على ضوء كتاب «إعترافات قاتل اقتصادي».. البُعد الاقتصادي للهجمة على المنطقة


لفت نظري مقال في جريدة "الأخبار" تاريخ 12/6 للدكتور منير الحمش وتعليقات القراء عليه. ورأيت من المناسب أن أدلي برأيي عبر موقع الخيام، لتسجيل بعض الآراء حول الموضوع المنشور:

إن الكاتب استقى تحليله – وهذا سليم بحد ذاته – من كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي" لـجون بركنز الأميركي الذي عمل في شركة "مين" التي لعبت دوراً أساسياً لبسط النفوذ الأميركي من خلال صناديق المال والأعمال عبر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وهو يشرح بالتفصيل الواقع العالمي لـ "الإمبريالية الاقتصادية" كما يسميها ويحدد بالضبط الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة عبر تدخلاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاغتيالات التي تنفذها لفرض سياستها وبسط هيمنتها على دول العالم وسلب ثرواته عبر ارتهان هذه الدول بالقروض المالية لتركيع هذه البلدان وإجبارها على تنفيذ سياسة الولايات المتحدة وتلبية طلباتها.

في المقال هناك مقارنة لدور "القرصان الاقتصادي" الذي لعبه بركنز، ودور" عبد الله الدردري" الذي يحاول تطبيق هذه السياسة على الوضع السوري لإعادة البناء وتدجين موقفها من قضايا المنطقة عبر قروض ميسرة بمليارات الدولارات من بنوك ومؤسسات مالية عالمية كما حصل في عدة بلدان منذ ستينات القرن الماضي في إندونيسيا، باناما، كولومبيا، الإكوادور، كذلك إيران قبل الثورة والسعودية التي رهنت كل ثروتها البترولية للولايات المتحدة مقابل حماية الاستقرار واستمرارية الأسرة المالكة في الحكم. يفصّل "بركنز" في كتابه حالة البلدان التي تقبل التوقيع على قروض ميسرة لكي تقوم الشركات الاميركية بتنفيذ هذه المشاريع وتعود بالتالي هذه القروض إلى مصادرها. والدول التي تمانع في القبول تتم فبركة سبب للتدخل العسكري وفرض شروط "الامبريالية الاقتصادية" كما في العراق وأفغانستان والحرب السورية جزء من هذه السياسة.

إن نشاطات ولقاءات الدردري مع سفراء فرنسا وإسبانيا وإيطاليا لترتيب أوراق خطة إعادة البناء، لا يختلف عن الخطوات التي سلكتها دول الخليج العربي مع دول الربيع العربي: تونس وليبيا وخاصة مصر عبر استئجار قناة السويس أو خلق منطقة صناعية ضخمة حول القناة لاحتكار قرار هذه الدول، سوى تكملة لهذه السياسة. يدخل ضمن هذه السياسة شراء ورشوة مسؤولي هذه البلدان لتتضخّم بعد ذلك الديون وفوائد الديون وصولاً للهيمنة على ثروات هذه البلدان: بترول، مواد أولية، استئجار أراضٍ شاسعة، كما في اميركا اللاتينية.

لا بد هنا من المقارنة مع ديون الحكومات اللبنانية السابقة منذ تسعينات القرن الماضي وقياسها بالمكيال نفسه والتي حمّلت الشعب اللبناني أثقالاً لا قدرة له على القيام بها إذا لم يعطِ مقابل ذلك تنازلات تطال حرية هذا الشعب وقراراته المصيرية. ومشاريع الخصخصة للشركات الوطنية: كهرباء – بريد – اتصالات وكل مشاريع البنية التحتية لم تكن سوى لخدمة مشاريع ومؤسسات فئات معينة ورؤوس أموال مصرفية معروفة.

إن التفكير في تقارب سوري – عراقي للاستفادة من ثروات البلدين في كل المجالات، يمكن أن يحلّ مشاكلهما بقرار مستقل، وحرّ لإعادة الأعمار. إن عائدات العراق البترولية يمكن تبادلها مع المنتجات الزراعية والحرفية والصناعية السورية لتجاوز المشاكل الحالية والمستقبلية لإرساء قواعد تقارب وحدوي على الطريقة الأوروبية. ولكن، هل باستطاعة سلطات هذين البلدين الرّازحين تحت وطأة حرب تدميرية، الارتفاع بالتحدّي مع قوى "الامبريالية الاقتصادية" التي تكلّم عنها بركنز في كتابه، والسير باتجاه تحقيق خطوات تضمن لهذين البلدين حرية قرارهما الاقتصادي وبالتالي السياسي؟

مواضيع ذات علاقة:

مقال جريدة الأخبار "متطلبات إعادة الإعمار والتنمية في سوريا: الدردري «ملكاً»"

موضوع "قراءة في كتاب: اعترافات قاتل اقتصادي"

جون بركنز الأميركي الذي عمل في شركة \
جون بركنز الأميركي الذي عمل في شركة \"مين\" التي لعبت دوراً أساسياً لبسط النفوذ الأميركي


تعليقات: