بنت جبيل: اليسار يطيح التزكية .. وعيترون «تؤازرها»


انتخابات القضاء بين استراتيجية التحالف وتكتيك التزكية..

بنت جبيل:

افتتحت أخبار الانتخابات البلدية في بنت جبيل على نتائج معروفة سلفاً، في معظم قرى القضاء، بعد إعلان التحالف «الاستراتيجي» بين قطبي الساحة الشيعية الرئيسيين، أي «حزب الله» و«حركة أمل». وعليه، فإن هذه الانتخابات ستكون نسخة مكررة عن الانتخابات النيابية الأخيرة، من حيث الشكل العام للتحالف والتنسيق، مع تفاصيل إضافية نظراً للخصوصية البلدية، الأمر الذي يضع عمليات البحث في الأسماء مسألة تفصيلية لن تجرؤ الشياطين على الاقتراب منها، لا سيما بعد وضع آلية واضحة لتقاسم الحصص في القرى والبلدات تعكس إلى حد كبير نتائج الانتخابات البلدية التنافسية الأخيرة التي جرت عام 2004.

وبالتالي فقد سمحت هذه الطريقة بوجود أعضاء لكل من «حزب الله» و«حركة أمل» في معظم البلدات في القضاء. أما طريقة توزيع هذه المقاعد، فتحتسب على أساس نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة من مجموع عدد المقترعين، وهكذا تطبق هذه النسبة على أعضاء المجلس البلدي. وبحسب مصادر متابعة فإن اللائحة التي تكون قد حصلت على نسبة أعلى من 45 في المئة، ستحصل على منصب نائب الرئيس، وفي حال التساوي بالنسب فإن منصبي الرئيس ونائبه يوزعان مداورة على الطرفين، بواقع ثلاث سنوات لكل طرف. وسيطبق الأمر نفسه على البلدات التي ليس فيها مجلس بلدي، مثل يارون، في حين ستخضع تبنين، مثلاً، لاتفاق خاص لم تظهر تفاصيله بعد. وذلك لأن «حزب الله» لم تكن له لائحة مدعومة مباشرة منه خلال الانتخابات الأخيرة، حفاظاً على خصوصية هذه البلدة وهي مسقط رأس الرئيس نبيه بري.

وفيما يؤكد النائب حسن فضل الله «اننا لا نريد للبلديات وظيفة سياسية، لأن طبيعة عملها إنمائي»، يعتبر النائب أيوب حميد أن «الاتفاق الانتخابي بين «أمل» و«حزب الله» يوفر مناخاً مريحاً لأهلنا للتعبير عن خياراتهم في جو وفاقي، من أجل التفرغ للهموم التي تثقل على واقعنا في ظل تقاعس الدولة وتقصير الحكومة التي وعدت كثيراً ولم تلتزم بوعودها». أما النائب علي بزي، فقد اعتبر أن هذا الاستحقاق ليس من أجل تهميش أحد أو إلغاء أحد بل من أجل إنتاج مجالس بلدية تعكس التمثيل الحقيقي في الخدمات.

وإذا كان موضوع التحالف بين الطرفين قراراً استراتيجياً فإن هناك قرارات تكتيكية يحاول الطرفان تمريرها في أكبر عدد ممكن من القرى والبلدات، والمتمثلة بمحاولة الوصول إلى لوائح تزكية، ليس طمعاً بالخمسين مليون ليرة التي سيحصل عليها صندوق البلدية فقط، وهو مبلغ مغر لمعظم البلديات المفلسة تقريباً، بل لتجنيب البلدات الانقسامات العائلية في ظل غياب باقي الأحزاب، لا سيما في القرى الصغيرة، إذا ما استثنينا بنت جبيل وعيترون وتبنين وعيناتا ودير انطار، والتي يمكن أن تشهد معارك مقبولة نسبياً، في ظل بدء الحراك اليساري. في حين تنحصر المعركة، إذا أمكن تسميتها بالمعركة، في دير انطار، ضمن نطاقها العائلي في ظل تفضيل الطرفين الابتعاد عن البلدة الاغترابية.

وفيما كان البعض يراهن على أن يعطي التفاهم الشيعي مفعوله على صعيد انكفاء الآخرين لمصلحته، سواء من الأحزاب أو بعض العائلات، أدى إعلان ترشح عضوين مستقلين لعضوية المجلس البلدي في مدينة بنت جبيل من خارج الثنائية التحالفية الى الإطاحة بالجهود للوصول الى مجلس بلدي في المدينة عن طريق التزكية.

فقد أطلق كل من المرشحين عبد الكريم نمر طالب ورضا يوسف سعد حملتهما الانتخابية لعضوية المجلس البلدي في مدينة بنت جبيل عبر موقع «الفايس بوك»، وهي ربما تكون سابقة على الأقل جنوباً.

وفي اتصال من المرشح طالب اكد ترشيحه وخوضه الانتخابات وزميله سعد في اطار المعركة الديموقراطية، مشيراً إلى ان باب الحوار مفتوح امام الجهات الاخرى للنقاش في هذه الامر على الصعد كافة. ورأى انه سيعمل مع زميله لمصلحة المدينة إن فازا بالانتخابات المقبلة، مؤكداً انهما مستقلان عن اي جهة حزبية.

وإن كان المرشحان يغلفان ترشحهما بعباءة المستقلين، إلا انه لا يمكن اخفاء خلفيتهما اليسارية التي خاضا الانتخابات على اساسها خلال الدورة السابقة بالتحالف مع حركة امل.

وفي عيترون، فاجأ اليساريون أيضاً المعنيين بالانتخابات البلدية فيها، عبر مطالبتهم بتثليث المجلس البلدي الذي يتألف من 18 عضوا بينهم وبين حركة أمل وحزب الله، بواقع 6 أعضاء لكل طرف وهو الأمر الذي رفضه الأخيران.

وفي حين أشارت مصادر إلى انه يمكن إرضاء اليسار بعضو أو عضوين كحد أقصى اعترافاً بواقعهم الجماهيري على الأرض، إلا أن العرض رفض جملة وتفصيلاً.

ونتيجة هذه الأجواء، من المتوقع أن تشهد بلدة عيترون معركة حامية نسبياً إذا ما قيست بالمعارك غير المتكافئة في القرى المجاورة، وذلك بالاستناد إلى الأصوات التي لم تجير للائحة التحالف في الانتخابات النيابية.

وبينما غيّب «التحالف الثنائي» إمكانية توجيه الانتقادات المتبادلة لعمل البلديات السابقة (2004 ـ 2010)، وتقييم أدائها البلدي على الأرض، فإن مصادر متابعة تشير إلى أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، حيث تعرضت هذه المنطقة، لا سيما بلدياتها، إلى حروب شتى خلال فترة ولايتها، ليس أقلها عدوان تموز 2006، والتوترات السياسية التي سبقت العدوان وأعقبته، وحرمت البلديات من حقوقها المالية لسنوات، ولم تستردها كلها حتى اليوم.

أما في القرى المسيحية، فإن الصورة ما زالت أكثر غموضاً، وهي أشبه بصورة الـ«نيغاتيف» بالشكل الظاهري، وتحتاج إلى بعض التلاوين العائلية، ومن ورائها الحزبية، لإظهار الصورة على حقيقتها. ففي رميش، أكبر هذه القرى، ما زال الحراك العائلي خجولاً بعض الشيء، وإن كانت بعض الأسماء قد بدأت تظهر على السطح، ولا يخلو بعضها من خلفية سياسية مبطنة، بانتظار جلاء الصورة الكاملة للمرشحين والتشكيلات العائلية.

ويظهر حتى الآن تحرك خفيف لحزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، في حين أن «التيار الوطني الحر» ما زال خلفهم بخطوة، من حيث الحركة الانتخابية، وإن كانت بعض المصادر تشير إلى أنه الأكثر قوة بفعل محيطه الديموغرافي، لا سيما أن البلدة لا تخلو من «مستمعين» لآراء «حركة أمل» و«حزب الله» بهذا الشأن، رغم عدم وجود ما يشير إلى أن موضوع الانتخابات في هذه القرى يعنيهما مباشرة، على الأقل بالنسبة إلى «حزب الله». ويمكن إسقاط الصورة نفسها على بلدة عين إبل ذات الغالبية المارونية في قضاء بنت جبيل.

أما في باقي القرى المسيحية أو المختلطة، فالأمور ما زالت هادئة، إذ لم يسجل حتى الآن أي حراك سياسي أو انتخابي بارز بانتظار المقبل من الأيام.

يشار الى أن قضاء بنت جبيل يضم 32 قرية، منها أربع قرى مسيحية هي: رميش، وعين إبل، ودبل، والقوزح، بالإضافة إلى أربع قرى مختلطة بين الشيعة والمسيحيين، فيما البقية قرى شيعية خالصة.

المقيمون في القضاء حوالى 110 آلاف نسمة، من أصل حوالى 250 ألفاً، ويشكل المسيحيون حوالى 10 في المئة من عدد سكانه، فيما الغالبية الباقية هي من المغتربين.

تعليقات: