كتاب مفتوح من سمر الحاج إلى مفتي الجمهورية

وجهت السيدة سمر شلق الحاج، زوجة اللواء الموقوف علي الحاج، كتاباً مفتوحاً الى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، شرحت فيه قضية زوجها، وقالت إنه معتقل سياسي بامتياز.

وجاء في الكتاب:

أبادركم بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سلام فقدته عائلتي الغالية من لحظة اختطاف زوجي اللواء المعتقل «علي الحاج» قبل عشرين شهراً، بحجة المدّعى عليه، وبصفة الموقوف على ذمة التحقيق.

لقد سبق لسماحتكم ان أدليتم بتصريح لجريدة الأنباء الكويتية، بتاريخ (21 نيسان 2007) جاء فيه في معرض إجابتكم حول موضوع الضباط الأربعة بما يلي: «إن اطلاق الضباط الأربعة، سيحدث غضباً شديداً وعاماً في لبنان. والأولى ان يبقوا حيث هم بانتظار التحقيق والمحكمة... أعتقد أن الدعوة لإطلاق سراحهم، تمثل قمّة التحدي للسلطة القضائية، التي قررت وضعهم حيث هم بانتظار التحقيق».

يدرك الرأي العام يا سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية، أن التحقيق مع هؤلاء الضباط، ومنذ اكثر من ستمئة يوم ولغاية الساعة، لا يُراد له أن يُستكمَل معهم، ولم ولن يواجهوا لا بقرينة ولا بدليل لاستحالة وجودهما ضد البريء والحمد لله، مع عدم إغفال شهود الزور المتهاوين الواحد تلو الآخر.

يا صاحب السماحة، لا بد وأن سماحتكم قد احطتم علماً بما اوردته الخارجية الأميركية، للكونغرس الأميركي في تقريرها، حول حقوق الإنسان في اوائل شهر آذار ,2007 حيث اعتبرت أن توقيف الضباط دون أي مسوغ منطقي أمر غير مبرر، ووصفته بالاعتباطي والتعسفي.

اما إن اجبتم بما أجبتم أعلاه، فتكونون قد تفضلتم وحسمتم الجدل القائم في البلاد حول سبب الاعتقال، وذلك حين أكدتم على أولوية الإبقاء على هذا التوقيف تفادياً للغضب الكبير والعام لجماهير لبنان، كما عبرتم. أي ما معناه أن سبب التوقيف هو عدم إغضاب الجماهير، والإبقاء على جو السرور يحيط بهم من كل حدب وصوب.

وهنا، وأنتم الأدرى، فما من داع لتذكير جانبكم بالحديث الشريف للرسول الأكرم حين قال:

(لا تغضب).

بسم الله الرحمن الرحيم:

(وإذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

صدق الله العظيم.

بعد مرور اسبوعين على جريمة الرابع عشر من شباط، كان للواء الحاج لقاء مع سماحتكم، حيث اطلعكم على آخر ما توصلت إليه التحقيقات لقوى الأمن الداخلي حول كيفية تنفيذ عملية اغتيال الرئيس الشهيد رحمه الله، هو نفسه الواقع الذي توصلت إليه لجنة التحقيق الدولية بعد سنتين من الجريمة النكراء.

ولا أشك لحظة بأن سماحتكم تذكرون هذه الواقعة حيث أقسم زوجي اللواء الحاج اليمين بأن «الله على ما يقوله شهيد». وطلب من سماحتكم الحث على تركيز الجهود والمساعي على دعم التحقيقات للتوصل الى القتلة المجرمين في أسرع وقت ممكن.

لكن الذي حدث، كان ولا يزال مخالفاً لكل منطق او نية صادقة توصل الى الحقيقة، بحيث شرع المضللون برفع صورنا في ساحات الغضب المنظم مترافقاً مع إطلاق التهم علينا جزافاً، كما تمت محاكمتنا علانية على شاشات التلفزة والإذاعات والصحف بهدف إقناع الجمهور الغاضب أننا القتلة، والعياذ بالله، وبالتالي التورية على القتلة الحقيقيين وإتاحة كل التسهيلات لتجهيلهم وإخفائهم. حتى بتنا في وضع مباح لدرجة تحليل الدم، فاستبيحت منازلنا وحرماتنا من قبل الدوليين وتم اعتقال رجالنا بأبشع المظاهر وتم زجنا في زنازين مستحدثة تحت الأرض في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي دون اي مبرر قانوني، ليتم نقلنا فيما بعد الى مبنى ما يسمى «المعلومات» غير الموجود ايضاً في سجلات سجن رومية التابع لسرية السجون. حيث تنفذ بحقنا عقوبة العزل التام والانفراد منذ اكثر من عشرين شهراً، بقرار سياسي بامتياز صادر عن دولة الرئيس السنيورة ومعالي الوزير فتفت.

سماحتكم مفتي الجمهورية اللبنانية، كل الجمهورية اللبنانية، وما افهمه عن هذا الموقع المشرّف انه معني بكل مواطن لبناني، فكيف والحال معنا ونحن أبناء الطائفة السنية الكريمة من مناطق البترون وإقليم الخروب الطيبة، الملتصقون بالأرض والتراب، الفخورون بوطنيتنا وعروبتنا وإسلامنا.

لم نستفق بعد من صدمة استقبالكم للسيد سمير جعجع، في دار المسلمين يوم عيد الفطر، وهو صاحب اليد الطولى في قتل الأبرياء من أهلنا في القرى الإسلامية التي دمرها وهجّر من تبقى من ناسها، متوجاً مآثره بتهديم مساجد المسلمين ومنها مسجد قرية «راسنحاش» في البترون، مسقط رأسي الحبيب.

هو أمر أذهلنا... ولا سيما اننا حاولنا مراراً الحصول على شرف مقابلتكم عند بدايات الاعتقال، ولم نحظ بأي جواب.

نحن يا سماحة المفتي الأولى بهذا الاستقبال، كون سماحتكم الراعي، ولنا احقية رعايتكم كما سائر أبناء المسلمين السواسية. نحن نحترم القانون ونرفض تسييس القضاء. نحن مع التأكيد على قيام المحكمة الدولية العادلة الجزائية، ليس فقط لمحاكمة القتلة المغيبين والذين لا بد ومهما جهد الجاهدون من أن يُكشف عنهم، بل للاقتصاص من كل من ضلّل التحقيق بمقولة «انفجار تحت الأرض»، ومن كل من ركّب وحضّر واشترى ذمم «الملوك» من شهود الزور، وكلاهما اصبح معلوماً من الرأي العام.

نعم يا سماحة المفتي، إن زوجي اللواء علي الحاج هو معتقل سياسي بامتياز. هو لقب مشرف يضيفه لتاريخه الناصع الذي ما لوث يوماً لا بجرائم جماعية ولا باغتيالات لرؤساء وزراء سابقين او لاحقين ولا بالعمالة للعدو الغاصب والحمد لله. مكللٌ بالإيمان الراسخ والحس الوطني الصلب، والمستشهد دائماً بما يلي من كريم القول:

ـ من خاف من بشر مثله سُلط عليه. «الحكمة المرجع».

ـ لا تدينوا لئلا تُدانوا. «الإنجيل المقدس».

ـ اعدلوا، هو اقرب للتقوى واتقوا الله. «القرآن الكريم».

تعليقات: