النص الكامل لخطاب السيّد نصر الله: حكومة شراكة وطنية ولا إلغاء لأحد

سماحة السيد حسن نصر الله
سماحة السيد حسن نصر الله


اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان المعارضة الوطنية اللبنانية في حال فوز من ستسميه لرئاسة الحكومة ستطلب منه تشكيل حكومة شراكة وطنية. وشدد على ان "المعارضة لا تدعو لحكومة لون واحد ولا لإلغاء أي فريق لانها تحترم تمثيل الجميع"، مضيفا انه "صحيح اختلفنا على موضوع رئاسة الحكومة ولكن هذا لا يعني أن أحدا في المعارضة يفكر بإلغاء أي فريق".

ورفض السيد نصر الله "الكلام الصادر عن البعض الذي يدّعي وينذر ان الحكومة الجديدة إذا كلف من ترشحه المعارضة سيمس ذلك بموقع الطائفة السنية"، مشيرا الى ان "هذا افتراء لان المعارضة حريصة على عدم المساس بموقع اي طائفة وتريد حكومة متعاونة بعيدة عن الكيدية وهذا ما سيتم اثباته اذا ما كلف من ستسميه المعارضة".

ولفت السيد نصر الله ان "المعارضة ليست بصدد شطب احد وكل ما فعلته وتفعله هو ممارسة حقها الدستوري"، وامل انه "إذا وصل مرشح تدعمه المعارضة أن يحظى دعماً وأن يعطى فرصة لتشكيل الحكومة وحينئذ ترون إذا هذه الحكومة ستعمل لمصلحة الشعب اللبناني أو لا"، مضيفا انه "إذا أصبح مصير لبنان متوقف على شخص فهذه كارثة وهذا احتقار للوطن وللشعب اللبناني".

واشار السيد نصر الله خلال كلمة متلفزة عبر شاشة قناة "المنار" مساء الثلاثاء الى ان "المعارضة لا تزال تتشاور فيما بينها لتحديد مرشحا لرئاسة الحكومة الذي ستسميه خلال الاستشارات"، وتابع انه "خلال ساعات قد نتجه لحسم الأمور في حال ثبت موعد الإستشارات غدا".

وفيما شكر السيد نصر الله النائب وليد جنبلاط والحزب "التقدمي الاشتراكي" على موقفهما الوقوف بشكل حاسم الى جانب سوريا والمقاومة في هذه المرحلة المهمة في تاريخ لبنان، لفت الى انه "سيتم التأسيس سويا على هذا الموقف في مرحلة سياسية جديدة من التفاهم ومواجهة التحديات المشتركة".

وانتقد السيد نصر الله "الاساءات التي صدرت في اليومين الماضيين للنيل من دولة الرئيس عمر كرامي خصوصا انها تأتي من من يتهمه القضاء اللبناني بأنه قاتل الرئيس رشيد كرامي"، مشيرا الى ان "كرامي لم يترشح لرئاسة الحكومة ولم يطلب من أحد ذلك ولم يشكل مكينة وفريق سياسي لا محليا ولا إقليميا لإيصاله إليها فيما في الجبهة الأخرى الحراك الدولي والإقليمي ليل نهار لإيصال مرشح محدد"، واضاف السيد نصر الله ان "كرامي ابلغه انه يفضل ايجاد شخص غيره لرئاسة الحكومة ولكن إذا توقف الأمر ولا خيار آخر وكان من الواجب عليه أن يتولى ذلك لحماية المقاومة والبلد فهو سيقبل تحمل هذه المسؤولية".

وحول ما قاله رئيس حكومة تصريف الاعمال في لبنان سعد الدين الحريري عن الإغتيال السياسي، قال السيد نصر الله إنه "في لبنان على مرّ التاريخ كانت شخصيات سنية تتولى رئاسة الحكومة ومن بعدها يأتي رئيس حكومة آخر في ما يعرف بنادي رؤساء الحكومة السابقين"، مشيرا الى انه "لم يسبق أن يقال عن عملية ديمقراطية أن هذا اغتيال سياسي"، مضيفا ان "من حق الكتل النيابية أن ترفض شخصا معينا بمعزل عن نسبة تمثيله لأن موقع رئاسة الحكومة ليس موقعا تمثيليا بل موقع ريادي".

وفيما اشار السيد نصر الله الى انه "في مثل هذه الظروف الحديث عن عدم تسمية الحريري وتوصيفه كاغتيال سياسي هو ترهيب للمعارضة"، سأل "اذا كان يحكى عن اغتيال سياسي لشخص معين ولكن ماذا عن الاغتيال السياسي لحركة مقاومة هي واحدة من أشرف حركات المقاومة في المنطقة"، ولفت الى ان "من يحمي لبنان اليوم هي معادلة المقاومة والجيش والشعب من خلال توازن الردع الذي يعترف به الإسرائيليون"، واضاف "أليس ما يجري اليوم اغتيال سياسي للمقاومة لمصلحة العدو".

وقال السيد نصر الله إن "الكثير من الحكومات والدول خلال الايام الماضية تحدثت عن احترام الشرعية والمؤسسات"، سائلا "هل اذا انتجت الاستشارات اغلبية جديدة ووصلنا الى مرشح غير الحريري الى رئاسة الحكومة سنسمع نفس الكلام ام سنسمع كلاما آخر"، مؤكدا "اننا سنسمع كلاما آخر خصوصا اننا سمعنا بعضهم يتحدث عن التقسيم والمشروع الشيعي والفارسي والتحريض المذهبي"، مشددا على ان "كل هذه الإدعاءات هي تزوير وتضليل وتحريف وكل المعركة معنا قائمة على ذلك منذ انطلاقة هذه المقاومة وصولا إلى المحكمة".

من جهة ثانية اكد السيد نصر الله ان "طابع الاستعجال الذي طبع به مسار القرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية في الفترة الاخيرة يأتي في سياق توظيفه سياسيا في لبنان للضغط علينا وخدمة لخيارات سياسية معينة".

وتساءل السيد نصر الله "عن التهديد الذي وجهه السيد بلمار لبعض وسائل الاعلام لنشرها امورا ترتبط بالتحقيق الدولي وهو يقصد تلفزيون الجديد"، لافتا الى انه "لسنوات مضت جرى تسريب الوقائع المتعلقة بالمحكمة والتحقيق في كثير من وسائل الاعلام من دون ان يحرك السيد بلمار ساكنا لان كل تلك التسريبا كانت تخدم هدف النيل من حزب الله وسوريا".

وقال السيد نصر الله إن "بلمار اعتبر التسجيلات الأخيرة تمس بالفريق الآخر وبمصداقية التحقيق"، واضاف ان "غيرة بلمار على التحقيق تحركت هنا بشكل مفاجئ وهذا يؤكد مجدداً أن هذه المحكمة تستهدف فريقاً محددا ولا تبحث لا عن حقيقة ولا عن عدالة".

ولفت السيد نصر الله الى ان "الرد الاول على القرار الظني كان إسقاط الحكومة"، مشيرا الى ان "للكلام بقية وتتمة وذلك حين الاعلان عن مضمون القرار الظني وسيكون لنا كلام أخير وتفصيلي في هذا السياق"، موضحا "اذا كنتم تريدون توظيف هذه المرحلة بالتحديد(مرحلة ارسال القرار الظني من بلمار الى فرانسين) للضغط علينا لتوظيفه فيما يتعلق بخياراتكم السياسية فنحن لن نخضع لهذا التوظيف السياسي"، مؤكدا ان "هذا الامر غير قابل للمناقشة".

...

..

.

* وهذا نص كلمة سماحة السيد حسن نصر الله كاملاً:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين ابي القاسم محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحبه الاخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كان لا بد من هذا الخطاب المباشر معكم على ضوء التطورات السياسية الحاصلة عندنا لنقدم من جديد ما نفهم وما نرى وما نعتقد أن الأمور يمكن أن تتجه إليه.

عندي عنوانان:

العنوان الأول يتصل بتطورات موضوع المحكمة الدولية والقرار الظني، والموضوع الثاني يتصل بالتطورات السياسية والشأن الحكومي في لبنان.

في الموضوع الأول كما ذكر وتكلمت في آخر حديث معكم، صدر يوم الاثنين عن بلمار قرار ظني بقي طي الكتمان وتم الإعلان عنه، وذكرنا حينها أن هذا التوقيت هو أيضاً جزء من تسييس كل خطوات ما يسمى بالمحكمة الدولية، وجاء في التوقيت الذي كان مقرراً للاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة، ولكن فيما بعد تم تأجيل هذه الاستشارات إلى يوم الغد.

كان يقال إن القاضي فرانسين هو بحاجة بالحد الأدنى إلى ستة أسابيع، من ستة أسابيع إلى عشرة أسابيع بالحد الأدنى، لقراءة والتدقيق في مضمون المسودة المقدمة من المدعي العام بلمار لكن لاحظنا على ضوء التطورات السياسية والاتصالات السياسية التي كانت تجري في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية أن مسار القرار الظني أخذ طابع الاستعجال والسرعة، وتحديد موعد في 7 شباط يأتي في هذا السياق لأنه أيضاً المطلوب المزيد من توظيف موضوع إعلان مضمون القرار الظني، توظيفه سياسيا للضغط علينا وللضغط على حلفائنا خدمة لخيارات سياسية محددة ومعينة.

الجديد أيضاً في هذا السياق أن السيد بلمار كما طالعنا في وسائل الإعلام ـ يعني ليس لدي معلومات خاصة ولكن ما قيل في وسائل الإعلام ـ أنه للمرة الأولى لعله يوجه تهديد لبعض وسائل الإعلام لأنها نشرت أموراً ترتبط بالتحقيق الدولي، وهو يقصد بطبيعة الحال تلفزيون "الجديد"، والملفت هنا الذي يجب نقف عنده جميعاً أنه مرت سنوات من تسريب التحقيقات من داخل المحكمة الدولية لصحف ومجلات وتلفزيونات وكان آخرها التلفزيون الكندي من جنسية السيد بلمار، والسيد بلمار لم يحرك ساكنا. لماذا؟ بكل بساطة، لأن كل التسريبات التي حصلت فيما مضى يمكن أن تخدم هدف النيل من حزب الله من سوريا ومن هذا الفريق، ولذلك هو كان يغض الطرف لأن هذا يخدم المشروع السياسي.

الجديد فيما حصل من تسجيلات أو بث تسجيلات في الآونة الأخيرة لأنه اعتبر أن هذا يمس بالفريق الآخر ويمس بمصداقية التحقيق، وأعتقد أنّ كل شخص سمع يمكنه أن يكوّن فكرة، سنجد أن غيرة السيد بلمار على التحقيق وعلى المحكمة وعلى السرية تحركت بشكل مفاجئ، وهذا يؤكد مجدداً ـ إضافة لكل الشواهد السابقة ـ أن هذه المحكمة في مسارها العام وفي أدائها التفصيلي هي تستهدف فريقاً سياسياً محدداً، ولا تبحث لا عن حقيقة ولا عن عدالة.

في كل الأحوال، لن أطيل في العنوان الأول، أقول: نحن سننتظر. نحن بدأنا الرد على القرار الظني الذي نعرف مضمونه وإن لم يعلن عنه، وكان الرد الأول هو إسقاط هذه الحكومة التي كانت عاجزة عن حماية لبنان وعن مواجهة تداعيات هذا القرار وعن وعن، .. كما شرحت في المرة الماضية، لكن لبقية الكلام ولآخر الكلام الذي يجب أن يقال في مسألة المحكمة الدولية والقرار الظني والمدعي العام سأترك هذا الأمر مبدئيا إلا إذا جدّ جديد إلى حين الإعلان عن مضمون القرار الظني، وسيكون لنا كلام أخير ونهائي وتفصيلي في هذا السياق.

لكن أودّ أن أختم هذا العنوان لأقول: إذا كنتم تريدون توظيف هذه المرحلة بالتحديد، أي مرحلة مابين بلمار وفرا نسين، هذه مرحلة يمكن توظيفها، كان يقال إنه نعم، في هذه المرحلة يمكن لفرانسين أن يعيد النظر، أن يردّ القرار، أن يؤجل، أن يعطل. إذا أردتم توظيف هذه المرحلة للضغط علينا من أجل خياراتكم السياسية فأنا أقول لكم من الآن نحن بعد صدور القرار الاتهامي الظني المكتوم المعلوم المضمون لن نخضع لخيارات سياسية مفروضة علينا، هذا الأمر انتهى، وهذا معنى ما قبل صدور القرار الظني وما بعد صدور القرار الظني ولذلك خذوا راحتكم. تريدون أن تصدروه أو تعلنوه أو تؤجلوه أو تريدون المزيد من التدقيق، بالنسبة لنا هذا الموضوع انتهى ، ولكنه ليس قابلاً لا للمناقشة ولا للتفاوض ولا لتقديم تنازلات ولا للبحث عن مخارج، هذا شأنكم أنتم. لكن عندما يعلن عن مضمون القرار الظني يبقى لنا كلام آخر. هذا بالشق الأول المرتبط بالمحكمة.

بالشق الثاني المرتبط بالتطورات السياسية في البلد عندي نقاط عدة:

النقطة الأولى: استمعنا جميعاً إلى موقف رئيس اللقاء الديمقراطي الأستاذ وليد جنبلاط، أنا في البداية أتوجه بالشكر له وللأخوة في قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي على موقفه الواضح والحاسم في وقوف الحزب التقدمي الاشتراكي إلى جانب سوريا والمقاومة، وخصوصاً في هذه اللحظة الحرجة الحساسة والدقيقة والمهمة جداً من تاريخ لبنان ومن حجم الاستهدافات القائمة في لبنان وفي المنطقة، ونحن نقدر للأستاذ وليد جنبلاط ولقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي هذا الموقف عالياً وسنؤسس عليه سوياً مرحلة سياسية جديدة من العلاقة والتعاون والتفاهم ومواجهة كل تحديات المرحلة المقبلة.

النقطة الثانية: أيضا قطعاً لأي التباس أو أي وهم، نحن في المعارضة نتطلع، في حال فوز أو تكليف من ستدعم نواب المعارضة ترشيحه لرئاسة الحكومة، نحن سنطالب الرئيس المكلف إذا كان ممن دعمته المعارضة بحكومة شراكة وطنية، بحكومة يشارك بها الجميع ويحضر فيها الجميع .

نحن لا ندعو إلى حكومة لون واحد ، نحن لا ندعو إلى الاستئثار ولا إلى إلغاء أي فريق سياسي في البلد ونحترم تمثيل الجميع، نحن اختلفنا على موضوع رئاسة الحكومة والشخصية التي يمكن أن تملأ هذا الموقع الحساس والمهم جداً في هيكلية الدولة اللبنانية ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن أحداً في المعارضة يفكر بتجاوز أي تمثيل وبإلغاء أي فريق .

الحكومة الجديدة يجب أن تكون حكومة متعاونة لا تعمل على إلغاء أحد، لا تتصرف بكيدية وبالحد الأدنى هذه وجهة نظرنا ونعرف هذا من خلال اتصالاتي وعلاقاتي ببقية قيادات المعارضة.

وأيضاً في هذا السياق دعوني أتكلم بلغة مباشرة. البعض يدّعي ويقول وينذر بأن الحكومة الجديدة ـ والتي إذا كلف من ترشحه المعارضة في النهاية سيكون أحد الشخصيات السنية الأساسية في البلد ـ ستمسّ بمواقع وصلاحيات ومكاسب وامتيازات الطائفة السنية الكريمة ضمن تركيبة الحكومة وضمن تركيبة الدولة، أقول هذا افتراء. الأمور ليست كذلك على الإطلاق نحن جميعاً في المعارضة سنكون حريصين جداً على هذا الجانب والوقائع ومسار الأمور إن شاء الله إذا كلف من تتطلع إليه المعارضة أن يكلف وقام بتشكيل الحكومة، هذه المعاني كلها سيتم إثباتها من خلال المجريات العملية وليس من خلال الوعود الشفهية واللفظية.

النقطة الثالثة: في اليومين الماضيين وخصوصاً أمس بدأنا نسمع هنا وهناك من على المنابر وبعض المؤتمرات الصحافية إساءات لا يمكن السكوت عنها، وأنا أستغرب أن هناك من يسكت عن هذا النوع من الإساءات، تنال من دولة الرئيس عمر كرامي، للأسف الشديد أن يأتي جزء من هذه الإساءات من قاتل او المحكوم عليه من خلال القضاء اللبناني أو عبر القضاء اللبناني بأنه قاتل الرئيس الشهيد رشيد كرامي.

أنا لن أكرر الاتهامات لأنني لا أسمح للساني بأن يستخدم هذه العبارات التي وُجهت إلى هذا البيت الوطني الكبير ولكن اسمحوا لي أن أردّ بكلمات.

أولاً: أنا أقول هذا بيت الرئيس عمر كرامي شخص الرئيس عمر كرامي. وهذا البيت الكرامي كلنا في لبنان نعرف جيّداً أن هذا بيت وطني وهذا بيت شريف ونزيه وممكن أن تفتشوا على اتهامات فساد في أي مكان آخر لكن هذا البيت لم يوجه اليه أي أصبع طوال تاريخه لا في زمن الرئيس الشهيد رشيد كرامي ولا في زمن دولة الرئيس عمر كرامي. هذا بيت معروف بالنزاهة، معروف بالشرف، معروف بالنظافة، وأي إساءة له من هذا النوع هي إساءة ـ في الحقيقة ـ لنا جميعا للبنانيين جميعاً.

ثانياً: أمر آخر، كل هذه الحملات إنما تمّ شنّها على خلفية افتراض أن دولة الرئيس كرامي قد يكون المرشح المعتمد للمعارضة أو قد يحظى بفرصة الفوز بتكليف رئاسة الحكومة، قامت هذه الحملة العريضة والواسعة.

هنا أيضاً أريد أن أوضح أن دولة الرئيس عمر كرامي لم يترشح لرئاسة الحكومة ولم يطلب من أحد أن يرشحه لرئاسة الحكومة ولم يتصل بأحد ليدعم ترشيحه لرئاسة الحكومة ولم يشكّل "ماكينة" ولا فريقاً سياسياً لا محلياً ولا إقليمياً من أجل إيصاله إلى رئاسة الحكومة، ولم يطرق باب أحد ولم يهدد أحداً إن لم يصل الى رئاسة الحكومة، وكلكم تعرفون هذه الحقائق وهذه الأمور.

لو كان لَبان، لم يُجرِ أي اتصال لا محلياً على المستوى الوطني ولا أي اتصال إقليمي ولا أي اتصال دولي، فيما في الجبهة الأخرى الاتصالات والحراك الدولي والإقليمي ليل نهار وبالدقائق والساعات من أجل فرض وإيصال مرشح محدد.

نعم في الأيام الماضية، وعندما كنا نتداول في إطار المعارضة حول من يتم ترشيحه من قبل نواب المعارضة وتسميته لرئاسة الحكومة، أنا اتصلت بدولة الرئيس كرامي وجلست معه وقلت له أدبيا نحن نحتاج إلى موافقتك اذا سارت الأمور باتجاه إمكانية الفوز والحصول على الأغلبية المطلوبة لرئاسة الحكومة.

اذا كان طالباً لهذا الموقع سوف يعتبر أن هذه هي الفرصة الاستثنائية الذهبية ويقبل ويوافق بل يساعد ويعمل في الليل وفي النهار. الحقيقة كما هي بالضبط: دولة الرئيس كرامي قال لي أنا أشكر ثقتكم وثقة المعارضة وثقة كل الإخوة في هذا السياق، ولكن أنت تعرف أنني متقدم في السن وأن وضعي الصحي على ما هو عليه، والمرحلة حساسة ودقيقة، بحاجة إلى وقت، بحاجة إلى نشاط، بحاجة إلى حيوية، بحاجة الى جهد.

أنا أفضّل أن تجدوا خياراً آخر قد يكون في هذه المرحلة أفضل للبلد، ولكن إذا توقف الأمر ولا يوجد خيار ثانٍ وتعيّن عليّ، وكان من الواجب عليّ، وليس هناك أي خيار آخر لحماية البلد ولحماية المقاومة ـ التي قال فيها كلام كبير كما يقوله في وسائل الإعلام ـ فأنا بالرغم من تقدم سني ومن صحتي ومن ظروفي الخاصة سأقبل تحمّل هذه المسؤولية ولكن أتمنى أن تبحثوا وأن تجدوا خياراً آخر.

ومع ذلك قلنا له جيّد نحن سنبقى على تواصل لنرى مسار الأمور والتصويت وهل يمكن أن نحصل على أغلبية أو ما شاكل وأيضاً نحن بالتأكيد سوف نصغي إلى ملاحظتك وطلبك وأنا سأنقل هذا الطلب إلى الأخوة وسوف نبقى نبحث عن خيار آخر ولكن بالنسبة لنا أنت هو الخيار الأول وكان هذا هو جواب دولة الرئيس عمر كرامي.

ذهب الرجل إلى بيته، لم يحرّك ساكناً مجدداً بعد أن تأكد أن هذه هي رغبة المعارضة الضمنية. لم يتصل بأحد، لم يسأل، لم يستفسر، ترك الأمور لتجري كما هي.

هنا في الحقيقة أقول لكل الذين اساءوا خلال الأيام الماضية أنتم أمام نمط من الرجال يجب أن يحظى بالتقدير الإسلامي على مستوى المسلمين في لبنان وبالتقدير الوطني لأنه يجمع بين النزاهة والزهد والترفع من جهة ومن جهة أخرى الشجاعة والعزم والترفع والزهد عندما يأتي من يقول له نحن نريدك رئيساً للحكومة هو يقول أنا لا أريد وأرجو أن تبحثوا عن خيار آخر، ولكن الشجاعة والعزم أين؟ عندما يقول لك إذا توقف الأمر عليّ وتعيّن عليّ لحماية البلد وحماية المقاومة وما قدمته وأنجزته المقاومة أنا حاضر وأنا أعرف الظروف المحلية والإقليمية والدولية التي سنقدم عليها ولكن أنا حاضر لتحمل المسؤولية. هذه غاية الشجاعة، غاية الشجاعة، وغاية الرجولة، وغاية الشهامة، لإنسان متقدم في العمر بهذا المستوى.

ولذلك نحن دائماً نقدر عالياً مواقف الرجال الكبار في أزمة المهنة، وفي هذا السياق ما زلنا على تشاور وتداول وتواصل على مستوى الكتل النيابية في المعارضة وقيادات المعارضة وأعتقد أننا خلال الساعات القليلة المقبلة قد نتجه باتجاه حسم الامور مجدداً في حال ثبت لنا موعد الاستشارات غداً ولم يطرأ أي تعديل.

النقطة الرابعة: أود التعليق عليها بالحديث عن الاغتيال السياسي الذي تطرق له دولة الرئيس سعد الحريري، رئيس حكومة تصريف الأعمال، تحدث عن اغتيال سياسي في الوقت الذي كان يتحدث عن المؤسسات الدستورية والاحتكام إلى المؤسسات الدستورية واللعبة الديمقراطية.

أنا أودّ هنا أن أقول ما يلي:

أولا: في لبنان (طول عمره) رؤساء، شخصيات كبيرة جدا قيادية، من الطائفة السنية الكريمة كانت تتولى رئاسة الحكومة، يأتي رئيس حكومة، يبقى ستة أشهر أو سنة أو سنتين ثم يغادر ويأتي رئيس حكومة آخر، ثم يغادر. قد يعود الأول، وقد يأتي شخص ثالث.

ولذلك نحن لدينا نادي رؤساء الحكومات السابقين من شخصيات كبيرة ومعروفة. لم يسبق فيما أعرف أنا ـ وأنا لا أدّعي سعة الإطلاع في هذا المجال ـ أنه قيل إن عملية انتخابية او ديمقراطية داخل المؤسسات رئاسة الوزراء تكون مع شخص وتذهب لشخص غيره أن يقال هذا اغتيال سياسي للأول، أصلاً عندما نتحدث عن لعبة ديمقراطية، هذا ليس له سوابق.

ثانياً: أنتم تتحدثون عن الاحتكام للدستور وللمؤسسات واللعبة الديمقراطية. خير، في اللعبة الديمقراطية لا يستطيع أحد أن يفرض على كتل نيابية أن تسمي مرشحاً محدداً وأن تجمع عليه في كل الدنيا في المجالس والبرلمانات. هناك كتل نيابية تسمي مرشحاً وكتل نيابية تسمي مرشحاً آخر فهل تكون هذه الكتل تغتال المرشح من هذا الطرف أو هذه الكتل تغتال المرشح من الطرف الآخر. هذه لغة جديدة وأدبيات جديدة يتم إدخالها على اللعبة السياسية في لبنان.

من حق الكتل النيابية أن ترفض شخصاً معيناً بمعزل عن نسبة تمثيله لأن موقع رئاسة الحكومة ليس موقعاً تمثيلياً، هو بالدرجة الأولى موقع قيادي يحتاج إلى مواصفات، يحتاج إلى حضور، يحتاج إلى فعالية، رئيس السلطة التنفيذية في لبنان هو رئيس مجلس الوزراء.

إذا كان هناك كتل نيابية لديها تقييم معين لأداء هذه الشخصية أو تلك الشخصية، بناء على التجارب، بناء على المعرفة المباشرة، بناء على الوقائع، لماذا إذا رفضت عودة فلان أو عودة فلان يعتبر هذا استهدافاً أو اغتيالاً سياسياً أو طعناً في حجم التمثيل.

في كل الأحوال، أنا أعتبر أنه في مثل هذه الظروف، الحديث عن عدم تسمية الرئيس سعد الحريري وتوصيفه بأنه اغتيال سياسي هو نوع من الترهيب لفريق المعارضة، وأيضاً أريد أن أشير في هذا الأمر، يحكى عن اغتيال سياسي لشخص، ولكن ماذا الذي يجري. كان يجري وما زال يجري الآن وبتواطؤ دولي وإقليمي، هناك اغتيال سياسي لحركة مقاومة، هي واحدة من أشرف وأهم حركات المقاومة في المنطقة، هي واحدة من حركات المقاومة الشريفة المدافعة المضحية المجاهدة التي قدمت أعز الشهداء والتي حررت لبنان من الاحتلال الإسرائيلي والتي تحمي لبنان اليوم، لا يحميه لا أمريكا ولا الغرب ولا مجلس الأمن الدولي ولا أحد، الذي يحمي هذا البلد اليوم هو معادلة المقاومة والجيش والشعب من خلال توازن الردع الذي يعترف به الإسرائيليون ويعترفون به يوماً بعد يوم. أليس الذي يجري الآن اغتيالاً سياسياً لحركة مقاومة شريفة ونبيلة لمصلحة العدو الإسرائيلي؟ وهناك من يستطيع أن يمنع هذا الاغتيال السياسي ولم يحرك ساكناً، بل بالعكس كان يدفع الأمور أكثر ويستعجل إنجاز عملية الاغتيال السياسي للمقاومة التي في طبيعة الحال نتيجة قوتها وصلابتها وشجاعتها واحتضان كل شرفاء لبنان والأمة العربية والإسلامية لها لن يتمكنوا من اغتيالها إن شاء الله.

نحن لسنا في صدد لا إلغاء أحد ولا شطب أحد ولا إنكار أحد، ولكن نحن نقول كما تقولون أنتم، هناك استشارات، هناك مؤسسات دستورية، نحن مارسنا حقنا الدستوري في الاستقالة من الحكومة وإسقاط الحكومة وبالتالي ليس هناك أحد في صدد إلغاء أحد أو اغتيال أحد وعلينا أن نتعاون ونتساعد لتخطي هذه المرحلة الحساسة في لبنان والبلد مستهدف، والمتربص اليوم هو الإسرائيلي الذي كان يحلم بهذه اللحظة ويعوّل عليها ويبشر بها منذ عدة أشهر في الحد الأدنى أو منذ أكثر من سنة وسنتين.

النقطة الأخيرة، وأنا لا أريد أن أطيل عليكم، الموقف الإقليمي والدولي، سمعنا خلال الأيام الماضية حكومات ودول تقول إنها تحترم الشرعية اللبنانية، هذا جيد، تحترم إرادة الغالبية اللبنانية وهذا جيد، تحترم المؤسسات الدستورية اللبنانية وهذا جيد.

ولكن السؤال الذي سنرى أجوبته في الأيام المقبلة، وبدأنا نرى أجوبته الآن، لو أننا افترضنا أن الاستشارات النيابية التي ستجري في يوم الإثنين ويوم الثلاثاء أنتجت غالبية جديدة، لنفرض ذلك وأنا من الناس الموضوعيين والواقعيين ولدي تحفظ على بعض خطب بعض إخواننا في المعارضة، الذين يتكلمون عن الأمور وكأنها انتهت وأصبحت مسلمة، كلا نحن في خلال هذه الأيام كُنا في جهد سياسي ليلاً ونهاراً ومتواصل لنصل إلى نتيجة معقولة، ولا أحد يتعاطى مع الأمور لا سلباً ولا إيجاباً، ولا انتهت سلباً ولا انتهت إيجاباً، وأنتم تعرفون أنه خلال خصوصاً الأيام الماضية لم تبقَ عاصمة في العالم إلا وهي تعمل في الليل والنهار، وتتدخل في ما يجري في لبنان فيما يرتبط بالإستشارات النيابية، وتدعم مرشحاً محدداً.

أُريد أن أفترض أن الاستشارات في يوم الإثنين أو في يوم الثلاثاء بالنتيجة أوصلت إلى مرشح غير الرئيس سعد الحريري، يعني بصراحة بالإسم، وظهر أنه يوجد غالبية جديدة في لبنان، ولو كانت غالبية متواضعة، هل سنسمع من كل الذين تحدثوا خلال الأيام الماضية عن احترامهم للشرعية اللبنانية وإرادة الغالبية النيابية والمؤسسات الدستورية نفس الكلام أم أننا سنسمع كلاماً آخر؟

أنا أقول لكم بالتأكيد سنسمع كلاماً آخر وبدأنا نسمعه، في الحديث عن المخاطر التي يواجهها لبنان وفي الحديث الذي بدأوا يهولون به علينا بإسرائيل، وبدأ الحديث يتكلم عن تقسيم البلد، ما هذا الكلام أي تقسيم بلد!، لبنان سيقسم؟ من الذي سيقسم لبنان؟!، وبدأنا نسمع لغة جديدة بدأت من إسرائيل ولكن ستسمعونها في عواصم عربية ودولية، الحديث عن المشروع الإيراني والمشروع الفارسي والمشروع الشيعي، والحكومة التي يقودها حزب الله، والمزيد من لغة التحريض المذهبي الفاقع اللون، هل هذا يُعبر عن احترام الشرعية اللبنانية وإرادة الغالبية؟ لو ذهبت الغالبية اللبنانية في هذا الاتجاه؟

على كلٍ أنا أقول لكم إن كل الإدعاءات التي بدأنا نسمعها الآن عن المشروع الفارسي والمشروع الإيراني والمشروع الشيعي،وحكومة يقودها حزب الله و.. و.. إلى آخره، هو تزوير وتضليل وتحريف، وكل المعركة معنا هي قائمة على التزوير والتحريض والتضليل منذ انطلاقة هذه المقاومة وصولاً إلى المحكمة الدولية وصولاً إلى المعركة السياسية الحالية، دائماً كنا نقول نحن لسنا طُلاب سلطة ونحن لسنا طلاب مواقع، نحن لدينا أولويتنا هي المقاومة،ولدينا حرص على الوضع الوطني.

على كلٍ لا أُريد الآن أن أُدافع وأوضح، أنا أقول: إذا وصل مرشح تدعمه المعارضة، أتمنى من العالم أن يحترم المؤسسات الدستورية والشرعية اللبنانية وإرادة الغالبية اللبنانية، وأن يُعطى هذا الرئيس المكلف فرصة بأن يُشكل حكومة، وحينئذٍ سترون من خلال تشكيل الحكومة وأداء الحكومة هل هذه حكومة وطنية حقيقية، تراعي المصالح الوطنية اللبنانية وتعمل لصالح الشعب اللبناني أم أنها كما تقولون وكما تدعون؟

والأيام والوقائع والتجارب والأمور العملية هي الحكم الفيصل بيننا وبينكم، إذا كنتم حقيقةً حريصين وقلبكم يحترق على لبنان. أما إذا كان يوجد موقف مسبق وأصبح مصير لبنان يتوقف على شخص، أنه إذا لم يأتِ الرئيس سعد الحريري فإنه خلص على الدنيا والغرب والعرب والمسلمين السلام، الواقع ليس كذلك ولكن الذي يُعمل عليه وأن لبنان لا يُعرف أين سيذهب وأين سيصل، فهذه طبعاً ستكون كارثة، إذا وصل أي بلد صغير أو كبير إلى حالة يتوقف مصيره وكرامته ومؤسساته واستقراره ونجاته وإنقاذه على تولي شخص محدد رئاسة الحكومة دون إفساح المجال أمام شخصية أخرى تملك الكفاءة واللياقة، فهذا بمثابة الكارثة الوطنية، وهذا إحتقار للوطن وللشعب اللبناني. هو إحتقار للوطن وللشعب اللبناني عندما يُقال لنا جميعاً إن مصير البلد قائم على أن يأتي فلان، وبمعزل عن كفاءاته وقدراته وإمكاناته التي نختلف في تقييمها.

هذه هي خلاصة التطورات، أنا تكلمت بسرعة حتى لا آخذ المزيد من الوقت. في كل الأحوال وبحسب علمي ما زالت مواعيد الاستشارات النيابية قائمة الإثنين والثلاثاء، نحن سنذهب بطبيعة الحال إلى الاستشارات النيابية، أعتقد في هذه الليلة يمكن أن نصل إلى نتيجة نهائية فيمن سترشحه المعارضة أو تدعم ترشيحه، وآمل أن تسير الأمور إن شاء الله بالشكل المناسب وبالطريقة المناسبة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُوفق الشعب اللبناني وكل القيادات السياسية في لبنان أن تختار ما فيه صلاح هذا البلد ومستقبل هذا البلد ومصير هذا البلد، وأن تتصرف فيما يتناسب مع حجم التحديات والأخطار والتهديدات التي نُواجهها في هذا البلد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات: