مزارعو حاصبيا ومرجعيون بين الخير من الطبيعة والشكوى من الاهمال


موسم الزيتون امام تقنيات جديدة للقطاف وفي المعاصر...

محافظة على سلامة شجرة الزيتون عبر استعمال القطّافات الحديثة، ولتحسين نوعية الزيت من خلال المحافظة على سلامة ثمار الزيتون، ولتخفيف التكلفة على المزارع والقدرة على انتاجية عالية جدا، بالمقارنة مع الطرق التقليدية، اطلقت جمعية برج الملوك التعاونية الزراعية العامة م.م. السجل التعاوني 10/1 مشروع القطاف النوعي وتشحيل الزيتون بالطرق الحديثة، بتمويل من الصندوق الكندي للمشاريع المحلية، وبالتعاون مع منتدي التنمية اللبناني وهيئة تنسيق قضاءي مرجعيون وحاصبيا لخدمات قطاف الزيتون.

برج الملوك، القليعة، دير ميماس، كفركلا، دبين، مرجعيون، البويضة، بلاط، الخيام، إبل السقي. وفي مرحلة لاحقة قرى وبلدات قضاء حاصبيا. ويؤمن المشروع أعمالاً وخدمات تشكل صفقة كاملة مع امكان الاتفاق على كل أو جزء من الاعمال التالية وفقاً لوضع كل مزارع:

- نقل العمال الى الحقول.

- تأمين الفرش اللازم تحت الأشجار.

- قطف الزيتون وتعبئته.

- تأمين الصناديق للتعبئة.

- نقل الانتاج الى المعصرة.

- تشحيل أشجار الزيتون بعد القطاف.

والمشروع فريد من نوعه في الجنوب، ومن حسناته الاضافية غير التوفير على المزارع، تجنيب شجرة الزيتون التكسير في غصونها، وإتلاف براعمها الطرية، والابقاء على حبة الزيتون نظيفة غير (مفجّمة) حتى تتجنب (التأكسد) قبل نقلها الى المعصرة.

ويقول رئيس مجلس ادارة التعاونية السيد وليد نصور ان المشروع جاء بعد دراسة مستفيضة دقيقة، وبعد مسح ميداني للمنطقة، والاطلاع على موسم الزيتون، اذا كان موسم حمْل أم موسم قحل، ومعرفة أوضاع المزارعين، ولا سيما الذين (يعطون مواسمهم بالحصة) أي بالثلث أو بالنصف لدى بعض الملاّكين.

وأتى مشروعنا - يضيف نصور - ليوفر 50% على المزارع من التكاليف التي يدفعها للضامن بالحصة الثلثية أو النصفية، اذ اننا نتقاضى عن كل الخدمات التي ذكرت (400 ل.ل.) فقط عن كل كلغ واحد من الزيتون، في حين لا تترتب على المزارع أية أعمال أو مهمات، وانما انتظار عصر الزيتون في المعصرة، ونقل الزيت الى البيت وهذه الخدمات، قلما تحصل في منطقة من المناطق اللبنانية.

خدمات اجتماعية

ويضيف: هدفنا انشاء مركز خدمات زراعية ثابت معروف من الجميع، اذ اننا حتى الآن لا نملك مقراً ثابتاً للجمعية، ونعمل مع البلدية لتحقيق الأمر. وتوصلنا معها الى تفاهم حول اجراء عقد لاستحداث مركز في تل النحاس، لإيواء معداتنا وتجهيزاتنا المنتشرة في الحقول وكروم الزيتون وآلياتنا الزراعية. ونعمل ذلك بالتوازي مع مشاريع اخرى نعلنها في حينه. وأهم مشروع قمنا به حتى الآن غير قطف الزيتون، مشروع الزراعات العضوية المميز الذي يستثمر 160 دونماً من الأراضي الزراعية للخضار والحبوب، حيث نستثمر الأرض بطريقة (الضمان) ولكننا نواجه عقبة سوء تصريف الانتاج الزراعي العضوي على الرغم من كل المحاولات لتسويقه، والعمل جار على قدم وساق لتحقيق هذا الهدف.

وعن مشروع قطاف وتشحيل الزيتون يقول رئيس مجلس الادارة وليد نصور:

منذ التحرير وحتى اليوم (حبلنا، وصار عندنا تضخم بالمعلومات والارشادات والتوجهات الزراعية حول كيفية قطاف الزيتون، ونقله الى المعاصر، واستعمال الأقفاص بعيداً عن الأكياس، ولكن مصاعب وعراقيل تعترضنا لعدم تأمين أموال، للبدء بتنفيذ وترجمة هذه المعلومات والارشادات على الأرض. وصار المزارع يعرف جيداً أضرار استعمال العصا والقضيب ومساوئه لقطاف الزيتون ولكن المشكلة ان العين بصيرة واليد قصيرة.

والمزارع يعرف كل هذه الأمور، ولكنه عاجز عن تأمين المعدات والتجهيزات والأدوات اللازمة للقطاف النموذجي، باستعمال الطرق الحديثة، وأتت التعاونية الزراعية عندنا لتحل المشكلة ولتساعد المزارع على تجاوز هذه العقبة، والتوفير عليه، والحفاظ على سلامة الشجرة والثمرة معاً، وأطلقنا مشروعنا الذي يخدم صغار الملاكين، والمزارعين الذين يجنون مواسمهم بالحصة الثلثية أو النصفية.

ونظراً لتعذر ايجاد وتأمين اليد العاملة، ونظراً للأجر المرتفع (للفرّاط) وللعامل الذي يجمع الثمار اثناء القطاف، فإن الأغلبية تعطي الزيتون بالحصة اي ان العامل يأخذ نصف الانتاج وصاحب الحقل النصف الآخر. وهنا المالك هو الخاسر. والعامل هو الرابح فكان مشروعنا للتوفير على المزارع، حيث نستوفي عن كل كلغ واحد من الزيتون (500 ل.ل.) بينما بطريقة الحصة تبلغ كلفة الكلغ الواحد على المزارع أربعة آلاف ليرة لبنانية. وهنا يبدو الفرق الشاسع بالكلفة. اذ ان الأربعة الاف ل.ل. هي اجرة القطاف فقط، ونقل الانتاج الى المعصرة على حساب المزارع... والفرّامات الحديثة التي نستعملها، تعمل على ضغط الهواء، ونؤمن الأقفاص والنقل الى المعصرة، وهذه خدمات تكلف المزارع كثيراً لو عمد هو الى تأمينها.

إذن، فكل هذه الخدمات والتقديمات تدخل ضمن مشروع الـ 500 ليرة عن كل كلغ واحد. وبهذه الطريقة نكون قد أمّنا للمزارع أحدث الطرق للقطاف، والحفاط على نوعية ممتازة للزيت، والحفاظ على سلامة الشجرة من التكسير والاتلاف. والمعروف ان القضيب أو (الشرشاقة) تدمر جزءاً من حبة الزيتون، وتحدث فيها ثقوباً وفجوات تؤدي الى (تأكسدها)، كما انها تتلف الاغصان الطرية والبراعم الفتية، وانطلاقاً من هذه المعطيات، وحرصاً من التعاونية على تأمين قطاف سليم، ونوعية زيت ممتازة، وتخفيف التكاليف عن كاهل المزارع، قامت التعاونية بالتعاون مع منتدى التنمية اللبناني، بتقديم دراسة جدية ومفّصلة الى الصندوق الكندي لتمويل المشروع وحصلنا على مساعدات بقيمة 40 ألف دولار، كناية عن خمس فرّاطات حديثة وأقفاص بلاستيكية ومساحات واسعة من الشبك لجمع حبّات الزيتون عليها دون أن ترتطم بالتراب والحجارة كي لا (تتفجّم). وبلغت كلفة المشروع الاجمالية سبعين الف دولار، ساهمنا نحن في التعاونية بثلاثين ألف دولار لشراء (بيك أب) وجرار زراعي ونقل عمال.

وأضاف: مقدمة وتمهيداً لمشروع القطاف، قمنا بتدريب العمال على الفرّاطات الحديثة، وأجرينا مسحاً ميدانياً لحقل الزيتون. طبعنا ووزعنا اعلانات في قرى الجوار، وأطلقنا المشروع في 13 تشرين الأول، ولكن المؤسف ان الموسم الحالي ليس موسم حمْل، وانما موسم قحل، اذ ان نسبة الحمْل هذه السنة حوالى الثلث فقط. وهنا وقعنا في أزمة دفع المزيد من التكاليف كأجور للعمال، ونقل الانتاج الى المعاصر، وثمن المحروقات وبدل الصيانة وقطع غيار وغيره. وقال نصّور انه من المفروض ان تنتج الفرّاطة الواحدة ما بين 800 - 1000 كلغ في يوم العمل. ونظراً لكون نسبة الحمْل هي الثلث، أتى الانتاج أو المردود اقل بحوالى النصف عما كان متوقعاً. ونعمل الآن على اعداد مشروع لتسويق الانتاج في الموسم المقبل.

وختم بالقول: تكونت لدينا معلومات تقول ان استعمال الطرق الحديثة بالفرّاطات الهوائية، يوفر على شجرة الزيتون كثيراً من التكسير والاتلاف في غصونها، وبالتالي احتمال حمل ثمار مقبول في سنة القحل. اما الشق الثاني من المشروع وهو تشحيل الاشجار فإنه يبدأ بعد الانتهاء من القطاف، اذ ان الهدف منه تسهيل عمل القطافات، والقضاء على الاغصان اليابسة والمريضة التي تنقل العدوى الى الاغصان الطرية والسليمة والقطاف مقرون بالتشحيل. والمشروع تنموي ومستديم.

هذا ومن المعروف ان الاجور والتكاليف التي تترتب على مزارع الزيتون كثيرة وباهظة بالمقارنة مع مردود موسم الزيت عليه.

واذا احتسبنا ان موسم الحمْل عاد على المزارع بمدخول مقبول، نرى بالمقابل ان الاجور التي يدفعها ايضا غير مقبولة. فالمصنع يتقاضى منه 15% لعصر الزيتون، وتكاليف وأجور وأسعار الأدوية لرش المبيدات أو حراثة الأرض، ورش الاشجار بالأدوية الزراعية مع تكاليف اليد العاملة 20% وأحياناً أكثر، فيكون المجموع النسبي 35% وهذه أرقام تقريبية مع انها أكثر من ذلك اذا درست على الأرض. وموسم الحمْل في الزيتون سنة نعم سنة لا. اي كل سنتين ينتظر المزارع موسماً جيداً. معنى ذلك يبقى له 50% من مردود الزيتون. وبدفعه 35% مصاريف وأجور، يبقى له 15% فقط. وهذه أسوأ حالات مزارع الزيتون. عدا عن الهدر الحاصل في بعض مصانع الزيت والاهمال وعدم عصر عجين الزيتون جيداً. وبذلك يعتبر بعض المزارعين ان موسم الحمل في الزيتون يشكل مجزرة بالنسبة لهم.

تعليقات: