المرض القاتل‎


ضيف قاتل يعيش ويسكن..إمّا بدمك...برئتيك...بعظامك...وإمّا بالغدد...

ناعم يحافظ على حسن الجيرة...لا يزعجك وصوله..ولا إقامته..وحتّى

تتعرّف عليه...يكون الأوان قد فات.

سريع الدخول ..سريع الإقامة..يعدّ أنفاسك ودقات قلبك..يعرف كل حركة

من أعضائك...نهم يأكل كل شيء...ولا ينفع معه أي علاج....لماذا؟

هو الخوف من إجراء فحوصات وتتأجّل تلك الفحوصات ربّما لسنوات

وخلال هذه السنوات ...ينهي هذا الضيف مهامّه الوسخة...وهناك أسباب

أخرى تقع على عاتق الطب كعدم التشخيص...وإعطاء التقارير الخطأ

للصور الشعاعية...وعندما تقع المصيبة يكثر السلاخون من مستشفى

وأطبّاء....

الخوف من ذلك المرض الملعون(المابتسمّاش) لماذا الخوف؟ كلّما علمنا

بوجوده باكراً...كلّما تخلّصنا منه باكراً...نؤجّل وبالموت نعجّل...

بئس مثل هذا الضيف..لا يخجل رغم كرم مضيفه...يدخل دون إستئذان

يأخذ راحته يدمّر...ثمّ يقتل.

رحلت في الساعة الثانية ...من صباح السادس من آذار من العام الماضي

وقاتلها الضيف الثقيل.

عجزت يومها عن رثائها...فالكلمات تعصى الأوامر..وشيطان الشعر يحضر

ساعة يشاء...بقيت لوحدي معها..حاملاً يدها والدموع...عيوني على العداد

وسمعي مع دقّاته....وسكت العدّاد...وانمحت الأرقام ..وسكت الإلهام..

لقد رحلت...أشكر كل من ذكرها وتذكّرها من تاريخ رحيلها وكذلك أثناء مرضها.

ومن سيذكرها في الأيام القادمة...كتبت لها هذا العام كلمات أسميتها:


راية الإستسلام


غادرني الإلهام

رافعاً راية بيضاء

كتب عليها بأحرف

حزينة

راية الإستسلام

:

لم أشتكي

ليست المرّة الأولى

ثانية

أحسست بالعجز

سكت القلم

وتحجّر الكلام

:

أين أنت

يا شيطان

شعري؟

هذا ليس

وقت الفراق

أين أنتِ

يا كلمات نثري؟

إبعدي عنّي

غدر السهام

:

يأملون شعراً..

وإن عجزت

يأملون نثراً

وأنا غارق

في الأحلام

:

لم أُصدّق..

ولن أتنازل

هي بيننا أراها..

وعلى نفسي

أتحامل

هي البرد

والسلام

:

هل ضاعت

منّي الحروف؟

وإن ضاعت

أضيع أنا

فما قيمتي

من دونها؟

وهذا ليس

وقت الصيام..

:

هي في دمي

ودمي

في عروقي

هي روحي

وروحي معي

هي الهواء

وأنا أتنفّس

ما كتبت

لأنّها

هي الإلهام

:

قالوا :رحلت

كذّبتهم جميعاً

وأنا لعدّاد

الموت أُراقب

وقد إنمحت

كل الأرقام

:

أمسكت يدها

لأُعطيها

خمس سنوات

من كل واحد

دزّينة نحن

لتأخذ خمستين(55)

لماذا رفعت

راية الإستسلام؟

:

نشتاق إليها

فهي رائحة

الزهور

والزهور

بلا رائحة

تداس

بالأقدام.

سجل التعازي بالمرحومة ا سهيلة غصن

كلمة وفاء أبوعباس في الذكرى السنوية الأولى للمربية سهيلة غصن

تعليقات: