المانغو.. فاكهة الملوك والأمراء


لندن:

المانغو من الفواكه الاستوائية اللذيذة والطيبة والمعروفة في انحاء المعمورة، وفي مصر والسودان والعالم العربي تحديدا، حيث تنتشر زراعته على نطاق واسع ويتم انتاج الكثير، الكثير من الانواع المحلية والأجنبية. وتعود فاكهة المانغو الى فصيلة الـ«مانغيفيرا» (Mangifera) التي تشمل الكثير من انواع الفاكهة المنتمية الى ما يعرف بعائلة الـ (Anacardiaceae) المزهرة. وللمانغو استخدامات عدة مثل العصير والطبخ والتلوين والعطور. وفيما تقول بعض الوثائق إن اصل الاسم من الكلمة التاميلية «مانغكاي» (mangkay) او «مان-غاي» (man-gay)، وقد تبنى التجار البرتغاليون الذين استقروا في غرب الهند الاسم واستخدموه كـ«مانغا» (manga) ومن هناك اصبح مانغو لاحقا. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الصدد، ان اصل الاسم يعود الى كلمة «منغاي» (mangai ) التاميلية قبل انتقاله الى البرتغالية في بداية القرن السادس عشر. بأية حال فإن المانغو من اصول آسيوية بحتة، وتقول المعلومات المتوفرة، ان اصوله التاريخية تعود الى شرق الهند وبورما وجزر اندمان القريبة من خليج البنغال. وبدأت عمليات زراعته واستصلاحه واستغلاله على نطاق واسع في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد. ويؤكد المؤرخون ان الرهبان البوذيين هم الذين ادخلوه الى ماليزيا وشرق القارة الآسيوية وساهموا في انتشاره وكثرة انواعه. ولطالما احبه البوذيون واهتموا بزراعته ورعايته، واستغلوا بساتينه للراحة والتأمل والصلاة. وكالكثير من انواع الفاكهة والخضر المعروفة والمشهورة حول العالم اخذ اهل ايران المانغو من الهند ونشروه في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، وخصوصا شمالها. وساهم البرتغاليون ايام وجودهم في آسيا، بجلبه الى البلدان الاوروبية وبعدها الى دول اميركا اللاتينية ومنها البرازيل والوست انديز وما يعرف بجول البحر الكاريبي. وقد بدأت الولايات المتحدة الاميركية باستغلاله على نطاق واسع في ولايتي كاليفورنيا وفلوريدا بين عامي 1830 و1860. وهو من انواع الفاكهة القليلة التي تنتشر بكثرة في شمال وجنوب ووسط القارة الاميركية. وذكر ابن بطوطة انه رأى الفاكهة الطيبة في مقديشو بالصومال في القرن الرابع عشر، خلال ترحاله واسفاره. أنواع المانغو: ومن انواع المانغو التي تصل الى اكثر من الف نوع، حسب الموسوعة الحرة: ألفونسو وقد سميت تبعا لألفونسو دي ألبوكيرك القائد البرتغالي الذي أخضع الهند للاستعمار البرتغالي والعويسي والسكري وبز العنزة وتيمور وتومي اتكنز وسنسيشن وجلن وجيلور وجولي وكيت وكنت وشوسا وجولك و زل و بالمر وفندايكي وهندي بسنارة وزبدة وكبانية وباري ورقبة الوزة. ويعتبر الفونسو والكيسار افخر الانواع في الهند وقد تم نقل انواع الفونسو من منطقة مهاراشترا (Maharashtra) الى المناطق الهندية الاخرى، خصوصا اندرا براديش في الجنوب وغوجارات في الغرب وبيهار في الشمال. ويزرع المانغو في الشمال لتخليله مع البهارات او الفلفل الحار. اما في باكستان فإن السند اهم المناطق التي تزرعه ويعرف بأنه من اطول انواع المانغو في العالم. ويعتبر نوعا سنديري (Sindhri) و كويسا (Chausa) من اشهر الانواع في البلاد. وفضلا عن مصر من الدول العربية، يعتبر المانغو من الفاكهة الشعبية جدا في اميركا اللاتينية، خصوصا المكسيك، حيث يستخدمه السكان في كل شيء ويأكل مع الفلفل الحار. وفي اندونيسيا يباع الاخضر منه في الشوارع مع قليل من السكر او الملح او الفلفل الحار. كما يرغبه اهل سنغافورة وماليزيا ويستخدمونه في الكثير من الاطباق. كما يعتبر نوع تومي اتكنز، من اكثر الانواع انتشارا في الاسواق الاوروبية والبريطانية بشكل خاص. وقد بدأت عمليات تحصيله واستغلاله على نطاق واسع في ولاية فلوريدا عام 1940. ورغم ان البحاثة في الولاية رفضوا نوعه في البداية فإن 80 في المائة من المانغو في بريطانيا من نوع اتكنز المضاد للامراض والجميل من ناحية اللون. ويتم في ولاية فلوريدا حاليا زراعة الكثير من الانواع الصغيرة والقصيرة التي لا يتعدى طولها المترين. بشكل عام، يتم تقطيع المانغو في الهند الى قطع وشرائح قبل بيعها وتعرف بـ«هالفا» (halva) و«امافات» (amavat) في الهندوسية. ويتم ايضا انتاج عصيرها الذي يطلقث عليه اسم «راس» (Ras). وتعتمد كثافة العصير على نوع المانغو المستخدم. ويتم اكل المانغو مع الخبز كجزء من الوجبة الاساسية وليس كنوع من انواع الفاكهة الجانبية. ولذا يستخدم الاخضر منه بشكل عام وهو مز الطعم، مع الملح. وتستخدم المانغو في ولاية كارالا على انها نوع من انواع الخضر وتطبخ مع طبق الـ«ممباجا» المشهور وهو من انواع الكاري الحارة التي تعتمد على المانغو وتطبخ مع البصل والثوم وغيره من المطيبات. ويستخدم المانغو ايضا في الكثير من انواع المآكل الخاصة بالفطور، وانتاج البوظة والحلويات والسكاكر على انواعها. وفي تايلاند يتم تقديم الارز معطرا بجوز الهند والمانغو كحلوى يتم تناولها بعد الطعام. وفي بعض الدول الآسيوية الجنوية الشرقية يتم تخليل المانغو مع صلصة السمك وتناوله مع الارز المنقوع بالخل.

* هل كنت تعلم؟

* يعرف المانغو بانه «ملك الفاكهة» في الكثير من دول العالم، وتلعب شجرة المانغو دورا كبيرا في الطقوس الدينية لبعض الطوائف والاديان في الهند خصوصا الديانة الهندوسية وتقاليدها منذ قديم الزمان، ولطالما اعتبرت الشجرة رمزا للحب ولطالما آمن الكثير من الناس بأنها تلبي الاماني. وخلال الاحتفالات بعيد رأس السنة المعروف بالـ«بونغول» يعتبر ترك اوراق المانغو الصفراء عند الباب او المدخل يجلب الحظ والأمان. كما ارتبطت اوراق المانغو الصفراء بالاحتفالات والاعراس ويعتبر نثره خلال الاعراس يزيد الحظ بولادة طفل ذكر. وبالإضافة الى ذلك يستخدم البعض عيدانه في الهند كمسواك لتنظيف الاسنان رغم المواد الملوثة التي يحتوي عليها. ودرج الملوك والمهراجا والامراء في جنوب شرق آسيا قديما وتاريخيا على العناية بفاكهة المانغو الطيبة واللذيذة، وفرز البساتين الخاص لتربيتها واستحصالها، إذ كانت مصدر فخر ورمزا للطبقات الميسورة والعليا، لذا درجوا ايضا على ارسالها وارسال انواعها المختلفة كهدايا نفيسة خاصة للسفراء والملوك وغيرهم.

وفيما يؤمن الكثير من شعراء اللغة السنسكريتية بأن المانغو يجلي ويحلي الصوت، حرمت الحكومة اطعام اوراقه للحيوانات للحصول على الصباغ الاصفر من البراز. وينصح عادة بتحاشي حريق شجر المانغو لما يسببه من مضار للرئتين والعيون.

* مساحة الاراضي المزروعة بالمانغو حسب ترتيب الدول

* تستحوذ نبتة المانغو على 50 في المائة من الفاكهة الاستوائية المنتجة حول العالم، وكانت الإحصاءات الاخيرة في عام 2001 تشير الى ان العالم كان ينتج آنذاك ما يقارب 23 مليون طن من فاكهة المانغو وعلى الارجح ان الرقم تضاعف منذ سبع سنوات. وتأتي الهند في طليعة الدول التي تزرعه وتنتجه حول العالم بما لا يقل عن 10 ملايين طن في السنة والصين بما لا يقل عن 3 ملايين طن ثم المكسيك بـ 1.5 مليون طن وتايلاند بـ1.35 مليون طن وتستحوذ عشر دول من الدول المنتجة للمانغو ومنها مصر على 80 في المائة من الإنتاج العالمي.

وتقول المعلومات المتوفرة ان العالم يزرع ما يساوي 20 مليون طن متري من المانغو، وان اكثر الدول المصدرة له حول العالم حسب احصاءات نهاية التسعينات، هي بالترتيب:

المكسيك والبرازيل وجنوب افريقيا وهايتي وغواتيمالا وفنزويلا والبيرو ونيكاراغوا وجمهورية الدومنيكان.

• الهند ----------- 1.6 مليون هكتار.

• الصين --------- 433 الف هكتار.

• تايلاند -------- 285 الف هكتار.

• اندونيسيا ------ 273 الف هكتار.

• المكسيك ------- 173 الف هكتار.

• الفلبين -------- 160 الف هكتار.

• باكستان -------- 151 الف هكتار.

• نيجيريا -------- 125 الف هكتار.

• غينيا ----------- 82 الف هكتار.

• البرازيل ------- 68 الف هكتار.

• فيتنام ---------- 53 الف هكتار.

• بنغلاديش ------ 51 الف هكتار.

* محتويات المانغو الطبيعية

* كالكثير من انواع الفاكهة تتمتع فاكهة المانغو بالكثير من الخواص والفوائد الصحية والطبية، ويقال ان هذه الفاكهة تحتوي على الكثير من الفيتامينات والمواد المضادة للاكسدة والانزيمات المهدئة للمعدة. فيما تستخدم في بعض الدول لوقف نزيف الدم وتقوية القلب والعقل. وفي الوقت الذي تساهم فيه المانغو بمحاربة فقر الدم يتم استخدامها لعلاج التقلص في العضلات والتخلص من التوتر والتشنج. ويقال ايضا ان المانغو بسبب ما تحتويه من المواد الممتازة تساعد على تقوية الذاكرة ومحاربة الامساك.

تاريخيا وتقليديا ومنذ قرون، اعتبرت شجرة المانغو كلها مفيدة: جذعها واوراقها واغصانها وقشورها، إذ يصعب تعداد الفوائد والاستخدامات الطبية للفاكهة اللزجة والحلوة. فهي مرة ضد الفيروسات ومرة ضد الحشرات ومرة ضد الالتهابات وضد الامراض الصدرية والسعال ومهمة جدا للهضم وعلى رأس كل ذلك انها منشطة للحياة الجنسية، وان المانغو (الكثير من الانواع) تحتوي على مادة سبلينوسايتس (splenocytes) في الجذع الرئيسي، وهي مادة قادرة على محاربة الاورام السرطانية في بدايات انتشارها وفي مراحلها المتأخرة.

تعليقات: