محطة التكرير «احترقت» و«زيبار» الزيتون يفتك بالحاصباني

معصرة زيت حديثة (كامل جابر)
معصرة زيت حديثة (كامل جابر)


حاصبيا ــ تحوّل مجرى نهر الحاصباني إلى مكبّ للنفايات ومصبّ لمياه الصرف الصحي والمخلّفات الصناعية والزراعية، وخصوصاً زيبار الزيتون الناتج من عمليات إنتاج الزيت في المعاصر التي ارتفع عددها هذا الموسم بشكل لافت في قرى المنطقة وتجاوزت الثلاثين معصرة بين حديثة وقديمة، الأمر الذي أثّر سلباً وبوضوح على مياه السواقي التي ترفد نهر الحاصباني، المصدر الأساس للمياه في منطقة حاصبيا، الذي بات بدوره ملوّثاً، وهو يروي آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية. كما أن الثروة السمكية الموجودة في النهر مهددة بالانقراض، نتيجة نفوق أعداد منها كل عام.

واقع الحال هذا حوّل مجرى النهر إلى بيئة مختلفة عما حولها، مياه سوداء، نفايات مختلفة، روائح نتنة، مخلّفات معاصر الزيتون ومياه الصرف الصحي التي تصب في النهر مباشرة، وخصوصاً بعد توقف محطة تكرير زيبار الزيتون في حاصبيا عن العمل منذ نحو عام، بسبب سوء التنفيذ والهدر الذي طال كل جوانب المشروع المنفذ من جانب مؤسسة مرسي كور، والمموّل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وأوضح قائمقام حاصبيا وليد الغفير أن موضوع تلوّث مياه الحاصباني متشابك بين قرى المنطقة. وأضاف: «عدد المعاصر يرتفع سنوياً، وزراعة الزيتون آخذة بالاتساع سنة بعد سنة، ما يعني أن مؤشر التلوّث بات يهدد البيئة والسلامة العامة. والحل الجذري يكمن في إنشاء محطات تكرير للزيبار والصرف الصحي في القرى المجاورة رفعاً للتلوث الذي يهدد مياه الحاصباني، وهناك متابعة ميدانية من جانب السلطات المحلية، من قائمقام وبلديات وأصحاب معاصر، لإيجاد صيغة حل ترضي الجميع».

ورأى رئيس بلدية حاصبيا كامل أبو غيدا: «أن المحطة القائمة حالياً لا تعمل بسبب الأضرار التي لحقت بها العام الماضي، وهي بحاجة إلى شبكة قساطل لربطها بالمعاصر. ونحن في البلدية تقدمنا بطلب إلى مجلس الإنماء والإعمار من أجل المساعدة في ذلك، ولدينا دراسة كاملة بهذا الخصوص».

وأشار رئيس التعاونية الزراعية العامة في حاصبيا، رشيد زويهد، الذي يملك معصرة لعصر الزيتون، إلى «أن مؤسسة مرسي كور أنشأت في عام 2005 محطة في حاصبيا لتركيد زيبار الزيتون للتخفيف من مضاره، لكن نسبة النجاح كانت قليلة، ما أدى إلى احتراق المحطة في الصيف الماضي لأسباب تقنية وفنية، كما أن مادة الزيبار تحوي نسبة من الزيت والأسيد أسهمت في احتراق المحطة».

ويرى كامل أبو عمار، الناشط في الشأن البيئي، «أن الثروة السمكية تُعدّ مصدر رزق لعشرات العائلات، لذا يجب المحافظة عليها ورفع التلوث الذي يؤدي إلى نفوق كميات كبيرة منها». وناشد المعنيين «العمل على رفع الأخطار التي تهدد النهر جرّاء التلوث البيئي الذي يحيط به». وأضاف: «مياه الحاصباني تُعدّ موطناً لنوع فريد من السمك يسمى «الأعور»، إضافة إلى أنواع أخرى وجدت في هذه المياه التي تتدفق في الشتاء بمعدل يزيد على 40 ألف متر مكعب في اليوم، وتتدنى في موسم الشح».

ويتساءل أصحاب معاصر الزيتون: أين نذهب «بعكر الزيتون»؟، وهم يُجمعون على أن الزيبار مادة مضرّة بالتربة والمياه والزراعة. ويرى فارس كساب «أن إنشاء محطة تكرير لزيبار الزيتون أمر مكلف يحتاج إلى جهات مموّلة، لكون البلديات لا تمتلك الموارد اللازمة، وأصحاب المعاصر لا يملكون القدرات المادية، وليس أمامهم من حيلة سوى تأمين وصول العكر إلى أقرب مجرى شتوي، بعيداً عن الأراضي الزراعية».

وتبرز مشكلة تلوّث مياه الحاصباني إلى الواجهة كل عام مع بدء موسم قطاف الزيتون، وترتفع حدّتها مع ارتفاع منسوب مياه المجاري والجداول التي ترفد النهر، كما أن كميات الأمطار المتساقطة منذ أسبوع زادت من حدّة المشكلة.

تعليقات: