تفاصيل غير منشورة عن مغامرات الأمن العام الإسرائيلي في الخارج

الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة في 2011
الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة في 2011


فلسطين-

يستعد ضباط إسرائيليون سابقون في جهاز الأمن العام "الشاباك" لنشر كتاب بعنوان "حتماً أبطال - قصص رجال الأمن"، يتناولون فيه قصصاً وروايات ساخنة عن الجبهة الأقل شهرة في القطاع الدفاعي الإسرائيلي في الخارج على حد قولهم، حراس أمن السفارات والقنصليات الإسرائيلية في العالم خاصة، كما يكشفون عن كيفية تمكن ضباط الجهاز من الالتفاف على الحظر الدولي لحمل الأسلحة على الطائرات.

في لقاء مطوّل نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في مجلتها الأسبوعية، تحدث مؤلّفا الكتاب حجاي برعام وأودي ليفار اللذان خدما عقوداً في قطاع الأمن حتى وصلا الى مناصب عليا، وصاحب الفكرة عراد جيل الذي خدم في قطاع الأمن المدني كضابط نحو ثلاثة عقود، ويشغل حالياً منصب رئيس تحرير مجلة "القلعة" المختصة بالشؤون الأمنية.

يحوي الكتاب عشرات المقابلات والمقاطع المسجلة، ويعتبر مشروعهم التاريخي الخاص الذي يوثق حوادث دراماتكية لا تُعد ولا تُحصى حدثت في الخارج.

يتناول الكتاب أبرز الحوادث العالمية في السنوات الماضية التي اضطر فيها حراس أمن السفارات الإسرائيلية الى التدخل مباشرة لإنقاذ الموقف، وحماية موظفي السفارات والأطقم الدبلوماسية، وفقاً للمؤلفين، ففي نهاية المطاف حراس السفارات الإسرائيلية هم ضباط إسرائيليون أنهوا خدمتهم العسكرية الإلزامية في وحدات النخبة، ومن أبرزها "الدوفدوفان" المستعربون، وانتقلوا بعدها الى العمل في جهاز الأمن العام "الشاباك" الذي اختارهم للعمل في السفارات في الخارج، نظراً الى خبراتهم الأمنية والعسكرية الواسعة التي اكتسبوها في الجيش.

وبحسب المؤلفين، تعتبر حادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة في أيلول (سبتمبر) عام 2011، في ما سمي "جمعة تصحيح المسار"، من أبرز الحوادث التي منعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشر تفاصيلها السرية، وتُنشر اليوم للمرة الأولى، ويؤكد المؤلفان أن وصف الهجوم على السفارة ذلك اليوم أشبه بأفلام الحركة المليئة بالتشويق والإثارة، إذ يتناول الكتاب شهادة الضابط الإسرائيلي المسؤول عن أمن السفارة الإسرائيلية في القاهرة المدعو زيلفا: "في النهاية كان باب واحد فقط يفصل بين الحشود المكوّنة من عشرات الآلاف من المصريين الغاضبين، وموظفي السفارة، لكن سرعان ما تحولت التظاهرة الغاضبة خارج السفارة الى هجوم، حيث اقتحم المتظاهرون المتحمسون المبنى، قلة من الموظفين الذين كانوا داخل المكاتب تمكنوا من تحصين أنفسهم".

ويتابع زيلفا: "الوضع داخل الغرفة المحصنة لم يكن سهلاً، تحدث معي رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو ودعمني معنوياً. كانت السلطات المصرية يومها عاجزة عن حل ما كان يحدث بل أكثر من ذلك، وبدت فرص النجاة ضئيلة".

ولفت الكتاب الى أن "الهجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة كان تتويجاً لما مر به حراس الأمن الإسرائيليون ذلك العام الذي يعتبر الأكثر دراماتيكية في تاريخ مصر، عندما دخلت البلاد في حالة من الفوضى في شباط (فبراير) عام 2011 أثناء "ثورة ميدان التحرير". كان في القاهرة يومها 150 إسرائيلياً، من بينهم 60 مبعوثاً دبلوماسياً مع عائلاتهم، وكان الخطر جلياً أثناء إخلاء العائلات، كما تم نهب بعض منازل المبعوثين الإسرائيليين، وللوصول الى المطار كان على المركبات التي تقلهم اجتياز نقاط تفتيش عديدة وسط الأجواء المشحونة بالكثير من الغضب.

وتابع زيلفا: "في ذلك الوقت لم نكن مستعدين لمواجهة حقيقة الانقلاب في السلطة، وبأن جهاز الشرطة المحلية معطل، كان علينا أن نتخذ القرارات بمفردنا ومواجهة سيناريوات لم نفكر فيها مسبقاً، كان علينا العمل وفقاً لحدسنا، أمرنا كل حراس الأمن الموجودين في كل الشقق بإغلاق الأبواب بقطع الأثاث الثقيل الموجودة هناك، تم جمع كل الأشياء الثمينة من كل منزل ووضعها في حقيبة، إذا كان هذا كل ما يريده اللصوص أعطوهم ما في الحقيبة، سيأخذونه ويذهبون، أما إذا اقتحموا المكان للقتل... فقاتلوا".

وذكر المؤلفون أنه في الأسابيع التي تلت "ثورة يناير"، اشتدت حدة التظاهرات، وفي حادثتين أطلق عليهما جهاز الأمن العام الاسم الرمزي "سبايدرمان 1-2"، تمكن أحد المتظاهرين من الصعود الى مقدمة المبنى الذي فيه السفارة، بعدما تعلق بأحد الكابلات الموجودة، ووصل الى الطابق 19 ومن هناك الى السطح... وأزال العلم الإسرائيلي ولوّح بالعلم المصري ووضعه مكانه، وسط هتافات المتظاهرين المصريين وصراخهم.

وخلص المؤلفون الى أن الجرأة المتزايدة من المتظاهرين، الى جانب عجز الشرطة المصرية، أدت الى نقاش آخر داخل أروقة السفارة تقرر في نهايته الإبقاء على الوضع كما هو عليه، لأن إسرائيل لم تكن تريد أن تكون الدولة الأولى التي تخلي سفارتها في القاهرة. يوم 9 أيلول عام 2011، وردت أنباء عن تنظيم تظاهرة ضخمة ضد إسرائيل في 8:30 صباحاً وصل أول المتظاهرين، رجل ملتح يرتدي جلابية ويحمل مطرقة في يده، شاهده الحراس الذين كانوا في السفارة في ذلك الوقت من الطابق 19، وتمازحوا في ما بينهم "وعدوا بمليون متظاهر... جاء واحد، لكنه غادر بعد فترة وجيزة"، لكن بعد ذلك بدأت الآلاف بالتدفق الى محيط السفارة، يقول زيلفا: "ليس هناك أي تدريب أو أي مدرسة عسكرية يمكنها إعدادنا لما كان على وشك الحدوث، وتركزت الاستعدادات، من بين أمور أخرى، على تجنب استخدام الذخيرة الحية قدر الإمكان، فهي يمكن أن تؤدي فقط الى إشعال حريق أكبر، اندلعت حرب استنزاف بينما ألقى المتظاهرون المزيد من قنابل المولوتوف، وحاول رجال الأمن الإسرائيليون منعهم باستخدام طفايات الحرائق، وإلقاء السلالم التي تعلقوا بها، على ما يبدو فهم المتظاهرون خوف الإسرائيليين من إطلاق النار".

ويستذكر زيلفا: "صوّبت مسدساً على أحد المتظاهرين من مسافة قصيرة وأطلقت رصاصة كادت تصيب رأسه، ضحك في وجهي، لم أعد أفهم ما إذا كان الشخص الذي يقف أمامي غبياً أو شجاعاً... كان الوضع هستيرياً". في نهاية المطاف اقتحم المتظاهرون السفارة، كان التقدير الفوري لعدد قليل من الإسرائيليين أن القصة قد انتهت هنا، وحده هذا الباب ينقذنا من الإعدام، حتى تدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما وطلب من المشير طنطاوي إرسال القوات الخاصة المصرية لإنقاذهم"، وختم زيلفا: "باب واحد إما أن تكون أو لا تكون".

تعليقات: