جميلة العرب تطلب الرزق في بعلبك

منتجات جميلة الطبيعية
منتجات جميلة الطبيعية


بعلبك ـ

تفترش جميلة العرب الرصيف بالقرب من مسجد الحنابلة في سوق مدينة بعلبك. تبسط السيدة «منتجاتها» البلدية، من خضر موسمية أو سليق الأرض، إضافة طبعاً إلى الحليب ومختلف مشتقاته من لبنة وجبنة وأحياناً قشطة أو قمبريس، بعد أن تحضرها من بستانها، أو مما تدرّه عليها بقرتها في قريتها شعث التي تبعد عن مدينة بعلبك قرابة خمسة وثلاثين كيلومتراً.

وتحضر جميلة، التي تبلغ الستين من العمر، مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع إلى رصيفها حاملة معها ما تيسّر من خضر أو ثمار الموسم، وفي كل الفصول، وتقول: اليوم أعرض اللفت والفجل الشتوي والهندباء، بالإضافة إلى اللبن والحليب والقشطة»، وتضيف كمن هم على اطلاع على آخر صيحات «الموضة» الغذائية، إن كل منتجاتها «من شغل البيت وطبيعية»، أي ما يعرفه الغرب اليوم باسم «بيو». تؤكد جميلة أن المواطنين باتوا يعرفونها، وأنه أصبح لديها زبائن ينتظرون قدومها ويفتقدونها على رصيفها. فهي تحضر إلى بعلبك مرتين في فصل الشتاء، «فكما تعلم الطقس بارد جداً في بعلبك، ويمكن أن يتجمّد المرء إذا بقي فترة طويلة في الخارج». ولكن طلب الرزق يحتاج إلى الكثير من الصبر، هكذا تقول، و«المهم أني أبيع معظم الأشياء التي أحضرها معي، وما أربحه يساعدني في تربية أبنائي الأربعة». وإضافة إلى أعشاب السليق، أي التي تنبت في البرية، تحضر جميلة معها أعشاب الزهورات البرية المجففة، ولكن «بناءً على الطلب»، كخلطة الزهورات أو نبتة الخبيزة التي تستخدم في علاج الالتهاب، وهي متوافرة بكثرة في قريتها. تسأل السيدة عن قطعها لهذه المسافة الطويلة من قريتها إلى بعلبك، وهي تزيد على سبعين كيلومتراً ذهاباً وإياباً، فترفع كتفيها كمن يقول «ماذا أفعل إذاً؟». وتشرح «أن الرزق يحتاج إلى السعي»، مضيفة على طريقة الناس هنا حكمة للتدليل على صواب رأيها «كما يقول المثل: اطلب الرزق في تزاحم الأقدام». وتضيف «ففي سوق المدينة هناك حركة كبيرة، والأهالي هنا كرماء، وأنا لا أنافس أحداً. كما أن أسعاري منخفضة قياساً إلى أسعار البيع في السوق». وتختم وهي تتنهّد «لكنّ الأمور تسير نحو الأسوأ يوماً بعد يوم، فالغلاء بدأ يأكل ما نجنيه، ولكن ما باليد حيلة».

تعليقات: