عين الحلوة في سباق مع الزمن: حتى لا يتحول إلى بارد 2

الشارع التحتاني في عين الحلوة أمس (محمد صالح)
الشارع التحتاني في عين الحلوة أمس (محمد صالح)


الغموض يكتنف حادث إطلاق النار على الجيش عند المدخل الغربي..

لا يمضي يوم على عين الحلوة أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينية في لبنان إلا ويعيش تحت وطأة توتر امني لا قبله ولا بعده، وكأنه كتب على هذا المخيم وأهله الحياة تحت هواجس الاضطرابات اليومية التي تتنقل من شمالي المخيم الى غربه او جنوبه، وكأنه بات مقصودا إضاعة البوصلة باتجاه فلسطين كقضية مركزية لشعب يرفض التوطين ويطالب بحق العودة وتحويله الى قضية ارهاب وإرهابيين وبؤرة أمنية تنبغي معالجتها.

ثمة خشية في مخيم عين الحلوة من أن يكون قد جاء الآن دور المخيم بعد مخيم نهر البارد، وأن يتم فتح ملف اللاجئين الفلسطينيين من الباب الأمني في لبنان من اجل الإقرار بمبدأ التوطين تمهيدا لشطب حق العودة نهائيا.

وتعرب مصادر فلسطينية عن خوفها من تؤدي التوترات المتنقلة الى وضع مخيم عين الحلوة تحت مجهر الأمن اللبناني، وذلك انطلاقا من تجربة مخيم نهر البارد، لأنه ما كادت قضية الانتحاري الذي حاول تفجير نفسه بالحزام الناسف على نقطة حاجز الجيش عند المدخل التحتاني الشمالي تخمد، حتى برزت أمس قضية أمنية جديدة إلى الواجهة عنوانها أيضا وأيضا مخيم عين الحلوة، ولكن هذه المرة من المدخل الغربي للمخيم من جهة الحسبة في حادث اقل ما يقال فيه انه ملتبس بالنسبة لقوى المخيم وفصائله وفعالياته نظرا للسرية المحيطة بهذا الحادث.

وتؤكد معظم القوى والفصائل في المخيم أنها تنتظر نتائج التحقيق الذي يجريه الجيش اللبناني حول حادثة ليل امس الاول، لان قيادات المخيم وفصائله تؤكد انه لم يكن في السيارة سلاح، وأن الشخص الذي أصيب داخل سيارة «الرابيد» وتردد انه قتل هو محمد إبراهيم القبلاوي (مع ان معلومات تؤكد انه مصاب ولم يقتل في حين تشير مصادر فلسطينية الى انه اعتقل من قبل الجيش ولم يصب وأن هناك شخصا آخر مصابا) وأنه غير منتم لاي فصيل لا وطني ولا اسلامي ويعمل خارج المخيم، في حين ذكرت مصادر أخرى في المخيم ان شخصا آخر كان داخل السيارة هو الذي أصيب وأدخل المستشفى ووضعه حرج جدا ويوجد تكتم شديد حول هويته الحقيقية. كما تردد عن وجود بطاقة هوية باسم عيسى قبلاوي في السيارة، وهو شقيق محمد، مع ان عيسى توفي قبل مدة في البارد. كما تلفت قيادات المخيم الى ان اطلاق النار حصل خارج المخيم وليس داخله او على الحاجز.

في المقابل تنفي المصادر الامنية اللبنانية هذه الرواية بشدة وتؤكد ان الجيش تعرض لاطلاق النار من السيارة المدنية «الرابيد» فرد وأطلق النار باتجاه من بداخلها وحصل ما حصل.

ومع تعدد الروايات تتعدد ازمات اهالي المخيم الذي شهد امس اجرءات امنية مشددة عند مداخله من قبل الجيش، شملت انتشارا كثيفا وتطبيق إجراءات تفتيش دقيقة مع تزايد استخدام الاجهزة اليدوية المتطورة التي تكشف العبوات، وما اذا كانت السيارة مفخخة ام لا. وهذه الأجهزة جرى استخدامها على حواجر الجيش في المخيم قبل مدة وجيزة.

في المقابل تحول المخيم امس الى ما يشبه خلية النحل حيث تسارعت وتيرة الاتصالات واللقاءات والاجتماعات فيه، وبدا كأنه في سباق مع الزمن: اما سلوك بر الامان من خلال سفينة النجاة، او الانزلاق نحو بارد 2 لا محالة.

المقدح وخطاب

ويؤكد قائد الكفاح المسلح في لبنان العميد منير المقدح أنه «من المستحيل ان يتحول عين الحلوة الى بارد ,2 لان كل القوى في المخيم وخاصة التي تملك تأثيرا عسكريا وأمنيا وسياسيا كمنظمة التحرير الفلسطينية والقوى الاسلامية، لا ترغب مطلقا في ادخال المخيم في اي تجربة من هذا النوع. وأنا موجود في المخيم لمنع هذا الامر «اما قاتل او مقتول» وانسق مع القوى الاسلامية، وليس هناك حالة في مخيم عين الحلوة تشبه حالة فتح الاسلام او حالة تشغل البال، والوضع مسيطر عليه رغم محاولات جهات محلية وإقليمية لادخال الفلسطينيين في التجاذبات اللبنانية، لكننا لم ولن ننزلق ونصر على فتح الحوار مع الحكومة اللبنانية حول كل شيء يتعلق بتنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان بدءا بالحقوق المدنية وصولا الى المطالبة بالعفو العام وانتهاء بتنظيم السلاح، ونحن ليس لدينا أي مشروع خاص او مستقل في لبنان مشروعنا حق العودة إلى فلسطين ورفض التوطين».

ونفى المقدح أي وجود لتنظيم «القاعدة» في مخيم عين الحلوة «وحتى السعوديين غادروا المخيم، وآخرهم غادر قبل يومين. كذلك الامر بالنسبة لفتح الاسلام فلا وجود لها في هذا المخيم، بل يوجد عناصر من جند الشام يتم التعامل معهم ومعالجة وضعهم من خلال مقربين منهم».

ويشكك المقدح بتصريح شاكر العبسي الاخير وصوته، ويؤكد انه «حتى لو كان صوته صحيحا، لا يمكن لاحد ان يستدرج مخيم عين الحلوة الى بارد 2 او بارد 3 ونحن اولويتنا تحرير ارضنا في فلسطين ولا نرغب في تحويلنا الى مجرد ارهابيين. نحن اصحاب قضية اسمها فلسطين وكل شخص يحمل اجندة غير اجندة فلسطين غير مرحب به في مخيم عين الحلوة».

اما رئيس الحركة الاسلامية في المخيم الداعية الشيخ جمال الخطاب فيقلل من اهمية ظاهرة الغرباء في المخيم ويؤكد ان عددهم ضئيل جدا إن وجدوا، لافتا الى ان القوى الاسلامية في المخيم وبقية الفصائل لديها كل الحرص على استقرار المخيم وافشال أي مخطط او أي خطوة قد تؤدي الى خطر على بقاء المخيم، وعين الحلوة لن يتحول الى بارد 2 وان لا وجود للقاعدة في هذا المخيم، لكن اذا خرج شخص وأعلن انه مع القاعدة في بيروت هل يصبح كل لبنان قاعدة؟.

بدوره يشكك الشيخ الخطاب بصوت شاكر العبسي وبالروايات التي تتحدث عن شاكر العبسي بأنه حي، وأن زوجته أقامت «العدة» عليه إعلانا لوفاته، ورابطة علماء فلسطين وزوجته ايضا اكدوا ان الجثة تعود لشاكر العبسي.

ويحذر الشيخ الخطاب من انعكاس الصراعات الخارجية وتداعياتها على مخيم عين الحلوة، كاشفا ان المخطط الذي وقع في نهر البارد والذي ادى الى تدمير المخيم وتهجير اهله كان يجب ان يحصل في مخيم عين الحلوة وليس في البارد، ونحن عرض علينا ما عرض على البارد ومن نفس الجهات المحلية والخارجية، لكننا رفضنا ان ننجر الى مخطط كهذا. وعندما حصلت المعركة بين فتح الاسلام والجيش في البارد حاولوا نقل المعركة الى عين الحلوة، فوقفنا ايضا بالمرصاد ومنعنا ذلك وحمينا المخيم وقبل ذلك سهلنا دخول الجيش الى منطقة التعمير ..

ويخلص الشيخ خطاب الى القول: نحن من الداخل مطمئنون الى وضعنا ووضع المخيم في حال لم ينفذ علينا مشروع من الخارج، والمطلوب معاملة كل مشكلة أمنية بحدودها المعقولة والمقبولة.

اما عضو لجنة المتابعة الفلسطينية العليا فؤاد عثمان فقد كشف انه من الممكن خلال الـ 72 ساعة المقبلة ان تشكل قوة فلسطينية رادعة وموحدة من مختلف القوى والفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية، على ان تنتشر عند المدخل التحتاني للمخيم وعلى بقية المداخل، لافتا الى ان اجتماعا ستعقده القيادة السياسية الفلسطينية العليا المشكلة من لجنة الطوارئ الفلسطينية داخل مخيم عين الحلوة عند الساعة الثامنة من مساء اليوم الجـمعة في منزل العميد منير المقدح للتباحث بوضع المخيم.

تعليقات: