم مشهورة بسبب كثرتها وكثرة تنوع ثمار الحمضيات فيها بما فيها الكلمنتين والماندرين، ومن صيدا ولغاية الحدود الفلسطينية مع لبنان يندر أن لا يشاهد أي بستان حمضيات على جانبي الطريق الساحلي القديم. مثلما أن فلسطين مشهورة بنوع من البرتقال يسمى اليافاوي نسبة الى مدينة يافا على الساحل الفلسطيني. مع ذلك فإن أحداً لا يعرف من أين جاءت هذه الشجرة الى لبنان وفلسطين. ولا تذكر المصادر العلمية الفرنسية شيئا عن زراعتها في هذين البلدين. وعلى الأرجح أنها وصلت إما من خلال القوارب التي كانت تصل الى ميناء حيفا وميناء بيروت في أوائل القرن، أو أنها وصلت الى لبنان أولا من عبر الانتداب الفرنسي الذي بقي في لبنان فترة الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات. وربما بسبب غياب مراكز للأبحاث والتنمية الزراعية في ذلك الوقت، غاب عن ذهن المزارعين تسجيل وقت زراعتها. لكن يجدر بالقول بأن بساتين مدينة صيدا وجوارها تنتج، ربما، أفضل هذه الثمار وأحلاها مذاقاً، وهذه شهادة شخصية كوني عشت في لبنان وفي صيدا تحديداً فترة طويلة من طفولتي بين بساتين الحمضيات. إذ من يعرف هذه المدينة قبل عشرين عاماً فقط يعرف أن طرقاتها الرئيسية كانت تمر بين هذه البساتين. لكن مع تزايد العمران العشوائي تم قتل عشرات الآلاف من الأشجار لصالح غابات الاسمنت العشوائية، المدمرة لهوية المدينة.

* 3 وصفات تحضر من الكلمنتين: غراتان البطاطا مع القريدس ( وصفة شخصية ) ـ المكونات – لأربعة أشخاص ـ كيلو ونصف من البطاطا المخصصة للسلق ـ كيلو من القريدس crevette عادية الحجم ـ عصير حبتين من الحامض ـ عصير خمس أو ست حبات من الكلمنتين ـ ربع باقة من الكزبرة الخضراء ـ ملعقة صغيرة من بهار الكاري ـ كريمة طازجة ـ قليل من الفلفل المطحون ( بهار أسود ) ـ ملح

* طريقة التحضير:

تعصر حبات الحامض وكذلك حبات الكلمنتين في وعاء عميق، يضاف الى المزيج، الكزبرة بعد تقطيعها، يضاف الكاري والملح والقليل من الفلفل الأسود بعد تحريك المزيج يضاف القريدس الى العصير وينقع لست ساعات. تقشر حبات البطاطا وتسلق على نار خفيفة وبعد نضوجها توضع في وعاء واسع وتمدد بعد تقطيعها الى قطع كبيرة، ثم يضاف إليها القريدس والعصير، ثم تضاف الكريمة الطازجة وتوضع في الفرن على درجة 180 مئوية لثلاثين دقيقة. يقدم معها الأرز الأبيض أو من دونه.

كيكة الكلمنتين

* المكونات لثمانية أشخاص ـ 2 كلمنتين ـ 175 غرام زبدة ـ 175 غرام سكر مطحون ـ 175 غرام طحين أبيض ـ 3 بيضات ـ 3 ملاعق طعام من بودرة اللوز ـ 3 ملاحق طعام من الكريمة الطازجة ـ 5 غرامات خميرة طبيعية ـ لتحضير غلاف القالب ـ 6 ملاعق طعام من عصير الكلمنتين ـ ملعقتا طعام من السكر البودرة ـ 3 قطع سكر

* طريقة التحضير تقشر الكلمنتين وتهرس ثم تخلط مع الزبد والسكر حتى تصبح لزجة. يضاف البيض واحدة تلو الأخرى وتمزج مع الخليط ويضاف اليها الطحين والخميرة وبودرة اللوز والكريمة الطازجة. بعد ذلك يصب الخليط في وعاء خاص ويوضع في الفرن على درجة 180 مئوية لمدة ساعة. بعد خروجه من الفرن، يترك القالب حتى يبرد، ثم يوضع عصير الكلمنتين في وعاء على النار ويضاف اليه مسحوق السكر لمدة خمس دقائق ثم يدهن سطح القالب بهذا العصير حتى تتكون عليه طبقة بلورية ثم يرش السكر على القالب.

* تورتة الموز بالكلمنتين

* المكونات لثمانية أشخاص

* العجينة:

ـ 400 غرام طحين ـ 120 غرام سكر ـ 210 غرام زبد ـ بيضتان

* التزيين: ـ 1 موزة كبيرة ـ 3 حبات كلمنتين ـ 5 ملاعق طعام سكر ـ 50 غ ماء ـ القليل من زبد البندق

* طريقة التحضير للعجينة يخلط الزبد والسكر جيدا حتى يصبحا خليطا متماسكا ثم يضاف الطحين ويتم الخلط باليد حتى تصبح عجينة طرية. ثم تترك العجينة في البراد لمدة ساعة تقريبا او أكثر. بعدها تمدد في صينية خاصة بالتورتة على أن لا تتجازو في سمكها سنتيمترا واحدا. ثم تدخل الى الفرن على درجة حرارة 180 مئوية لمدة عشر دقائق حتى تأخذ اللون الذهبي.

* لتحضير الزينة تقطع الموزة الى قطع دائرية رفيعة ثم توضع في إناء مع زبد البندق. ثم تقشر الكلمنتين ويزال القشر عن اللب الأساسي. بعدها يوضع الماء والسكر على نار خفيفة ومعهما شرائح الكلمنتين المقشرة لمدة خمس دقائق أو حتى يذوب السكر مع الانتباه الى عدم تضرر شرائح الكلمنتين وخسران شكلها. يوضع اللوز أولا على سطح التورتة ثم يضاف الكلمنتين إلى العصير الذي نتج عنه.

تعليقات: