الصبّار مورد رزق وحيد


كوكبا ــ

إذا كان للفقر عنوان، ففي الجنوب عناوين كثيرة له تشدّك أينما كنت، من دون الانعطاف يميناً أو يساراً. في بلدة كوكبا، قضاء حاصبيا، تعيش عائلة هاشم القلعاني (53 عاماً) في منزل متواضع نخرت الرطوبة بعض جنباته ورسمت لوحات على جدرانه تظهر شدة الحاجة والفقر.

هذه العائلة اتخذت من زراعة الصبار وسيلة تعتاش منها في ظل ظروف صحية أجبرت رب الأسرة على التقاعد، فيما دفع غياب فرص العمل العائلة إلى الاعتماد على زراعات موسمية بسيطة علها تسدّ بها رمقها بعيداً عن أية مساعدات. تشرح إيلان، زوجة هاشم، ظروف حياتها وعائلتها. عندما تزوّجت هاشم، كان الأخير يعمل في مؤسسة تجارية في البلدة بأجر يومي. أنجبت ولداً وبنتاً قبل أن يتعرّض زوجها لعارض صحي منعه من العمل وأجبره على ملازمة المنزل، وبذلك فقدت العائلة مردوداً مالياً متواضعاً كان على قد الحال.

البحث عن بديل وجدته العائلة في إعادة الاهتمام بالمساحات البسيطة المغروسة بالصبار، إضافة إلى 40 شجرة زيتون، وباتت المصدر الأساسي والوحيد لمردود خجول لا يسدّ كامل الحاجات الضرورية. «نبيع السطل الواحد، سعة 70 إلى 80 كوزاً، بخمسة آلاف ليرة ويستمر الموسم نحو شهرين». في العام الفائت حصدت العائلة من هذا المنتوج مبلغ 700 ألف ليرة وتأمل موسماً أفضل هذه السنة تحسباً لفصل الشتاء، حيث تتوقف الأعمال لتعتمد العائلة على ما ادخرته من هذا الموسم!

عائلة هاشم ليست استثناءً في اعتمادها على موسم الصبار، إذ يلجأ نحو 25% من أهالي كوكبا إلى هذه الزراعة المعروفة منذ القدم، التي تشهد اليوم نقلة نوعية بعدما أصبحت محط أنظار العديد من مزارعي المنطقة، لكونها تمثّل مصدر رزق إضافياً. وتتوزع زراعة الصبار في الأماكن غير المعرضة للرياح الشمالية والدافئة نسبياً، لأنها غير قادرة على تحمل صقيع الشتاء وتزرع في قرى العرقوب السفلى مثل: راشيا الفخار والماري وحلتا وحوض الحاصباني. واللافت هذه السنة وفرة الإنتاج وجودته، حيث يقدر إنتاج الشجرة الواحدة التي تضم 500 لوح بنحو 6000 كوز من النوع الجيّد.

وفي مزرعة حلتا تنتشر هذه الزراعة بكثرة وتغطي مئات الدونمات، وخصوصاً على جوانب الطرقات الرئيسة والفرعية. ويقدّر المزارع أحمد عبد العال الإنتاج السنوي بمئات الأطنان التي تصدّر إلى سائر المدن والبلدات اللبنانية، مشيراً إلى صعوبة التعامل مع هذه الزراعة التي تحتاج إلى خبرات واستخدام أدوات معينة للقطاف وفي أوقات محددة تنعدم فيها الرياح خوفاً من تطاير الأشواك الصغيرة التي تؤذي في حال لامست أماكن حساسة في جسم الإنسان، مثل العين. وقال: «زراعة الصبّار قديمة جداً، أسعارها كانت زهيدة، لأن تسويقها كان يقتصر على الأسواق المحلية في المنطقة، واليوم تحسّن وضع هذه الزراعة ونوعية إنتاجها، وباتت تغزو كل الأسواق اللبنانية. ويباع الصندوق سعة 100 كوز بنحو عشرة آلاف ليرة في المدينة وهذا مردود إضافي لدى بعض المزارعين».

تعليقات: