
الأستاذ فايز أبو عباس
نايا.. صعدت تتسلّق درجاتٍ وهضابَ جبال الليل إلى قمّته،
وتركت وراءها الظلام يتأرجح في الغياب،
وأمامها تتلألأ أنوار تباشير الفجر المنتظر…
قالت نايا:
“
الساعة الثانية صباحًا…
الليل يلامس أعتاب الفجر.
أبحث في داخلي عن ذكرى صباحيّات جميلة،
لعلّي أحيَا بها من جديد…
أبحث عن أضواء عابرة
في صناديق الذاكرة،
بعد أن أثقلتها أقفال المدى…
أرتشف الخيال على ألحان الصمت،
منتظرة قدوم ملكة السماء
لتقتحم ثانية ثقوب نافذتي الخشبية…
أتهيّأ لاستقبال جيوش النهار،
وأمتلئ بهدوء الكون،
لأُلقي بتحيّاتي على شمس الشتاء الهادئة…
”
قلتُ:
“
في المتأخّر من سكون الليل،
الذي يُقفل العقل ضياعًا
ويمنح الفكر إجازة
ليسرح مع النجوم،
والضوء يتسلّل بحياء،
بطيئًا بين شلالات العتمة
في رحلاتٍ ومسافاتٍ متتالية…
في هذه الحالات
تتزاحم أطياف الخيالات،
وتتداخل مع الأمنيات والتمنّيات…
ونحن في غياهب اليمّ
نصارع ونحذف
بحثًا عن خلاصٍ من أعباءٍ شديدة،
وغوصًا بحثًا عن لآلئ ومرجان،
نفتتح من خلالها عهدًا جديدًا…
فتطرق الذاكرة،
وتتوارَد متتابعة
نغمات أصوات كمان،
ورنين أجراس،
وقرع طبول
تضطرب لها مفاصل الماضي من الأيام،
مما يسمح بانسيابها في الذاكرة المشوَّشة
بتوالي الأحداث…
لكن سرعان ما تعود إلى السكينة،
تفتّش في أطراف المدى الممتد
بين الحاضر والمستقبل
عن زاويةٍ تأوي إليها،
لتستريح من ضغط هبوب الرياح
المسترسلة في مسارها…
ولا تصحو،
أو لا تحب أن تصحو،
لتبقى تعيش لحظاتٍ اختارتها
راحةً من تعب الحياة وشقاء الأيام…
حتى إذا داهمتها أنوار الفجر،
تستيقظ على الحقيقة
التي هي نحن وهم
والواقع المعاش المفروض علينا؛
حيث لا مفرّ من هذا الأسر الاجتماعي
المتسلّح بكرابيج التأديب
لمن يعصي أو يخرج عن النظام المفروض،
ولمن يحاول التمرّد
والثورة على التقاليد المفروضة…
فيخضع مرغَمًا
لاستبداد قوانينه وأنظمته وقيمه،
فيسلّم أمره لصاحب الأمر،
ويلقي التحيّة على أنوار يومٍ جديد،
الأمل في تربته مزروع وموعود،
علّه يزهر فيثمر خيرًا،
منتظرًا ساعة خلاص…
لنلتقي مع الحرية
على أبواب حبيبة منتظرة
بشوق لقاء…
”
الأستاذ فايز أبو عباس

الأستاذ فايز أبو عباس في دردشة ثقافية عام 2010 أمام مقر منتدى المرج ومكتب خيام دوت كوم
الخيام | khiyam.com
تعليقات: