عدنان سمور: الفرق بين منهجين في التغيير الاسلامي.. ايران وتركيا


الفرق بين النظام الإسلامي الذي تشكل في ايران بعد انتصار ثورة الامام الخميني على نظام الشاه المدعوم من اميركا والغرب والذي كان يمثل ذراعاً مهماً جداً لمشروعهم الاستعماري في المنطقة، وبين النظام الاسلامي الذي حكم في تركيا بعد صراع تمكن بنهايته الإسلاميون في تركيا من ازاحة العسكر عن الحكم الديكتاتوري الذي كان يعتبر امتداداً لحركة مصطفى كمال اتاتورك التغريبية ، الفرق أن الأولى اي الثورة الاسلامية في ايران احدثت انقلاباً هيكلياً وبنيوياً في مفهوم الدولة التي يجب ان تبنى على انقاض الدولة العميلة للغرب التي كان يديرها ويقودها محمد رضا بهلوي ، لذلك لا يستخدم الإيرانيون بلغتهم الفارسية كلمة ثورة اسلامية في تسميتهم لحركة الامام الخميني التي اسقطت الشاه بل يسمونها (انقلاب اسلامي) والفرق شاسع بين الثورة والانقلاب ، لان الثورة لا تهدف بالضرورة الى تغيير العقيدة الاستراتيجية التي تبني الدولة سياساتها عليها ، ولا تنشىء بالضرورة مؤسسات ثوروية مثل الحرس الثوري وجهاد البناء والتعبئة والامداد والشهيد والجرحى ، ومجلس صيانة الدستور ، ومجلس الأمن القومي وفيلق القدس ، ومؤسسة المستضعفين ، ولا تبدل شعارات الدولة من التبعية الى لا شرقية ولا غربية ، ولا تقحم نفسها بتحدي النظام العالمي ، ولا تغير النظام التربوي والتعليمي ، ولا ترفع شعار نصرة المستضعفين اينما كانوا في هذا العالم ، وضرورة ازالة الكيان الصهيوني السرطاني من الوجود ، واعادة الحقوق المغتصبة لشعب فلسطين ، كل هذه التغييرات انتجها الانقلاب الثوري الذي قاده الامام الخميني في ايران ، بينما لم يحصل اي تغيير يشبهه في تركيا حيث حاول نجم الدين اربكان من خلال قيادته لحزب الرفاه في تركيا ان يغير في النظام من خلال اللعبة الديمقراطية القائمة على الانتخابات ورفَعَ شعارات اسلامية ودعى لتعزيز التعاون بين الدول الاسلامية كما نادى بتأييد تركيا لحقوق الشعب الفلسطيني ، ولم يُحدث اي تغيير يذكر في بنية الدولة ، لحفظ بقاء القيادات القادمة لإدارة الدولة على ذات النهج الذي اسسه اربكان ، لذلك جاء بعده مباشرة رجب طيب اردوغان وانقلب على هذه المفاهيم والرؤى الجديدة ، وبدل تعزيز استقلال الدولة التركية الطامحة لاحداث نهضة اسلامية في محيطها وفي العالم راح يراهن على تحالفاته مع الغرب واميركا وفتح خط تعاون استراتيجي مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ، وراح يستثمر في شعارات عظيمة من حيث التعبير اللغوي والدلالة ، لكنها فارغة من حيث الممارسة والتطبيق والدعم الحقيقي للمظلومين والمستضعفين في العالم ، فصارت الحركة الاسلامية التركية ضعيفة ومرتهنة ولا يمكن المراهنة عليها ، لا لانها سنية بل لأن قادتها لا يمتلكون مشروعاً اسلامياً اصيلاً بل يستثمرون في السياسة النفعية القصيرة المدى والنظر ، ودليلنا على ان الموضوع في الفرق بين النهجين التركي والايراني ، ليس ناتجاً بشكل حاسم عن فرق بين مدرسة سنية ومدرسة شيعية ، هو تجربة المدرسة الشيعية في العراق التي تعاني من ازمات بنيوية حادة ناتجة عن التدخل الغربي بشؤونها الداخلية ، وعن عدم وجود قيادة اسلامية او مدنية جامعة لمكونات المجتمع العراقي .

العالم الاسلامي اليوم يراهن على صمود غزة التي اذا قدر الله وانتصرت في صراعها الحالي مع الصهاينة وداعميهم ، ستكون نواة مشروع للنهضة السنية المرتقبة في العالم العربي والاسلامي ، وستتكامل مع النهضة الاسلامية الشيعية التي تقودها ايران ، ويساعد في هذا التوجه ما يمثله اليمن من حالة جامعة بين الحركات الشيعية والحركات السنية في العالم ، ويعود التوازن لمنطقتنا التي تعتبر قلب العالم الاسلامي .

ع.إ.س

باحث عن الحقيقة

30/08/2025

تعليقات: