من تذوق مرارة موت الأم؟

المرحومة الحاجة مريم ابراهيم ديب عواضة (أم صبحي غريب)
المرحومة الحاجة مريم ابراهيم ديب عواضة (أم صبحي غريب)


تمضي أيام من عمري وعمر الزمن وتبقى ذكرى موت أمي هاجساً مريراً يدق ناقوس حياتي ‏

إني الآن أبوح بعد أن شنق البوح صمتي , وتوالت شروخ أعماقي وأبت إلا أن تنزف دماً ‏

وإنها لذكريات ولكن لا تزال ترسباتها في أعماقي , وما كنت لأكتبها لولا الذي أيقضها

فأبكاني ‏‏,, وسأبتدئ بأيامي من أولها .. لا لأنها من الأحزان جاءت بل لأنها من الأحزان

انتهت فبالأمس ‏وقبل أن تنطفئ قناديل الأمل من سماء حياتي وقبل أن تحرق نار الفراق

أحشائي كنت كالنحلة ‏قرب أمي لا أتذوق غير رحيقها ولا أهفو إلا إلى ضوئها أينما شع ...

كنت لها أغرودة الحياة ‏وكانت لي نعمة الوجود ‏

فمن تذوق مرارة موت الأم ‏

ومن أستطعم بطعم اليتيم ‏

ومن تقاذفته أمواج الخوف وانتحرت طفولته وطمست معالمها الهموم

وبات لا يعرف بحضن من ‏يختبئ ..‏

لقد ماتت أمي وتوارت تحت الثرى فبكيت فراقها وفقدت حنانها ودفء أحضانها وعذوبة

مناداتها ‏فأقبلت بوجهي على الأحزان أجوب خضم الحياة القاسية صامتة يحتويني الاحتراق

ويثقلني ‏الانكسار في زمن حب الذات ,,, لقد كانت أمي هي الدنيا والنعيم الذي يملأ

شعوري ... كانت ‏هي ذروة كل سعادتي ..‏

فيا لهفي عليها والموت ينزعها وهي تقول : ((أبنائي وبناتي أريدكم جميعاً حولي))‏

تظن أن الموت ينزعها وهو ينزعها ‏

فيا عزاء نفسي كيف تندمل جراحات اليتيم .. لقد أحسست بأني نبذت من الوجود لأن الوجود هو ‏أمي .. أحسست بأن طفولتي ذهبت إلى عالم آخر غير الذي ألفته ..

فحزنت حتى تقرّحت ‏مشاعري وتألمت حتى أشفق الألم .. لكن مشيت في الحياة خطوة خطوة ‏ وتجرعت كأس الألم قطرة قطرة ‏

ورضيت بما كتبه الله لي من شتات أحزاني في قاع أعماقي وهربت بها عن أعين البشر

اجوب ‏فيافي النسيان وقفار السلوى .. فقد علمتني الحياة الشموخ عند الشدة والصمود في وجه المحن ... ‏علمتني الحياة أن لا أبوح إلا إلى قلمي ولا أستعين إلا بخالقي ......

تعليقات: