أحراج حاصبيا ضحيّة فؤوس الحطابين

كومة من الحطب كانت شجرة
كومة من الحطب كانت شجرة


حاصبيا -

وكأن الطبيعة لا يكفيها شر الحرائق التي تصيبها خلال فصل الصيف والتي تفقدها في كثيرمن الأحيان مساحات واسعة من بساطها الاخضر قبل التمكن من السيطرة عليها ليأتي دور الحطابين وفي هجم هجمة شرسة تقضي على ما تبقى من الثروة الحرجية فيعيثوا فيها فساداً غير آبهين بما تقترفه اياديهم وما تلحقه من مساوىء ومن تشويه بهذه الاحراج والغابات التي تحول الكثير منها في بعض الاماكن الى ارض جرداء سيكون لها حتماً انعكاسات سلبية على الأوضاع البيئية والمناخية والصحية· عبث الحطابين بالثروة الحرجية في لبنان عامة لم تسلم منها احراج وغابات منطقتي حاصبيا والعرقوب خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة التدهور الكبير في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تقض مضاجع المواطنين وتحاصرهم في كل اتجاه وآخرها كان الارتفاع الجنوني في اسعار المحروقات خاصة مادتي المازوت والغاز المنزليتين مما اجبر شريحة كبيرة من هؤلاء المواطنين سيما الفقراء منهم واصحاب الدخل المحدود اللجوء الى قطع الاشجار من اجل التدفئة وتجنب شر البرد الذي تنبئ دلالاته بانه سيكون قاسياً خلال هذا الشتاء بحسب مصلحة الأرصاد الجوية· ففي مثل هذا الوقت من كل عام ومع بداية فصل الشتاء تتجدد هجمة الحطابين على الثروة الحرجية في هذه المنطقة التي كانت قد خسرت الكثير من اشجارها جراء الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الرغم من ادراك العديد منهم ان ما تقترفه ايديهم خطأ كبير بحق الطبيعة ويشكل جرماً كبيراً عند قطع كل شجرة بل عند قطع كل نبتة أو غصن برياً كان أم مثمراً إلا أنهم يؤكدون والحسرة تعتمر قلوبهم بانهم وامام ما وصلت اليه الامور لم يبق امامهم خيار آخر سوى البرد والصقيع والمرض وهذا ما لا يقبله عاقل· أحد المزارعين الذي عرف عن نفسه بـ أحمد لفت الى أن مشكلة قطع الاشجار في هذه المنطقة وغيرها من المناطق اللبنانية الاخرى يتحمل تبعاتها المسؤولين في الدولة وخاصة من هم في سدة الوزارات الانمائية والخدماتية والزراعية لانهم تناسوا الهموم والمشاكل التي نتخبط بها في ظل الاوضاع الاقتصادية الخانقة حيث بات رب العائلة عاجزاً عن تأمين لقمة عيشه امام الاعباء والحاجات المنزلية ناهيك عن الاقساط المدرسية وفواتير الكهرباء والماء وغيرها من ضرائب ورسوم أضف الى ذلك الارتفاع الجنوني لمادة المازوت حيث ما زال سعر البرميل الواحد بحدود الـ 250 ألف ليرة على الرغم من التراجع الاخير لسعر المحروقات وهذا ما لا يمكن ان نتحمله· المزارع وديع ملحم قال: ان الاوضاع المعيشية باتت صعبة جداً والدولة غائبة عنا في هذه المنطقة منذ امد بعيد وكان شيئاً لا يعنيها فمواسمنا الزراعية هذا الصيف اصيبت بنكسة والزيت ما زال مكدساً في الخوابي وهذا ما يضطرنا الى قطع الاشجار واحياناً المثمرة منها من اجل التدفئة لاننا غير قادرين على شراء 4 أو 5 براميل مازوت في فصل الشتاء يتجاوز سعرها الألف دولار ويستدرك ملحم ليقول صحيح ان قطع الاشجار امر صعب والمزارع وحده يدرك ذلك لكن الاصعب هو ان تترك اطفالك لخطر البرد فيما اولاد المسؤولين ينعمون بالدفء والرفاهية انها لمفارقة عجيبة نضعها بين ايدي هؤلاء المسؤولين علهم يستفيقوا من كبوتهم ويلتفتوا الى الوضع المزري الذي وصلنا اليه بدل التلهي بمصالحهم الانانية والشخصية· صاحب احد مناشير الحطب ويدعى <هادي> اشار الى أن سعر طن الحطب تضاعف ثلاث واربع مرات هذا الموسم بسبب ارتفاع سعر المازوت بحيث وصل سعر الطن من حطب السنديان والملول الى حدود الـ 550 ألفاً وطن حطب الصنوبر الى 300 ألف وبالرغم من ذلك هناك اقبال كثيف من قبل المواطنين على شراء الحطب لان التجارب علمتهم في السنوات الماضية عدم الاتكال على شراء المازوت واسعاره المتقلبة بين ليلة وضحاها ولفت هادي الى أن تجارة الحطب في هذه المنطقة راجت بشكل كبير في السنتين الاخيرتين نظراً لحاجتها الماسة كونها منطقة جبلية معرضة للبرد والصقيع· حسام خطار صاحب محطة لبيع المحروقات اشار الي ان ارتفاع سعر برميل المازوت الى حدود الـ 300ألف ليرة حد من اقبال المواطنين على شراء هذه المادة والتعويض عنها بشراء الحطب لانه ارخص وقال ان العائلة تتطلب ما بين 5 أو 6 براميل مازوت لتمضية فصل الشتاء في حين يكفيها بيك آب واحد من الحطب سعره لا يتعدى المليون ليرة أي أرخص بكثير من سعر المازوت وكشف خطار الى أن العديد من زبائن المحطة وخاصة اصحاب الدخل المحدود يلجأون الى مزج الزيوت المحروقة مع المازوت للتدفئة بقصد التوفير في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة· الناشط البيئي في جمعية حاصبيا الخضراء الدكتور امين شميس الحمرا أسف الى ما تتعرض له الثروة الحرجية من قطع عشوائي ليس له ما يبرره وشدد على ضرورة اعتماد قرار جريء وسريع من قبل الدولة بدعم صفيحة المازوت لحل هذه المشكلة على المواطن في ذلك يصبح قادراً على المحافظة على الشجرة بدل قطعها كما كشف الحمرا عن سلسلة من الحلول يجب اعتمادها للحفاظ على الثروة الحرجية في هذه المنطقة من خلال تفعيل ودعم المركز الزراعي في حاصبيا وزيادة عدد مأموري الاحراج الى جانب الدور الاساسي الذي يجب ان تلعبه البلديات والجمعيات الزراعية والبيئية لحماية هذه الثروة· من جهته رئيس بلدية شبعا عمر الزهيري لفت الى أن بلديته لجأت مؤخراً الى اعتماد سلسلة من الاجراءات والتدابير التي من شأنها المحافظة على احراج البلدة ومنع كل من تسول له نفسه العبث بهذه الاحراج وذلك بالتعاون و التنسيق مع القوى الأمنية في البلدة· وكشف الزهيري الى ان بلديته ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة تعمل خلال فصل الشتاء على تقديم كميات من المازوت الى العائلات المحتاجة في البلدة كما شدّد على ضرورة دعم صفيحة المازوت في المناطق الجبلية النائية كي يتمكن المواطن من الاستغناء عن قطع الاشجار للتدفئة على حطبها·

تعليقات: