التطور

 حسين السيد علي  السيد سعيد  زلزلة
حسين السيد علي السيد سعيد زلزلة


مع قدوم القرن الحادي والعشرين، كان من الطبيعي أن يغزو ما يسمى بالتطور كل المجتمعات العربية والإسلامية، ولكن يا ترى ما هو مفهوم التطور؟ وهل هو تشبه بعض الرجال بالنساء أم تشبه بعض النساء بالرجال أم هو الابتعاد عن دين الله وأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء والتوجه نحو الرذيلة والتشبه بالغرب والتقليد الأعمى الذي يقوم به بعض أفراد المجتمع العربي والإسلامي.

فمثلا ترى فتاة ترتدي ملابس مغرية غير محتشمة تظهر مفاتنها وتتباهى بذلك، وتقلد بعض التصرفات التي لا تليق بها كونها بنت من تدخين السجائر والشيشة ( الأرجيله ) وهذا الغزو الجديد الذي بدأ يظهر بكثافة في شتى بقاع العالم العربي والاسلامي وتحاول دائما أن تظهر بمظهر أنها تواكب عصر التطور ولو حاولنا الاستفسار عن تصرفها هذا فتكون الإجابة ببساطة: (وين بعدك عايش؟!! مو معقول هذا الكلام إنت أنسان متخلف).

هل أصبح تدخين السجائر والشيشة واللبس غير المحتشم الذي يظهر مفاتن البنت هو التطور؟؟ وهل أصبحت الرذيلة وترك آداب وأخلاق الدين الإسلامي والابتعاد عما أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والتمسك بما نهونا عنه هو التطور والتحضر؟! وهل اتباع الغرب واتخاذ بعض المنحرفين أخلاقيا مثلا أعلى لأبنائنا وبناتنا وتقليدهم هو التطور؟ اسئلة لم استطع بعد أن أجد لها إجابة ولم أتمكن من تخيل عواقب ذلك وما له من آثار سلبية على مجتمعنا وعلى عادات وتقاليد أمتنا العربية والإسلامية. ناهيك عن تقليد بعض الشباب لأولئك الممثلين والمغنيين الغربيين وحتى العرب في طريقة المشي واللباس وقصات الشعر وما شابه من تقليد أعمى معتبرين أنهم يتبعون التطور.

ففي عصرنا الحالي اختلط مفهوم التطور بفكرة الارتقاء إلى الأفضل، فصار التطور يعني التقدم. أما في ميزان الإسلام فإن للتغير والتطور والتقدم معاني قد تكون باتجاه الأحسن، وقد تكون باتجاه الأسوأ، إن الدين الحق لا يمكن أن يقف ضد التطور النافع المتمثل في إطار الشريعة، ولهذا لا عجب أن تجد الإسلام يحث على العلم النافع والعمل المشترك، ولا عجب أن نجد الله يحثنا ويحدثنا من خلال كتابه العزيز (القرآن الكريم) في قصة آدم عليه السلام عن العلم، وفي قصة نوح عن صناعة السفن، وفي قصة داود عن إلانة الحديد...إلخ، فهذا هو دين الإسلام لا يدعونا إلى عدم التطور وتأخير النمو بل نجد فيه الدافع للتطور والنمو ولكن دون الانحراف عن مبادئ الدين والتمسك بأحكام الشريعة الإسلامية.

ويمكننا التطور حسب مفهوم الإسلام باقتباس العلم النافع للمسلمين من الحضارات الأخرى وتنقيته من الشوائب التي تشوبه فإذا كان التقدم والتطور والتغير حسب ما يراه البعض هذه الأيام هو التراجع عن الأخلاق وتسهيل مسلك الرذيلة فبئس هذا التطور والحضارة، والتطور نحو السلب والنهب والخمر، التطور لنبذ الفضيلة وارتكاب الرذيلة لا يُعد تطورا، التطور نحو تهييج الشهوات وإثارة الأهواء وتقوية النفس الأمارة بالسوء ذلك هو التطور نحو الدمار والهلاك وفساد المجتمع.

إن قيمنا الإسلامية هي القيم الراسخة وهي القيم التي يجب أن نتبعها والتي نستمدها من كتاب الله وسنة رسول الهدى ومن أحاديث آل البيت الأطهار وهو الضمان لإعداد جيل المستقبل، إن تطور المجتمعات المسلمة يجب أن تصب في تحقيق الأهداف الأساسية لحياة المسلمين وتكون بعبادة الله والتمسك بأحكام الشريعة الإسلامية والقرآن الكريم وبأهل بيت العصمة والتخلق بأخلاقهم وإتباع نهجهم فهذا التطور يعتبر هو التطور الحق والنافع لنا كمسلمين.

حسين السيد علي السيد سعيد زلزلة

مقالة سابقة للكاتب

تعليقات: