أمّ فلسطينيـة مشتاقـة لأولادهـا: شهيد و7 معتقلين ولم نجتمع مرة

رام اللــه:

«صحيح أنهم أولادي، لكن هل تصدق؟ لا أعرف تماما كيف هي شخصياتهم، لم أعش معهم رجالاً.. كانوا أطفالا عندما اعتقلوا للمرة الأولى، ثم خرجوا، وما ان بدأت بالتعرف عليهم، حتى اعتقلوا من جديد».

هكذا بدأت الحاجة أم يوسف أبو حميد، من مخيم الامعري في رام الله، حديثها عن أولادها السبعة المعتقلين في سجون الاحتلال «ناصر، ونصر، وشريف، وباسل، ومحمد، وإسلام، وجهاد».. ولكل منهم حكاية.

لم تستطع أم يوسف أن تصبر طويلا حتى بدأت تذرف الدموع فيما كانت تستذكرهم واحداً واحداً. لكن أحب اولادها إلى قلبها كان عبد المنعم أبو حميد. ابنها هذا، عبد المنعم، قتل ثلاثة من ضباط الاستخبارات الاسرائيلية في العام ,1994 وارتفع شهيدا.

تقول أم يوسف «صحيح أنهم بعيدون عني، لكني اشعر براحة، كلهم عاشوا مطاردين، وناصر تعرض لأربع محاولات اغتيال، لا أريد أن أفقدهم إلى الأبد كما فقدت عبد المنعم، وجود السبعة في السجن يبقي لدي أملا بأن أراهم يوماً».

بدأت حكاية عائلة الحاجة أم يوسف عند اعتقال ابنها ناصر أبو حميد في الانتفاضة الأولى، وكان عمره 12 عاما. رفض ناصر آنذاك الاعتراف بشرعية المحكمة، قائلاً للقاضي «أنا وأهلي كلنا فداء للوطن، وسنستخدم ما أوتينا من قوة لطردكم». كلام أثار حمية أخوته الذين ساروا على خطاه.

في المرة الأولى، حكم على ناصر بالسجن لأربعة شهور، لصغر سنه، ثم خرج، ثم سجن بعد ذلك لعشر سنوات، وقبيل الانتفاضة الثانية خرج، لكن ما لبث أن اعتقل وحكم عليه بخمسة احكام مؤبد وخمسين سنة.

أخوه شريف كان عمره 14 عاما عندما اعتقل في الانتفاضة الأولى وحكم عليه لتسع سنوات، وبعد تحريره بوقت قصير عاود جيش الاحتلال اعتقاله وحكم عليه بأربعة مؤبدات. أما نصر فاعتقل خلال الانتفاضة الأولى وهو في الثامنة عشرة من عمره، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات ونصف سنة، وأطلق سراحه، وبعد أشهر قليلة، سجن مرة أخرى وحكم عليه بخمسة مؤبدات.

وفي الانتفاضة الثانية أيضا ألقي القبض على كل من محمد (حكم عليه بالسجن خمسين عاماً) وباسل (أربع سنوات ونصف) وإسلام (خمس سنوات)، وغرّم كل منهم بـ2500 دولار.

في بيت أم يوسف المتواضع، غرفتان وحمام ومطبخ، وتجد على أحد الجدران سبع صور: واحدة لابنها الشهيد، وست لأبنائها الأسرى. لم يتزوج غالبيتهم باستثناء نصر الذي أنجب ولدين قبل أن يسجن، أما «جهاد فهو آخر العنقود، ولأنه آخر من سجن، وتم ذلك قبل فترة بسيطة، لم اعلق بعد صورته على الحائط بجانب إخوته»، أوضحت أم يوسف.

وقالت الحاجة أم يوسف بحسرة «لم يحصل أن اجتمع جميع أولادي سوية منذ الانتفاضة الأولى، لم نجتمع كلنا ولا مرة واحدة، فذهبت إلى المصور وطلبت منه جمعهم في صورة واحدة حتى يمثلوا معاً أمامي»، مضيفةً، وهي تحاول حبس دموعها «هدموا منزلنا مرتين، ونحن نسكن الآن في هذا المنزل الذي كان لناصر، ونعتاش من دكان متواضعة جدا أبيع فيها بعض السكاكر، زوجي فقد بصره بعد سجن أولادي السبعة، ثم هدم منزلنا مرة أخرى، ولدي ولدان، يوسف وناجي، لكل منهما معاناته فهما يعيشان في المخيم مع زوجتيهما وأولادهما ويحاولان إعالتهم، ولدي بنتان تزوجتا».

وختمت أم يوسف «أشتاق إليهم، أتمنى لو يجتمعوا كلهم معي، لم يبق لي الكثير لأعيشه، عزائي الآن هو أن خمسة منهم مجتمعون في سجن واحد في عسقلان، أتمنى لو أزورهم، فمنذ بدء الانتفاضة، واعتقالهم الواحد تلو الآخر لم أرهم سوى مرة واحدة.. كان ذلك في عيد الأضحى الأخير».

تعليقات: