نهر الأولي يفتح ذراعيه لرواد صيدا من مختلف المناطق

مقاهي نهر الأولي تستقطب الرواد منذ 12 عاماً على مدار الساعة خلال فصل الصيف
مقاهي نهر الأولي تستقطب الرواد منذ 12 عاماً على مدار الساعة خلال فصل الصيف


يهربون من لهيب الصيف إلى برودة النهر وجمالية الأشجار والجو العائلي..

عند مدخل صيدا الشمالي، يتعانق البحر مع النهر، حيث يستوقفك مشهد يتكرر كل صيف، فيتحول المكان الى نقطة استقطاب لأبناء المدينة ومن مختلف المناطق اللبنانية ودول الإغتراب··

إنه نهر الأولي، حيث أشجار الكينا تمتد على طول النهر، مستعيدة عراقة تاريخ النضال، كيف لا وهي التي كانت محط اعتداء قوات الإحتلال الإسرائيلي الذي احتل المدينة في حزيران من العام 1982، وعمد الى قلع الأشجار الملاصقة للبحر، ولكن بقي بعضها الأخر شامخاً، يظلل مع شهر حزيران من كل عام، مجموعة من المقاهي تجاوزت الـ 16 على قطعة أرض يملكها آل الحريري، شرعت ذراعيها لتكون قبلة تجتمع العائلات من كل حدب وصوب للإستمتاع ببرودة النهر بعيداً عن حرارة الشمس، وارتفاع لهيب الأسعار!!··

وإن كانت <عاصمة الجنوب> مدينة صيدا، باتت مقصداً للسائحين لقربها من العاصمة بيروت ومناطق الإصطياف الجبلية، وتعدد أماكن الترفيه فيها، فيما غياب الفنادق الكبيرة يحرمها من الإصطياف العربي، لكن يعول أبناؤها على عودة المغتربين وسائر أبناء المناطق، لتبقى كنايات نهر الأولي علامة فارقة، يعرفها القاصي والداني، من حيث عذوبة المكان والأسعار الأنسب التي لا ترهق الميزانيات··

ورغم تزامن افتتاح المقاهي على طول نهر الأولي من كل عام مع افتتاح المسبح الشعبي، لكن يبدو أن الإنتخابات البلدية ومرحلة التسلم والتسليم، أخّرت افتتاح الشاطىء ليبقى للنهر دوره الأكبر صبح مساء··

<لـواء صيدا والجنوب> زار كنايات نهر الأولي وعاد بهذه الإنطباعات··

تشتهر مدينة صيدا بطابعها المحافظ الذي يراعي الضوابط الأخلاقية والدينية، من أجل ذلك تجد العائلات في نهر الأولي على امتداد قطعة الأرض التي شرعها آل الحريري أمام أصحاب الإستراحات، مكاناً للإستجمام بعيداً عن الإنزعاج، لتستقطب أبناء العاصمة بيروت تحديداً لقربها ومختلف المناطق، حيث يجدون في الإستراحات الشعبية الخدمات الأنسب سعراً وجودة·

ويجتمع الأصحاب وأفراد الأسرة للإستمتاع ببرودة مياه النهر المترافق مع الهدوء الذي يوفره انسياب مياه النهر العذب بعيداً عن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، لترتفع في الهواء دخان الشواء واعداد وجبات الغداء أو العشاء، سواءً من أصحاب الإستراحات، أو الذي يحضره الأهالي معهم، فيما المناقيش التي تقدم على الصاج بمختلف أنواعها والمشروبات تترافق مع <النرجيلة> ولعب الورق من قبل الشباب والعائلات، لتعمر السهرات والجلسات على مدار الساعة··

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل أن الخدمات شملت تأمين الأراجيح ليتشارك الأطفال والكبار المرح وذكريات الطفولة، فيما ينتشر البائعة المتجولون لتقديم هدايا الأطفال وادخال السرور الى نفوسهم، لتزدحم المقاهي بالرواد خلال العطلة الأسبوعية··

مركز للحفاظ على البيئة والآداب وتم هذا العام استحداث <مركز الأولي للمراجعة والشكاوي لرواد المقاهي> والحفاظ على البيئة وأشجار الكينا، والذي يضم 10 مشرفين حيث يعمل بتوجيهات النائب بهية الحريري للحفاظ على قيم المدينة والبيئة وخصوصاً أشجار الكينا، التي تتجذر في الأرض·· وفي داخل ذلك المركز الذي وضعت عليه اللمسات الأخيرة حديثاً، يشير المشرف محمود حجازي الى <أنها السنة الأولى التي يتم فيها افتتاح هذا المركز بتوجيهات من النائب بهية الحريري، وذلك حفاظاً على الجو العائلي والأشجار والبيئة، وكذلك منع تلويث النهر أو أماكن الجلوس، وكذلك الحافظ على الآداب العامة، حيث يتم مراقبة وتأمين الهدوء للعائلات، وفي حال حدوث أي مشاكل، فإننا نعمل على علاجها طبعاً بالحكمة والطرق المناسبة، وذلك تعزيزاً للجو العائلي الذي أرادته النائب بهية الحريري من خلال تقديم الأرض لتكون متنفساً للعائلات من صيدا وقاصدي المدينة من مختلف المناطق وفي نفس الوقت فإن المكان يؤمن فرص عمل لعدد كبير من أصحاب المقاهي، حيث يوجد ما يقارب 16 استراحة على طول نهر الأولي·

وختم حجازي بالقول: منذ 12 عاماً قامت النائب الحريري بتشجيع أصحاب المقاهي من خلال تشريع قطعة الأرض لتعزيز الجو العائلي، لأنه في السابق لم يكن أبناء المدينة وقاصديها يتشجعون على القدوم للإستفادة من برودة النهر، كون بعض التصرفات الطائشة للشباب كانت تسبب حرجاً للعائلات، ولكن تم تأمين الجو العائلي من خلال عمل المقاهي، وأصبح هناك اقبال من مختلف المناطق وخصوصاً العائلات، فضلاً عن الشباب ولكن ضمن مراعاة الجو المحافظ لمدينة صيدا، ولتعزيز هذا الواقع تم هذا العام استحداث المركز الحالي· بدوره حسن الكبش قال: من ضمن مهام المركز الحالي، التأكد من تعرض الرواد للإستغلال من قبل أصحاب المقاهي من خلال فرض التسعيرة التي يريدون، ومن ثم حدوث العديد من المشاكل، لذلك عملنا هذا العام بالطلب من أصحاب المقاهي توحيد الأسعار، وأي شكوى من العائلات بسبب تعرضها للمضايقة من قبل البعض، فإننا نتواجد على مدار الساعة عبر فريق عمل مكون من 10 شباب، وطبعاً أي مشكلة أو خلل تتجاوز حدود صلاحياتنا فإننا نسندعي قوى الأمن الداخلي لحلها، وهدفنا الأساسي الحفاظ على البيئة والآداب العامة، لأن المكان يقوم بمهمة تأمين فرص عمل لأصحاب المقاهي وفي نفس الوقت ايجاد متنفس للعائلات ضمن الحفاظ على الآداب التي نعتز بها في مدينة صيدا··

تحسن الخدمات أما الرواد الذين اعتادوا على المقاهي، فيلاحظون تطور الخدمات عاماً بعد آخر، حيث يؤكد ذلك نبيل البابا بالقول: مع ارتفاع درجات الحرارة فإننا نقصد العديد من الأماكن، لكن لنهر الأولي طابع مميز، لأن المياه الباردة تلطف الجو، كما أن الخدمات تتحسن عاماً بعد أخر، ونشعر بالهدوء بعيداً عن الإنزعاج، وكل شيء مؤمن في هذه الإستراحات وبأسعار تناسب الجميع، لأن كلفة المطاعم العادية مرتفعة مقارنة بأصحاب الدخل المحدود، لكن أسعار المشروبات و<النرجيلية> وكذلك اعداد الطعام تعد معقولة، كما أنه تتوفر هنا الأراجيح للأطفال والكبار، مما يمكن العائلة من قضاء وقت جيد، سواء خلال أيام العطلة أو في سائر أيام فصل الصيف·· ولا يقتصر الزبائن على جيل واحد، بل ترى الشباب يزور المكان بشكل دائم، حيث يشير علي حمود الى أن فصل الصيف يتزامن مع نهاية العام الدراسي، وطبعاً هناك العديد من الأماكن التي يمكن قصدها، وخصوصاً مع موسم المونديال، حيث نجلس في المقاهي داخل صيدا القديمة أو المنتشرة داخل الأحياء، ولكن في غير هذه الأوقات نفضل الجلوس الى قرب النهر والإستجمام والإستمتاع بقضاء أجمل الأوقات مع الأصدقاء بعيداً عن الرطوبة، وخصوصاً أن منسوب المياه يعد جيد مما يؤمن جواً لطيفاً، كما أن المقاهي تعمل على مدار الساعة، ولا تقفل استجابة لمحبي السهر بعد منتصف الليل··

وأضاف: هناك أيضاً الشاطىء الصيداوي، لكن في ظل المخاوف من التلوث البحري، مع وجود مشكلة جبل النفايات بالقرب من مياه البحر، ومشكلة مياه الصرف الصحي التي كانت في السابق تصب على الشاطىء مباشرة، نذهب في بعض الأحيان الى صيدا التي عملت الجمعيات الأهلية على تنظيفها، وهي لا تستغرق سوى دقائق معدودة للوصول إليها، نستمتع خلالها برحلة بحرية، ذهاباً واياباً، والسباحة والجلوس على الجزيرة، ولكن نعود دائماً الى نهر الأولي حيث تستقبل المقاهي الزبائن في كل الأوقات··

sz@janobiyat.com

أفراد العائلة يمضون أجمل الأوقات على ضفاف النهر
أفراد العائلة يمضون أجمل الأوقات على ضفاف النهر


الأراجيح للكبار والصغار
الأراجيح للكبار والصغار


تعليقات: