دكتور محمد العبسي.. كلمة شكر من الخيام لا تكفي

المرحوم أبو رضوان محمد نعيم سعيد اسماعيل والسيدة أم رضوان
المرحوم أبو رضوان محمد نعيم سعيد اسماعيل والسيدة أم رضوان


بحدود الثالثة والنصف من بعد ظهر الاربعاء الموافق 12 أيار 2010، وردت إتصالات هاتفية بكل اتجاه: نحو الخيام.. بيروت.. الكويت.. كندا الخ... مصدرها سوريا، من هاتف نقّال دولي كان يعرّف حامله عن نفسه بأنه الدكتور محمد العبسي. ويتوجه الى كل من اتصل بهم سائلاً:

- هل تعرف محمد نعيم اسماعيل من الخيام؟

وبعد ان يأتيه الجواب بنعم يبلغه ان محمد حصل معه حادث سير في سوريا على طريق درعا الدولية في سيارة تحمل لوحة كويتية، وأنه في حالة حرجة في المشفى في درعا!

ولما كنا قد ودعناه صباحاً وهو يغادر لبنان برا ً الى الكويت وقد انطلق في الحادية عشر قبل ظهر ذلك اليوم المشؤوم بعد ان تواعدنا على اللقاء بعد شهر او شهرين مع العائلة ليقضوا جزءً من عطلة الصيف في ربوع لبنان.

كان وقع النبأ علينا كالصاعقة التي ضربتنا في الصميم

إنطلقنا باتجاه سوريا نحن شقيقاه (أنا وسعيد) وكانت الساعة حوالي الرابعة بعد الظهر في سيارة سعيد الخاصة وكنا لا نملك من المعلومات سوى ما ابلغنا به وهو ان الحادث قوي ووضع المصاب حرجة.

خلال الطريق بقينا على تواصل مع د.العبسي الذي كان جوابه الدائم (انشاء الله خير).

وصلنا الى بداية جسر "ازرع" مكان التواعد على اللقاء بعد ان اعتمدنا على أدلاء لاننا لا نعرف الطريق ولم نصلها سابقاً..

وكان لقاؤنا الاول مع الدكتور المذكور.. وكانت المفاجأة الاولى لما وجدنا رجلاً انحبس الدمع في عينيه، يكاد يختنق من البكاء حزناً وكأنه فقد عزيزاً من اهله او اصحابه.. ولم يكن بحاجة للكلام لنعرف نتيجة الحادث..

شقيقنا فارق الحياة بعد ان نطق ببضع كلمات بعدما رفعه من مكان الحادث ووضعه على ركبتيه في المقعد الخلفي لسيارته الخاصىة، وتوجه به مع أخيه الذي قاد بهم السيارة باتجاه اقرب مشفى في "ازرع" لكنه لم يصلها حيا فانتقل به الى مشفى درعا المزودة ببراد للموتى بعد ان اجرى سلسلة اتصالات من موبايله الدولي الخاص معتمدا على ارقام الهواتف التي اخذها من هاتف المرحوم محمد.

كلمات تعارف قليلة قبل ان يستلم قيادة الدكتور محمد سيارتنا واخوه يقود سيارته الخاصة وبدأ المشوار الى مشفى درعا ومخفرها.

كانت الساعة تجاوزت الثامنة مساءً بعد اتمام الاجراءات اللازمة لاستلام الامانات المودعة هناك بموجب محضر رسمي ومن بينها اموال كانت في جيوب المرحوم.. وبعد اتمامها كان لا بد من تصريح قاضٍ لأستلام الجثمان من براد المستشفى..

وكانت الساعة حوالي 9:30 مساءً عندما حضر القاضي للتوقيع على هذا التصريح، وبعد اتصالات مع مخفر شرطة المرور الذي يبعد حوالي 45 كلم عن درعا حيث اودعت سيارة المرحوم محمد والأمانات التي كانت بداخلها، اتجهنا مباشرة الى هناك.

كانت المفاجأة أن مبلغاً كبيراً من المال اضافة الى محمولات اخرى من ملابس واغراض كلها مسجلة في المحضر بأمانة اكثر مما يستوعب عقلنا.. ولم يكن اي منا يعرف انها موجودة معه في سفره، لكن امانة القيمين على الحادث حفظتها!

بعد استلام قسم من الامانات من شرطة المرور وبقاء قسم آخر بحاجة الى اجراءات قانونية، توجهنا الى بلدة "الشيخ مسكين" حيث نزلنا ضيوفاً على مضافة د.العبسي وكانت الساعة تجاوزت الثانية عشر ليلاً ليبدأ معظم الناس في المضافة الاتصالات في كل اتجاه تسهيلاً لتخليص كل المعاملات القانونية اللازمة لاستلام الجثمان والامانات المودعة يوم غدي.

صباح اليوم التالي انطلقنا في سيارتنا وسيارة د.العبسي مرافقة لنا اينما اتجهنا يقودها اخوه ابراهيم، لأن الدكتور استلم قيادة سيارتنا، منذ لحظة وصولنا ولقائنا به خوفاً علينا من القيادة ونحن نتألم حزنا ولأنه يعرف إلى اين يجب التوجه في ظل جهلنا التام للمنطقة.

ذهب في كل اتجاه وتحدث بإسمنا في كل مكان وأنهى كل الاجراءات وما يترتب عنها من مصاريف لوجستية وسواها. ولم يسمح لنا ان تمتد ايدينا الى جيوبنا وتصرف بما يزيل الأحراج عنا فكأنه اهل الفقيد ونحن المرافقين!

وبعد استلام الجثمان والأمانات من اماكنها المتفرقة بقيت كل الأمانات محفوظة معه ومع اخيه ابراهيم خوفاُ عليها من الضياع في حال وصولنا الى لبنان ولقاء الأهل والمعزين وحالة الضياع والألم التي تفقدنا التركيز.

وأصر على الإنتقال معنا الى الخيام ليوصلوا تلك الأمانات وهذا فعلاً الذي حصل!

وبعد الدفن الذي كان مع بدايات الليل وبقاءه بجانبنا مع اخيه حتى تلك الفترة قام بتسليم الامانة وقرر الرجوع الى سوريا حوالي منتصف الليل بسبب ارتباطاته ومسؤولياته التي تفرض عليه التواجد في سوريا صباح اليوم التالي.

وهكذا ودعناه ونحن نشعر في قرارة انفسنا اننا تعرفنا على اخ لم تلده أمنا!

وشعرنا بوجوده معنا عزاءً خفف عننا هول الصدمة لفقدان الحبيب محمد.. وان الدنيا ما زالت بألف خير لأن فيها من امثاله الذين يتحلون بالأخلاق والكرم العربي الأصيل...

من هو الدكتور محمد العبسي:

* هو دكتور خبير اقتصادي له مكانته الإجتماعية والإقتصادية

* واحد من النشاما الذين ينتمون الى عشيرة العبسي العربية الأصل واخاه الشيخ ربيع هو شيخ العشيرة

* عضو مجلس رجال الأعمال السوري الكندي

* عضو مجلس رجال الأعمال السعودي والإماراتي

* باحث اقتصادي على المستوى العربي والإقليمي

* انسان امثاله اصبحوا قليلون في هذه الدنيا, كل ذلك لم يمنعه من تعطيل كل التزاماته واعماله ليتفرغ لنا ليومين متتاليين معتبراً ذلك اقل الواجب الممكن .

* هو إبن مدينة "الشيخ مسكين"، الشبيهة بمدينة الخيام من حيث موقعها الجغرافي، أراضيها الزراعية، عدد سكانها، ارتفاعها عن سطح البحر، بعدها عن العاصمة والنسبة العالية للمتعلمين فيها..

منّا ومن اهالي مدينة الخيام كل الشكر والتقدير والإحترام للدكتور محمد العبسي واخويه إبراهيم والشيخ ربيع، على كل ما بذلوه وما قدّموه والتي تنمّ عن أخلاق عربية عالية مدعاة للفخر والإعتزاز... وكل مفردات الشكر لا تكفي للتعبير عن الإمتنان لهم والقيم التي يتحلون بها.

وأسرة المأسوف عليه المرحوم أبو رضوان محمد نعيم سعيد اسماعيل تكرر شكرها لجميع الذين شاركوها حزنها سواء بحضورهم او بالإتصال وتشكر عموم اهالي مدينة الخيام وجميع من قدّم واجب العزاء وتشكر أسرة موقع خيام دوت كوم وكل الذين قدّموا تعازيهم عبر الموقع سائلة الله ان يحفظهم جميعاً ويحفظ آل العبسي الكرام ويبعد عنهم كل مكروه.

لفقيدنا الرحمة ولكم من بعده طول العمر

عدنان اسماعيل

* شقيق المرحوم محمد نعيم سعيد اسماعيل الذي قضى بححادث مؤسف في منطقة درعا بسوريا خلال توجهه إلى الكويت.

سجل التعازي بالمرحوم محمد نعيم سعيد اسماعيل (أبو رضوان)

تعليقات: