المجيدية ما زالت تحمل بصمات الاحتلال بعد سنوات على التحرير

مخزن الذخيرة في المجيدية
مخزن الذخيرة في المجيدية


المجيدية ـ

بضع مئات من الأمتار هي المسافة الفاصلة بين مزرعة المجيدية وبوابة العباسية التي أقامها الاحتلال سابقاً على الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة. مثّلت المزرعة منذ الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982 نقطة بارزة شدّت أنظار المحتل، لقربها من الحدود وبعدها عن الأراضي المحررة، وبالتالي يصعب استهدافها. هذه المواصفات اتخذها الاحتلال ركيزة وأقام فيها معسكراً لتدريب الميليشيات، كان يشرف عليه بداية ضباط إسرائيليون، إلى أن تولّى عناصر ميليشيا «الجنوبي» سابقاً هذه المهمة.

في عام 1937 اشترى الأمير مجيد أرسلان مزرعة «الخرويعة» وأطلق عليها اسم «المجيدية» نسبة إلى اسمه، بعد أن غرس مدخلها بشجر الكينا الذي يميّز المزرعة عن محيطها. كان في المزرعة غرفة واحدة، وكانت مزروعة زيتوناً وقمحاً وشعيراً، وفيها مزرعة للخيول والغنم يشرف عليها وعلى الأراضي المحيطة بها بعض فلّاحي الجوار، كما كانت منتجعاً للأمير مجيد أرسلان يستقبل فيها زواره من أهالي المنطقة ويستمع إلى مطالبهم ومشاكلهم. لذلك عمد لاحقاً إلى بناء قصر كبير فيها، وقد أشرف عليها الأمير مفيد شهاب القاطن في السرايا الشهابية في حاصبيا إلى حين احتلالها من جانب الميليشيات سابقاً في الثمانينيات.

مزرعة المجيدية اليوم في عهدة الجيش اللبناني الذي أعاد انتشاره في الجنوب بعد عدوان تموز 2006. ما إن تدخل المزرعة، أو ما سمّي معسكر تدريب الميليشيات سابقاً، حتى تلمح بصمات المحتل، ساحاتها الداخلية وأقسامها على حالها، غرف منامة هنا، قاعات هناك، حمامات، مستودع ذخيرة خال، كتابات بالعبرية والعربية، وإلى اليمين بعد المدخل الرئيسي تقوم قاعة فسيحة تعلو مدخلها كتابة عريضة «قسم التنشئة». غرف المعسكر وأقسامه منفصلة بعضها عن بعض ومتباعدة بعض الشيء. لكل قسم مدخله الخاص، غرف الإقامة ما زالت تحمل أرقامها باللون الأحمر، لكن العشب اليابس المتراكم مع مرور الزمن غطّى كل الجنبات والممرات الداخلية، وهناك قاعة كانت مخصصة للمحاضرات يبدو أنها كانت مرتبة على مستوى رفيع، إضافة إلى بعض الغرف لقيادة العمليات، التعليم، الطبابة، الإشارة، الحراسة.

أما حقول الرماية، فتتوزع في محيط المزرعة، وخصوصاً في الجهة الشمالية، حيث حقل المناورات الحية الذي كان يشرف عليه الجيش الإسرائيلي خلال فترة الاحتلال.

ويقول الأمير مفيد شهاب: «تعود ملكية المزرعة أساساً إلى الأمراء الشهابيين، قبل أن يبتاعها الأمير مجيد أرسلان، وكانت تضم سابقاً أكثر من عشرين منزلاً مأهولاً بعائلات عدة، هجّروا منها أيام سعد حداد، وثمة آثار كثيرة اختفت معالمها، وبئر رومانية رُدمت ولم يبق لها أثر. هذه المنازل كان يقصدها أصحابها للراحة والاستجمام».

يملك الأمير مفيد أكثر من 25 دونماً من الزيتون المعمّر في محيط المزرعة. زمن الاحتلال، كان يجني الزيتون وبعض المزروعات غير الخاضعة لسلطة الميليشيات ويرسل إنتاجها إلى أصحابها، حفاظاً منه على إرث الأمير مجيد، الذي كان صهراً للعائلة، وأولاده من بعده. ويتذكر كيف أن الأمير مجيد كان يحضر إلى المنطقة ومعه «بارودته» الإنكليزية المعدّلة ويتمنطق بجناد من الخرطوش.

مزرعة المجيدية القائمة عند أقدام مزارع شبعا المحتلة خالية من أي وجود سكاني، ما عدا الجيش اللبناني وبعض دوريات اليونيفيل المتنقلة.

تعليقات: