زهرة الصُبّار‎

عبداللطيف حسن عبدالله: لا تُسْتَطابُ حلاوة الصَّبَّارُ إلا بسلخ جلده ورمي عبث شوكه
عبداللطيف حسن عبدالله: لا تُسْتَطابُ حلاوة الصَّبَّارُ إلا بسلخ جلده ورمي عبث شوكه


الطِيبَة والأخلاق والحُب أشجارٌ مُثمرة وارفة الظّل.. تُظلِّلُ هذ الكون الفسيح، وتبعث على الطمأنينة وحْدَهم أولئك الطّيبون بأرواحهم المرحة يميزهم أداءهم الرائع وسيرتهم الراقية وقلبهم الأبيض وبشاشتهم الجميلة التي تنثر أملاً من الرياحين تتنهدها الازهارُ حــُـباً... حـُـبـاً لطالما أردناه ورغبنا ركوب سُفُنِهِ مهما كانت الأنواء عَاتية، وحُــباً إعتلينا قِمم أطْواده مهما كان خطره.ومهما تـــراصَّت بطبقاتها الغيوم السوداء أمام وجه السماء تعجز أن تمنع دفئ الشمس وأن تمحو خيوطها الذهبية وأن تبدد نورها وأن تخفي تلألؤ نجومها وتعجز أن تحطم قَلائدها الجميلة المرصّعة بالماس وتعجز أن تخفُتَ أنوارها الزاهية والخلابة عن صدر السماء الصافية..مَن ذاك الذي يستطيع ان يبترَ يد الحبِ ويد الخيرِ ويد الجمالِ ويد العطاءِ وتلك الأيادي البيضاء، وإلا ابتلعتنا التعاسة الى الأبد وأماتنا الحقد وقيّدتنا الهُموم وألبستنا الذنوب من أسمال جلابيبها وتسرولتنا انانية مقيتةٌ وطوتنا كهوفُ الخوفِ والحُفر المظلمة، واستعجلتنا تلك المدافن وأغواتنا بسروها الباسق وورودها المتنوعة الألوان ومصَاطبها الملساء، وتحفة خطها الجميل، ولصافحتنا تلك الأشواك السامةبأكفها المخضوضرة وتيجان رحيق كؤوسها الزعاق ولَــتَّخذنا من خضراء الدِّمَن مفارش لنا لا تألفوا الأفاعي ولا تَدْعوها أن ترقد في أحضانكم الدافئة ما اسهل ان تغوينا بجمال لونها المرقط وملمسها الناعم وليونة جسمها،واحذروا أسراب البوم فلا يسترقكم نوحها ولا نعومة ريشها ولونها.فلا تُصَادقوا قطعان الثعالب لجمال لون شعرها ودفئ فروها...

وعلمي ايتها الفراشة الجميلة ما أسعدك وانتِ تتنقلين في جذلٍ بين الحشائش الخضراء وما أروع شقاءُك وانتِ تُلونين بشفاهِك الناعمتين أوراق السَكَوْكَع وزهرة الريبوخ والمسوبعة ذات الزهرة الأقحوانية والنرجس والدحنون وما أسْعَدَك وانتِ تُعفَّرين بألوان جناحيك االرقيقتين الحمراوين الصفراوين من رائحة الحُب الزكية التي تفوح جاذِبَـةً اليها العُشاق والمحبين والمغرمين.دعونا ننشد قَــرُّ الندى طُهراً لأرواحنا وأن نوقد سراج الأملِ في عمق الدُجى..

واعلموا بانه لا تُسْتَطابُ حلاوة الصَّبَّارُ إلا بسلخ جلده ورمي عبث شوكه..ياأيها الغدُ الجميل يا مَن تحمل تحايا الحُب والسلام والغرام والهيام والأحلام هل سألت العاشقين عن سر عشقهم؟وسألت السواقي عن مجرى ماءها ومستقرّهِ؟والطائر عن وجهته، وذاك البخار الأبيض الشفاف المتصاعد من انفاس الأشجار عن مكان صعوده؟

دعونا نجعل الحُبَ انفاساً لنا وبلسماً لجراحنا دعونا نحيا في ظلاله الى الأبدِ ونُغلق نوافذ الماضي وابواب قلوبنا في وجه عاذل ونهجر نفوساً صدْأه ونحطم يراعاً يلوثُ صفحاتنا البيضاء من صديد ماءه...

هلموا لنتعانق فوق أسرّةٍ حنَّت الى أجسادها الطاهرة ومضاجعٌ أوجع همس عتابها العاشقين ومِلاءةٌ بيضاء أغرَّتنا نصاعتها فهي كنصاعة قلوبنا.

* عبداللطيف حسن عبدالله - قطر

تعليقات: