كامل جابر: مسيّرات إسرائيلية تخاطب أبناء الجنوب اللبناني: ماذا تفعلون؟

لا تفارق المسيرات الإسرائيلية أجواء الجنوب حتى بات بعضها يتحدث بشكل متكرر مع المواطنين
لا تفارق المسيرات الإسرائيلية أجواء الجنوب حتى بات بعضها يتحدث بشكل متكرر مع المواطنين


ثمة مهمات كثيرة تتولاها إضافة إلى التصوير والتجسس والمراقبة، إذ غدت مثل شرطي حدود تتابع الناس في حياتهم اليومية

ملخص

بعيداً من دورها في حرب الـ 66 يوماً، تسببت الطائرات الإسرائيلية المسيّرة إضافة إلى الطيران الحربي خلال عام من الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار، في مقتل 300 شخص بينهم عناصر من "حزب الله" ومدنيون توزعوا بين نساء وأطفال ورجال، وتدمير جرافات ومعدات كانت تسهم في عملية إزالة ركام الدمار الواسع أو في فتح الطرقات، ولا سيما في مناطق الحافة الأمامية التي تجاوزت نسبة الدمار فيها 70 في المئة.

يكفي أن يطرق طنينها أسماع سكان جنوب لبنان حتى يحل القلق والخوف والإرباك، فمنذ حلت الحرب الفعلية في أعقاب إطلاق "حزب الله" مناوشات "مساندة غزة" في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، باتت المسيّرات الإسرائيلية التي تملأ سماء لبنان ليلاً ونهاراً مصدر بلبلة وموت ودمار، وبخاصة بعد حرب الـ 66 يوماً بين الـ 23 من سبتمبر (أيلول) والـ 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024، إذ تبدو وكأنها تخوض حرب شوارع في مناطق جنوب نهر الليطاني وشماله، وصولاً إلى العاصمة بيروت والبقاع (شرق) ومناطقه.


احتلال غير معلن

وبعيداً من دورها في حرب الـ 66 يوماً فقد تسببت الطائرات الإسرائيلية المسيّرة، إضافة إلى الطيران الحربي، خلال عام من الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار، في مقتل 300 شخص بينهم عناصر من "حزب الله" ومدنيون توزعوا بين نساء وأطفال ورجال، وتدمير جرافات ومعدات كانت تسهم في عملية إزالة ركام الدمار الواسع أو فتح الطرقات، ولا سيما في مناطق الحافة الأمامية التي تجاوزت نسبة الدمار فيها 70 في المئة، ناهيك عن تفريق تجمعات المواطنين ممن عادوا لقراهم بإلقاء قنابل صوتية، أو على نحو ما بات يحدث أخيراً، إذ تقوم هذه المسيّرات بتوجيه إنذارات للسكان بالمغادرة أو الإخلاء أو تفتيشهم والدخول إلى شرفات بيوتهم، إن لم نقل إلى وسط هذه البيوت، وهو ما نعته محللون ومتابعون بأنه يشبه نوعاً من احتلال غير معلن.


مسيّرات قاتلة ومدمرة

ثمة مهمات كثيرة تتولاها المسيّرات الإسرائيلية في سماء لبنان، بخاصة في جنوبه، فإضافة إلى التصوير والتجسس والمراقبة فهي غدت مثل شرطي حدود تتابع الناس في حياتهم اليومية، وتراقب تحركاتهم وأعمالهم ونشاطاتهم وتطاول بالقصف والتدمير الصاروخي أي هدف ثابت أو متحرك، وأضحى كثر من سكان الجنوب يعتبرونها آلة قتل وموت، إضافة إلى تأثيرها النفسي في حياة كثير ممن يلجأون جراء سماع طنينها إلى الاختباء أو تناول عقاقير مهدئة، وخوفهم الدائم من خطر التنقل على الطرقات و الأسواق والتجمعات التجارية، حيث تصطاد هذه المسيّرات أفراداً وجماعات في سياراتهم أو فوق دراجاتهم النارية.

وهذا الأمر كثيراً ما يحصل وسط مناطق تعج بالمتسوقين أو العابرين، مما يلحق بهم ضرراً نفسياً وجسدياً يصل إلى حد الإصابة والموت، على نحو ما حصل في بنت جبيل (عاصمة القضاء) في الـ 22 من سبتمبر الماضي، إذ أدت غارة مسيّرة وسط الشارع إلى مقتل ثلاثة أطفال ووالدهم إضافة إلى إصابة شقيقتهم الكبرى ووالدتهم بجراح خطرة، فضلاً عن مقتل شخص خامس قالت إسرائيل إنه أحد عناصر الحزب، أو ما حصل قبلها بثلاثة أيام حين استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة أمام مدخل مستشفى "تبنين" الحكومي قرب بنت جبيل بصاروخ أدى إلى مقتل سائق السيارة وشخص آخر كان يمر في المكان، إضافة إلى إصابة 11 مواطناً بجروح مختلفة، جروح بعضهم بليغة.


مسيّرة تحكي وتفتش وتهدد

ثمة حوادث كثيرة سجلت أخيراً، إذ غدت هذه المسيّرات تحاكي المواطنين وتخاطبهم في قراهم ومناطقهم جنوب الليطاني الخاضع لحيثيات القرار الأممي (1701) (الصادر عام 2006 والمجدد عام 2024) وشماله، تطلب منهم المغادرة أو الترجل من السيارات بغية التدقيق والمراقبة أو معاينة وجوههم، أو القيام بتفتيش الأحياء السكنية في القرى والبلدات.

ولا ينسى أبناء قرى منطقة النبطية ما قامت به مسيّرة إسرائيلية طوال تسع ساعات ابتداء من عصر الأحد الـ 12 من أكتوبر الماضي وإلى الثانية من فجر الإثنين، إذ بثت تكراراً تحذيراً وتهديداً ووعيداً موجهة إلى المهندس المعماري طارق مزرعاني، ابن بلدة حولا الحدودية (قضاء مرجعيون) والمنسق العام لـ "تجمع أبناء القرى الجنوبية الحدودية" عبر مكبر الصوت، وهي تجوب سماء النبطية وقراها وصولاً إلى منطقة الساحل الجنوبي قرب الزهراني في قضاء صيدا، وحذرت المواطنين من التعامل ومعه وحثت الناس على ملاحقته وطرده، واتهمته بأنه يكمل مشروعاً تهديمياً، وهو ما شكل تهديداً وترهيباً مباشرين وواضحين لحياته وحياة عائلته الصغيرة التي سرعان ما نزح وإياها باتجاه العاصمة بيروت بعد أن أخلى جيرانه (حيث كان يلجأ نزوحاً شمال الليطاني)، بيوتهم خشية قيام إسرائيل باستهداف المنزل الذي يستأجره، وهو ما دانته الحكومة اللبنانية.

وقال المهندس مزرعاني "أنا لم أسمع التهديد مباشرة، كنت أقوم بتدريس أبنائي داخل البيت وبدأ أصدقائي يرسلون إلي فيديوهات لمسيّرة تردد اسمي مع بيان موجه إلى سكان المنطقة، وهو ما اعتبرته بداية الأمر مجرد مزاح، ثم شاهدت الفيديوهات وسمعت ترداد اسمي، فأتى الجيران وصار أولادي يبكون ويطلبون مني التخلي عن جهاز الهاتف حتى لا يحدد مكاني واستهدافي، ودبت البلبلة والذعر في صفوف الجيران، أكثر من 40 عائلة، الذين غادروا منازلهم خشية تعرضهم لخطر الاستهداف، وأنا شخصياً لم أخَف لكنني استغربت ما يحصل وهذا الترهيب للناس الآمنين، وثمة قلق انتابني تجاه الأطفال والعائلة والجيران".

 المسيّرات الإسرائيلية تخوض أبعاداً ومهمات عدة (اندبندنت عربية)
المسيّرات الإسرائيلية تخوض أبعاداً ومهمات عدة (اندبندنت عربية)




تعليقات: