«حزب الله يراكم القوة من 2006 ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» 4حلقات


...

«حزب الله يراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية»

دراسة إسرائيلية عن «حرب لبنان الثانية»... وكيفية رد صفعة تموز

ما ان وضعت حرب تموز 2006 أوزارها وخفتت أصوات المدافع، حتى انصرف طرفا المواجهة، إسرائيل و«حزب الله»، إلى التحضير والإعداد لجولة تبدو حاسمة في حسابات كل منهما.

أقرت إسرائيل بهزيمتها العسكرية والأمنية والسياسية، وبادرت إلى تقييم نتائج هذه الحرب التي أرخت بظلالها على المجتمع الإسرائيلي بأكمله. فالفشل الذريع في تحقيق الأهداف الرئيسة، شكل صفعة مدوية للمؤسستين العسكرية والأمنية اللتين سارعتا إلى تشكيل لجان تحقيق أمنية واستخباراتية لامتصاص نقمة جمهور غاضب ومصدوم لصورة إسرائيل العاجزة عن مواجهة بضعة آلاف من المقاتلين المجردين من أي غطاء جوي أو ناري كثيف.

أفضت نتائج هذه اللجان التي ترأستها شخصيات لها باع طويل وخبرة يعتد بها في الحروب الميدانية، الاستخباراتية، إلى خلاصة مؤداها «أن الصفعة التي تلقاها الجيش الأقوى في الشرق الأوسط سببها فشل الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية كافة في تشخيص القوة الحقيقية لـ«حزب الله» ومعرفة كل نقاط الضعف والقوة لديه، فضلا عما يخفيه من أوراق استراتيجية كان يظن الإسرائيلي أنه قد يرميها دفعة واحدة خلال الساعات والأيام الأولى للحرب».

أدركت إسرائيل أن تلافي هذا الفشل مجددا يتطلب منها مجهودا استخباراتيا استثنائيا، للحصول على معلومات ومعطيات وافية تتعلق بعملية إعادة البناء للجسم العسكري والتنظيمي للحزب والذي أصيب بنظرهم بجروح دامية، ومعرفة طرق العمل والآليات التي يلجأ إليها المخططون الاستراتيجيون في المقاومة، على مستوى التسليح والتدريب والجهوزية وخطط المواجهة.

وفي موازاة الجهد الاستخباراتي، جنّدت إسرائيل، معاهد بحثية ومراكز دراسات عكفت منذ نهاية «حرب لبنان الثانية» على رصد كل شاردة وواردة مهما كان مصدرها حول قوة «حزب الله» ونشاطه العسكري والأمني. وليس من قبيل المبالغة القول ان أي دولة أو منظمة عسكرية في المنطقة غير المقاومة في لبنان، لم تحظ بهذا الكم القدر من الاهتمام من قبل المراكز الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والمخابراتية.

وقد أقرت الدراسات التي أعدتها هذه المراكز والمؤسسات بقدرة الحزب الفائقة على النهوض متجاوزاً جميع العوائق التي وضعت أمامه من قبل المجتمع الدولي لتحقيق هذه الغاية، وخاصة القرار 1701 و«اليونيفيل» المعززة.

هذه النجاحات التي حققتها المقاومة كانت محور دراسة للكاتب الإسرائيلي «غاي افيعاد»، بعنوان: «حزب الله» تراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية، وهي صادرة عن مركز دراسات الامن القومي الإسرائيلي، وهو مركز بحثي، جُل عمله موجه إلى دراسة التهديدات المحيطة بإسرائيل، والأوضاع المتغيرة في الشرق الأوسط والعالم بأسره، وأثرها على إسرائيل في مختلف المجالات.

يهدف الكاتب وهو رئيس «قسم شعبة التدريب في قسم التاريخ بالجيش الاسرائيلي» ومؤلف «قاموس حماس»، إلى الإضاءة على الجهود التي يقوم بها «حزب الله» لتعزيز قوته المتجددة منذ نهاية الحرب، بالرغم من القيود التي فرضها عليه قرار مجلس الأمن 1701. ويحاول افيعاد فهم الأسس التي تقوم عليها عملية إعادة التسلح التي شرع بها «حزب الله» على مدى السنوات الماضية، بعد تحليلها، لاستنتاج الاتجاهات المستقبلية للعقيدة التنفيذية لـ«حزب الله»، فضلا عن محاولته اكتشاف المنطق العملاني خلف هذه الاتجاهات.

وتحلل هذه الدراسة أيضا عددا من الجوانب التي يعمل الحزب على تعزيزها كإحدى العبر المستخلصة من الحرب، كالقوة البشرية، التسلح، التدريب، والانتشار في الميدان. كما تتناول هذه الدراسة مدى تطابق الاستنتاجات مع الخطة التي أعدها «حزب الله» لمواجهة الجيش الإسرائيلي في الجولة المقبلة للحرب.

بداية يشرح الكاتب، الخطوات التنفيذية لتطبيق القرار 1701 وفي مقدمتها وضع ترتيبات أمنية تشمل انتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني، فضلا عن زيادة عديد قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) من 2500 جندي إلى حوالى 15000 جندي حداً أقصى، تكون مهمتهم العمل في «المنطقة العازلة» في الجنوب، والعمل بفعالية كبيرة لإحباط عمليات تهريب السلاح الى المنطقة.

يقول افيعاد ان القرار 1701 استجاب ظاهريا لاحتياجات إسرائيل ومتطلباتها الأمنية على الجبهة اللبنانية، وساهم في الحد بدرجة كبيرة، من قدرة الحزب العلنية على إعادة التسلح في الجنوب. ويضيف الكاتب أن هذا الوجود الضخم والمستمر للجيش اللبناني و«اليونيفيل» كان من المفترض أن يمنع الحزب من المحافظة على تحصيناته التي أقامها ما قبل الحرب، وبناء المخابئ، ويصعّب من عمليات تهريب السلاح ونشر مئات الصواريخ جنوب نهر الليطاني.

ويعتبر الكاتب انه لو كان هناك تنفيذ فعال (للقرار 1701) في ما يتعلق بالواردات غير الشرعية (أي السلاح) من قبل الجيش اللبناني، على طول الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا، لكانت قدرة الحزب على تهديد إسرائيل أضعف، مما كانت عليه قبل الحرب أو خلالها ولكانت خفت وتيرة إعادة بناء القدرة العسكرية وطالت.

ويرى أفيعاد أن ظاهر الأمور شيء، والواقع القائم على الأرض شيء آخر، ففي نهاية القتال، لم يفوت الحزب أي فرصة للتكيف مع الواقع الجديد، وهو يقوم بإدخال التعديلات المطلوبة لزرع بذور المواجهة الجديدة مع إسرائيل.

ويقول ان عملية الوزن النوعي التي نفذتها القاذفات الإسرائيلية في الليلة الأولى لحرب تموز أحدثت ثقباً بارزاً في الجدار السري للحزب، حيث أدت إلى إخراج صواريخ فجر 3 و5 المتوسطة المدى من الحرب. هذا التغلغل المخابراتي إلى داخل حرم «الحزب» وتدميره لأكثر من أربعين راجمة صواريخ مخبأة سراً في بيوت نشطائه، صدم قيادة «حزب الله».

ويستعرض افيعاد إنجازات الجيش الإسرائيلي خلال المعركة، بالإشارة إلى تدمير آلاف بيوت المدنيين الشيعة، والمراكز الرئيسية لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية والتحصينات على الخطوط الأمامية على طول الحدود والأهداف اللوجستية وتحطيم الأنظمة المدنية له، إلا انه يقر في المقابل بالعجز عن النيل من القيادة الرئيسية للحزب ويصفها (بالرشيدة)، لأنها قدمت صورة على أنها على مستوى الحدث. ويتطرق لاستخدام هذه القيادة لشبكة تلفزيون «المنار»، التي يقول إنها أظهرت قدرات عجائبية على البقاء ومواصلة بثها وتغطيتها لمجريات الحرب.

ويقول افيعاد إنه في ساحة الحرب تمكن الحزب من الحفاظ على قدرات إطلاق الصواريخ ومفاجأة إسرائيل تكتيكياً، سواء من حيث هجومه على السفينة حانيت (ساعر 5) بصاروخ بحر من طراز C-82 أو من خلال شبكة الأنفاق والمخابئ التي جهزها قبل الحرب واستخدمها خلال المعارك حيث قتل 199 جنديا إسرائيليا، ودمر 45 دبابة (ميركافا 4) التي تعد من أقوى الدبابات في العالم، باستخدام صواريخ متطورة مضادة للدبابات. ويستطرد افيعاد «على أي حال ليس «حزب الله» الذي نجح بل الجيش الإسرائيلي هو الذي فشل من تلقاء نفسه».

استخلاص العبر لدى «حزب الله»

فاخر «حزب الله» بأن الضرر الذي أصابه جراء الحرب كان طفيفا، إذ أعلن السيد حسن نصر الله انه تمت استعادة القدرات العسكرية للحزب في غضون أيام قليلة. وذهب نائبه الشيخ نعيم قاسم إلى أبعد من ذلك وزعم أن الحزب ليس بحاجة إلى ذلك لأنه استخدم فقط واحداً من عُشر صواريخه، حسب الدراسة الاسرائيلية.

ويلفت افيعاد الانتباه إلى أن هذه الحقيقة مختلفة تماما وراء الكواليس. فبعد وقت قصير على دخول وقف الأعمال الحربية حيز التنفيذ، باشر الحزب عملية فحص عميقة لسلوك مقاتليه في الحرب، ودرس الطريقة التي عملت بها أنظمته المختلفة العسكرية والأمنية ضد القوات الإسرائيلية. وأجرى مسحا بالأضرار. كما أطلق سلسلة من التحقيقات الداخلية وألف لجنة تحقيق داخلية لفحص قائمة طويلة من الإجراءات.

...

«حزب الله» يراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» (2)

عن المقاومة.. وزرع التهديدات الجديدة على عتبة إسرائيل

علي دربج

تشير الدراسة الإسرائيلية بعنوان «حزب الله» تراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية»، إلى أن «حزب الله» نجح مع مرور الزمن في مأسسة عمله والمزج بين نمطي الدول والتنظيمات، وأصبحت لديه مجموعة من المفاهيم العسكرية والأمنية التي تشكل عناصر نظرية «قومية» خاصة يدير بموجبها مواجهته مع إسرائيل حصراً، لأنها هي العدو الأول الذي صاغ «حزب الله» له تقنيات المواجهة.

أتقن «حزب الله»، وبمستوى ممتاز، استخدام استراتيجية «الغـموض البناء»، وساهم توافر شروطها في تحقيق نتائج باهرة. أبرز هذه الشروط هو «السياج الأمني الحديدي» حول المعلومات العسكرية والأمنية التي تمسه.

بالمقابل، يحاول مؤلف الدراسة غاي افيعاد، إظهار القدرات الإسرائيلية في اختراق هذا السياج، والولوج إلى داخل الفكر العسكري للمقاومة، من خلال متابعة المعلومات التي تسربت للجهات الاستخباراتية الإسرائيلية من مصادر مختلفة، والبناء عليها وربطها ببعض الوقائع الميدانية، لتكوين صورة شاملة وافية عن نشاط المقاومة في السنوات الماضية.

يشير أفيعاد الى بعض الخطوات التي قامت بها المقاومة لمعالجة الثغرات العسكرية والأمنية خلال حرب تموز 2006، وأبرزها أن «حزب الله» درس أداء أنظمة الأسلحة لديه واختبر فعاليتها خلال القتال، والوسيلة الكفيلة بالحفاظ على حياة مطلقيها ومدى الدمار الذي تسببه هذه الصواريخ في الجبهة الداخلية (اسرائيل)، كما اختبر خلال الحرب أنظمة الأسلحة المضادة للدبابات، كوسيلة لتعطيل وصد تحركات القوات المدرعة الإسرائيلية في المناطق المفتوحة أو عناصر المشاة الذي يحتمون داخل المباني في القرى والبلدات.

وشملت هذه الاختبارات أيضاً سلاح الهندسة في «حزب الله» الذي يدعى (التخريب) لا سيما الشراك الخداعية، والألغام الأرضية المخبأة داخل حفر مخفية والتي تهدف إلى إعاقة تقدم القوات البرية وعناصر المشاة. وخلص «حزب الله» إلى أن معظمها كان غير فعال خلال الحرب. كما أن نظام الدفاع الجوي الذي صعّب عمل المروحيات الإسرائيلية وعقده نوعاً ما خلال الحرب، وتمكن من إسقاط واحدة منها، فشل في إسقاط الطائرات الحربية وبالتالي تحييدها عن المعركة، فحلقت في سماء لبنان كأنه ملُكٌ لها.

ومن المعقول، تتابع الدراسة، أن يكون «حزب الله» اختبر فعالية العقيدة العسكرية، على ضوء الضغوط التي مارسها الجيش الإسرائيلي على مراكزه ومعاقله في جنوب لبنان. فاستخدام شبكات الأنفاق التي أقامها «حزب الله» تحت الأرض اثبت فعاليته في حماية عناصره من التعرض للإصابات وبالتالي جنبه المزيد من الخسائر في الأرواح، كما انه كان عاملاً مساعداً لاستمرار القتال ومواجهة القوات البرية.

وتزعم الدراسة أن قدرة «حزب الله» على إدخال تعزيزات عسكرية والتحرك بها من قرية إلى قرية وفقاً للحاجة العملية في الميدان، كانت لا تذكر. وأن محاولات تحريك القوات التابعة لـ«حزب الله» من شمال نهر الليطاني إلى جنوبه حيث تدور المعارك، فشلت بسبب سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي على جميع المعابر والمنافذ وطرق المواصلات.

ويتابع أفيعاد أن النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق الداخلية لـ«حزب الله» بقيت سرية ولم يسمح بنشرها. لكن التصريحات التي أدلى بها قادة «حزب الله» والتقارير الواردة من الأمم المتحدة والمعلومات التي سربت إلى وسائل الإعلام على مدى السنوات الثلاث الماضية، كشفت أن «حزب الله» لم يكن بوارد السماح أن تبقى نتائج لجان التحقيق على الورق فقط.

وبصرف النظر عن تحليل نقاط القوة والضعف عند «المنظمة» أثناء معالجة المشاكل التي برزت خلال الحرب، كانت قيادة «حزب الله» واعية ويقظة للتطورات الحاصلة على الجانب الإسرائيلي، حيث أخذت العلم بطرق العمليات المستقبلية لإسرائيل، من خلال تحليل كمية المعلومات المتسربة لوسائل الإعلام حول الخطط الدفاعية للجيش الإسرائيلي، إضافة الى الجو السائد في المؤسسة العسكرية بعد الحرب، لا سيما الشعور بضياع الفرصة لتطبيق الخطط في المعارك والتي كانت موضوعة مسبقاً لمواجهه المقاومة، والحاجة إلى تنفيذها مستقبلا بطرق مختلفة.

ويستعرض افيعاد بعض التفاصيل بالقول، عشية الحرب، كان الجيش يملك خطة للقيام بغزو بري الى جنوب لبنان أطلق عليها «ماري روم» (مياه الأعالي، التي كان وضعها قائد الجبهة الشمالية في حرب لبنان الثانية، الجنرال أيال بن رؤوفين. وهي تتضمن توجيه ضربة جوية مكثفة يليها تحرك بريّ محدود على طوال الحدود. بعد ذلك، يتم تنفيذ عمليات إنزال جوي، حيث كان من المفترض أن تهبط قوات كبيرة في شمال نهر الليطاني ثم تنتقل جنوباً لتفرض سيطرتها على المنطقة وتحتل مراكز تواجد العناصر المقاتلة وأماكن راجمات الصواريخ.

ومن الممكن، حسب الدراسة، أن تكون المقاومة قد تعلمت كإحدى عبر حرب تموز، أن تبادر إلى تعزيز انتشارها شمالي الليطاني، والقيام بعملية التفاف تعطل العمليات الأساسي للقوات الإسرائيلية هناك، وتفعيل وحدات الدفاع الجوي لشل أي حركة للمروحيات التي قد تهدف إلى إنزال مجموعات خاصة تحضيراً لعمليات محددة ضد المقاومة وبنيتها العسكرية في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن «حزب الله» قد يأخذ بالافتراض القائل إن الجيش الإسرائيلي لن يقوم في المستقبل بشن غارات جوية محددة القوة والوقت، بل سيعمد بدل ذلك إلى تنفيذ «مناورة» برية مستخدماً عدداً من الفرق العسكرية، من اجل تحقيق الهدف (احتلال المناطق التي تطلق منها الصواريخ على الداخل وتدميرها في أرضها) في أسرع وقت ممكن.

فالاستمرار في الطلعات الجوية خلال الحرب لم يعكس قوة الجيش الإسرائيلي، حيث أنها لم تلحق الأذى بالقدرات العملياتية للمقاومة، وكشفت أيضاً عن عدم جدوى استمرارها.

ولعل الكشف العلني عن (خطة مياه الأعالي) من قبل قيادات عليا في الجيش الاسرائيلي، دعم ببساطة فرضية «حزب الله» حول توجه القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى تنفيذ هذه المناورة في أي مواجهة مقبلة.

فالتصميم على عملية «الرصاص المصبوب» في غزة قدم المزيد من الدعم لهذه الفرضية. بدأت إسرائيل حملتها العسكرية ضد «حماس» بهجوم جوي مترافق مع قصف مدفعي على سلسلة من الأهداف، بعدها بدأت عملية الزحف البري، حيث لم يتردد الجيش في القتال في المناطق (المدنية).

صحيح أن هناك اختلافاً شاسعاً ما بين الحالتين والجبهتين اللبنانية والفلسطينية، لكن عملية غزة الأخيرة أثبتت أن الجيش حاضر ليخاطر أكثر للقيام بأي عملية، شرط إظهار فوائدها أو مزاياها، ويأخذ قراراً في أسرع وقت ممكن.

على ضوء ذلك أدرك «حزب الله» أن حرب لبنان الثانية كشفت نقاط ضعف في بعض الأنظمة لديه، حيث انه في الجولة المقبلة من القتال سيكون مختلفاً كلياً عما كان عليه في صيف 2006، «فالمنظمة» لم تسترح على أمجاد الماضي.

وبالرغم من الهدوء على الحدود يســعى «حزب الله» جاهداً لإعادة بناء قواته العســكرية وتعزيزها، سواء من الدروس التي تعلمها، ومن خلال فهمه للخطط العملية للجيش الإسرائيلي، وهو يزرع الآن حقاً، تهديداً جديداً على عتبة إسرائيل.

(غداً الجزء الثالث)

...

«حزب الله يراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» (3)

الجيش الإسرائيلي والخشية من الدفاعات الجوية... والترسانة الصاروخية

علي دربج

إن نتائج «حرب لبنان الثانية»، أدت إلى تحد عسكري معقد. فالإجماع على القرار 1701 الذي انشأ منطقة عسكرية عازلة بين (المقاومة) والجيش الإسرائيلي، فضلا عن كبح جماح تحركات «حزب الله» في المنطقة المفتوحة، وحاجتها الملحة لإعادة تأهيل قدراتها العسكرية المتضررة سريعا، خصوصا القوة البشرية، تطلب منها اتباع أنماط عمل جديدة للتكيف مع الواقع الناشئ هناك، حسب الدراسة الإسرائيلية بعنوان «حزب الله يراكم القوة من 2006ـ2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية».

يرى كاتب الدراسة، غاي أفيعاد، انه علاوة على ذلك وفي ظل هذه الظروف، رأى «حزب الله» أن «المطلوب تطوير عقيدة عسكرية جديدة مبنية على فرضية قوامها انه في الجولة المقبلة من القتال، سيترتب على مقاتليه مواجهة مناورة برية واسعة من قبل الجيش الإسرائيلي».

ويلفت الكاتب الانتباه الى انه «بالرغم من الصعوبات التي واجهت الحزب، غير انه أظهر مرونة خلاقة في ما يتعلق بقدرته على تحليل حالة معينة، وتحديد الثغرات والاستفادة منها. كما انه يتمتع بقدرة على ترجمة الدروس التي تعلّمها في الواقع العملي، فأظهر حماسة فائقة بتنفيذها الكامل. وفقا لذلك اتسمت السنوات الماضية عقب انتهاء حرب تموز، بعملية مكثفة لتعزيز قوة الحزب متجاوزا القيود المفروضة وذلك باللجوء الى العمل السري.

ويفند افيعاد الأسس الرئيسية للتعزيزات الجديدة لـ«حزب الله» بأمرين:

أولا، القوى البشرية العاملة: يشير الكاتب إلى انه خلال حرب 2006 تلقى «حزب الله» ضربة شديدة، إذ خسر ما بين 10 و15 بالمئة من القوى البشرية العاملة لديه. لذلك ظهرت حاجة ملحة عند الحزب لإعادة بناء قوته، فبدأ بعمليات تجنيد واسعة النطاق. وتفيد التقارير أن قرى جنوب لبنان أخليت من الرجال الذين أرسلوا إلى معسكرات تدريب في وادي البقاع وسوريا وإيران في أعقاب الحرب مباشرة. ويشدد على أن «الحزب» كان حريصا في الماضي على كسب الشيعة فقط، لكن في السنوات الأخيرة فتح الباب أيضا أمام السنة والدروز والمسيحيين.

ويتابع، انه بصرف النظر عن الحاجة الملحة للحزب لزيادة قوته المقاتلة، فإن المقصود من هذه الخطوة الحصول على مكاسب سياسية وعسكرية. فـالحزب، المزروع في قلب السياسة اللبنانية، يرى أن التجنيد أداة تسمح له بتوسيع نفوذه الى مختلف شرائح السكان في لبنان والتي لم تكن من بين مؤيديه التقليديين، كذلك تشكل له وسائل محتملة لتوسيع قوته السياسية.

ويعتبر أن «طمس الهوية الشيعية للحزب وخلق مزيج سكاني مختلف يعزز صورته، كمدافع عن لبنان أولا، بدلا من أن يظهر بصورة الميليشيا الطائفية. بالإضافة إلى أن اللجوء إلى سكان جدد واكتساب تأييدهم، وقيامه بتدريبهم على القتال، يزيد من فرصته الهادفة الى تعطيل أي مناورة برية يريد الجيش الإسرائيلي القيام بها في العمق اللبناني».

وبعبارة أخرى فإن هذه الشرائح السكانية المختلفة والتي سيواجهها الجيش الإسرائيلي، هي بمثابة قوة احتياطية، لم تكن سابقا ضمن حسابات «حزب الله».

ثانيا، التسلح: يشير الكاتب الى أن تسليح الحزب لمقاتليه متنوع، وهذا ما ظهر جليا في الحرب الأخيرة، وذلك من خلال استخدامه صواريخ متنوعة، سورية، إيرانية، وروسية الصنع، يبلغ مداها ما بين 20 و250 كلم، إلى جانب عدد كبير من الصواريخ المتطورة المضادة للدبابات مثل كورنيت، وكورنيكس وغيرها.

وقد اثبتت هذه الصواريخ فعالية كبيرة في وقف تقدم الهجوم الإسرائيلي في ارض المعركة (في جنوب لبنان). ولان «الحزب» لا يصنع سلاحه الخاص به، بل يعتمد على الإمدادات الخارجية لزيادة قوته، سعى القرار 1701 إلى وقف تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية السورية، وقطع الإمدادات الحيوية عنه، لكنه فشل في فرض جهاز تنفيذي يمنع ذلك، إذ تقع المسؤولية في هذا المجال على الجيش اللبناني. فالواقع يشير إلى أن الحزب يركز في عمليات التسلح على الكمية، حيث التهريب أصبح يشكل عنصرا أساسيا ومهما له للمحافظة على خطوط إمداد مفتوحة.

يضيف الكاتب أن الحدود اللبنانية السورية تمتد على مسافة تبلغ نحو 360 كلم، منها 100 كلم شمالا والباقي يمتد إلى وادي البقاع. وعلى الرغم من طول هذه الحدود، هناك خمسة معابر حدودية، اثنان في الشرق، منها معبر «القاع» جنوب شرق الهرمل، ومعبر «المصنع» الذي يقع شمال شرق راشيا. ففي حين تشرف قوة ألمانية مؤلفة من 800 جندي على مراقبة الحدود الشمالية منذ أوائل 2008، بالتنسيق مع جنرال من الجيش اللبناني وبتوجيه الماني. يسهل، في المقابل، اختراق الحدود الشرقية، إذ أن عشرات المعابر (غير الشرعية) تسمح للقراصنة بتهريب السلاح إلى مختلف أنحاء لبنان.

تضيف الدراسة انه يمر عبر معبر المصنع حوالي 200 شاحنة يوميا، تفتش منها 30 بشكل عشوائي، وهو ما قد يسمح بتهريب كميات تجارية من الأسلحة إلى مخازن «حزب الله» بسهولة، ومن ضمنها صواريخ بعيدة المدى. فالواقع على هذه الحدود، هو أنها لعبة بيد «حزب الله».

ويتابع أفيعاد انه مع نهاية «حرب لبنان الثانية»، بدأ «الحزب» سباق تسلح مكثف، فسوريا جددت له المخزون الاحتياطي الذي استنزف خلال الحرب، وزادت العدد بشكل مهم جدا. ففي صيف عام 2006 كان يقدر عدد الصواريخ لدى الحزب بنحو 12 ألف صاروخ، وفي آب 2007 أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهودا باراك إن العدد ارتفع إلى أكثر من 20 ألف صاروخ، ولاحقا أكدت مصادر استخباراتية أن العدد أصبح 42 ألف صاروخ.

ويقول أفيعاد «على أي حال لم يركز «الحزب» على الكم فقط، بل عمل بجهد كأحد دروس الحرب، على زيادة مدى هذه الصواريخ من اجل وضع غالبية الداخل الإسرائيلي تحت مرماها وتهديدها». ويشير إلى أن «الحزب حصل كما يبدو على أنواع جديدة من الأسلحة لم يمتلكها من قبل».

وبعد سنتين من الحرب، اعترف باراك أن معظم سكان إسرائيل هم ضمن مرمى صواريخ «حزب الله»، لافتا الانتباه إلى امتلاكه لصواريخ زلزال وفاتح 110 التي يبلغ مداها مابين 250 الى 300 كلم وبإمكانها حمل رؤوس متفجرة. كما حرص الحزب، على زيادة مخزونه بكميات كبيرة من الصواريخ المضادة للدبابات(كورنتيت وميتس) وغيرها القادرة على ضرب اهدافها من مسافة 5 كلم..

في المقابل، طورت إسرائيل نظاما دفاعيا خاصا بدبابات الميركافا، المعروف باسم (ASPRO- A) أي (تروفي). وهذا النظام، بحسب أفيعاد، قادر على تحديد الصواريخ المضادة للدبابات في الجو واعتراضها قبل الوصول الى الدبابة، وهو ما من شأنه أن يحيد أداة هامة للمقاومة (أي الصواريخ المضادة للدروع التي يمتلكها)، ويسمح للدبابات والمدرعات الإسرائيلية بالدخول إلى عمق الأراضي اللبنانية، وانتزاع قرار المعركة والسيطرة الميدانية عليها.

ويضيف أفيعاد أن «حزب الله» استثمر جهودا خاصة في سلاح الدفاع الجوي والذي كان يعد نقطة الضعف الرئيسية له في حرب تموز. وهذه الخشية تكونت لديه تحسبا من قدرة إسرائيل على جمع معلومات استخباراتية عنه، والعمل على خلق أهداف دون عوائق تذكر، وتمكنها من إدخال قوات خاصة إلى داخل العمق اللبناني، وضرب المراكز المحورية له.

لذا أدرك «حزب الله» أن فعالية الصواريخ التي تحمل على المركبات تكاد لا تذكر، وغير كافية للمواجهة، وأن ثمة حاجة ملحة لنظام أكثر تطورا، وقادر على اعتراض الطائرات الحربية المقاتلة وطائرات التجسس والاستطلاع بدون طيار، المحلقة على علو مرتفع.

وفي هذا السياق، قال رئيس الاستخبارات العسكرية في تصريح له، «ان سوريا وضعت كافة قدراتها الاستراتيجية بتصرف «حزب الله»، كما عبر باراك في حزيران 2009 للامين العام للامم المتحدة بان كي مون، عن قلقه من اختلال التوازن التسلحي لمصلحة «حزب الله»، مشيرا إلى أن «الحزب اكتسب قدرات جديدة في مجال الدفاع الجوي».

ولم يستبعد أفيعاد قيام ســوريا وإيران بتهريب أنظمة مضادة للطائرات مثل (SA- 8) و (SA- 15). فهذه الأنظمة تُثبّت على ناقلات جند مدرعة ومجهزة بأنظمة رادار قادرة على تتبع عدة أهداف في وقت واحد، فضلا عن اعتراض الطــائرات على علو مرتفع، مستخدمة صواريخ موجهة. فــهذه المنظومة بحسب أفيعاد، تعد مثالية للمقــاومة، كونها متحركة وتخفى بسهولة وتتطلب فريقا او طاقما مؤلفا من ثلاثة عناصر لإدارتها وتشغيلها.

(غداً الجزء الرابع)

...

«حزب الله يراكم القوة من 2006 ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» (4)

مناورتا 2007 و2008.. وجهوزية المقاومة على وقف التقدم البري

تتوقف دراسة الكاتب الإسرائيلي غاي افيعاد، بعنوان: «حزب الله تراكم القوة من 2006- 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» الصادرة عن مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، عند استعدادات «حزب الله» والخطوات التي قطعها على صعيدي التدريب والخطط المعدّة في مواجهة سيناريوهات الحرب المقبلة.

فقد شكلت «حرب تموز» 2006 وانتصار المقاومة في لبنان، حافزا للاسرائيليين لإطلاق حملة تجنيد واسعة في الجيش الاسرائيلي، وشكلت حافزا في الوقت نفسه، للآلاف من الشباب اللبناني للانخراط في صفوفها وبالتالي الخضوع لدورات عسكرية مكثفة استعدادا للمواجهة الحتمية مع الجيش الإسرائيلي، الذي لن يميز هذه المرة بين مقاتل ومدني، حيث سيكون جنوب لبنان ساحة مفتوحة لطائراته ووحدات النخبة فيه.

في موازاة ذلك، دخلت المقاومة في سباق مع الزمن، ووضعت برامج تأهيلية لمقاتليها ووحداتها المختلفة، حتى أنها أصبحت تعاني تخمة في استقبال المزيد من المقاتلين الراغبين طوعا في الانضمام اليها. ويقول الكاتب غاي أفيعاد، إن تجنيد «حزب الله» آلاف الرجال، والعمل على دمجهم في صفوف المقاتلين وتدريبهم على «حرب العصابات»، خلق حاجة لتطوير شبكة تدريب متطورة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن دخول أنظمة جديدة من الأسلحة لضمها إلى ترسانة الحزب، يتطلب القيام بعملية استيعاب طويلة الأمد من أجل الوصول إلى مستوى عال من القدرة على تشغيلها.

ويضيف: لذلك أرسل الحزب المئات من نشطائه للخضوع لدورات تدريبية تخصصية في إيران، تشمل اكتساب مهارات خاصة في إطلاق الصورايخ المضادة للدبابات والمتوسطة والطويلة المدى، إضافة إلى دورات استخباراتية لجمع المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ العمليات.

ويلفت أفيعاد الانتباه إلى أن الغاية من غرس هذه المهارات، هي سد الثغرات أو نقاط الضعف، التي ظهرت عند المقاتلين أثناء الحرب، وتحضير كادر واسع من النشطاء المدربين لخوض المعارك خلال الجولة المقبلة من الحرب.

غير أن الحزب لم يكتف بالدروس النظرية الداخلية القليلة لعناصره وكوادره. ففي السنوات الماضية، أجرت «المنظمة» ما لا يقل عن مناورتين واسعتي النطاق في جنوب لبنان، وقد ظهر خلالهما أن الحزب هو أقرب إلى جيش تقليدي، أكثر منه إلى منظمة تتبع أسلوب حرب العصابات.

وفي أوائل تشرين الثاني 2007 أجرى «حزب الله»، بحسب التقارير الواردة من جنوب لبنان، مناورة على مدى ثلاثة ايام متواصلة بمشاركة الآلاف من عناصره، مختبرا بذلك قدراته العسكرية على أساس الدروس والعبر التي استخلصها من حرب لبنان الثانية، متخذا تدابير وإجراءات صارمة، تمنع الظهور العلني المسلح لعناصره، مراعاة للقرار 1701، في جنوب نهر الليطاني.

وفي تشرين الثاني 2008، أجرى الحزب مناروة مماثلة على شمال نهر الليطاني وجنوبه، اختبر في جزء منها سرعة انتشار عناصر المقاتلة في حال وجود إنذار مسبق لديه.

تشير الدراسة الى أن تنفيذ هاتين المناورتين يعني أن الحزب يستعد لمواجهة أي هجوم بري، تنفذه فرق عسكرية إسرائيلية متعددة وبالتالي اختبار قدرات مقاتليه على اعتراضها ووقف تقدمها، إضافة إلى اختبار آلية وفعالية التنسيق القتالي بين مختلف الوحدات في المقاومة.

طريقة الانتشار

إن فقدان «حزب الله» التحصينات العسكرية التي أقامها قبل الحرب، على طوال الجبهة الأمامية للحدود مع إسرائيل، إضافة إلى النشاطات العملانية للجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» في المناطق والمحميات الطبيعية المفتوحة في جنوب لبنان، أجبره على تغيير وسائل العمل لديه خلال عمليات التحضير والإعداد للمواجهة، بشكل مختلف عما كانت عليه سابقا. وهو عدل لهذه الغاية فرضية العمل الأساسية لديه.

أولا، حوّل الحزب القرى المتاخمة للحدود، إلى بدائل لمراكز المراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية. فهو يقوم من وقت لآخر بإرسال عناصر غير مسلحة، مجهزة بكاميرات ومناظير للرؤية طويلة المدى، ومتنكرة بزي رعاة أو صيادين، إلى محاذاة الخط الأزرق لجمع المعلومات عن تحركات الجيش الإسرائيلي ومراكزه ومنشآته العسكرية. وتفيد التقارير عن حركة مكثفة لتشييد أبنية ضخمة قرب السياج الحدودي، وليس من المستبعد أن تستخدم لشن هجمات، باعتبارها خط الدفاع الأول في المواجهة مع إسرائيل.

ثانيا، تخلت المقاومة عن المحميات الطبيعية، واستقرت داخل القرى. ويعود سبب ذلك أن «اليونيفيل»، ركزت نشاطاتها على المناطق المفتوحة أي السهول والأودية والبساتين، وحاذرت البحث في القرى مراعاة لحساسية السكان المحليين، وكي لا يفهم الأمر على أنه استفزاز لهم، وما قد يولّد ذلك من احتكاكات مباشرة معهم. بالمقابل منح هذا التعاطف من قبل السكان «حزب الله» حرية كبيرة.

وعلى ضوء تقييم «حزب الله» للحرب المقبلة، فإنه لن يكون قادرا على خوض المعارك في العراء، حيث إن فرص المحافظة على الحركة المستمرة لمقاتليه، والقيام بإطلاق الصواريخ من المناطق المدنية، ومفاجأة العدو بمواجهته من تحت الأرض هو أفضل بكثير. واستنادا إلى ذلك أصبحت الـ 160 قرية جنوب نهر الليطاني، قاعدة عسكرية محصنة، وأعطيت دوراً دفاعياً ضمن الخطط الدفاعية الإقليمية للمنطقة (أي في المناطق).

ويلفت افيعاد الانتباه إلى أن الحزب أنشأ في هذه القرى شبكة من الأنفاق السرية تستخدم للمعارك وتخزين الأسلحة، وكمراكز قيادة ومعلومات، إلى جانب خلايا مدربة جيدا من وحدات الهندسة (المتفجرات) والمضادة للدروع.

ويضيف أنه من الممكن أن يكون هناك أيضا شبكة اتصالات سرية من أجل زيادة مستوى التنسيق بين القطاعات الفرعية لناحية المعدل المحدد لإطلاق النار من قبل عناصر الحزب، وعدد الصواريخ التي يجب أن تضرب، وذلك لمساعدة النقاط التي تتعرض للهجوم.

بالإضافة إلى ذلك، تحولت كل قرية في جنوب لبنان إلى منطقة مستقلة لإطلاق الصواريخ، مع مخزن كبير نسبيا للصواريخ المهربة تحت غطاء لوازم مدنية أو إنتاج زراعي، مع حق التصرف بها من قبل عشرات الناشطين الذين يقومون بصيانتها باستمرار.

من وجه نظر الجيش الإسرائيلي، لم تعد القرى جنوبية كيانات مدنية بل قواعد عسكرية، وعليه أصبح الهجوم عليها «لعبة عادلة». فالحزب بحاجة إلى دعم السكان ليحافظ على صورته كحركة اجتماعية، لذلك يجب عليه أن يأخذ في الاعتبار حجم الضرر الذي سيلحق بمكونات المجتمع اللبناني من جراء هذا الأمر.

كما أن استخدام القرى كقواعد عسكرية، يزرع بذور المواجهة بين السكان المحليين وعناصر المقاومة نظرا لحجم الدمار المتوقع نتيجة ذلك. وليس من المستبعد من أن يؤدي القلق المتزايد من جولة أخرى من الحرب مع إسرائيل، إلى موجة احتجاج ضد «حزب الله» كما حصل في بلدة مروحين الحدودية في آب 2009، التي أسفرت عن خسارته عدداً من مواقعه فيها.

في المقابل، عمل الحزب على تجهيز منطقة شمال الليطاني وتحضيرها، لتكون على أهبة الاستعداد للمعركة المقبلة بالتوازي مع منطقة جنوب النهر. واستنادا إلى تقارير مختلفة، فإنه أقدم على شراء أراض ومنازل لقرويين مسيحيين ودروز وبدأ بتحويلها إلى منشآت عسكرية. كما أنه بنى خطا من التحصينات شمال الليطاني، ونشر صواريخ متوسطة وبعيدة المدى في المنطقة الواقعة بين مرتفعات النبطية وتلال الباروك.

ويرى افيعاد أن الفكرة الأساسية في تغيير خطط المقاومة، هي التحصن ضد أي محاولة للهجوم البري، أو عملية إنزال بالمروحيات، فضلا عن رغبتها في الحفاظ على استراتيجية إطلاق متواصل للصواريخ. وهذا الأمر يمكنها من حمايتها(الصواريخ) من الهجمات البرية والجوية، ويعطي للوحدات المضادة للدروع هامشا أكبر أثناء تحركهم، لصد الدبابات والمدرعات الإسرائيلية التي تتحرك في تلال الجبال والأراضي الوعرة.

ملقى على الأرض في حرب تموز (م.ع.م)
ملقى على الأرض في حرب تموز (م.ع.م)


الدمار في بنت جبيل في تموز 2006 (م.ع.م)
الدمار في بنت جبيل في تموز 2006 (م.ع.م)



تعليقات: