مجدل سلم المزارعة تبحث عن أمانها من القنابل العنقودية

في خلال تفجير قنبلة عنقودية
في خلال تفجير قنبلة عنقودية


بنت جبيل:

شكلت القنابل العنقودية أبرز مخلفات عدوان تموز 2006 لما نتج عنها من مشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية وإنمائية، ما زالت آثارها ممتدة حتى اليوم. وبرغم مرور هذه الفترة الطويلة نسبيا على انتهاء هذا العدوان، إلا ان الجهات المعنية بعمليات التنظيف لم تستطع حتى الآن حصر الأماكن المصابة بشكل كامل رغم الجهود الكبيرة التي بذلت بالتعاون مع عدة جهات داخلية ودولية لأجل حصر تلك الاماكن.

وفيما تؤكد دراسات مختلفة إلى وجود أكثر من 1.5 مليون قنبلة عنقودية رميت على الجنوب اللبناني خلال عدوان ,2006 رمي أكثر من نصفها خلال 48 ساعة الاخيرة (ما يعني أن هناك قنبلة واحدة لكل جنوبي) لم يتم عمليا حتى الآن إزالة أكثر من ثلث هذه الكمية.

ولعل بلدة مجدل سلم الجنوبية تُعدّ نموذجا لحجم المشكلات التي تحضر بالموازاة مع وجود القنابل العنقودية، فهذه البلدة تقوم على حوالى 1.5 مليون متر مربع من الاراضي أصيبت بالكامل بداء القنابل العنقودية بعد حرب صيف ,2006 حتى ان تلك القنابل وجدت داخل البيوت وعلى الطرق بشكل كثيف جدا.

اليوم بعد اقتراب إتمام العام الثاني لوقف الاعمال العدائية ما زالت أكثر من أراضي ثلثي البلدة غير آمنة بفعل وجود هذه الأفخاخ كما يشير عضو المجلس البلدي محمد حرز الذي يؤكد أن نسبة كبيرة من هذه الاراضي هي زراعية تستعمل لشتل الدخان أو هي بالأصل مزروعة زيتونا، ويشير حرز إلى أنه بعد وقف الأعمال الحربية صنفت البلدة كلها على أنها مصابة بالقنابل العنقودية، حيث لم يسلم لا حقل ولا بيت وحتى الغابة الحرجية في خراج البلدة، فإن هناك أقساما منها لم يجرؤ أحد على دخولها حتى الآن.

ويعتمد سكان المجدل بشكل أساسي على الزراعة، خاصة زراعة الدخان، وقامت عدة جهات دولية حتى الآن بعمليات التنظيف في البلدة وفقا لأولويات الحاجة. فبالاضافة إلى الجيش اللبناني ومكتب التنسيق التابع للامم المتحدة، فقد عمل في حقول البلدة خبراء من الكتيبتين الفرنسية والبلجيكية وخبراء من منظمة MAG.

والخسائر الاقتصادية لهذه المشكلة تقدر بمئات الملايين نتيجة عدم القدرة على زراعة هذه الاراضي، بالاضافة إلى خسارة الموسم المزروع في 2006 الذي كان جاهزا للقطاف عند اندلاع الحرب.

وأدت القنابل إلى استشهاد مواطن وجرح عدد آخر، فيما منعت الرعاة أيضا من التوجه إلى المراعي بعد ان تكررت الحوادث بهم، خاصة ان 80 بالمئة من حوادث القنابل العنقودية وقعت مع الرعاة.

وتكشف مصادر متابعة لعمليات التنظيف أن الوقت المتوقع لمسح البلدة بشكل كلي مع تنظيف الاماكن المشبوهة لن يقل عن السنتين. وتشير المصادر إلى ان الوقت ليس في صالحها لان كل يوم يمر يصعّب عملية التنظيف بسبب العوامل الطبيعية التي تؤدي إلى ضياع القنبلة. وتؤكد ان تسليم الخرائط من قبل الجيش الإسرائيلي سيسرع بشكل كبير من عمليات التنظيف.

وكانت منظمة هيومان رايتس واتش، المدافعة عن حقوق الإنسان، قد قامت بتحقيق ميداني في لبنان، استنتجت فيه أن «إسرائيل تستخدم قذائف المدفعية العنقودية في المناطق المأهولة بالسكان في لبنان». وقدرت المنظمة ان نسبة القنابل التي لا تنفجر تتجاوز 14٪، بينما يقول القانون الإنساني الدولي إن تلك النسبة يجب أن لا تتجاوز 1٪.

واذا كان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أشار في رسالته لمناسبة اليوم الدولي للتوعية من الالغام والمساعدة في الاجراءات المتعلقة بالالغام، الى «ان الجهود في لبنان تتواصل لتقدير حجم التلوث الناجم عن الذخائر غير المنفجرة والناتجة من حرب تموز ,2006 لكن يقدر انتشار 800 موقع للقنابل العنقودية على مساحة تقدر بحوالى 38 مليون متر مربع، ووجود متفجرات من مخلفات الحرب تؤثر على 30 في المئة من المواطنين في جنوب لبنان». فإن هذه النسبة ترتفع في مجدل سلم لتشمل حوالى 75 بالمئة من سكان هذه البلدة.

تعليقات: