«حصن الوزاني» قرية سياحية ضخمة قرب الخط الحدودي


ينشط عمال في محاذاة نهر الوزاني كخليّة نحل في ورشة ضخمة قد تبدو للوهلة الاولى مشروعا سياحيا عاديا لولا وقوعها على بعد امتار من الخط الفاصل بين لبنان واسرائيل وعلى مرأى من الجنود الاسرائيليين في الجانب الآخر من الحدود.

عند ضفة النهر، يقف صاحب المشروع خليل عبدالله ليواكب العمال ويعطي توجيهاته لهم، فخورا بما انجزه منذ 9 اشهر تاريخ بدء العمل في "القرية السياحية". ويقول لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "البعض وصفنا بالجنون، الا ان معظم الناس يهنئوننا ويبدون اعجابهم بالفكرة".

وتقول شقيقته وشريكته في مشروع "حصن الوزاني" زهرة عبدالله: "هذه ارضنا ومن حقنا ان نستغلها حتى آخر حبة تراب. نحن مسالمون، نريد ان نعيش ونحقق حلما قديما لان العمر قصير".

في هذا الوقت، تمر آلية اسرائيلية وراء اسلاك شائكة تعرف بـ"السياج التقني" على بعد نحو 150 مترا من "الخط الازرق" الذي رسمته الامم المتحدة بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان عام 2000 ليقوم مقام الحدود بين البلدين. اما "الخط الازرق" فيمر في وسط النهر، وفق ما اوضح ضابط في الجيش اللبناني في موقع قريب، اي على مسافة اقل من ثلاثة امتار من منشآت المشروع السياحي.

وقبل تسعة اشهر، عاد خليل عبدالله (58 عاما) من افريقيا بعد غربة استمرت عقودا، واستقر في لبنان ليبدأ تنفيذ مشروعه الذي تبلغ كلفته وفق الدراسات الموضوعة من دون الاضافات واحتساب ثمن الارض، اكثر من ثلاثة ملايين دولار. وسيمتد المشروع على مساحة اربعين الف متر مربع في ارض ظلت محظورة على عائلة عبدالله لسنوات طويلة، ولا سيما بين عامي 1978 تاريخ اجتياح الجيش الاسرائيلي الجنوب، و2000 تاريخ انسحابه.

وتصف "اليونيفيل" الموقع الذي يقام فيه المشروع بـ"الحساس". وقال المتحدث باسم القوات الدولية نيراج سينغ ردا على سؤال "المشروع قريب منطقة "الخط الازرق" التي تعتبر حساسة. لذلك، من المهم جدا التزام الحذر في اي نشاط يحصل فيها".

واشار الى اننا "على اتصال مع الاطراف للتأكد من عدم حصول اي سوء تفاهم يؤدي الى تصعيد الوضع، لذا طلبنا الامتناع عن اي خطوة يمكن ان ينظر اليه على انها استفزازية".

الى الواجهة فجأة

قفز مشروع "حصن الوزاني" فجأة الى واجهة الاحداث قبل ايام بعدما اكد الجيش اللبناني الاحد الماضي دخول احد عشر عنصرا من الجيش الاسرائيلي المشروع "في خرق للخط الازرق" و"انتهاك للسيادة اللبنانية".

وقالت مصادر الجيش ان الاسرائيليين انتزعوا مقود حفارة كانت تعمل في المكان وعادوا ادراجهم. واستتبع ذلك تقديم الحكومة اللبنانية شكوى الاثنين الفائت الى مجلس الامن الدولي.

الا ان الحادث لم يؤثر على سير العمل. فعند مدخل المشروع ارتفعت طاحونتان من الحجر البركاني الغامق تذكراننا بالقرية اللبنانية القديمة وسور مستوحى من الحضارة البيزنطية، كذلك انتهى تقريبا بناء غرف عدة على شكل قرية مغربية تقليدية. اما خيم القش، فتحمل ذكريات عبدالله في الدول الافريقية.

ويقول احد متعهدي المشروع محمد شحيبر: "عندما رأيت اليهود للمرة الاولى، اصبت بالذعر. جلس عدد منهم قبالتنا على الضفة الاخرى من النهر يراقبوننا ونحن نعمل". ويضيف: "مكثوا في المكان خمس ساعات ثم رحلوا، منذ ذلك الحين اعتدت وجودهم ولم اعد قلقا.

اما النائب علي فياض فاعتبر ان "المشروع جريء ويشكل خطوة سياحية نوعية في منطقة بقيت متروكة على مدى عقود". ويضيف ان الاقدام على مثل هذا الاستثمار "شكل من اشكال الصمود وتعبير عن اصرار الاهالي على ممارسة حقهم في تنمية منطقتهم".

غايته اجتذاب السياح

من المقرر افتتاح المشروع في حزيران، بعد الانتهاء من المرحلة الاولى منه التي تضم 9 غرف للضيوف مبنية على ضفة النهر، اضافة الى احواض سباحة ومطعمين. وسيتم في وقت لاحق بناء 60 شاليه في سفح الجبل الملاصق للنهر و9 فيللات في قمته، مما قد يستغرق العمل فيه سنتين اخريين. كما سيضم المشروع ناديا للخيل وقاعة انترنت وسوبرماركت ومستوصفا صحيا وناديا رياضيا وملعب تنس وصالة مطعم. وسيعتمد على مواصفات صديقة للبيئة، لجهة تشجير كل الطريق المؤدية اليه والتي حفرها اصحاب المشروع على نفقتهم الخاصة، وعلى استخدام الطاقة الشمسية والتوفير في الاضاءة وتكرير مياه المجاري الصحية.

ويقول عبدالله المشروع سياحي مئة في المئة ابوابه مفتوحة لكل الناس من لبنانيين واجانب، والغاية منه اجتذاب السياح فقط لا غير". ثم يضيف "هو حلم والدلي وحلمي... لذا اريد ان انهي ايامي في هذا المكان".

ريتا ضو

(و ص ف)


تعليقات: