
شغّلت معظم الأحزاب اللبنانية محركاتها استعدادًا للانتخابات النيابية المقبلة، على وقع مشهد محاط بالترقب والتجاذبات، فالصراع حول قانون الانتخاب النيابي وتعديلاته، لا سيما النقاش الحاد حول تصويت المغتربين الذي شكّل مادة تحشيدية للرأي العام ووضعت موعد الاستحقاق على حافة التأجيل التقني.
حزب الله وحركة أمل والانتخابات النيابية.. جاء زمن «التقريش»
وفي ظلّ هذا الإنقسام العامودي، يتحضر «الثنائي الشيعي» حزب الله وحركة أمل لخوض الانتخابات المقبلة على ضوء التغييرات الجذرية التي طرأت على المشهد اللبناني والإقليمي، ووضعت مستقبل الثنائي السياسي على المحك، خاصة بعد حرب الإسناد التي خاضها حزب الله.
الحرب التي أحرجت حلفاء الامس الذين انفضّ معظمهم من حول حزب الله وانقلبوا عليه باستثناء حركة أمل التي تربطها بالحزب علاقة تحالف تقليدي متين، وبدأت تلوح ثمار ما زرعه رئيس الحركة نبيه بري الذي سلّف الحزب مواقف كثيرة داعمة خلال الحرب الأخيرة، كانت أشبه بتخليصه من الموت وجاء زمن تقريشها من قبل بري في الاستحقاق الانتخابي على قاعدة سلف ودين.
ووفقاً لمصادر خاصة، فإن أول هذه «التقريشات» يتمثل في مصارحة بري حزب الله بأنه يريد مقعدا ثانياً لحركة أمل في دائرة بعلبك – الهرمل، ليكون بديل النائب جميل السيد الخصم التقليدي لبري والذي جاء بدعم مباشر من ماهر الاسد، وكذلك اللواء عباس ابراهيم الذي لم ينل حتى الآن بمباركة بري للترشح، رغم المحاولات الحثيثة التي يبذلها الأخير لنيلها دون جدوى.
هل يتمرد حجازي والسيد؟
ورغم أن الحزب لم يحسم قراره بشأن السيد و ابراهيم، إلا أنه لم يمانع أو يعترض على مطلب بري خصوصا أن علاقته بالسيد فاترة بعد تميّز مواقفه في الاستحقاقات السابقة عن تكتل الوفاء للمقاومة ، لكن هذا التوافق الأولي يضع حلف «الثنائي» أمام اختبار قاسٍ، لا سيما في ظل التعهدات القديمة والالتزامات الأخلاقية. فالنائب جميل السيد قد لا يقبل بإزاحته عن الحياة السياسية إذا ما أراد هو ذلك خصوصا من قبل غريمه، وقد يلجأ إلى تشكيل لائحة منافسة في حال سمحت له الظروف بذلك ما يشكل إرباكا للثنائي الذي يسعى جاهدا لتقليص عدد اللوائح ولملمة وتحصين ساحته الشيعية ومنع أي خرق يسعى إليه الخصوم.
الأمر لا يتوقف عند جميل السيد فهناك رئيس حزب البعث في لبنان علي حجازي، الموعود مسبقا من أمين عام حزب الله الأسبق السيد حسن نصر الله بالترشح على لائحة الثنائي في هذه الدورة بدلا من جميل السيد الذي كان قد سحب «اللقمة» من فم حجازي وأطاح بترشيحه في انتخابات 2022 بإسناد من النظام السوري السابق ورضوخ من حزب الله.
يُضاف إلى ذلك أن الحزب ملتزم أخلاقياً مع حجازي الذي وضع كل إمكانياته اللوجستية لصالح الحزب وقياداته خلال الحرب وتعرضت بعض ممتلكاته للقصف، الأمر الذي يربك الثنائي في هذه الدائرة التي تعتبر أرضا خصبة لخرق الخصوم.
وتشير المصادر إلى أن هذه الأجواء إن سارت على هذا النحو تنذر بتمرد وشيك، فقد يلجأ كل من حجازي والسيد لتشكيل أو الانضمام للوائح منافسة للائحة الأساسية لـ”الثنائي” في حال إقصائهما، ما قد يجعل دائرة بعلبك – الهرمل أصعب تحدٍ يواجهه الحليفان في المرحلة الجديدة، إذا ما تمسك بري بمطلبه وقَبِل به الحزب.
خيارات حزب الله وأمل.. وبديل الشيخ نعيم
حزب الله الذي يحاول استدراك أي أزمة مع بيئته ويعمل على سد الثغرات كما أنه يبحث عن حلفاء جدد ويسعى لترميم ما أفسدته الحرب، سارع إلى إشاعة جو تغيري وقد يستبدل بعض الوجوه ويتجه نحو ترشيح وجوه جديدة من صفوف الحزبيين والموثوقين في فلكه، في محاولة واضحة لضخ دماء جديدة وتجديد التمثيل السياسي لمواكبة تحديات المرحلة القادمة.
أما رئيس حركة أمل سيبقي على وجوه أساسية مثل النائب غازي زعيتر، مؤكداً بذلك على ثبات بعض خيارات «أمل»، مع تصاعد عدد الطامحين لملء المقعد الثاني الموعود ومن بين هؤلاء الطامحين القيادي في أمل بسام طليس الذي تضاعف نشاطه الاجتماعي بعد معرفته أن عين بري على المقعد الثاني.
على صعيد التجهيزات الداخلية، بدأ حزب الله إعداد عدته الانتخابية بشكل منظم، حيث طلب من مسؤولي المناطق رفع لوائح أولية بأسماء حزبيين ومقربين منه مؤهلة للتواجد على اللوائح الانتخابية ليصار لجوجلتها قبل حسمها من قبل مجلس الشورى. وفي خطوة تشير الى التوجه نحو التغيير، كُلّف الوزير السابق محمد فنيش رسميا بإدارة الملف الانتخابي، ليحل محل الشيخ نعيم قاسم.

علي حجازي (يمين) وجميل السيد النائب الحالي
الخيام | khiyam.com
تعليقات: