بوصلة سليمان.. هل تقوده إلى تكرار تجربة الجميل؟

سليمان مستقبلا السفير المصري يوم أمس
سليمان مستقبلا السفير المصري يوم أمس


محايدون يبررون لرئيس الجمهورية مواقفه.. وآخرون ينتقدون

أبعد من تلك الكنيسة (الكابيلا) التي أقامها ميشال سليمان في حديقة القصر الجمهوري، في سلوك غير مألوف من قبل رئيس دولة مؤتمن على الدستور ولمقره رمزية معنوية كبيرة عند مجمل الشعب اللبناني، فإن الإطلالة الرئاسية من عمشيت وبنبرة عالية في سياق مقاربة اللقاء الذي عقد بين سليمان والوفد السوري المشارك في قمة طهران، أفسحت المجال أمام تفسيرات متعددة.في قراءة المحايدين أن ميشال سليمان «لا يزال تحت السقف وإن ارتفعت نبرته بعض الشيء حيال قضية أمنية ـ سياسية حساسة، ولا يجب أن نقيّم ما يقوله ميشال سليمان في العلن، وآخره ما قاله في احتفال عمشيت، فما يقوله يشرح نفسه بنفسه، ولكن يجب أن نقيّم ما لم يقله، فهو لم يتوجه إلى الداخل مستفزاً هذا الطرف أو ذاك، بل ترك النافذة مفتوحة، عبر قوله إنه يتمنى ألا تكون هناك مسؤولية سورية إزاء ما حصل، وهو لا يستطيع أن يسكت على بعض الأصوات التي حاولت تشويه صورة اللقاءات التي أجراها في طهران».يضيف هؤلاء أن لسليمان موقفه من مجمل القضايا الداخلية، وقد يلتقي مع هذا الطرف أو ذاك وقد يلتقي مع الأطراف كلها، وبالتالي لا يستطيع إلا أن يعبر عن نفسه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يجار رئيس الجمهورية 14 آذار في مذكرتها ضد سوريا، لا في موضوع قطع العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا ولا في موضوع طرد السفير السوري في لبنان، ولا في موضوع المعاهدة اللبنانية السورية أو طلب نشر القوات الدولية على الحدود، ولا في خصوص المنطقة العازلة، كما أنه كان دائماً في طليعة المدافعين عن العلاقات التاريخية المميزة بين البلدين باعتبارها «غير مرهونة بإرادة أو مزاجية حاكم لبناني أو سوري».في المقابل، يسجل حلفاء للنظام السوري في لبنان الملاحظات الآتية:أولاً، أن الاحتفال العمشيتي، جاء غداة الندوة الصحافية التي عقدها رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد للرد على مذكرة «14 آذار» ضد سوريا وما تضمنته من بنود خطيرة في نظر «حزب الله»، حيث خاطب رعد رئيس الجمهورية بورقة مكتوبة ووضعه أمام مسؤولياته بضرورة عدم الانزلاق الى حيث يريد هذا الفريق.ثانياً، قدم ميشال سليمان نفسه أكثر إصراراً على تبني قضية توقيف ميشال سماحة بكل ما يكتنفها من غموض.ثالثاً، شكل الاحتفال العمشيتي فرصة لتوضيح ملابسات لقاء طهران بين سليمان ورئيس الوزراء السوري وائل نادر الحلقي ووزير الخارجية السوري وليد المعلم، وبالتالي إحاطة «جهة ما» في الداخل او في الخارج، علماً بتمسكه بموقفه السابق، بدليل تكرار إشادته بإنجاز مؤسسة قوى الأمن الداخلي، وغسل يديه من المبادرة الى عقد اللقاء مع الوفد السوري ووضع الطرف السوري ليس في موقع المبادر الى طلب اللقاء فقط بل في موقع المتسول، فيما قدم نفسه هو في موقع المعاتِب، المصرّ على كل كلمة قالها في قضية سماحة.رابعاً، إن سليمان من خلال تمنيه ألا يكون سوريون رسميون متورطون في قضية سماحة، يوسع مساحة الالتباس في تعاطيه مع هذه القضية، ويذهب في الوقت ذاته عن قصد أو عن غير قصد في اتجاه افتعال مشكل سياسي مع السوريين، وربما هذا ما تتمناه جهات داخلية أو خارجية تناصب العداء للنظام السوري. خامساً، إن ميشال سليمان هو الرئيس اللبناني الأول الذي يصل الى هذا المستوى من الصدام مع سوريا، منذ عهد امين الجميل الذي توعد من ولاية ميتشيغن الأميركية بقصف دمشق. وربما يكون ذلك نتاج قراءة خاطئة للأحداث في سوريا، بلغت سليمان من جهة غربية أو إقليمية، مفادها أن بشار الأسد ونظامه قد شارفا على الانتهاء وأن ذلك سيؤدي حتماً الى ضعف حلفائه في لبنان، وأن المرحلة المقبلة هي مرحلة 14 آذار.سادساً، يتهم حلفاء لسوريا في لبنان، ميشال سليمان بإعادة تموضعه سياسياً، ولذلك قرر، مع دخوله السنة الخامسة من ولايته الرئاسية، أن يسعى الى صياغة مستقبله وموقعه في ضوء الوقائع السياسية السورية واللبنانية الجديدة. سابعاً، كلما اقتربت الرئاسة الاولى من طرف على حساب طرف تراجع موقعها كحكم، وثمة محطات وعناوين منها: التعيينات الإدارية، الإنفاق الحكومي وعدم إصدار القانون لأسباب وخلفيات غير مقنعة، السعي لتغيير الحكومة، «داتا» الاتصالات وتقديمها الى الأجهزة كاملة، ودور رئيس الجمهورية يشكل تغطية لمخالفة دستورية، وصولاً الى مراضاة «فريق 14 اذار» في موضوع الحوار الوطني وربط انعقاد طاولة الحوار بحضوره.ماذا لو جاء الآن من يقول إن الأداء الرئاسي صار منحازاً لطرف، داخلي، ولأنه كذلك، فقد رئيس الجمهورية الأهلية حتى يكون نقطة جمع، كما فقد الأهلية لأن يكون راعي طاولة الحوار الوطني؟هذا الرأي موجود ومتداول به في اوساط رفيعة المستوى في الأكثرية.

تعليقات: