القوات السورية تطلق عملية كبيرة في ريف حلب «الجيش الحر» والقصير: نحتضر... ساعدونا

عراقيون يشاركون في جنازة مقاتل عراقي قتل خلال المعارك ضد المعارضة السورية المسلحة في القصير يوم الاثنين الماضي في البصرة أمس (رويترز)
عراقيون يشاركون في جنازة مقاتل عراقي قتل خلال المعارك ضد المعارضة السورية المسلحة في القصير يوم الاثنين الماضي في البصرة أمس (رويترز)


واصل الجيش السوري التفافه على حصن المعارضة المسلحة الأخير في مدينة القصير، في الوقت الذي تعالت فيه نداءات الاستغاثة من قبل قيادات «الجيش الحر» و«الائتلاف الوطني» المعارض، وفشلت محاولات لإرسال الدعم لآلاف المسلحين المتمركزين في الحي الشمالي من المدينة.

وترافقت تطورات القصير مع مواجهات ميدانية أخرى في مناطق متفرقة من البلاد، إلا ان معركة ريف حمص بقيت عنوانها الأبرز، خصوصا ان القيادة السورية تعتبر ان الانتصار في القصير يمهد لحملات أخرى أبرزها في ريف حلب، حيث تجري معارك تكتيكية حتى اللحظة، بانتظار المواجهة الأكبر.

وقبل ساعات من إعلان الجيش السوري سيطرته على بلدتي عرجون والبراك وطريق عرجون ـ القصير، مكملا إطباق الحصار على المنطقة الشمالية من المدينة، بعد أن أعلن سيطرته على مطار الضبعة ومحيطه، أطلق «رئيس أركان الجيش الحر اللواء» سليم إدريس نداء استغاثة، عبر هيئة الإذاعة البريطانية، محذرا من إمكان موت ألف مسلح جريح في المدينة، متسائلا بلهجة انكليزية متوترة «لماذا لا تساعدوننا؟» مرددا خلال مخاطبته «الأصدقاء» في بريطانيا وأميركا وفرنسا «نحن نحتضر، تعالوا وساعدونا».

ووفقا لإحدى الرسائل التي نقلتها مواقع المعارضة يذكر أحد النشطاء في المدينة أن «الأمور سيئة جدا». ويقول «استشهد الكثير من المقاتلين وقادة كتائب المطار سقطوا بيد حزب اللات (حزب الله). إن المقاتلين المحاصرين في المدينة يتعرضون لكل أنواع القصف. نفاد في الأدوات الطبية، نقص بالذخائر، انقطاع لطرق الإمداد. غالبية الألوية والكتائب التي خرجت لتساند القصير ترابط خارج ساحة المعارك، كأنهم جمهور يتفرج، وأعدادهم مبالغ فيها. خطوط إمداد العدو مفتوحة من ناحية يبرود والنبك، وقد مرت ارتال من دون فعل شيء مؤثر». ويضيف الرسالة «أنا أقولها وفي القلب غصة إذا سقطت القصير فسنضطر للانسحاب إلى بيروت لنموت هناك. لم يعد لدينا الكثير من الخيارات».

«تنسيقية القصير الحرة» المعارضة، من جهتها، طالبت المعارضة بالانسلاخ عن كل هيئاتها في الخارج التي «لا تتحرك سريعا للقتال دفاعا عن القصير». حالة العجز هذه ربما هي التي دفعت قيادات «الجيش الحر» للمطالبة بنصف مقاعد «الائتلاف» الذي طالبه إدريس عبر «بي بي سي»، «بالكف عن المشاحنات الداخلية والموافقة فورا على حضور مؤتمر السلام المقرر عقده في جنيف».

وأضاف إدريس إن «الجيش السوري الحر لديه نحو 1500 مقاتل يشاركون في معركة القصير بأسلحة خفيفة فقط»، مشيرا إلى أن «أعداد مقاتلي حزب الله تفوقهم بكثير»، نافيا أي وجود للجيش السوري في المنطقة، وهو ما يخالف الواقع، خصوصا بعد وصول تعزيزات كبيرة من قوات النخبة السورية إلى ريف حمص ومدينة القصير، إضافة إلى وحدات «الفرق الخاصة» التي قادت معركة استعادة المدينة منذ أسبوعين.

وتزامنت الاستغاثات الأخيرة بفشل عدة محاولات لإسناد المقاتلين المحاصرين في القصير، ولا سيما من قبل «لواء التوحيد» الذي مني بخسائر كبيرة أثناء محاولة عدد كبير من مقاتليه المناورة، واختراق خطوط تواجد الجيش السوري في محيط المدينة، بينهم 15 مسلحا حاولوا التسلل من منطقة شمسين ما أدى إلى مقتلهم جميعا ومصادرة أسلحتهم وتدمير سيارتين رُكب عليهما رشاشان، وفقا لمصدر رسمي سوري. كما استهدف الطيران السوري رتلا من المسلحين أثناء محاولتهم الهرب من القصير، وتمكن من تدمير 4 سيارات مزودة برشاشات مضادة للطيران.

وقام الجيش السوري بتزامن مشابه بهجمات استباقية على مناطق تواجد مسلحين بهدف ردعها عن دخول معركة القصير، فاستهدف تجمعاً للمسلحين في الرستن، ما أسفر عن مقتل أكثر من 20 مسلحا وتدمير مستودع للذخيرة ومنصة إطلاق صواريخ.

كما قامت المدفعية السورية بقصف عنيف استهدف مزارع مدينة دوما في ريف دمشق. وقتل سوريان في سقوط قذيفة هاون في حرستا. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن وحدة من الجيش استهدفت مقرات وتجمعات للمسلحين في مدينة بنش أسفرت عن تدمير 3 عربات مدرعة وعربة «زيل» عسكرية مسروقة، ومقتل حوالي 12 مسلحا وجرح آخرين.

وذكرت مواقع إعلامية مختلفة أن كمينا نصب لمجموعة مؤلفة من ثلاثة أشخاص غرب مدينة إدلب كانت تقوم بعملية «استطلاعية» لإحدى النقاط العسكرية قرب معمل الكونسروة. وقال مصدر ميداني إن «المسلحين هم علي المناصيفي من الجنسية البريطانية من مواليد لندن العام 1990 وامرأة من ولاية ميشيغان الأميركية تدعى نيكول لين مانشفيلد من مواليد العام 1980 والثالث لا يحمل أي وثيقة تكشف عن هويته». وأشار المصدر إلى أن المجموعة شعرت باقتراب عناصر من حفظ النظام منهم، فقام أحدهم برمي قنبلة على العناصر، لم تتسبب بأية إصابات، حيث رد العناصر على المسلحين بإطلاق النار ما أدى لمقتلهم على الفور. وعثر بحوزة المسلحين على وثائق إحداها تتضمن مخططا لأحد المواقع العسكرية المحيطة بالمدينة، كما تمت مصادرة بندقيتين وقنابل وجهاز كومبيوتر.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن مسلحين اغتالوا عضو قيادة فرع دير الزور للاتحاد الرياضي العام شهناز عبد الوهاب محمد بإطلاق النار عليها خلال عودتها من دمشق إلى دير الزور.

وعلى صعيد حلب، ذكرت صحيفة «الوطن» ان الاستعدادات العسكرية بدأت لفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ عدة أشهر، وذلك تمهيدا لمعركة استعادة ريف حلب الشمالي الذي يعتبر أكبر منطقة تجمع لمقاتلي المعارضة. وذكرت مواقع معارضة أن قصفا بالدبابات بدأ بالفعل للبساتين المحيطة ببلدة ماير المطلة على بلدتي نبل والزهراء، وأن حرائق كبيرة اندلعت فيها نتيجة هذا القصف.

إلى ذلك، دعا وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة الشباب إلى الابتعاد عن «الصراعات الإقليمية»، وذلك بعد الإعلان عن مقتل شاب بحريني كان يقاتل إلى جانب المسلحين في سوريا. وكان الشيخ عادل الحمد أعلن، في مقطع فيديو على موقع «يوتيوب»، أن ابنه عبد الرحمن البالغ من العمر 19 عاما «استشهد في المعارك الجارية في سوريا».


----------- ---------- ------------


«جبهة النصرة» جاهزة للثأر من «حزب الله».. في لبنان

جعفر العطار

عندما بدأت معركة القصير قبل أسبوعين، اعتبرت أجهزة أمنية محلية أن التخوّف الحقيقي من نقل المعركة إلى لبنان قد بدأ فعلاً. حينها، نشرت «السفير» تحقيقين عن الهواجس الأمنية لدى بعض الضباط، والتي تركزت على الخوف من ظهور حالات ثأر تكفيرية فردية، بالإضافة إلى هاجس اعتبار «لبنان ساحة جهاد مؤجلة».

اليوم، وبعد إطلاق الصاروخين «المجهولين» وتعدد الروايات الأمنية غير الدقيقة، وفي ظلّ احتدام المعارك في القصير، تتضاعف الهواجس لدى الأجهزة الأمنية، في شأن بدء تنفيذ أعمال إرهابية في الضاحية أو استهداف مراكز تابعة لـ«حزب الله» في المناطق اللبنانية.

وتؤكد المصادر الأمنية المعنية، أن «ساعة الصفر مرتبطة بثقل المعركة في القصير: كلما بدا أن المسلحين المعارضين يخسرون ميدانياً، ازداد الخوف من الثأر في لبنان. لكن ذلك لن يحدث إلا بقرار قيادي من جبهة النصرة، وعندما تدرك أن لا مفر من الهزيمة في القصير».

يُضاف إلى ساعة الصفر المؤجلة، وفق الضباط، إمكانية توافر قدرة «جبهة النصرة» على تنفيذ مهماتها في الضاحية، إذ «يدرك هؤلاء أن حزب الله يتمتع بمنظومة حماية أمنية عالية الجهوزية»، فيما تقول مصادر أمنية تابعة لجهاز أمني آخر إن «الغداء مع النبي محمد، وفق التكفيريين، لن تردعه الحواجز الأمنية. إذ يستطيع التكفيري الإرهابي أن يفجّر نفسه عند الوصول إلى المكان المطلوب».

إلى جانب التخوف من بدء عمليات إرهابية منظمة، ثمة هاجس من تكرار حادثة صاروخَي عيتات، التي يعتبرها مرجعٌ أمني مطّلع أنها «نُفذت انطلاقاً من حماسة دينية ثأرية، وحتى الآن تندرج في خانة الثأر غير المنظم، مثلما بدأ عبد الغني جوهر عملياته الإرهابية ضد الجيش بعد انتهاء معارك نهر البارد».

وعند الحديث عن التنظيمات التكفيرية في لبنان، يظهر اسم «جبهة النصرة» مدوّياً، ويتكرر لدى بعض الأجهزة الأمنية، أنه الرأس المدبّر لأي عملية تكفيرية منظمة وجدّية قد يشهدها لبنان تباعاً. خصوصاً أن الجبهة وحّدت غالبية التنظيمات الأصولية في لبنان مثلما وحّدت أهمها في سوريا.

هنا أبرز المعلومات المتوافرة لدى أجهزة أمنية محلية، عن «جبهة النصرة» وامتدادها في لبنان وسوريا. وعلى الرغم من خطورتها، غير أن الخطر الأساس يكمن في سؤال لم تتمكن المصادر المعنية من الإجابة عنه بطريقة منطقية: ماذا ينتظر الأمن كي يستبق وقوع انفجار، يقول الضباط إن أوانه يقترب؟

قبل اشتداد المعارك في القصير، وصل إلى لبنان وفد من تنظيم «القاعدة»، آتياً من تركيا عبر مطار بيروت، بتكليف من القيادي في التنظيم إحسان المغالي، الملقب بـ«أبو حفص». ضم الوفد كلاً من عابد المصري، ومصعب العمري، وجهاد المغيمس.

وفيما تتضارب المعلومات في شأن الشخصيات التي التقى بها الوفد في لبنان، ثمة معلومات أمنية تشير إلى أن الوفد التقى بشخصية سياسية شمالية وشيخين أحدهما في الشمال والآخر في صيدا. ويقول مصدر أمني مطّلع إن «محمود الجولاني، أمير جبهة النصرة، أتى إلى لبنان، بعد أسابيع من مغادرة وفد المغالي، والتقى ماجد الماجد وآخرين، في مخيم عين الحلوة».

في المقابل، يشكك مصدر أمني في «دقة المعلومة» سائلاً: «لماذا يأتي الجولاني شخصياً إلى لبنان، في ظل المخاطر الأمنية؟ يستطيع أن يكلف من يريد بما يريد قوله لمن يريد»، مشيراً إلى أن «هذه المعلومة مصدرها جهاز أمني محلي، لكن التأكد من معلومة مماثلة لا يتم بسرعة».

وإذا كانت معلومة زيارة الجولاني لبنان غير محسومة حتى الآن، على الرغم من الخطورة التي تشكلها، غير أن المعلومات تتقاطع في شأن زيارة وفد «القاعدة» المكلف من المغالي. وتفيد بأن الوفد التقى أيضاً توفيق محمد طه وأسامة أمين الشهابي في مخيم عين الحلوة. وطلب أعضاء الوفد منهما ضرورة تجنيد شبان فلسطينيين وسوريين نازحين.

وتعرّف مصادر أمنية واسعة الإطلاع الشهابي بأنه كان قيادياً في «فتح الإسلام»، وهو «مفتاح» أساسي لتزكية «الجهاديين» لدى «القاعدة»، خصوصاً من الدول العربية. ويتخذ حالياً صفة داعية إسلامي، بينما يُعتبر طه الرجل الأخطر في مخيم عين الحلوة. وهو الأمير الشكلي لـ«كتائب عبدالله عزام سرايا زياد الجراح»، ولديه خلايا نائمة في المناطق اللبنانية كلها. أما الأمير الفعلي فهو السعودي ماجد الماجد، الذي تسعى الأجهزة الأمنية اللبنانية والغربية إلى معرفة أي معلومة مؤكدة عن مكان وجوده.

وتشير المعلومات المتوافرة لدى أجهزة أمنية محلية، إلى أن «الكتائب تملك صواريخ كاتيوشا داخل المخيم، موجودة لدى أحد كوادرها زياد أبو النعاج»، مؤكدة أن «المجموعات المنضوية في الكتائب تركز على تجنيد شباب يافعين وغير مطلوبين بأي مذكرات. وغالباً ما تكون مهامهم استطلاعية».

وبينما يردد الضباط المعنيون اسم مخيم عين الحلوة على نحو غامض، باعتباره «مكاناً مغلقاً ولا سلطة لنا عليه»، ثمة مصادر أمنية تكشف بالتفصيل عن أبرز المجموعات التابعة لـ«جبهة النصرة» في لبنان، معدّدة أماكن انتشارها وأسماء قيادييها.

وتتفق المعلومات الأمنية على أن الجبهة لم تعين أميراً لها في لبنان حتى الآن، بل إن قيادتها المركزية تتركز عند الجولاني. وعلى الرغم من أنها ما زالت في إطار المجموعات، إلا أنها تنمو في لبنان شيئاً فشيئاً، في انتظار إنشاء قيادة مشتركة بين فرعها في سوريا وبين فرعها في لبنان، قبل إعلان لبنان من ساحة نصرة إلى ساحة جهاد.

تنتشر المجموعات الأساسية في عكار وطرابلس وعين الحلوة، وصيدا وعرسال والقاع. يترأس مجموعة عكار، التي تنشط تحديداً في وادي خالد، اللبناني خ.ح.، الملقب بـ«أبو ثائر»، وأبرز كوادره هم السوريون فريد سامح، أحمد الأسعد، حسن اسماعيل الريش، محمد الأبرش، والأردني محمد اسماعيل خليل.

تتألف المجموعة من نحو مئتي عنصر، وتخطط للاستيلاء على المراكز الحدودية في البقيعة والعريضة والعبودية. أما مجموعة طرابلس، فيترأسها اللبناني ح.ص.، ولديه مجموعات في التبانة والقبة والبداوي وأبي سمراء وباب الرمل.

وتضم مجموعة ص. نحو 250 عنصراً. ومن أبرز كوادرها: ب.س.ض.، شادي المولوي، ك.ب. وتقوم هذه المجموعة بأدوار بارزة في الاشتباكات التي تتجدد من وقت إلى آخر بين التبانة وجبل محسن، تؤازرها مجموعات سعد المصري وزياد صالح.

أما شبكة عين الحلوة، فتؤكد المصادر أنها من أبرز مجموعات «جبهة النصرة» في لبنان، إذ تشكلت من بقايا «فتح الإسلام» و«جند الشام» و«سرايا زياد الجراح». ويترأسها كل من طه والشهابي، فيما يتوارى الماجد عن الأنظار منذ أشهر، علماً أن أحد المصادر رجح وجوده في المخيم قبل انتقاله إلى سوريا.

وأبرز كوادر «النصرة» في عين الحلوة، هم محمد أحمد الدوخي، ونعيم اسماعيل عباس، وبلال بدر، وهيثم محمود مصطفى، وعبد المجيد عزام، وزياد أبو النعاج، وجمال حمد. وتضمّ نحو 150 عنصراً، غالبيتهم من جنسيات فلسطينية وخليجية ومصرية وسورية ومغربية.

أما مجموعة صيدا، فيترأسها الشيخ اللبناني ن.ح.، وتتألف من أربعين عنصراً معظمهم لبنانيون، وتنسق مع أحد مشايخ صيدا المعروف بتطرفه. وأيضاً يترأس مجموعة عرسال شخص لبناني يُدعى ح.د.، وتنتشر في جبال عرسال وتدخل إلى سوريا ثم تعود بشكل متقطع. تضم نحو 300 عنصر، بين لبنانيين وسوريين. وأبرز كوادرها هم غسان الشمالي وأحمد الريس ويوسف عنتر، ومحسن صالح.

وفي القاع، يتزعم مجموعة «النصرة» السوري محمد خالد حجازي، وأبرز كوادرها من السوريين، ومن بينهم خالد محمد الترك، وفيصل عبدالله كيوان. تضم نحو 150 عنصراً، غالبيتهم من اللبنانيين والسوريين.

اجتماع وتخطيط

تشير معلومات أمنية إلى أن اجتماعاً عقد قبل زيارة وفد «القاعدة» الأخير، في منزل طه بعين الحلوة، حضره قياديون في «جبهة النصرة» و«فتح الإسلام» و«القاعدة»، أبرزهم السعوديون أبو مسلم وماجد الماجد وخالد العبيد، فيما ينفي مصدر أمني أن «يكون الماجد قد شارك في الاجتماع، لأن المعلومات في شأن مكان وجوده غير دقيقة».

وحضر الاجتماع زياد أبو النعاج والشهابي ومحمد محمود مصطفى ونعيم اسماعيل عباس، واليمني عاصم بكري الحصاص. وترأسه أبو مسلم، بناء على توجيهات أمير تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، بهدف التنسيق بين التنظيمات الثلاثة وتوزيع المهمات.

وتظهر تقارير أمنية أن أبو مسلم أبلغ الحاضرين استياء قيادة تنظيم «القاعدة» من عدم تنفيذ بعض المهمات الجهادية، وطلب من الماجد والشهابي وطه، إعداد كشوفات عن المجموعات التابعة لهم والأسلحة التي بحوزتهم، والموازنات المالية التي صرفت لهم، وكيف تم التصرف بها.

وطُلب من طه إعداد خطة أمنية لحماية قيادات وعناصر التنظيمات الإسلامية الثلاثة في عين الحلوة (القاعدة، جبهة النصرة، وفتح الإسلام) وتأمين أماكن آمنة لقيادات جديدة ستأتي إلى المخيم في إطار تفعيل العمل الجهادي في لبنان، وأبرزها السعودي أحمد السويدي.

وتقول مصادر مطّلعة إن السويدي سيتولى مهمة تنفيذ بعض العمليات في لبنان، والتخطيط لاستهداف مراكز حيوية تابعة لـ«حزب الله»، ووضع خطة لتهريب بعض قيادات القاعدة وتنظيم فتح الإسلام من سجن رومية. كما تمّ التأكيد، في الاجتماع، على وضع آلية للتنسيق مع مجموعات القاعدة وجبهة النصرة في بعض المناطق اللبنانية، وذلك من خلال الاتصال المباشر ببعض القيادات المنتشرة هناك.

الأمير والجبهة

تأسست «جبهة النصرة» في أواخر العام 2011، وهي جزء لا يتجزأ من تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة والجهاد السورية»، التي كان يشرف عليها سعد الدين محمود الحمرا سابقاً، وتحديداً قبل سبعة أشهر من بداية الثورة السورية.

وأسس الجبهة السوري محمود الجولاني، الملقب بـ«أبو محمد الجولاني»، أحد أبرز كوادر «القاعدة» في بلاد الشام. وكان الجولاني يقيم في ريف إدلب، ويدعو إلى الجهاد والقتال ضد النظام السوري بالوسائل كافة، وإعلان النصرة لأهل الشام وضرورة ضرب المؤسسات الحكومية والمقار العسكرية والأمنية. واتبع الجولاني تقاليد واستراتيجية أبرز قيادات «القاعدة»، لجهة عدم الظهور الإعلامي المرئي، وإنما بالصوت فقط.

وثمة إجماع أمني على أن «جبهة النصرة» لا تنسق مع «الجيش السوري الحر»، ولم توافق على تأليف أي قيادة مشتركة معه، باستثناء تنسيق الأفراد بشكل شخصي. وفي مطلع العام 2012، وبسرعة قياسية، بدأت الجبهة تستمدّ شهرتها الداخلية والعالمية، وتسرق «الضوء الجهادي» من «القاعدة»، وسرعان ما أصبحت التنظيم المسلّح الأبرز بين كل التنظيمات في سوريا.

شاركت جبهة النصرة في تنفيذ عمليات ميدانية ضد المواقع العسكرية السورية في معظم المدن السورية، علماً أنها انطلقت من ريفي حلب واللاذقية. وفي أواخر العام 2011، تم تأسيس معهد «محمد بن عبدالوهاب» لتدريس الشريعة الإسلامية في سوريا، وهو معهد يخرّج الجهاديين الجدد في الجبهة، علماً أن الجبهة تستقبل مهاجرين من جنسيات عربية وآسيوية وأفريقية وأوروبية وأسترالية، ومعظمهم قاتل في أفغانستان والشيشان والعراق واليمن وليبيا. وهم يحضرون عبر تركيا ولبنان والأردن والعراق.

وثمة تناقض واسع في شأن تقدير عدد مقاتلي الجبهة في سوريا، إذ تشير مصادر لبنانية إلى أنها تفوق العشرين ألفاً، بينما تجزم مصادر محلية بأن «العدد الفعلي يراوح بين 4 آلاف وستة آلاف، استناداً إلى تقدير المخابرات الأميركية. والمنطق يقول إن جبهة النصرة إذا تخطى عددها عشرين ألفاً، فإن بشار الأسد يكون خارج قصره».

تضم جبهة النصرة قوة تطلق على نفسها لقب «الاستشهاديين»، تضم أفراداً من جنسيات سورية وأجنبية. وينتمي إلى «النصرة» عدد من الأطباء، معظمهم من خارج سوريا، وهم عرب وأوروبيون. وغالبية مقاتلي الجبهة متمرسة في القتال الشرس وحرب الشوارع، وبحوزتهم أسلحة متطورة، ولديهم دعم مالي «غير محدود»، وهم قادرون على الانتقال إلى أي دولة مجاورة لسوريا عندما يُطلب منهم ذلك، علماً بأن للجبهة مجموعات نائمة عدة في العراق والأردن، إلى جانب لبنان.

تتلقى الجبهة دعماً مالياً من السعودية ومتموّلين خليجيين منتشرين في أوروبا والخليج. وظهر الاهتمام الأمني السعودي بالجبهة بعدما فشل «الجيش السوري الحر» من تحقيق أي تقدم عسكري واضح، بينما استطاعت الجبهة توحيد معظم الفصائل السلفية والكتائب الجهادية تحت لوائها.

ومن أبرز التنظيمات التي استطاعت الجبهة توحيدها: «أحرار سوريا»، الذي أسسه الشيخ السلفي السوري إبراهيم الزعبي، المقيم في مدينة مكة المكرمة في السعودية، وتتبع له مجموعات عسكرية منقسمة الى كتيبة التوحيد وتنتشر في بعض مناطق حمص ودرعا.

وكتيبة «ذو النورين»، التي تنشط في محافظة حمص، وانتقل عدد كبير من عناصرها إلى بعض المناطق التي كانت تشهد مواجهات عنيفة في اتجاه حلب وإدلب، وتتلقى دعماً من الشيخ عدنان العرعور. و«لواء صقور الشام»، الذي ينشط في ريف إدلب وينقسم الى مجموعات عدة تعمل هناك وفي جبل الزاوية والمناطق القريبة من الحدود السورية التركية. قائد اللواء الميداني هو السوري أحمد الشيخ، الملقب بـ«أبي عيسى».

ووحدت الجبهة «فرقة السليمان»، الناشطة في حماه وإدلب، برئاسة السوري محمد سليمان، الملقب بـ« أبو سليمان»، الذي تربطه علاقة بمسؤولين من «الجيش السوري الحر»، وتحديداً القائد الميداني العقيد قاسم سعد الدين، والمقدم المنشق جمال محمد معروف، المرتبط بالمخابرات التركية.

وضمّت الجبهة «المرابطون»، و«تنظيم أنصار الإسلام»، و«كتيبة مجاهدي غزة»، و«كتيبة خالد بن الوليد»، و«كتيبة الفاروق» (يقودها عبد الرزاق محمود طلاس)، و«كتيبة حمزة»، و«لواء الأمة» (يقوده الليبي مهدي الحاراتي)، و«أنصار الشريعة» (يقودها الليبي محمد الزهاوي).

تعليقات: