بهاء الحريري رئيساً لحزب سياسي.. كسر للحظر أم كسر للبيت؟

بهاء الحريري يواجه تحديًا كبيرًا في المرحلة المقبلة (Getty)
بهاء الحريري يواجه تحديًا كبيرًا في المرحلة المقبلة (Getty)


ثلاثة أحزاب جديدة انضمت إلى نادي الأحزاب اللبنانية ليصبح العدد الإجمالي 99 حزبًا مسجّلاً في وزارة الداخلية.

وهذه الأحزاب هي: "تحالف وطني" و"الخط الأحمر"، الحزبان اللذان خرجا من رحم ثورة 17 تشرين، إذ يجمع الأول منذ سنوات مجموعات مناطقية ناشطة وعددًا من نواب التغيير والوجوه التي خاضت انتخابات 2022، فيما حصل الثاني، ومؤسسه النائب وضاح الصادق على ترخيصه قبل شهرين. وحزب ثالث لافت ، هو "المسار الوطني"، الذي تأسّس باسم بهاء رفيق الحريري.

وبحسب معلومات "المدن"، فإن ملف حزب بهاء الحريري بقي مركوناً في أدراج وزارة الداخلية لسنوات، ولم يحظَ سابقاً بموافقة الوزير السابق، بسام المولوي، على منحه الترخيص. ما يستوجب السؤال عن المستجد الذي سهل تمرير الترخيص؟ وما هي الحسابات التي فتحت الطريق أمام الوزير أحمد الحجار لإخراج الملف من الدرج ومنح الإذن، ليصبح بهاء الحريري رسمياً على رأس حزب سياسي في لبنان في محاولة لاستقطاب الحريرية السياسية لا سيما بعد تعليق شقيقه رئيس حكومة لبنان السابق سعد الحريري عمله السياسي.


رفع الحظر عن بهاء؟

بحسب معلومات "المدن"، قدّم بهاء الحريري طلب الترخيص بنفسه قبل نحو عامين. لكنه بقي عالقاً، من دون أن يحظى بموافقة الوزير وتوقيعه، بفعل حسابات سياسية دقيقة ومناخ إقليمي لم يكن يسمح بخطوة من هذا النوع. خروج الترخيص اليوم يعكس تبدّلا في الظروف التي كانت تمنع إدخال بهاء إلى النادي السياسي اللبناني بشكل رسمي. ويفهم منح الترخيص على أنه بمثابة رفع ضمني للحظر السياسي عن بهاء الحريري، وخصوصاً على المستوى الإقليمي. فترخيص كهذا لا يمنح من دون موافقة سعودية ضمنية على أبعد تقدير، خصوصاً وأن غايته الأساسية هي تمهيد طريق النجل الأكبر للشهيد رفيق الحريري وتسهيل عبوره إلى المعترك السياسي على حساب شقيقه الرئيس سعد الحريري.

ومن المؤشرات على حساسية الخطوة، تمنع مدير مكتب بهاء الحريري، نجيب أبو مرعي، عن إعطاء أي تفاصيل إضافية عن الحزب والمنتسبين له من المؤسسين والاكتفاء عبر لـ"المدن"، "بتوجيه الشكر للوزير الحجار وللجهاز البشري الذي تابع الملف". ليكون ذلك بمثابة دليل عن حجم التعقيد الذي أحاط بعملية الترخيص طوال سنتين. أما عن الغاية من وجود الحزب فقد اكتفى أبو مرعي بالقول: "الهدف هو المشاركة في الحياة السياسية".


خوض الانتخابات

يستعد حزب "المسار الوطني" للدخول مباشرة إلى الحياة السياسية، ومن بوابة الانتخابات النيابية، ما يجعل الخطوة جزءًا من إعادة رسم التوازنات داخل الساحة السنية تحديدًا.

الحزب استقطب مجموعة واسعة من المنتسبين، بينهم شخصيات كانت قريبة من سعد الحريري، إلى جانب ناشطين وإعلاميين. وهذا يضع بهاء الحريري أمام تحدّ حقيقي: كيف يحوّل هذا الحضور الأولي إلى بنية تنظيمية جاهزة لخوض الانتخابات بعد أشهر قليلة؟

فالهدف سياسي وانتخابي بوضوح، لكن المسار الجديد يكرّس أيضًا اتساع الشرخ داخل البيت الحريري نفسه، مع انتقال جزء من القاعدة التقليدية نحو المشروع السياسي الجديد لبهاء.


الشرخ داخل البيت الواحد

يكرس إطلاق الحزب انشقاقاً رسمياً بين الشقيقين: سعد الحريري على رأس "تيار المستقبل" الذي علق عمله السياسي إلى أجل غير مسمى، وهو غائب عن الساحة، وبهاء الحريري الذي مهد لدخوله المعترك السياسي من خلال حزب مسجّل وقانوني. هذا المشهد يعكس أن المسار السياسي داخل العائلة لم يعد موحّدا، وأن التموضع المستقبلي لكل منهما بات منفصلا بشكل كامل، ما يفتح على مرحلة جديدة على الساحة السنية. فغياب سعد الحريري من جهة، وصعود بهاء من جهة أخرى، يعيدان خلط التوازنات التي استقرت طوال سنوات داخل هذا المكوّن السياسي. ومع اقتراب الانتخابات، يزداد المشهد تعقيدا، خصوصا إذا قرر سعد الحريري العودة إلى العمل السياسي وخوض الاستحقاق النيابي. عندها، يصبح احتمال التنافس المباشر بين الأخوين مطروحاً، وفق ما تسمح به الظروف الإقليمية والمحلية.

وفي هذا السياق، يبرز سؤال أساسي حول ما إذا كنا أمام طيّ تدريجي لصفحة سعد الحريري السياسية، أو أمام لحظة تحوّل قد تشهد عودة جديدة له. دخول بهاء عبر حزب رسمي يعيد رسم الخريطة داخل البيت الحريري، ويضعه في موقع فاعل قد يتقاطع أو يتعارض مع أي محاولة يقوم بها سعد الحريري لاستعادة دوره في المرحلة المقبلة.


"الخط الأحمر"

ومن رحم ثورة 17 تشرين برز حزب "الخط الأحمر". يشرح مدير مكتب وضاح الصادق، مؤسس الحزب ، المحامي محمود الناطور، أنّ العمل الحزبي لديهم بدأ قبل الثورة، ومع محاولة قراءة الأزمة الاقتصادية المقبلة وكيفية التعامل معها. مع اندلاع ثورة 17 تشرين، انضمّ الفريق إلى الشارع، وشارك في التحركات والرسائل الإعلامية، ثم اتجه نحو التنظيم صوغا لمبادئ عامة وتوجهات واضحة، وصولا إلى قرار تأسيس حزب.

بحسب الناطور فإن الحزب يضم منتسبين من مختلف المناطق والطوائف، ومعه داعمون ومشجّعون، فيما يتولى نبيل الجميل منصب نائب الرئيس.

تبقى المشهدية السياسية اللبنانية على حالها، أحزاب تتزايد أعدادها على الورق، واصطفافات ثابتة في الواقع. طابور جديد يدخل نادي الأحزاب اللبنانية، فيما البلد نفسه لا يزال مغلقًا في وجه أي تغيير فعلي.

تعليقات: