شبكة »فتح الإسلام«: هكذا دخل العبسي إلى البداوي ... وخرج منه!

شاكر العبسي
شاكر العبسي


البداوي :

بلغت التحقيقات في قضية »شبكة جوهر« ومن خلالها خلايا تنظيم »فتح الإسلام« مرحلة متقدمة على صعيد تثبيت الوقائع والاتهامات وربطها ببعضها البعض، تمهيدا لصياغة رواية متكاملة وكاملة لقضية التفجيرات التي استهدفت الجيش اللبناني في الشمال، والتي يبدو أن التحقيقات توصلت إلى كشف تفاصيلها الدقيقة على صعيد اتخاذ القرار وتقديم التسهيلات اللوجستية فضلا عن المنفذين، وعن عمليات أخرى محتملة تشمل اغتيالات وتفجيرات. في أكثر من منطقة لبنانية.

ولم تقف الاعترافات عند هذه الحدود، بل أفضت إلى كشف أسماء جديدة لعناصر في الشبكات ومراكز تخزين الأسلحة والمتفجرات، فيما أمكن للمرة الأولى تقديم رواية متكاملة حول كيفية هرب شاكر العبسي من مخيم نهر البارد وانتقاله مباشرة وبالتخفي إلى مخيم البداوي، مخترقا كل الإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني.

وعلمت »السفير« أن التحقيقات مع إمام مسجد القدس في مخيم البداوي، الشيخ حمزة قاسم أفضت إلى اعترافه بأنه كان أول من استقبل العبسي في البداوي حيث أقام في منزله في المخيم حوالي الشهر، قبل أن يؤمن له مأوى في أحد المخابئ في المخيم نفسه، لفترة زمنية امتدت اشهرا، ومن هناك تولى شاكر العبسي حتى فترة متقدمة من الصيف الماضي إدارة شبكات »فتح الإسلام« التي تمكنت من مغادرة المخيم أو تلك التي كانت ما تزال تعمل خارجه وأعطاها أوامره بتنفيذ العمليات التي استهدفت الجيش اللبناني، قبل أن يقرر مغادرة المخيم »لأسباب عملانية« كما قال الشيخ قاسم في اعترافاته، ومن ثم يتوارى عن الأنظار... علما أن الموقوف في سوريا ياسر العناد كان اعترف في إفادته التي بثها التلفزيون السوري أن العبسي بقي في مخيم البداوي مدة شهرين وانه التقاه خلالها، فضلاً عن علاقته بالموقوف خالد جبر الذي كان يتردد عليه دائماً ومن مؤيديه.

وفي ضوء اعترافات الموقوفين الخمسة من »فتح الاسلام«، وخاصة الشيخ قاسم وخالد قاسم جبر، أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية، عصر أمس، المدعو خالد سيف (لبناني الجنسية) في محلة »المنكوبين« المتاخمة لمخيم البداوي، وترددت معلومات انه كان على صلة شخصية وثيقة بجبر والشيخ قاسم، ولم تستبعد مصادر أمنية لبنانية أن تؤدي التحقيقات »إلى توسيع دائرة التوقيفات لتشمل أشخاصاً آخرين بعضهم يصنّف في خانة الرموز«.

ولوحظ خلال اليومين الماضيين، أن الجيش اللبناني كثّف دورياته في المناطق التي كانت مسرحاً للاشتباكات الأولى بين »فتح الإسلام« والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في ٢٠ أيار ،٢٠٠٧ وخصوصاً في مناطق المئتين والزاهرية وأبي سمراء، وتحدثت بعض المعلومات عن مداهمات لبعض الأماكن من دون معرفة أسبابها أو نتائجها.

وقد أفضت التحقيقات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية اللبنانية مع موقوفي مخيم البداوي إلى كشف معطيات متعلقة بخلية عبد الغني جوهر الذي تبين أنه كان يتخذ من منزل جبر في البداوي ما يمكن تسميته »الملجأ الآمن«، فيما اعترف جبر بأنه مهمته الأساسية منذ فترة طويلة، كانت تتمثل في الحصول على »طبخ« المتفجرات وتحضيرها وأن مصادره كانت تتراوح بين »البارد« (قبل سقوطه) والبداوي وعين الحلوة.

وفي هذا الإطار، أفضت اعترافات جبر الى تنسيق أمني لبناني فلسطيني، تولت بعده قوة أمنية فلسطينية مداهمة منزله في المخيم حيث تم العثور على كمية من المتفجرات والقنابل وأجهزة التفجير وغيرها من المعدات، في الوقت الذي تواصل فيه الفصائل الفلسطينية داخل المخيم اجراءاتها وتدابيرها الإحترازية على خط تعقب وملاحقة المشتبه بهم، وسط تردد معلومات عن إمكانية وجود بعض »الخلايا النائمة«.

ووفق المعلومات المتوافرة لـ»السفير«، فان فصيلين فلسطينيين متحالفين مع سوريا هما »الصاعقة« و»الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة«، لعبا دورا رئيسيا في البداوي، في تسليم المطلوبين للجيش اللبناني، حيث تبلغا ما يشبه القرار السوري الحازم »بتوفير كل التسهيلات للجيش اللبناني من أجل استكمال محاصرة مجموعات »فتح الاسلام« في لبنان، في ضوء الاعترافات التي أدلوا بها لدى السلطات السورية«.

وقد تولى مسؤولون سياسيون وميدانيون من هذين التنظيمين تقديم المعلومات للجيش اللبناني ومن ثم عملية المفاوضات وتوجيه الانذار للمطلوبين وصولا الى تسليم أنفسهم للأجهزة اللبنانية، وهو الأمر الذي ترك ارتياحا لدى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، خاصة وأنه عبّر عن جدية واضحة بعدم التساهل مع هذه المجموعات الارهابية.

وقال مصدر أمني لبناني أنه في تمام الساعة السادسة من مساء أمس الأول، وبناء لإفادة خالد الجبر، قامت قوة أمنية فلسطينية مشتركة بمداهمة منزله في المخيم، وصادرت من داخله كمية من مادة المتفجرات »المطبوخة« بزنة (١٠ كلغ)، إضافة إلى عبوات جاهزة »قوالب« عدد ،٣ و٢٠ صاعقا كهربائيا، و٢٠ جهاز تحكم عن بعد (١٠ إرسال و١٠ استقبال)، و١٠ ساعات توقيت عدد ،٥ فتيل »كورتكس« مفجر (٥٠ مترا)، قذيفة مضادة للدروع عدد ،١ وقنابل يدوية عدد ،٣ إضافة إلى كتيب عن كيفية تصنيع العبوات، وقد جرى نقلها وتسليمها إلى فرع مخابرات الجيش اللبناني في الشمال.

وأفادت المعلومات »أن ساعات التوقيت المضبوطة هي من صناعة محلية وتعمل ببطاريات ٣ فولت، وان القنابل اليدوية كانت بدون صواعق«، وقال مصدر أمني فلسطيني »إن القوة الأمنية الفلسطينية قامت بهذه العملية بعد معلومات وافية تلقتها من مدير مخابرات الجيش اللبناني في الشمال العقيد عامر الحسن، وذلك بحسب الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون لديها«.

وقد اعترف الجبر (٤١ سنة)، بوجود علاقة وثيقة تربطه مع زعيم الخلية الفار من وجه العدالة عبد الغني جوهر، الذي زاره مرات عدة في منزله في مخيم البداوي، ونجح في تجنيده في أعمال المراقبة وجمع المعلومات وأمور أخرى لم تتضح بعد، قبل أن تتوطد علاقتهما ويتحول منزله إلى ملجأ آمن لجوهر لفترة طويلة«.

يذكر أن خالد متأهل وله أربعة أولاد ويعمل على جمع الخردة من الطرقات داخل مخيم البداوي وخارجه في أغلب الأحيان، وله نشاطات سابقة على خط الاتجار بالسلاح، إلا انه وبحسب المصادر الفلسطينية، لم تصدر سابقاً أية مذكرات توقيف بحقه ولم يكن من الأشخاص المثيرين للمشاكل داخل المخيم ولا من المعروفين بتشدده الديني، قبل أن يرد اسمه على لائحة المطلوبين مؤخراً.

الى ذلك، قالت مصادر أمنية في صيدا (»السفير«) إن مخابرات الجيش اللبناني تمكنت من التحديد الدقيق لمكان إقامة عبد الرحمن عوض الملقب بـ»أبي محمد« وبعض معاونيه وخاصة اسامة الشهابي وغاندي السحمراني (ابو رامز) بالإضافة الى عدد من العناصر الذين يتولون الحماية.

وأوضحت المصادر نفسها لـ»السفير« أن عوض والشهابي تحديدا باتا يزنران أنفسهما بأحزمة ناسفة حتى في أثناء النوم ليلا، وهما أبلغا جهات اسلامية لبنانية وفلسطينية أنهما لن يسلما نفسيهما للجيش اللبناني الا جثثا..

تعليقات: