الأزمة الاقتصادية تضيّق الخناق على تجار راشيا والبقاع الغربي وأهاليهما

في سوق ضهر الأحمر
في سوق ضهر الأحمر


إقفال عدد من المحال والمؤسسات التجارية... والتعاونيات

..

يسيطر الجمود على القطاعات التجارية المتنوعة في منطقتي راشيا والبقاع الغربي، بفعل الوضع الاقتصادي المزري وتدني القدرة الشرائية عند المواطنين، الناتج عن الغلاء الفاحش في أسعار السلع على مختلف أنواعها. ودفع ذلك بالعديد من المؤسسات والمحال التجارية إلى الإقفال، في خطوة وصفها التجار بـ «الاستباقية»، من أجل فرملة الخسائر التي دمّرت قدراتهم المادية، وللخلاص من مستنقع الديون والفوائد المصرفية المتراكمة عليهم. ولم يقتصر الجمود على القطاعات التجارية فقط، بل طال القطاعات الإنتاجية والعاملين فيها، فنالت من مستوى الاستقرار الاقتصادي، والأمن المعيشي عند المواطنين ورؤوس الأموال على حد سواء، فحرّكت عندهم الحوافز التي من شأنها أن تلجم نفقاتهم، وتخفض مصاريفهم، ليتمكنوا من مواجهة الأعباء الحياتية والمعيشية التي تتسع دائرة استهدافاتها لتطال الطبقات الميسورة وحتى المتمولة.

ويلفت هشام أبو رافع (تاجر ألبسة) إلى أن التنزيلات والأسعار المحروقة التي استخدمها، لم تنفع في استقطاب الزبائن، عازياً السبب إلى «الوضع الاقتصادي المتردي، الذي يضيق الخناق على أعناق الطبقات العادية وحتى الميسورة مادياً»، مشيراً إلى أن «الغلاء المستشري، الذي يشمل السلع على أنواعها، تمكن من القضاء على القدرة الشرائية عند المواطنين، وسلبهم استقرارهم المعيشي والحياتي»، مشيراً إلى أن «عشرات المؤسسات والمحال التجارية وحتى التعاونيات الغذائية أقدمت على الإقفال، للتخلص من الخسائر، وتوسع دائرة الفوائد والديون المترتبة»، مؤكداً أن «مروحة الإقفال قابلة للتوسع، لا سيما في حال لم تتحسن الأوضاع، إنما التحسن بعيد المنال، خصوصاً أننا بدأنا نسمع عن النية لتوقيف رواتب الموظفين، وبذلك تتشكل الطامة الكبرى». ويلفت رواد بحمد (تاجر ألبسة رجالية) إلى أن «جمودا قاتلا يجتاح القطاع». وقال: «نسبة الزبائن تقلصت بشكل لم تشهده أسواق مدينة ضهر الأحمر من قبل»، لافتاً إلى أن «المواطن يفضل تأمين الأولويات، لا سيما الغذائية منها والاستشفائية والأقساط المدرسية لأولاده، ومن ثم يفكر بشراء الثياب، إلا أن الغلاء الفاحش الذي لم يوفر سلعة أو صنفاً ودمّر قدرات المواطن المادية، وجعله يحسب ألف حساب قبل ان يقدم على شراء قميص أو بذلة أو ربطة عنق». وأبدى بحمد تخوفه من استمرار الوضع القائم، «لأنه قد يؤدي إلى الشلل التام في كافة القطاعات التجارية والإنتاجية».

ودفع ذلك بكثير من العائلات حتى الميسورة الحال للجوء إلى الأسواق الشعبية، لأنها لم تعد تقوى على تحمل الأعباء والمتربات الحياتية. فأم رباح، التي تزور سوق ضهر الأحمر اسبوعياً، لفتت إلى الأوضاع الصعبة التي تعانيها، وقالت: «نحن بحاجة لتوفير القرش، على الرغم من كونه لا يساوي شيئا، إنما لا بد للبحصة من أن تسند الخابية». أضافت «نحن عائلة مكونة من خمسة أفراد، وزوجي هو المعيل الوحيد، يعمل موسمياً في القطاع الزراعي. لكن الوضع الاقتصادي القائم قضى على مورد عيشنا، ونسعى لشراء بعض المتطلبات الضرورية للعائلة. بتنا اليوم على الأرض يا حكم، ما معنا ولا «نكلة»، زوجي يشتغل يومين أو ثلاثة بالفاعل في الأسبوع، حتى نتمكن من تأمين لقمة العيش».

ويرى المواطن أبو رشراش سجيم أن «الأسواق الشعبية باتت المتنفس الوحيد لأكثر من 70 بالمئة من الشعب اللبناني، في ظل الحالة الاقتصادية المزرية التي يمر بها الوطن، خصوصا وأن الآلاف من العمال والموظفين فقدوا مصادر رزقهم، نتيجة الانعكاسات السلبية التي خلفهتا عملية إقفال عشرات المؤسسات التجارية والإنتاجية»، مشيراً إلى أنه رسم خطة جديدة، تبناها جميع أفراد عائلته المؤلفة من أربعة أفراد. وتقضي بتقليص المصاريف والنفقات الشهرية بنسبة 30 بالمئة، وذلك عن طريق شراء الحاجيات الضرورية. وقال: «اعتمدنا المقولة الشائعة في الخطة، بحيث لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، لافتاً الى أن نسبة الـ 30 بالمئة، التي نعمل على توفيرها، ستكون معدة للحالات الطارئة، لاسيما وأن الأوضاع القائمة حالياً في البلد لا تبشر بالخير، ولا بالاستقرار، وقد تخرج الأمور من عقالها، فتجارب لبنان علمتنا المفاجآت». واضاف: «الأسواق الشعبية تضم مختلف أنواع الحاجيات التي تتطلبها العائلة، وهي بأسعار مقبولة وتناسب معظم طبقات المجتمع، وتلك الأسباب هي وراء الهجمة المتصاعدة على الأسواق»، واصفاً يوم السوق بـ «يوم الحشر، حيث الكل اكتوى بنار الغلاء».

تعليقات: