معرض مونة ومنتوجات زراعية لجهاد البناء

رعد وسكاف في الافتتاح
رعد وسكاف في الافتتاح


في مجمع سيد الشهداء، يستقبلك عند المدخل مجسم ضخم. مزارع يحمل أرضاً على ظهره. أما المغزى منه فهو الإشارة إلى أن الإنسان هو من يصنع أرضه. تلك القيمة التي جسّدها آلاف من المزارعين والحرفيين في معرض »المونة والمنتوجات الزراعية« الذي افتتحته مؤسسة »جهاد البناء« أمس، برعاية امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ممثلاً برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. حمل المعرض عنوان »أرضي« وهو يقام للمرة الثانية على التوالي، بعدما استقطب في العام الماضي حوالى ١٥٠ ألف زائر. ومدّد المنظمون مدّته هذه المرة المعرض إلى عشرة أيام، بدلاً من أسبوع كما حصل العام الماضي.

تحت مساحة ستة آلاف متر مربع عرض المزارعون أكثر من أربعة آلاف صنف غذائي، وهم من الشرائح الفقيرة التي أتت بمنتجاتها الصحية واليدوية المناطق اللبنانية كافة. ينقسم المعرض إلى شقّين. ويتضمن مئتين وثلاثاً وعشرين تعاونية وجمعية وحرفية تتوزع على منصات تعرض المونة والمنتجات الزراعية والحرفية بآلاف الأصناف. مواردها الأولية والبشرية هي أهلية محلية، أما قيمتها المضافة فصنعت بأنامل مندفعة.

يشير رئيس اللجنة التنظيمية المهندس محمد المقداد لـ»السفير« إلى أن المعرض يعيد إحياء التراث، لافتاً إلى أن »جهاد البناء« أمنت مستلزمات أجنحة العرض، من أكياس ودفاتر فواتير، مجاناً، إضافة إلى الحملة الإعلانية للمعرض. ويتوقع المقداد ان يسجل المعرض عدداً مضاعفاً للزوار مقارنة مع السنة الماضية، »وذلك لأن عدد المشاركين لهذه السنة هو مضاعف عن السنة الماضية«. ويصيف: »من المكان الذي نكرّم فيه الشهداء (أي مجمع سيد الشهداء) نكرم أيضا المزارع والحرفي الذي صمد في أرضه وحماها«. ويقول: المعرض سيشهد تدريباً لربّات المنازل على صناعة المونة المنزلية، إضافة الى تنظيم محاضرات زراعية وبيئية، يلقيها اختصاصيون من الوزارات المختصّة، والمنظمات الدوليّة.

اليد العاملة

يقف حسان خير الدين الذي حضر من منطقة جبيل وراء منصته بانتظار الزبون الأول. مونة الشتاء إضافة الى مأكولات أخرى صنعتها نساء عائلة حسان بأيديها. لا يعتبر المعرض تجارة له، بقدر ما يستفيد منه من خلال استقطاب زبائن. يؤكد أن مبيع المعرض يعود لتغطية تكاليف علاج ابنته المريضة، والتحضير لمعرض السنة المقبلة. فيلخص حياته بـ»البحصة تسند الجرة«.

أمضت رلى المقداد التي حضرت من مقنه (بعلبك)وقتاً طويلاً تصنع بمفردها حرفيات يدوية. اليوم ينتهي عناؤها بعرض أجمل أعمالها في المعرض. لم تكن رلى تدع احدا من الاقارب او الاصدقاء يتخلص من المواد او التجهيزات المستهلكة. جمعت اكبر عدد منها، قامت بتجديدها وتزيينها، حتى أصبحت تحفاً جاهزة للعرض. تثمّن رلى قيمة بيع ما صنعته ايديها وتشعر أن تعبها لن يذهب سدى.

اما التراث القديم فحضر عند منصة سليمان داود الذي قدم من يحمر الشقيف. يركز سليمان على الإغراض القديمة. يقوم بتعتيقها حتى تصبح تحفة تراثية. يشعر بلذة حين يقبض ثمن القطعة التي يبيعها ولو لم يكن زاهداً. يشير الى قطعة مميزة، وهي قنديل يعيده ستين سنة الى الوراء، حين كان طفلاً يضيئه مع أخواته في المنزل.

كذلك شهد المعرض منصات لكل من تيار المردة والهيئة النسائية للتيار الوطني الحر. وما هدف مشاركة التيار في المعرض؟ تجيب المتحدثة باسم الهيئة مارسيل بجاني، ان بيع الاغراض المنتشرة في المنصة يعود لتشجيع اليد العاملة للحرفي والمزارع.

أجواء حفل الافتتاح

حضر الافتتاح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وزير الزراعة ايلي سكاف، ونظيره السوري ممثلاً بمديرة مديرية التنمية الريفية رائدة أيوب، الوزير السابق طراد حمادة، زاهر الخطيب، السفير الايراني محمد علي شيباني، مدير عام مؤسسة جهاد البناء قاسم علّيق وفاعليات سياسية، اجتماعية، ثقافية وإعلامية.

وتحدث عليق فأشار الى »أن اللبنانيين أينما كانوا داخل لبنان أو خارجه هم أهل أصالة يحنون إلى الأرض ويحبون المونة والحرف ويقدرون القيمة المضافة يدوياً«. وأكد على أن »عاداتنا الأصيلة ما زالت مرتبطة بإنتاج الأرض«. ودعا عليق المؤسسة الوزارات المعنية وخاصة الزراعة والمؤسسات الدولية، والجمعيات والتعاونيات الأهلية والقطاع الخاص إلى إعطاء الأولوية للقطاعات الإنتاجية، خاصة منها البلدية والحرفية »حتى تبقى أرضنا أرضاً للعزة والكرامة، وشعبنا بعيداً عن أي ارتهان أو تبعية«.

وجاء في كلمة السيد نصر الله التي ألقاها النائب رعد: »إن فشل الخطط التنموية التي تعتمد في كثير من دول العالم المتخلف إنما يعود الى اعتمادها في معظم الأحيان الربط الوظيفي للاقتصاد الوطني بسياسات ومصالح دول أخرى توضب الخطط التنموية في بلادنا على قياسها ويرتهن تنفيذها بمدى التزام حكوماتنا بضوابط وشروط ما نسميه تأدباً »الدول المانحة«. وهي غالباً ما تسعى لإخضاع اقتصادنا لسياستها وربط أسواقنا بأسواقها وتوظيف أموالنا وثرواتنا لتدعيم استثماراتها. وتطرق الى الأوضاع مشيراً الى ان »الفرصة سانحة الآن للاستفادة من الوقت الذي يتخبط فيه العدو الصهيوني بمأزقه الداخلي المتمادي نتيجة هزيمته أمام المقاومة في تموز .٢٠٠٦ وفي الوقت الذي يتراجع فيه الدور الأميركي نتيجة فشله الممتد من أفغانستان الى العراق الى فلسطين ولبنان والذي زادته بلة الأزمة المالية الحادة التي عصفت في منظومته المصرفية والاستثمارية«. ورأى رعد أن الفرصة سانحة جدا لتعزيز الاستقرار الداخلي ومواصلة الحوار المباشر الصريح والجاد، بعد ان سلكت اللقاءات بين معظم القيادات السياسية طريقها الطبيعي وبعد أن أدرك الجميع أن أحداً لا يستطيع إلغاء أو عزل احد في لبنان، وان التوافق خصوصاً على القضايا الأساسية التي تهم الجميع وتمس هوية الوطن وخياراته ممر اجباري لحفظ التماسك الوطني وتجنب الفتن والانقسامات. وتابع رعد: لقد رحبنا لتعميم لقاءات المصارحة والمصالحة وعلى أعتاب جلسة الحوار الثانية في بعبدا ندعو الى مشاركة أوسع للمتحاورين حول الطاولة، لأن ذلك يعزز الثقة بين اللبنانيين ويمكّن تفاهمهم.

أما على صعيد المنطقة فلفت رعد الى ان »العدوان الاميركي العسكري الاخير على سوريا واستهداف مدنيين هو عمل مدان بكل المعايير وسيزيد من بشاعة الصورة الإجرامية للإدارة الأميركية بنظر شعوب العالم الــعربي والإسلامي، ولن يدفــع سوــريا الا الى المزيد من التمــسك بنهج الصمود والممانعة وسيعزز أهمية دورها في معادلة التوازنات المطلوبة في المنطقة«.

وتناول المسألة الفلسطينية فقال: »فقد آن الأوان أن يدركوا مدى النفاق والخداع اللذين اعتمدتهما إدارة بوش لتمكين العدو الصهيوني من النيل أو إضعاف المقاومة، وكسب الوقت للتوسع في الاستيطان وتهديد المسجد الأقصى وتهويد القدس وتجاهل حق العودة لفرض وقائع جديدة على الأرض تقضم مساحات جدية من الضفة الغربية وصولاً للتفاوض مجدداً ربما على دولة فلسطينية حدودها مرفأ الصيادين في غزة«. وختم: »إن نهج التسوية لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني قد سقط وأصبح رميماً والرهان عليه هو عبث لا يغطي ولا يبرر تقصيراً«.

تعليقات: