قانون المؤشرات الجغرافية وآليـة تطبيقه بغية الحصول على علامة الجودة


إن المؤشرات الجغرافية تتمثل بكونها علامة جودة من شأنها زيادة القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية في الأسواق الخارجية ضمن معايير وشروط متبعة دولياً وخاصة بعد انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية حيث تصبح السلع اللبنانية في مواجهة المنافسة العالمية وتحرير الأسواق.

وحيث إن منظمة التجارة العالمية تعتمد أكثر في توجهاتها على الإمكانيات الاقتصادية، المالية والتكنولوجية للدول، كان للمؤشرات الجغرافية ضمن حماية الملكية الفكرية دور بارز في الحفاظ على إنتاجية التجمعات المحلية »التراثية والتقليدية« زراعية كانت أم زراعية مصنعة أو حرفية، وقولبتها ضمن معايير ومقاييس عالمية تتلاءم والسوق الخارجية وفقا لما يشهده العالم من متطلبات لناحية المواصفات والشروط المفروضة على السلع المستوردة والمصدرة.

وحيث إن هذه التجمعات المحلية، كما القطاعات الإنتاجية المتوسطة الحجم والصغيرة في البلدان النامية، تجد نفسها في مواجهة أنظمة أسواق الدول الكبرى والمتقدمة، فليس عليها إلا أن تأخذ موقفا جريئاً حيال هذا الأمر وذلك إما بمواكبة هذا التطور وخلق سوق خاص فيها أو ما يسمى بالـ niche market بغيّة حماية سلعها وإما بمواجهة الأسواق العالمية منفردة وهذا ما لم تتمكن التجمعات المحلية من إتمامه حتى الآن.

وفي ظل تعدد أصناف وأنواع وماركات المنتجات في الأسواق، قلـّت ثقة المستهلك لناحية نوع المنتج وأصله لذا جاءت علامة المؤشرات الجغرافية لتؤمن للمنتج مرجعيته وتثبت نوعيته ومصدره وتحمي الخبرات المتوارثة في إنتاجيته.

فإن علامة الجودة التي تؤمنها المؤشرات الجغرافية تحفظ حقّ المُنتـَج والمُنتِج معاً وخاصة عندما تكون الأسواق على مسافات بعيدة من منطقة الإنتاج حيث يمر المنتج عبر العديد من الوسطاء فيصبح بذلك المستهلك بعيدا عن المنطقة الجغرافية المنتجة للسلعة. إن اعتماد علامة المؤشرات الجغرافية على المنتجات الزراعية والزراعية المصنـّعة والحرفية، يتطلب تضافر الجهود من كافة المنظمات والهيئات المانحة وغيرها من الجهات والمؤسسات التي تدعم القطاعات الزراعية، الصناعية والحرفية. حيث إن المؤشرات الجغرافية لا تفرض مقاييس جديدة على طريقة الإنتاج المتبعة في هذه أو تلك المنطقة الجغرافية، بل تسعى إلى قولبة طريقة الإنتاج المتـّبعة تقليدياً في دفتر شروط خاص بها.

فعلى ماذا تدل علامة المؤشرات الجغرافية؟

إن علامة المؤشرات الجغرافية تدلّ على:

ـ منطقة جغرافية محدّدة اشتهرت في إنتاج سلعة ما بصفات مميزة.

ـ طريقة إنتاج معينة.

ـ منتج ذي ميزة خاصة ونوعية مميزة.

ـ ثقافة معينة وتقاليد وعادات متوارثة وخبرات متناقلة عبر الأجيال في الإنتاج.

ـ قيمة مضافة.

ـ منتج من مزارع معين في منطقة معينة إلى أي مستهلك في أي بلد.

ـ منتج مصادق عليه.

إن مشروع قانون المؤشرات الجغرافية الذي أعد في وزارة الاقتصاد والتجارة بهذا الصدد والذي أقرّ في مجلس الوزراء في أيار ،٢٠٠٧ ينتظر إقراره في مجلس النواب لكي يصار إلى تطبيقه وتنفيذه وإفساح المجال أمام التجمعات الأهلية للمطالبة بحماية منتجاتها من المنافسة غير المشروعة.

فلقد أظهرت الدراسات البينيّة، والتي أعدها مشروع المؤشرات الجغرافية في وزارة الاقتصاد والتجارة على بعض المنتجات اللبنانية المشهورة بمناطقها الجغرافية، تباينا ما بين هذه المنتجات لجهة حاجتها للتطوير لكي تتلاءم ومتطلبات المؤشرات الجغرافية. فالبعض منها يحمل أسماء المناطق الجغرافية وهي بحاجة إلى تطوير قطاعها لكي يصار إلى حمايتها كمؤشر جغرافي مثال زيت زيتون الكورة، لبنة تعنايل، لبنة شتورا... والبعض الآخر يتداول به في الأسواق بناءً على إنتاجيته من منطقة جغرافية من دون وجود أي دلالة أو علامة تدل على مصدره مثال على ذلك كشك بعلبك، تفاح كفرذبيان، إجاص الضنية، زعتر الجنوب.... وهو بحاجة إلى علامة تثبت مصدره الجغرافي.

فإن وضع علامة المؤشرات الجغرافية على المنتجات تتطلب مراقبة المنتج بما يتلاءم ودفتر شروطه لناحية تأمين المصدر والـ traceability (تعقب مسار إنتاج الغذاء) وإثبات نوعيته وهذا ما تفتقر إليه معظم الوحدات الإنتاجية الصغيرة والبعض من الوحدات الإنتاجية المتوسطة لذا فمن المهم إدخال منظوم الـ traceability على الإنتاجية لكي يفعـّل عمل الرقابة التي من شأنها إعطاء شهادة تخول المُنتِج وضع علامة المؤشرات الجغرافية.

كما وأظهرت هذه الدراسات أن طريقة البيع التي يعتمدها المزارع في طريقة تسويقه للمنتج، من خلال البيع المباشر وتحكم سعر السوق بسعر بيع المنتج دون الأخذ بعين الاعتبار الأسواق النهائية التي وصل إليها المنتج، تفقده القيمة الشرائية لمنتجه وتمنعه من ملاحقة المنتج واكتشاف عمليات الغش التي يتعرض لها لناحية استغلال اسم المنطقة الجغرافية على منتج من الصنف ذاته مثال استخدام كلمة »عدلوني« على بطيخ منتج خارج منطقة عدلون.

لذا فإن تنظيم وتحسين السلسلة الإنتاجية التي يمر عبرها المنتج، من المزارع وحتى رفوف المحال التجارية، من شأنها وضع المنتج على خط مستقيم يحمي المصدر الجغرافي للمنتج ويحدّ من عملية استغلال اسم المنطقة الجغرافية وبالتالي زيادة المردود الاقتصادي للمنطقة وحماية حقوق المنتجين ومصالحهم الإنتاجية.

إن العمل على تطبيق قانون المؤشرات الجغرافية يتطلب العمل وبشكل متواز مع التجمعات المحلية والمؤسسات المنتجة بهدف تنظيمها ضمن تجمع واحد من شأنه المطالبة بحماية المنتج كمؤشر جغرافي بما يتلاءم والأطر الاقتصادية المتوافرة.

وعليه فإن القوانين المرعية لناحية تطبيق شروط قانون حماية المؤشرات الجغرافية، يتطلب العمل على ثلاثة محاور:

ـ المحور الأول: تنظيم التجمعات المحلية ضمن تجمع واحد ودرس إمكانية تحفيزها على العمل المشترك بما يخدم المؤشر الجغرافي.

ـ المحور الثاني: تنظيم سلسلة الإنتاج وتحسينها.

ـ المحـــور الثـــالث: تأمين عملية إثبات المصدر أو الـ traceability مما يسهل عملية مراقبة المنتج بغية الحصول على علامة المؤشــر الجغرافي.

المهندسة الزراعية

خبيرة زراعية في حماية المؤشرات الجغرافية

تعليقات: