بلدية كفرشوبا «متراس متقدم» ورئيسها يُعاين الخروقات الإسرائيلية

جانب من بلدة كفرشوبا
جانب من بلدة كفرشوبا


القادري: استرجاع الأرض هو التحدّي الأكبر..

- نناشد الدولة والجيش لمساعدتنا على إزالة ما تبقّى من ألغام في أرضنا..

- بعض الأهالي يصف رئيس البلدية الحالي بالاستشهادي لما يتحمّل من مخاطر..

كفرشوبا، قبل الحرب وبعد الحرب، ساحة للتحدّي قبل المقاومة وبعدها لا تعرف الاستكانة. رئيس بلديتها استشهادي ما تخلى يوماً عن موقعه وما تخلّف عن الحضور إلى «المتراس البلدي» فهو البناء البلدي الوحيد في لبنان الذي يناطح العدو مباشرة، ويتحدّي خروقاته ويفضحها. هنا لقاء لجردة حساب على مدى 5 سنوات مع رئيس بلدية كفرشوبا «الاستشهادي عزت القادري».

القادري يعتمر القبعة الزرقاء بين عنصرين من اليونيفلتأسست بلدية كفرشوبا في العام 1962 وانتخب أول مجلس بلدي، تولى إدارة شؤون البلدة الواقعة عند الطرف الجنوبي الشرقي من حدود الوطن. وفي العام 1972 حُل المجلس البلدي وبقيت البلدة دون بلدية حتى جاء التحرير 2000، وعادت البلدة إلى حضن الوطن بعد ربع قرن من الإحتلال وغياب المجالس البلدية. وفي العام 2001 أُنتخب مجلس بلدي جديد من 15 عضواً، برئاسة عزت القادري الرئيس الحالي، الذي أعيد انتخابه مرة ثانية في دورة انتخابات أيار 2004.

المجلس الحالي شهد بعض الاستقالات، بسبب انتقال بعض الأعضاء إلى وظائف معينة، ومن ثم المصاهرة أو درجة القرابة التي استجدت بين هذا وذاك.

وأوضح رئيس البلدية عزت القادري، أنه منذ العام 2001 ولغاية اليوم صرفت بلدية كفرشوبا ما مجموعه مليار و270 مليون ليرة، يضاف إلى المبلغ مشاريع عامة من الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات أخرى ليصبح حوالى أربعة مليارات و600 مليون ليرة توزعت على مشاريع مختلفة ومتعددة كون البلدة كانت بحاجة إلى كل شيء. من هذه المشاريع إعادة تحديث شبكة الكهرباء، وحفر بئر إرتوازية في مزرعة حلتا، إضافة إلى 55 ألف متر مربع من مادة الزفت استخدمت لتعبيد الطرقات الداخلية لأول مرة بطول 12 كيلومتراً، في العام 2003 بعد أن كانت ترابية. وحرصاً منها على تجميل الطرقات والمواقع داخل البلدة أنشأت البلدية 470 حائط دعم تجميلي.

2006 الدمار والتحدّي

وقال القادري: "التحدي الأكبر واجهته بلدية كفرشوبا في عدوان تموز 2006 الذي خلّف دماراً وخراباً كبيرين، دفعاً بالبلدية إلى إعلان حال استنفار عام وإعداد ورشة عمل كبيرة مارست جهداً كبيرة طيلة 40 يوماً من وقف العدوان، مكّنت البلدية من فتح الطرقات الرئيسة والفرعية بواسطة ثلاث جرافات وخمس ماكينات بوب كات وماكينتي بوكلين وشاحنات مختلفة الأحجام، حيث تم نقل ما مجموعه 1470 شاحنة من الركام والردميات من الشوارع والأزقة وحتى من أسطح المنازل. وأشار القادري أن الردم الحاصل نتيجة تهديم البيوت نُقل على حساب مجلس الجنوب مشكوراً.

هذه الأشغال كانت بمثابة خطوة أساسية قامت بها البلدية إلى جانب خطوات أخرى من تنظيم توزيع المساعدات ونقلها إلى المنازل على حسابها. أما الجانب التربوي فنال نصيبه من المساعدات وذلك ضمن حرص البلدية على مستقبل التلامذة واستقرار ذويهم في البلدة ورفع جزء من المعاناة التي طالت الجميع، لذا باشرت البلدية في تأمين حاجيات المدرسة الرسمية إلى جانب تأمين نقل التلامذة إلى ثانوية البلدة من قرى الجوار في خطوة تدفع نحو رفع مستوى التعليم واستقطاب الطلاب الى كفرشوبا.

رئيس بلدية كفرشوبا يشرف على بناء عازل حول بركة بعثائيل المقابلة للموقع الإسرائيليالنفايات وإعادة البناء

وفي الشأن البيئي كان للمجلس البلدي دور كبير، فمنذ العام 2002 أنشأت البلدية مكباً للنفايات يبعد عن البلدة قرابة خمسة كيلومترات، وتقوم حالياً بجمع النفايات من المنازل ونقلها إلى المكب ثم حرقها وهذه هي الطريقة الممكنة والمتاحة حتى اليوم. وفي موضوع رخص البناء أوضح القادري أن جميع المنازل التي تهدمت تم التعاطي معها بإيجابية استناداً إلى قرارات مجلس الوزراء، أما المباني الجديدة المستحدثة فتخضع لقانون البناء.

خطر الألغام الداهم

بلدية كفرشوبا لم تأل جهداً في الحفاظ على سلامة الأهالي والمزارعين في حقولهم، وذلك من خلال رفع خطر القنابل العنقودية ومخلفات الإحتلال من ألغام وقذائف غير منفجرة، وفي هذا الإطار رفعت البلدية كتاباً إلى قائد الجيش للتسريع في إزالة هذه المخلفات، لأن الخسائر البشرية كانت قاسية جداً "شهيد وأربعة جرحى بينهم ثلاثة أطفال" وذلك خلال فترة ثلاث سنوات".

لم يقتصر دور بلدية كفرشوبا على الخدمات الإجتماعية والإنسانية والتربوية والإنمائية، بل تخطاها إلى ما هو أبعد من هذا خصوصاً وأن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية ما زالت تحت الإحتلال "مرتفعات كفرشوبا" لذا أولت البلدية هذا الجانب اهتماماً خاصاً، وعملت على تعميق التشبث بالأرض في محاولة لإزالة الإحتلال، وبالتالي مطالبة الدولة بدفع التعويضات للمزارعين عن أراضي مساحتها نحو ثمانية كيلومترات مربعة، إضافة إلى مئات الدونمات القريبة من خط الإنسحاب والتي لا تستثمر بسبب السيطرة النارية المباشرة عليها من قبل مواقع الإحتلال. وقدر رئيس البلدية خسائر القطاع الزراعي بأنها قد تساوي الخائر في المنازل.

المجلس «المتراس المتقدّم»

مبنى بلدية كفرشوبا قد يكون أقرب مركز بلدي إلى مواقع الإحتلال وكأنه متراس بلدي متقدّم، لكن هذا لم يمنع رئيس المجلس عزت القادري من مواصلة دوامه اليومي في هذا المبنى الذي هو على قد الحال، قلما تراه متغيباً وإذا غاب يكون بفعل ملاحقة أوراق في دوائر رسمية، بعضهم أطلق عليه تسمية "الرئيس الإستشهادي" لأن شخصه حاضر في المرتفعات يراقب ويقف ويعاين كل الخروقات ويتقدم كل المسيرات المطالبة بتحرير الأرض المحتلة، والبعض الآخر يصفه بالرئيس الصلب المتشبث بمواقفه الوطنية المدافعة عن الأرض. كلها تسميات وألقاب وصفات، تبقى مقرونة بالعمل الميداني ومربوطة بنشاطات الرئيس الذي لم يغب يوما عن بلدته وبلديته، ويتمنى مجلساً بلدياً جديداً في العام القادم يلبي طموحات الأهالي خصوصاً لجهة استعادة الأراضي المحتلة.

تعليقات: