حفلات الزفاف... رهينة التطوّرات السياسية القطاع يعاني

تزايد عدد الحجوزات الملغاة وأيلول شُطب نهائياً من الأجندة

كانت فنادق لبنان ومنتجعاته وصالاته المتخصصة، تشهد مئات حفلات الزفاف سنوياً، ولا سيما أن المغتربين والمقيمين يفضّلون إقامة هذه الحفلات، وفقاً للتقاليد المحلية الصاخبة، ووسط الأهل والأقارب والأصحاب... أما اليوم، وفي ظل الأوضاع الحالية المأزومة، فإن العديد من العرسان يضطر الى إلغاء الحجوزات، والاكتفاء بمراسم زفاف عادية جداً، ما أثّر كثيراً في قطاع واسع من الشركات والمكاتب العاملة في هذا المجال

تؤلّف حفلات الزفاف في لبنان سوقاً ناشطة ومتنوعة، وهي تشمل الفنادق والمطاعم والمنتجعات والصالات والمصارف التي توفّر قروضاً للزواج ومتاجر المجوهرات ودور الأزياء المختصة بلباس العروسين، مروراً بصالونات التجميل وتصفيف الشعر ومتاجر بيع الزهور وتنسيقها، و«الباتيسري» والمطابع ومكاتب تأجير السيارات وتنظيم رحلات شهر العسل، وصولاً الى وكالات تنظيم الحفلات وفرق «الزفة» والفنانين والمصورين ومنسقي الموسيقى والانارة...

ويقدر حجم هذه السوق بأكثر من 230 مليون دولار سنوياً، ويرتبط بفروعها مئات العاملين الدائمين والموسميين، وهو ما يجعلها سوقاً مهمة في لبنان، لكنها شديدة التأثر بالعوامل السياسية والأمنية.

ويبلغ معدل الإنفاق الوسطي على حفلات الزفاف نحو 10 آلاف دولار أميركي، بحسب التقديرات المتاحة. وتبلغ نسبة الذين لجأوا الى منظمي حفلات الزفاف، وفقاً لهذه التقديرات، نحو 55 في المئة من المتزوجين في عام 2005، وهذا ما شجع على تنامي عدد وكالات تنظيم الحفلات ليبلغ حالياً نحو 35 وكالة.

يرسم العروسان عادة «خريطة طريق» نحو حفل زفافهما، تستند إلى جملة من العناصر، أبرزها: الظروف المادية والموازنة المخصصة لإقامة الحفل، وعدد المدعوين، وقدرتهم على الارتباط بالموعد المقرر... إلا أن المفارقة اليوم تكمن في أن العروسين يباشرون رسم «خريطتهم» انطلاقاً من أسئلة سياسية وأمنية محيّرة: «قبل الاستحقاق الرئاسي أم بعده؟ ما هو موعد تقديم تقرير المحقق الدولي براميرتس الى مجلس الأمن؟ هل ستتم التسوية السياسية؟ ماذا يمكن أن تفعل الجماعات الإرهابية؟ هل سيحصل تفجير أمني واسع؟ ماذا يقول وليد جنبلاط؟ ما هو موقف السيد حسن نصر الله؟

محلّلون غصباً عنهم

أصبح العروسان من أكثر الأفراد في لبنان رغبة وقدرة على استقراء الأحداث والتطورات محلياً وإقليمياً ودولياً، فلا مجال لتحديد موازنة «العرس» وموعده، ولا المخاطرة في تحديد مكانه وعدد المدعووين إليه... إلا بعد إجراء تحليل واسع يشارك فيه الأهل والأقارب.

وتقول سلمى العلي، إحدى الشابات اللبنانيات المقرر زفافها في تموز 2007، إن «الأوضاع الأمنية هي التي تقرر ما إذا كان حفل الزفاف سيتم أم لا»، وتوضح «إذا استمر الوضع الحالي فسنلجأ الى الخطة (ب)، التي تقضي بإلغاء الحفل الكبير المقرر في منطقة أنفه في شمال لبنان، والاكتفاء بمأدبة عشاء للأهل في مطعم أبو النوار القريب من المنزل».

يمتلك معظم العرسان خطة (ب)، أي خطة إلغاء كل مراسم «العرس» التي تحلم بها أي عروس وتخطط لها منذ بداية تكوّن وعيها... إلا أن سلمى تقول إنها لن تتخلى عن ارتداء «الثوب الأبيض»، ولكنها ستلغي كل التدابير الأخرى، وتسافر بعد ذلك مع عريسها الى السعودية.

ويؤكد منظّم الأعراس في وكالة UNE SOIREE A BEYROUTH إيلي رزق الله أن «عدد حفلات الزفاف تراجع بشكل ملحوظ في السنتين الأخيرتين... ففي العام الماضي نظمنا حوالى 15 حفلاً. أما حالياً فليس لدينا أي تأكيد نهائي لأي حجز على الإطلاق».

ويعتبر رزق الله أن انعدام الإقبال سببه تردد العرسان، المغتربين منهم تحديداً، في تنظيم حفل زفافهم في لبنان، في ظل الأوضاع الأمنية الحالية.

ويشير صاحب وكالة لتنظيم الأعراس الى «أن نسبة إلغاء حفلات الزفاف في العام الماضي لم تتعدَّ 10 في المئة، إلّا أن صيف 2007 يشير الى تراجع عدد الحفلات المتوقع تنظيمها بنسبة تصل إلى 50 في المئة».

الحجز مقابل استرداد المبلغ

وفي ظل التفجيرات المتنقلة من منطقة الى أخرى، تقول المسؤولة عن تنظيم حفلات الزفاف في فندق AL MIR AMIN في منطقة الشوف لارا معراوي «إن العروسين لا يقبلان بتأكيد موعد زفافهما، إلا بعد إدراج بند في العقد الموقّع مع الفندق، يخوّلهما استرداد المبلغ في حال حدوث قوة قاهرة». وأكدت أن نسبة شغور قاعات الأفراح ارتفعت 40 في المئة عن العام الماضي.

وتشير المسؤولة عن تنظيم الأعراس في فندق MARRIOTT في بيروت ليال بو حبيب الى تراجع نسبة الحجوزات للقاعات المخصصة للزفاف بنسبة تقارب 35 في المئة بالمقارنة مع العام 2006.

وأضافت «أن العروسين يترددان بشكل واضح قبل تأكيد الحجوزات، فالسبت الماضي قام أحدهم بإلغاء زفافه بسبب تدهور الأوضاع الأمنية».

التردد «طبقي»

ويرى منظم حفلات الزفاف محمد عياد أن «الحجوزات الملغاة تتركز لدى فئة أصحاب المداخيل المتدنية، أي الحفلات التي لا تتعدى موازنتها 5000 دولار أميركي. بينما تتراجع نسبة الإلغاء لدى فئات الدخل الأعلى، أي الحفلات ذات الموازنة التي تتجاوز 20000 دولار أميركي».

ويقول مدير حفلات الزفاف في قرية MECHREF COUNTRY CLUB «إن الحجوزات انخفضت عن السنة الماضية بنسبة بلغت 20 في المئة، لكن لم يصادف حتى أن أُلغي حجز لأحد المواعيد المقررة». في حين أن المدير المسؤول عن تنظيم حفلات الزفاف في 4POINTS SHERATON BHAMDOUN كمال زوين يشير الى أن «نسبة إلغاء الحجوزات بلغت 10 الى 15 في المئة، وأن معظم الإلغاءات تخص المغتربين الذين يقصدون لبنان في الصيف».

حفلات أيلول تتخوف من الاستحقاق

لم يقتصر الأمر على تردد العروسين في دفع التكاليف الباهظة في ظل الظروف الأمنية، إلا أن خوف الأصحاب والأقارب المقيمين والمغتربين من حضور الحفلات، شكل سبباً إضافياً لإلغاء حفلات الزفاف. هذا ما عبّر عنه المسؤول عن تنظيم حفلات الزفاف في فندق ACROPOLIS جونيه زياد كعدي.

وأضاف «هناك تراجع بلغ 30 في المئة عن سنة 2006. ووصلت نسبة إلغاء الحجوزات اليوم الى 10 في المئة، ومعظمها مقرر في شهر حزيران المقبل. وإن العديد من الأشخاص طالب بتأخير زفافه الى شهري تموز وآب، أما شهر أيلول فأُلغي من حسابات الفرح خوفاً من الاستحقاق الرئاسي».

تعليقات: