ملف الصرف الصحي هل يقفل في 2016؟ محطات بلا شبكات وأخرى بلا موقع

 الطرق \
الطرق \"تعوم\" بمياه المجارير.


التمويل بالمفرّق يعطّل المشروع والأولوية لـ 12 محطة ساحلية

مشكلة محطات الصرف الصحي في لبنان عويصة وأبدية على ما يبدو. فهي وان كانت مشروعاً شاملاً الا انها بالمفرق تصبح رهينة التمويل المقسط. والغريب في الأمر هو ان عدداً منها يبدأ تشييدها ثم يتوقف لتعثر تأمين التمويل. والمأسوي هو انه يستحيل، قانوناً، تحويل مبلغ من محطة الى أخرى.

29 عاماً انقضت على وضع مجلس الانماء والاعمار المخطط التوجيهي للصرف الصحي الذي أعيد تحديثه العام 1994. صحيح ان مخططات أقضية البترون وكسروان وبعبدا وعاليه أنجزت، وبوشر العمل في جبيل لتكون كل المخططات منجزة نهاية السنة الحالية، حسبما ذكرت مستشارة وزير الطاقة واالمياه لشؤون الصرف الصحي رندا نمر، الا ان التنفيذ الجذري والمتكامل للمشاريع لا يزال غائباً والتقدّم في العمل بطيء نتيجة لمشكلتين رئيسيتين: التمويل، والمدة الطويلة التي تستغرقها الدراسات.

أولوية التمويل مسألة يمكن ان تطرح لمناقشة لانعكاساتها المباشرة على مسار العمل في مشاريع الصرف الصحي، فما يحصل عملياً انه من بين 52 محطة تكرير يشملها المخطط التوجيهي، ثمة محطتان فقط تعملان بمعالجة أولية هما صيدا وغدير، وتشمل هذه المعالجة إزالة الزيوت والشحوم والمواد الصلبة من المياه، لكنها تبقيها غير صالحة للاستعمال مما يجعل مصبّها البحري طويلاً جداً لإبعاد التلوث عن الشاطىء. وثمة محطة واحدة تعمل بمعالجة ثانوية هي محطة النبطية حيث تزال من 85 الى 90 بالمئة من المواد الملوثة. وهناك 5 محطات شيّدت الا انها تفتقد الشبكات وبالتالي لا تعمل.

في المقابل، نجح مجلس الانماء والاعمار في الحصول على تمويل جزئي لـ 13 محطة هي اما قيد الدراسة، او قيد التصميم، او يتمّ التفاوض عليها مع طرف معين، او تعترضها مشكلات، مما يعني انه لن يباشر العمل عليها في القريب العاجل ولا يمكن انجازها كلياً للافتقار الى الدعم المالي الكافي. علماً انه يمنع نقل التمويل من محطة الى اخرى، وفق رئيس دائرة مشاريع الري والمياه والمجاري والبنى التحتية في مجلس الانماء والاعمار يوسف كرم، "لأن التمويل يكون مخصصاً للمحطة بالتحديد"، والسؤال الذي يطرح نفسه: لمَ لا يكون التركيز على اتمام كل محطة على حدة للبحث لاحقاً عن تمويل لأخرى، بدل أن تبقى الأموال أشبه بالمجمدة ويُستغل اليسير منها في مشاريع متفرقة؟

في هذا الاطار، يلفت كرم الى ان "أولوية التمويل تعطى لمحطات الساحل الـ 12 لوقف صبّ المياه المبتذلة في البحر المتوسط، وللمحطات الموجودة في أماكن تتمركز فيها المياه الجوفية لحمايتها، وفترة تأمين التمويل تستغرق من 18 شهراً الى سنة ونصف".

التمويل يقف عائقاً أمام اتمام المشاريع، وتشير نمر الى ان محطتي طرابلس وجبيل نفذتا "لكنهما لا تعملان لغياب الشبكات"، ليأتي توضيح مجلس الانماء والاعمار ان "تأخير الشبكات يعود الى انتظار البت بقرض الوكالة الفرنسية للتنمية".

محطتا شكا والبترون

لمحطتي شكا والبترون اللتين رافقتهما مشكلات عدة حكاية تنمّ عن "سوء الادارة والتنظيم والتخطيط في المجلس" على قول نمر "فقد طلب موافقة وزارة الطاقة والمياه على ابرام اتفاق لانشاء شبكات لهاتين المحطتين لا تشمل الوصلات المنزلية، مما يعني المراوحة دون امكان تخلص المنازل من المياه المبتذلة، وبعد التداول معه تمّ اتفاق على ان يحضّر ملحقاً بالوصلات المنزلية التي تأخر تلزيمها 14 شهراً، وستستغرق الدراسة للتنفيذ 3 أشهر، وبالتالي لن توضع هذه الوصلات في أحسن الأحوال قبل آخر سنة 2011". لكن القروض تتدفق في غير مكانها. وفي هذا المجال تناولت نمر بعض النوادر، منها "مناقشة مجلس الانماء والاعمار مع البنك الاوروبي قرضاً يرمي الى تحويل محطة غدير من المعالجة الأولية الى المعالجة السنوية، ولكانت هذه خطوة ايجابية بحق لولا إغفال المجلس أن التطور السكاني يوجب توسيع المحطة قبل العمل على تحويلها، لذلم أوقف القرض". ويأتي التمويل على شكل قروض من مصادر عدة: البنك الأوروبي للاستثمار، والبنك الدولي، والبروتوكول الفرنسي، والبنك الاسلامي، والصندوق الياباني، والصندوق العربي، والوكالة الفرنسية للتنمية، والبروتوكول الايطالي.

يعزو كرم المدة الطويلة التي تستغرقها الدراسات الى "صعوبات تعترض واضعيها، كتحديد مواقع محطات التكرير لتستوعب حجم الضخّ البشري اليها، والاستحصال على موافقة البلدية المعنية، علماً ان ثمة بلديات تعترض على اقامة المحطة في نطاقها".

"سينتهي العمل على محطات الساحل خلال سنتين، اما نظيراتها في سائر المحافظات فتعتزم الوزارة انجازها خلال خمس سنوات"، اي ان المفترض اقفال ملف الصرف الصحي سنة 2016، حسبما أفاد كرم. ولكن هل سيتمكن المجلس والوزارة من النجاح في هذا التحدي، والتوقف عن صب 950 متر مكعب غير مكررة من الصرف الصحي في البحر الابيض المتوسط سنوياً من لبنان عبر 74 قسطلاً ضخماً في ظل أزمة التمويل؟

تعليقات: