ثمن الإغتراب

الكاتب صبحي القاعوري: ﻻ شئ بلا ثمن‎!
الكاتب صبحي القاعوري: ﻻ شئ بلا ثمن‎!


ﻻ شئ بلا ثمن‎..

تدخل الدكان وتشتري غرض ما، تدفع ثمنه.

تذهب للطبيب تدفع اجور المعاينة.

تراجع المحامي تدفع اتعابه.

كل شئ تستطيع تملكه وتدفع ثمنه يصبح نسيا منسيا، إﻻ الغربة ثمنها باهظ جداً!

ﻻ تستطيع شراء المعاناة بكل المال الذي جمعته، هذا اذا كان هناك من مال مجموع.

اﻻكثرية الساحقة من المغتربين في بلاد العالم، ربنا اعطنا كفاف يومنا، وشاهدنا هذا على شاشات التلفزة اثناء اﻹقتتال في ابيدجان، كيف كانت تعيش شريحة كبيرة من اللبنانيين، وفي اي من اﻷحياء كانت تعيش، ناهيك عن اﻵﻻم النفسية التي تعيشها هذه العائلات بسبب اﻻغتراب ومرارة البعد عن الوطن واﻷهل واﻷحبة، والذكريات في البلدة وزواريبها.

وابيدجان كان على سبيل المثال ﻻ الحصر، هناك فئات من المغتربين في بلاد أخرى يعانون من تعامل اهل البلد الموجودون فيه ومن اﻻضطهاد، وهو مضطر للبقاء حيث ﻻ يستطيع العودة الى بلده خالي الوفاض.

تصوروا هذه المأساة !..

والميسور ماديا ليس افضل حاﻻ، تزوج وانجب بنين وبنات وزوج واصبح جَدا وتربت اﻻوﻻد في بلد الغربة حتى اصبحت جزءً من بلد اﻻغتراب، والحنين يجرها الى بلد الوﻻدة كما يجرك الحنين الى الزاروب الذي نشأت وترعرعت فيه في بلدك، واصبحت انت المؤسس بين نارين حبك لبلدك وحبك ﻹوﻻدك واحفادك اللذين ﻻ تربطهم علاقة بالوطن اﻷم سوى اﻷب من هذا الوطن ، وبالرغم من زيارة البلد تقريبا بالسنة مرة.

هذا اﻷب يعاني كثيرا من الغربة حتى اثناء زيارته لبلده المتلهف لشم نسيمها تراه غريبا ﻷن ﻻ اصدقاء له.

ليتك تراه في غربته من مكان خفي وهو منزوي بنفسه، كيف دموعه تنساب على خديه وﻻ يشعر إﻻ بحرقة وجنتيه منها، ﻷنه ﻻ يستطيع اخذ اي قرار قد يندم عليه، وبالتالي يفضل اﻷمر الواقع حتى يقضي الله امرا كان مفعوﻻ، بإنتظار اﻷعلان عن وصول الجثمان الى مسقط رأسه.

هذا هو هل يعادله ثمن في العالم...؟

عزيزي القارئ من حسن الحظ اني ﻻ اجيد اسلوب وصف المؤاساة لغويا، ﻷن اسلوبي اقرب الى المهنية، وإﻻ ومن دون ان تشعر كانت دموعك ستنهمر من عينيك على المغترب واﻷغتراب .

صبحي القاعور

تعليقات: