سكان حيّ السلام تركوا منازلهم هرباً من روائح مجرى نهر الحاصباني

الروائح الكريهة والحشرات تنبعث من داخل المحطة
الروائح الكريهة والحشرات تنبعث من داخل المحطة


حاصبيا:

لم يبقَ أمام سكان حيّ السلام عند المدخل الغربي لمدينة حاصبيا - مركز القضاء وأصحاب المنازل القريبة أو المجاورة لمجرى نهر الحاصباني سوى ترك منازلهم والبحث عن أماكن بديلة هرباً من الحشرات السامة والروائح الكريهة المنبعثة على مدار السنة وتشتد وطأتها مع بداية فصل الصيف من مجاري الصرف الصحي والمياه الآسنة المتدفقة من بعض القرى المجاورة بشكل عشوائي أو من محطة التكرير التي كانت قد أنشأتها مؤسسة <مرسي كور> بالتعاون مع بلدية حاصبيا في العام 2001 وفي نقطة قريبة من هذه المنازل بهدف معالجة هذه الملوثات ورفع ضررها عن الأهالي وعن مجرى الحاصباني في آن معاً الا انه وبالرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على هذه المشكلة ما زالت المحطة متوقفة عن العمل والمجاري الصحية مكشوفة والأهالي يدفعون الثمن بالرغم من كل المحاولات والجهود التي بذلوها طيلة هذه الفترة الزمنية الطويلة مع الجهات المعنية علهم يجدون الحلول المطلوبة للتخلص من المشكلة التي باتت تُهدّد سلامة وحياة اطفالهم وعيالهم بفعل العوارض والامراض الخطيرة التي تسببها هذه الملوثات·

أهالي حيّ السلام يرفعون اليوم الصوت عالياً ويحملون مسؤولية تهجيرهم القسري من منازلهم وما يواجههم من معاناة إلى المسؤولين في الدولة وبخاصة من هم في الوزارات المعنية مستغربين هذا الاستهتار وهذا الاستخفاف بحقوقهم خاصة وانها بدأت تُهدّد حياتهم بشكل مباشر، كما يُشير الشيخ كامل حامد الذي اضطر كغيره من سكان الحي إلى ترك منزله والانتقال إلى منزل العائلة وسط البلدة هرباً من الغازات السامة والروائح الكريهة المنبعثة من المحطة والمنتشرة في كل اتجاه الى درجة لم يعد بالامكان تحملها، وما اخافنا اكثر هو اصابة العديد من سكان الحي، بينهم ولدي، بحالات مرضية أثبتت الفحوصات الطبية انها بسبب الروائح الكريهة والجراثيم السامة المنبعثة من المحطة أو من مجاري الصرف الصحي·

حامد الذي جدد مناشدته للمرة الألف كافة المسؤولين في الدولة وفي المنظمات والجمعيات الرسمية والمدنية التي تعنى بحقوق الإنسان العمل سريعاً من أجل معالجة هذه المشكلة التي لم تعد تتحمل الصبر والتسويف، وإلا سنضطر بعدها إلى اتخاذ خطوات تصعيدية ورفع دعاوى لدى النيابة العامة البيئية على كل من لم يقم بواجبه تجاه هذه القضية·

حمودي خداج وصف الوضع بالخطير، مشيراً إلى أن حالات مرضية بدأت تظهر منذ فترة على معظم سكان الحي كباراً وصغاراً مثل اوجاع في الرأس، انفلونزا، تقيّؤ وغيرها من الأمراض التي قد تؤسس لامراض خطيرة قد تكون مزمنة أو قاتلة بحسب ما أكده بعض الأطباء، إذ أن بعضهم ذكر بأن الروائح الكريهة إذا ما تنشقها الإنسان لمدة طويلة قد تسبب له مرض السرطان وغيره من الأمراض الخطيرة·

ولفت خداج إلى انه وامام هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه مع عائلته في حيّ السلام اضطر مع بداية فصل الربيع إلى اقفال شبابيك وأبواب منزله بشكل محكم للحيلولة دون دخول الحشرات السامة كالذباب والبعوض والروائح الكريهة أيضاً إلى داخله كتدبير وقائي لرفع الخطر عن اطفاله بانتظار أن يتحرك ضمير المسؤولين علهم يبادرون إلى معالجة هذه المشكلة بشكل جدي قبل فوات الأوان·

وكشف خداج عن أن سكان الحي، وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، تقدموا بعدة عرائض إلى البلدية الحالية والقديمة وإلى القائمقامية <كما التقينا العديد من المسؤولين وكنا في كل مرّة نعرض عليهم مشكلتنا هذه ونطالبهم العمل على حلها منعاً لتفاقمها، لكن ومع الأسف حتى اللحظة لم نلق سوى الوعود التي لا قيمة لها>·

وشدّد خداج على ضرورة اقفال هذه المحطة التي تشكّل 90% من المشكلة في حال لم تبادر البلدية إلى تشغيلها كما وعدتنا مراراً·

ومن حيّ السلام إلى مجرى الحاصباني، حيث المعاناة نفسها، كما يُشير المواطن علي أبو دهن الذي يتأسف لهذا التلوث البشع والخطير الذي يتعرض له نهر الحاصباني الذي كان مشهوراً بنقاوة وعذوبة مياهه على مر التاريخ· ويتساءل أبو دهن: اين هم المسؤولين في وزارة البيئة وفي وزارة الصحة وفي الوزارات الأخرى التي تُعنى بهذا الشأن مما يتعرض له الحاصباني من مخاطر بيئية واقتصادية يجب معالجتها بأسرع وقت ممكن لتعود لهذا النهر مكانته الطبيعية والبيئية، ولفت أبو دهن إلى ان ملوثات زيبار الزيتون التي يتعرض لها الحاصباني في مواسم قطاف الزيتون تشكّل خطراً فادحاً على البساتين القريبة من ضفتيه كما انها احياناً تقضي على كل كائن حيّ فيه·

رئيس بلدية حاصبيا كامل أبو غيدا لفت إلى أن بلديته لم تأل جهداً ومنذ أن ورثت هذه المشكلة عن البلدية السابقة من أجل معالجتها ورفع الخطر والضرر عن الأهالي· وأضاف: <عندما استلمنا محطة التكرير كانت مجرّد خزان لتجميع مياه الصرف الصحي وزيبار الزيتون فقط ولا طائلة منها اكثر من ذلك، عندها وأمام هذا الواقع المزري قمنا بما يلزم مع مؤسسة <مرسي كور> منفذة المشروع، وطلبنا منها إعادة النظر بهذه المحطة وتأهيلها وتطويرها بالمواصفات المتبعة في الدول النامية والمتطورة، ونتيجة للمراجعات والاتصالات الحثيثة التي قمنا بها، استجابت <مرسي كور> لطلبنا وأعادت بناء وتأهيل المحطة بشكل علمي وصحيح، وباتت جاهزة للعمل، وذلك عندما تحلم وتعطف علينا مؤسسة الكهرباء في إيصال التيار الكهربائي للمحطة بعدما أتمّت البلدية كل ما هو مطلوب منها تجاه مؤسسة الكهرباء بهذا الخصوص، ودفعت الرسوم المتوجبة عليها>·

وأضاف أبو غيدا <اننا وبهذه المناسبة، نحمّل مؤسسة الكهرباء مسؤولية تقصيرها الذي ما زال يحول دون تشغيل المحطة لتكرير المياه الآسنة والصرف الصحي كي نرفع الضرر عن أهلنا ونحمي مجرى الحاصباني من التلوث، وبالتالي نكون حافظنا على البيئة·

اما في ما خص زيبار الزيتون وملوثاته، فقد كشف أبو غيدا أن بلديته قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، وهناك مشروع سيبدأ تنفيذه قريباً على قطعة أرض قدمتها البلدية في منطقة بعيدة عن الاماكن السكنية لتجميع زيبار الزيتون فيها من المعاصر مباشرة بشكل علمي ومدروس من قبل مهندسين اختصاصيين بحيث لا يكون له أية مضاعفات أو تأثير على البيئة أو على المياه الجوفية إطلاقاً·

المحطة متوقفة عن العمل منذ سنوات
المحطة متوقفة عن العمل منذ سنوات


محطة تكرير الصرف في حاصبيا بانتظار التيار الكهربائي
محطة تكرير الصرف في حاصبيا بانتظار التيار الكهربائي


تعليقات: